تأمين الجنوب اختبار للدولة الليبية

الجيش الليبي يواصل محاصرة بني وليد
undefined

خالد المهير-طرابلس

أثار قرار المؤتمر الوطني الليبي -بإعلان جنوب البلاد منطقة عسكرية تخضع لأحكام الطوارئ ومنح رئاسة أركان الجيش صلاحيات كبيرة لتنفيذ القرار- جدلا بالأوساط السياسية الليبية إزاء قدرة الدولة الليبية الحديثة على حماية حدود الجنوب الشائكة، ومواجهة دول مجاورة يرى كثيرون أنها تعمد لتصدير أزماتها عبر الجنوب الليبي منذ سنوات طويلة.

وبالنسبة للدولة فإن الجنوب لا يعني فقط حدودا بطول 2500 كلم مع دول الجوار، بل خريطة شائكة من العلاقات الاجتماعية واللهجات والقبائل التباوية والطوارقية الممتدة على ضفتي الحدود، عدا أنه ممر هام لكل أشكال التهريب من البشر والسجائر والبنزين والمواد الغذائية وصولا للسلاح.

دفاع مستميت
من جانبه يرى مسؤول ملف الأمن القومي بالمؤتمر الوطني صالح أجعودة أن أي إجراء ستتخذه الدولة بمواجهة المهربين لن يؤثر سلبا على العلاقات مع دول الجوار، وتوقع أن تشهد مناطق الجنوب استتبابا بالأمن على عكس الواقع الراهن.

أجعودة توقع أن تستعين الدولة بالمرشدين لحماية الحدود
أجعودة توقع أن تستعين الدولة بالمرشدين لحماية الحدود

وأيد المسؤول النيابي تصريحات رئيس الوزراء علي زيدان الأخيرة التي أكد فيها أن قرار إغلاق الحدود شأن داخلي وليست له علاقة بمستقبل العلاقات مع دول الجوار.

وأقر أجعودة بأن الدولة الليبية قد تفشل ببسط سيطرتها الكاملة على الحدود، وتوقع أن تستعين بالمرشدين رغم علمها بطرق قوافل التهريب.

أما المحلل السياسي عز الدين عقيل فأشاد بأهمية القرار، وأكد أن أكثر من رئيس دولة سوداء يريد تصدير أزمة بلاده الاقتصادية إلى ليبيا التي يعتقد أنها قادرة على استيعاب ملايين البشر.

غير أن عقيل تساءل عن الآليات التي ستلجأ إليها ليبيا لتنفيذ قرارها، وفي هذا الصدد طرح عدة تساؤلات إزاء جولة زيدان الأخيرة لدول الجوار، وفيما إذا كانت ليبيا ستطالب هذه الدول بمساعدتها لحماية حدود الجنوب، وتساءل عما إذا كانت تشاد ستمنع المواطنين من دخول ليبيا عبر أراضيها دون مقابل.

ولم يستبعد تعاون دول عربية وإسلامية مثل الجزائر مع ليبيا بمنع التسلل للحدود الليبية، مشددا على تفهم الجزائر لخطر المليشيات ومجموعات الجريمة المنظمة بمناطق التماس الحدودية.

وحذر من استفحال أزمة الجنوب الأمنية إذا لم ينفذ قرار المؤتمر الوطني بحذافيره، وقال إنه يتعين على الدولة إبداء الصرامة بتطبيق القرار حتى لو لجأت للاعتقال أو القتل.

البعجة ربط بين القرار والتصدي للإرهاب
البعجة ربط بين القرار والتصدي للإرهاب

ضرورة
من جهته عبر المحلل السياسي فتحي البعجة عن قناعته بأهمية القرار، مشيرا لعمليات "تصدير التصرف" من دول الجزائر ومالي والنيجر، وأكد أنه بانتهاء مهمة الناتو بمراقبة الأجواء الليبية التي استمرت طوال "حرب التحرير" فإن فراغا أمنيا كبيرا حدث بالمنطقة.

كما أشار إلى أن الكثير من المناطق الجنوبية ما زالت مؤيدة لنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وهي متهمة أيضا بإقامة علاقات مع جهات خارجية.

قرار ظالم
وعلى النقيض من ذلك رأى عضو المجلس الوطني السابق موسى الكوني أن القرار ظالم، وشكك بقدرة السلطة على حماية حدود الجنوب، مؤكدا أن النظام السابق بكامل قواته وجاهزيته الأمنية والعسكرية عجز عن منع التهريب والتصدي للحركات السلفية بمناطق الجنوب.

وانتقد قرار إحكام إغلاق المنافذ الرئيسية بين الجزائر وليبيا، وقال إن المهربين يبتعدون عن المنافذ الرسمية التي تمر عبرها العائلات.

وأبدى الكوني استغرابه من "تهويل" الملف الأمني بالجنوب الذي قال إنه "لا يرقى لما يجري ببنغازي من عمليات قتل واغتيالات وتفجيرات".

المصدر : الجزيرة