كاتب فرنسي: ثلاثة مظاهر لانجراف إسرائيل نحو الفاشية

صورة من صحيفة فرنسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي مع نظيره المجري ( المصدر orientxxi.info)
رئيس الوزراء الإسرائيلي مع نظيره المجري (مواقع التواصل)

"لو أن المسار الذي سلكته إسرائيل في السنوات الأخيرة قد سُلك من قبل أي دولة أخرى لاعتبر تحولاً إلى الفاشية" هذا ما استنتجه كاتب ومؤرخ فرنسي من ثلاثة مظاهر ميزت السياسة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة.

يرى دومينيك فيدال في مقاله بموقع "أوريان 21" أن انجراف إسرائيل نحو السلطوية والفاشية ربما لم يلق ما يستحقه من اهتمام الإعلاميين أو المسؤولين الأوروبيين، غير أن ذلك لا يقلل من حقيقة هذا الانجراف الذي ينذر بخطر يحيق بالشرق الأوسط بأكمله.

في بداية مقاله، لفت الكاتب إلى أن الكثير من قراء صحيفة لوموند فوجئوا دون شك حين قرأوا في مقالة زئيف ستيرنهل (الخبير المرموق بشؤون الفاشية) التي قارن فيها بين إسرائيل اليوم وألمانيا فترة بداية النازية.

وأرجع الكاتب سبب تلك المفاجأة إلى أن معظم كبريات وسائل الإعلام لم تغط إلا قليلا حالة التطرف المقلقة للتحالف اليميني واليميني المتطرف الذي يحكم إسرائيل منذ عام 2015.

وقال فيدال وهو صاحب كتاب "معاداة الصهونية=معاداة السامية؟) (ليبرتاليا، فبراير/شباط 2018) إن لهذه الظاهرة ثلاثة أبعاد أساسية:

أولا : وطن قومي للشعب اليهودي
يعتبر فيدال المشروع الاستيطاني أهم هذه الأبعاد، ويرى أنه يشهد منعطفا تاريخيا إذ إن السلطات الإسرائيلية ما فتئت تقوم بالمزايدة تلو الأخرى لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية رغم ما كانت تتظاهر به حتى الآن من قبول "حل الدولتين".

ويورد في هذا الإطار قول وزير التعليم والشتات ورئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت تكريره الدائم لمقولته "طريق التنازلات، طريق التقسيم قد فشل، علينا أن نبذل أرواحنا لضم الضفة الغربية".

ويبرز أن هذا الوزير قرن أقواله بالأفعال حين جعل الكنيست يصوت على قانون في السادس من فبراير/شباط 2017 يشرع بأثر رجعي سلسلة من "البؤر الاستيطانية" رغم أن هذه الكتل الاستيطانية بالذات كانت غير قانونية حتى بنظر اليمين.

أما القدس، فإن الكاتب ينقل بعض ما جاء في التقرير السري لقناصل الاتحاد الأوروبي بإسرائيل والذي لخصه الصحفي ريني باكمان قائلا:

"إن تم تنفيذ تقطيع حدود بلدية القدس بالشكل الذي يخطط له اليمين المتطرف، فإن ذلك سيقلل عدد سكان المدينة من الفلسطينيين بـ 120 ألف شخص، وسيزيد عدد المستوطنين بــ 140 ألف مستوطن، وبذلك يقلص القسم الفلسطيني من المدينة إلى 20% (بدلاً عن 37% حالياً)".

ثانيا: ترسانة قوانين لوأد الحريات
هنا يورد الكاتب أمثلة من استفزازات جريئة لزعماء من اليمين المتطرف الإسرائيلي، قائلا إن وزيرة العدل أيليت شكد لم تتردد في نشر نص على صفحتها على فيسبوك، أثناء حرب غزة الأخيرة، اعتبرت فيها سائر الشعب الفلسطيني "عدواً" مما يبرر "تدميره، بمسنّيه ونسائه، ببيوته وقراه".

ودعا بينيت من ناحيته إلى قتل جميع "الإرهابيين" بدل سجنهم، وقال شارحاً ذلك "لقد قتلت الكثير من العرب، ليس ثمة أية مشكلة في ذلك".

ولترسيخ هذا الواقع سنت إسرائيل خلال العقد الأخير جملة قوانين اعتبرها فيدال وائدة للحريات.

وهذه بعض تلك القوانين:

– قانون يَحرم المنظمات أو المؤسسات أو البلديات التي تحتفل بذكرى النكبة من الإعانات الحكومية (2011)

– قانون فريد في العالم يسمح لـ 90 نائباً (من أصل 120) بطرد نواب آخرين من الكنيست، للتحريض أو العنصرية أو دعم الكفاح المسلح (2016).

– قانون يسمح لوزير الداخلية بسحب حق الإقامة في القدس من الفلسطينيين المشتبه "بعدم ولائهم" للدولة (2018).

– قانون يسمح بسجن القاصرين المتهمين بارتكاب جرائم عنيفة، انطلاقا من عمر 12 سنة (2016).

ثالثا: التحالف مع اليمين الأوروبي المتطرف
أبرز فيدال بداية حديثه عن هذا البعد أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يختار أصدقاءه من بين أسوأ الشعبويين الأوروبيين مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي صفى الحريات في المجر والمعروف بمعاداته للإسلام والسامية.

كما يغازل نتنياهو رئيسَ الوزراء البولندي ياروسلاف كاتشينسكي، رغم أنه كان من المحفزين على سن قانون يمنع ذكر المتواطئين البولونيين مع المحتل النازي.

ووصف الكاتب هذه العلاقات التي تبررها إسرائيل في الحجج الدبلوماسية بأنها "خطرة".

وقال إن هذه الحجج لا يمكن أن تشرح التقارب بين إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربية.

فمنذ ديسمبر/كانون الأول 2010، أقام في إسرائيل حوالي ثلاثين من قادة اليمين المتطرف الأوروبي في -بمن فيهم الهولندي خيرت فيلدرز، والبلجيكي فيليب دوينتر وهاينز شتراخه خليفة يورغ هايدر النمساوي- وقد تم استقبالهم بحفاوة وتكريم يليق بالضيوف من أعلى المستويات.

أوراق إسرائيل الرابحة:
ويرى الكاتب أن نتنياهو وحلفاءه وخصومه على حد سواء يعتقدون أن بوسعهم اليوم فعل ما يشاؤون لأنهم يمتلكون أقوى أربع أوراق باللعبة. أولها دونالد ترامب أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل في التاريخ مدفوعاً بعشرات الملايين من الإنجيليين على وجه الخصوص. وبالمختصر فترامب لن يرفض لتل أبيب طلباً.

أما الورقة الثانية: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قرر أن يتخلى بشكل صريح عن القضية الفلسطينية للتحالف مع واشنطن وتل أبيب ضد إيران.

الورقة الثالثة: الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، الأخوان الفلسطينيان العدوان اللذان فشلا في تجاوز الانقسامات بين حركتيْ فتح وحماس مؤمّنين بذلك لإسرائيل تفوقا كبيرا.

الورقة الرابعة: حروب سوريا والعراق واليمن وليبيا التي وضعت المسألة الفلسطينية على الهامش بعد أن كانت مركزية.

ويورد الكاتب مؤشرات دولية على أن هروب نتنياهو وحلفائه إلى الأمام سيزيد عزلة الحكومة الإسرائيلية دوليا مع مرور الوقت، مستشهدا على ذلك بانضمام دولة فلسطين للعديد من الهيئات الدولية منذ عام 2011.

ويؤكد فيدال أن المسار الذي سلكته إسرائيل في السنوات الأخيرة لو سُلك من قبل أي دولة أخرى لاعتبر تحولاً إلى الفاشية، قبل أن يكشف أن نتنياهو نفسه هو ابن سكرتير رجل اليهود بالحزب الإيطالي الفاشي زئيف جابوتنسكي.

ويورد قصة للزعيم الفاشي بينيتو موسوليني مفادها أنه أسر لدافيد براتو -الذي أصبح حاخام روما الأعظم لاحقاً عام 1935- قائلا "لكي تنجح الصهيونية، أنتم بحاجة لدولة يهودية لها علم ولغة يهودية، والشخص الذي يفهم ذلك جيداً هو رجلكم بالحزب الفاشي جابوتنسكي".

وفي آخر سطر من مقاله، بربط الكاتب بين ما كان عليه نتنياهو الأب كسكرتير لجابوتنسكي وبين نتنياهو الابن، قائلا إن "هذا الشبل من ذاك الأسد".

المصدر : الصحافة الفرنسية