عمر البشير

Sudanese President Omar Hassan al-Bashir arrives to welcome Ethiopian Prime Minister Meles Zenawi, who is making an official visit, at Khartoum Airport September 16, 2011.

البشير: من العسكر إلى السياسة فملاحقة المحكمة الجنائية (رويترز – أرشيف)

قضى الرئيس السوداني عمر حسن البشير القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش -الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة- وارتقى في سلمه إلى أعلى الدرجات، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر انقلاب عسكري.

ينحدر الرئيس السوداني من إحدى أكبر القبائل في بلد ما زالت تلعب فيه القبيلة دورا محوريا ومحددا في السياسة، فهو من قبيلة الجعليين التي تقول بعض المصادر التاريخية إنها وصلت إلى السودان في بداية القرن الأول الهجري قادمة من شبه الجزيرة العربية.

ورغم أن أغلب المنحدرين من هذه القبيلة ينتشرون في وسط وشمالي السودان، فإن الكثيرين منهم دفعهم اشتغالهم بالزراعة والتجارة إلى الترحال المستمر، ولعل ذلك ما دفع أسرة البشير إلى ترك مسقط رأسه والتوجه نحو العاصمة الخرطوم حيث تلقى دراسته الثانوية.

ميول البشير وشعاراته المتأثرة بالتيار الإسلامي لا تخفى حتى في خطاباته.

عسكري منذ الشباب
قدر البشير –الذي ولد في الأول من يناير/كانون الثاني عام 1944 بقرية "حوش بانقا" وهي إحدى ضواحي مدينة شندي شمالي السودان- قاده إلى مهنة السلاح والقتال منذ سن 16 سنة، حيث التحق بالكلية العسكرية السودانية سنة 1960.

بعد سبع سنوات تخرج في الكلية، ثم نال بعدها ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام 1981، فماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا في عام 1983، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987.

وقبل ذلك وبينما كان يشارك في دورة تدريبية للمظليين في كلية ناصر العسكرية بمصر، انضم إلى صفوف القوات المصرية التي واجهت الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.

ميول البشير وشعاراته المتأثرة بالتيار الإسلامي لا تخفى حتى في خطاباته، كما أن الانقلاب -الذي قاده في 30 يونيو/حزيران 1989 ضد حكومة الصادق المهدي، والذي سمي "ثورة الإنقاذ"- دعمه الإسلاميون، ومنذ ذلك التاريخ وهو رئيس للسودان ورئيس لوزرائه أيضا، وتعتبر فترة حكمه الأطول في تاريخ البلاد.

واجه البشير في جنوبي السودان صراعا هو الأطول في القارة الأفريقية، وتعود جذوره إلى الاستعمار البريطاني، حيث انخرط فيه وهو على ظهر دبابات الجيش، ورافقه ملفه إلى كرسي الرئاسة.

صراعات البلد
عايش البشير منذ كان ضابطا في الجيش السوداني كثيرا من فصول الصراعات والنزاعات التي شهدها بلده على مدى عقود من الزمن، ومنها صراع الجنوب والشمال، حيث كان تسلم بعد عودته من مصر قيادة العمليات العسكرية ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان، الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان، المتمركزة في جنوبي البلاد.

وهكذا واجه البشير في جنوبي السودان صراعا هو الأطول في القارة الأفريقية، وتعود جذوره إلى الاستعمار البريطاني، حيث انخرط فيه وهو على ظهر دبابات الجيش، ورافقه ملفه إلى كرسي الرئاسة ليوقع نائبه الأول علي عثمان محمد طه مع أعداء الأمس اتفاقية للسلام بمدينة نيفاشا الكينية في 25 سبتمبر/أيلول 2003.

وفي عام 2005 وقعت حكومة البشير اتفاق سلام وتقاسم ثروات بين الشمال والجنوب، الذي حظي بحكم ذاتي. أما الصراع الثاني الأبرز الذي طبع مسيرة البشير السياسية والعسكرية، فهو النزاع القائم في إقليم دارفور غربي البلاد.

فقد أقر مجلس الأمن ابتداء من 2001 مجموعة من العقوبات الاقتصادية على السودان وحظر السفر على بعض المسؤولين في الحكومة اتهمهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وفي مارس/آذار 2007 أمرت المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الوزير المنتدب للداخلية آنذاك أحمد محمد هارون وأحد قادة مليشيا الجنجويد يدعى علي عبد الرحمن كوشيب، وطالبت بتسليمهما ليحاكما بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وقد رفض البشير تسليمهما.

أمر بالاعتقال
ولم يلبث الرئيس السوداني أن دخل في لائحة المتابعين في قضية دارفور، ففي 14 يوليو/تموز 2008، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة.

وفي الرابع من مارس/آذار 2009 أصبح البشير ثالث رئيس دولة تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بعد رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلر والرئيس السابق ليوغسلافيا سلوبودان ميلوسوفيتش.

غير أن الفرق بين البشير وسابقيه، هو أن تايلر وميلوسوفيتش طلبت المحكمة اعتقالهما بعد أن تركا منصبيهما، أما الرئيس السوداني فصدرت مذكرة الاعتقال بحقه وهو ما يزال رئيسا. وقد فاز أيضا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 أبريل/نيسان 2010.

وبعد  الاستفتاء الذي جرى مطلع 2011 استمر البشير في رئاسة السودان من دون جنوبه الذي أصبح دولة مستقلة بذاتها.

المصدر : الجزيرة