دعوات لمكافحة انتشار اليمين المتطرف بالجيش الألماني

الجيش الألماني يواجه انتقادات شديدة بعد اعتقال أحد ضباطه للاشتباه بتخطيطه لهجمات عنصرية والتحقيق مع 275 من أفراده بتهمة الانتنماء لليمين المتطرف. الجزيرة نت
الجيش الألماني يواجه انتقادات شديدة بعد اعتقال أحد ضباطه للاشتباه في تخطيطه لهجمات عنصرية (الجزيرة)

خالد شمت-برلين

أثار الكشف عن اعتقال ضابط شاب في ألمانيا تخفّى لشهور طويلة بهوية لاجئ سوري ليتمكن من تنفيذ هجمات ضد قائمة من الأشخاص ويلصق مسؤوليتها باللاجئين، انتقادات واسعة للجيش الألماني ومطالبات له باتخاذ إجراءات حاسمة للتعامل مع انتشار التصورات اليمينية المتطرفة والعنصرية بين أفراده.

ووضع هذا الأمر الذي جاء بعد إعلان وزارة الدفاع الألمانية عن إجرائها تحقيقات بانتماء نحو 300 من جنودها لتيارات يمينية متطرفة، وزيرة الدفاع أورسولا فون ديرلاين في مواجهة ضغوط سياسية شديدة دفعتها لإلغاء رحلة لها كانت مقررة اليوم الأربعاء إلى الولايات المتحدة.

وتحقق النيابة الألمانية حاليا مع الملازم أول بالجيش "فرانكو أي" (28 عاما) بعد اعتقاله من داخل وحدته العسكرية بولاية بافاريا الجنوبية، لاشتباه السلطات الأمنية في تخطيطه لشن سلسلة هجمات على شخصيات مختلفة متخفيا بشخصية لاجئ سوري.

‪ديرلاين: واقعة الضابط فرانكو دليل جديد على سوء القيادة بالجيش‬ (الجزيرة)
‪ديرلاين: واقعة الضابط فرانكو دليل جديد على سوء القيادة بالجيش‬ (الجزيرة)

أسئلة مفتوحة
وكشفت معلومات التحقيقات أن فرانكو الذي اعتقل مصادفة بعد اشتباه السلطات النمساوية في تخطيطه للهجوم على مطار عاصمتها خلال زيارته لفيينا وإبلاغها الشرطة الألمانية عنه، تقدم في ديسمبر/كانون الثاني 2015 بطلب لجوء في ولاية هيسن الألمانية مستخدما هوية مزورة للاجئ سوري، وحصل على حماية جزئية ومخصصات مالية ومكان في مركز للاجئين دون إتقانه اللغة العربية.

وأثار اعتقال فرانكو أسئلة مفتوحة حول نجاحه في الحياة بشخصية مزدوجة كلاجئ سوري وضابط ألماني، وعن قدرة اليمين المتطرف على اختراق جيش ألمانيا الحديثة.

وذكرت مجلة "دير شبيغل" إن ما تكشف عن انتماء الضابط المعتقل إلى اليمين المتطرف لم يرد من الجيش الألماني، وإنما من زملاء سابقين لفرانكو، ومن الجامعة العسكرية الفرنسية التي حصل منها عام 2014 على درجة ماجستير.

وإثر الكشف عن هذه المعلومات اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي -الشريك الثاني في الائتلاف الألماني الحاكم- وزيرة الدفاع فون ديرلاين بأنها تمثل خطرا أمنيا على البلاد، وأن وزارتها لم تتخذ إجراءات فعالة لمكافحة انتشار التصورات اليمينية والعصرية داخل الجيش.

اتهامات ونفي
وردت فون ديرلاين المنتمية إلى الحزب المسيحي الديمقراطي بنفي هذه الاتهامات، وأقرت في المقابل أن حادثة فرانكو تكشف وجود مشكلة سلوكية وضعف في القيادة بالجيش الألماني في كافة المستويات.

وقالت في مقابلة مع قناة "زدي أف" إن اعتقال الضابط المشتبه بانتمائه إلى اليمين المتطرف أظهرت استسهال قيادات الجيش للتجميل، مثلما جرى في وقائع سابقة للاستغلال الجنسي للجنود واضطهادهم.

وفي السياق ذاته اعتبر مفوض البرلمان الألماني لشؤون القوات المسلحة هانز بارتلز أن هيكلية الجيش الألماني وأسلحته وأزياءه العسكرية تجعله بيئة شديدة الجاذبية للمتطرفين اليمينيين.

وأشار بارتلز إلى استعداد الجيش في يوليو/تموز المقبل لإجراء اختبارات مشددة جديدة لتسهيل اكتشاف النازيين والإسلاميين المتطرفين بين جنوده وضباطه.

‪بوخهولتس: عشرات الحالات لمجندين لم يتم التحقيق في ارتباط أصحابها بمنظمات يمينية متطرفة‬ (الجزيرة)
‪بوخهولتس: عشرات الحالات لمجندين لم يتم التحقيق في ارتباط أصحابها بمنظمات يمينية متطرفة‬ (الجزيرة)

مشكلة واضحة
من جهتها، اعتبرت ممثلة حزب اليسار المعارض بالبرلمان الألماني كريستينا بوخهولتس أن اعتقال الضابط فرانكو دليل على مشكلة واضحة للجيش الألماني في التعامل مع انتشار التطرف اليميني بين أفراده.

وأوضحت بوخهولتس للجزيرة نت أن عشرات الوقائع لعسكريين متهمين بالانتماء إلى اليمين المتطرف تم التعامل مع معظمها كحالات فردية، ولم يتم التحقيق في ارتباط أصحابها بشبكات أو منظمات يمينية متطرفة.

وأعلنت وزارة الدفاع الألمانية -قبل اعتقال الضابط فرانكر- إجراءها تحقيقا بانتماء 275 من أفراد الجيش إلى اليمين المتطرف، مشيرة -في ردها على سؤال برلماني لحزب اليسار- إلى أن تحقيقاتها تشمل حالات توجيه تصريحات عنصرية لجنود من أصول مهاجرة، وأداء التحية النازية، وضرب لاجئين والدعاية العنصرية على الإنترنت.

من جانبه اعتبر خبير مكافحة اليمين المتطرف بيرند فاغنر أن واقعة الضابط فرانكو والتحقيقات مع جنود متهمين بالانتماء إلى التيارات اليمينية المتطرفة، تظهر أن اليمين المتطرف حاضر داخل القوات المسلحة الألمانية كتصورات أيدولوجية ستمثل تحديا مستقبليا لها.

وأشار فاغنر إلى أن صعوبة تصور المجتمع الألماني وجود يمينيين متطرفين في جيشه بعد الدمار الذي ألحقه النظام النازي وجيشه بالبلاد، تقابله صعوبة إضافية هي تطوير آلية فعالة لمكافحة هذه التيارات في الجيش.

واعتبر أن هذه الظاهرة تتطلب التعامل معها بآلية تمزج الرقابة المشددة عبر أجهزة الاستخبارات، بتطوير برامج لمكافحة التطرف اليميني على المستوى الفردي والجماعي في الجيش، والإعفاء الفوري من الخدمة العسكرية لأي مجند يثبت عليه مسلك يميني متطرف.

المصدر : الجزيرة