علي زيدان.. هاجس القبول وحكومة الطوارئ

صور من مقابلة رئيس الوزراء الليبي المنتخب علي زيدان
undefined
على وقع الخلافات، وتباين التحالفات الليبية المتحركة، وتصاعد المخاوف من تداعيات الملف الأمني المقلق وحديث السلاح، جاء اختيار المؤتمر الوطني العام بليبيا لعلي زيدان رئيسا جديدا للوزراء أمس.

وبهذا الاختيار أصبح زيدان الدبلوماسي السابق أمام اختبارين الأول ستعلن نتيجته بعد 25 يوما – وهو الحد الأدنى لتقدمه بتشكيل حكومة مقبولة من كل الفصائل الكثيرة بالبلاد، وقبول تلك الحكومة لنقل البلاد إلى مرحلة ديمقراطية عقب أربعة عقود من النظام الديكتاتوري في ظل حكم العقيد معمر القذافي.

زيدان هو ثاني رئيس وزراء ينتخبه المجلس خلال شهر، وجاء التصويت عليه بعد أسبوع واحد فقط من عزل رئيس الوزراء السابق مصطفى أبو شاقور في تصويت بحجب الثقة، والمأمول هو تفادي مصير أبو شاقور تجنبا للمزيد من إطالة المرحلة الانتقالية.

عقود من المعارضة
اختار رئيس الوزراء الجديد علي زيدان الانضمام مبكرا إلى المعارضة، الليبية، فانشق عن نظام  العقيد القذافي عام 1980 عندما كان دبلوماسيا في سفارة الهند آنذاك، وبعدها بثلاثة عقود لعب دورا كبيرا في حشد الاعتراف والدعم الغربي لثورة 17 فبراير/شباط 2011.

ولد زيدان عام 1950 في مدينة ودان بالجفرة وسط ليبيا لعائلة تمتهن التجارة، وعام 1975 حصل على إجازة في الآداب انخرط بعدها في السلك الدبلوماسي.

وفي نهاية السبعينيات من القرن الماضي عين دبلوماسيا بالسفارة الليبية في نيودلهي التي كان على رأسها محمد المقريف، الذي أصبح بدوره اليوم رئيسا للمؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي) أعلى سلطة سياسية في البلاد.

حصل زيدان على درجة ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جواهر لال نهرو الهندية. وعام 1980 أعلن المقريف وزيدان انشقاقهما عن نظام العقيد وانضمامهما إلى المعارضة في المنفى التي كانت تظللها "جبهة الإنقاذ الوطني الليبية" أبرز تجمع للمعارضين الليبيين في المنفى.

وخلال سنوات المنفى أقام في ألمانيا قبل أن يغادر صفوف جبهة الإنقاذ لتكريس نفسه للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في ليبيا وذلك انطلاقا من جنيف حيث كان ناطقا رسميا باسم "الرابطة الليبية لحقوق الإنسان".

وعند اندلاع الثورة في ليبيا مطلع 2011 لعب زيدان دورا كبيرا، إلى جانب الليبرالي محمود جبريل، في الحصول على اعتراف العواصم الغربية، وفي مقدمها باريس، بالمجلس الوطني الانتقالي، الذي شكله الثوار يومها كذراع سياسية لهم، ممثلا شرعيا للشعب الليبي.

وعين زيدان ممثلا للمجلس الوطني الانتقالي في فرنسا خاصة وأوروبا عامة، وساهم في الجهود الدبلوماسية للثوار من أجل إقناع المجتمع الدولي بالتدخل عسكريا لحماية المدنيين من القمع الدموي للانتفاضة التي قامت في وجه القذافي.

وفي أول انتخابات حرة تشهدها ليبيا في تاريخها وجرت يوم 7 يوليو/ تموز 2012 انتخب زيدان عضوا في المؤتمر الوطني العام.

وزيدان الذي يعتبر نفسه مستقلا ولكنه محسوب على ائتلاف القوى الوطنية (ليبراليين) بزعامة جبريل، تخلى الأسبوع الماضي عن مقعده بالمؤتمر العام لكي يترشح لمنصب رئيس الوزراء حيث حصل على 93 صوتا من 179 صوتا مستفيدا من دعم التحالف الليبرالي بالمجلس. بينما حصل منافسه محمد الحراري وزير الحكم المحلي الحالي المدعوم من الإسلاميين، على 85 صوتا.

أولويات 
وفي أول تصريحات يدلي بها بعد إعلان فوزه قال زيدان إنه سيركز على إعادة الأمن إلى ليبيا، مؤكدا أن ملف الأمن سيكون أهم أولوياته "لأن كل المشكلات التي تعاني منها ليبيا تنبع من قضايا أمنية.

وقال إن الحكومة ستكون حكومة طوارئ لحل الأزمات التي تمر بها البلاد وإنه مستعد لأن يأخذ في اعتباره آراء جماعة الإخوان المسلمين في حكومته. وقال إن الإسلام مصدر أي فقه قانوني وإن أي شيء يتعارض مع الشريعة مرفوض.

وتحتاج ليبيا بشدة لحكومة قادرة على الاستمرار حتى تتمكن من التركيز على إعادة البناء ومعالجة الانقسامات التي أثارتها الحرب التي انتهت بالإطاحة بالقذافي وقتله العام الماضي، كما سيكون على الإدارة الجديدة مواجهة التحدي المتمثل في توحيد البلاد التي شهدت اشتباكات دامية بين القبائل المتناحرة والمليشيات على مدار العام الماضي.

المصدر : الجزيرة + وكالات