أمير يتحدى الإعاقة ويقاوم أسرلة القدس بمركز "ض"

القدس.فلسطين.أمير ووالدته ميسر التي رافقته بكل تفاصيل مشواره العلاجي والتاسيسي للمركز والذي أوجدت له بيئه جعلته ينسى أن لديه إعاقة حركية.هبة أصلان.الجزيرة نت
إصابة أمير بعجز في الحركة لم يتسلل إلى إراداته فأبدع في تعليم العربية (الجزيرة)

هبة أصلان-القدس

"ولدت ولادة طبيعية في الـ 15 من سبتمبر/أيلول 1991، وترعرعت كما أقراني قبل أن أصاب في عمر التاسعة بمرض روماتيزم العظام الذي جعل جهازي المناعي يهاجم العظام ويتغذى عليها".

بهذه الكلمات يختصر الشاب أبو لبن حكاية إصابته بإعاقة شلت نحو 90% من حركته لكنه لم تشل إرادته وقدرته على الابتكار.

إعاقة أمير الحركية تغلبت عليه على مدار ثلاث سنوات حاول خلالها التقدم لامتحان الثانوية العامة، لكن الإرهاق والتعب كانا سببا في تراجع صحته ومكوثه بالمشفى لزراعة مزيد من البلاتين بالمفاصل، لكن عام 2013 أسس لحياة مختلفة بالنسبة للشاب المقدسي. 

في حديثه للجزيرة نت تطرق أمير لقصص نجاحه كمؤسس لمركز "ض" لتعليم اللغة العربية للأطفال، رغم هشاشة عظامه وانحناء العمود الفقري وزرع 400 غرزة بلاتين في جسده النحيل.

لقطة للذكرى مع خريجي إحدى دوراته التعليمية بمكتبة جامعة القدس
لقطة للذكرى مع خريجي إحدى دوراته التعليمية بمكتبة جامعة القدس

ريادة من المحنة
خلال مكوث أمير بالمستشفى، فكر بالخيارات المطروحة أمامه في ظل وضعه الصحي، مقررا أن يركز على نقاط القوة لديه، ومؤمنا بذكائه وقدرته على العطاء، مختارا الريادة التي يعرّفها بأنها فن تقديم شيء لا يستطيع غيره تقديمه لكن بطريقة مميزة.

رحلته في عالم الريادة بدأت على سرير المشفى، فحصل خلال تلقيه العلاج على مدار 6 أشهر على أكثر من 80 تدريبا إلكترونيا بمواضيع مختلفة فـ "أردت أن أبتكر لنفسي وظيفة وأصنع لها بيئة وأوجد لها مستفيدين ويقبل عليها الناس".

لاحقا عام 2014، حصل أمير على شهادة مرخصة تشهد بتخصصه بتعليم العربية الفصحى للأطفال بمعدل 92%، ليبدأ مشواره في تعليم لغة الضاد متطوعا في مكتبة المسجد الأقصى والمراكز التعليمية بالقدس المحتلة، قبل أن يطلق مبادرة "اقرأ وارتق".

اعتمدت المبادرة -التي استفاد منها 80 طفلا مقدسيا وجابت كل قرى المدينة المقدسة المحتلة وبلداتها خلال عام كامل- على منهجية "الكتاتيب" في التعليم، قبل أن تتحول لمشروع له رؤية ورسالة وأهداف ومركز "ض" لاحقا. 

أول أهداف المشروع الذي بدأه أمير -قبل أن ينطلق عام 2017 بفريق من عشرة موظفين ينقصهم المقر الدائم- مجابهة أسرلة المناهج التعليمية وخاصة مساق العربية في مدارس القدس وتحديدا البلدية منها والتي ترتادها النسبة الأعلى من الطلاب كونها شبه مجانية. 

‪طلاب مركز
‪طلاب مركز "ض" بمكتبة المسجد الأقصى الشريف‬ طلاب مركز "ض" بمكتبة المسجد الأقصى الشريف (الجزيرة)

همّ العربية
وبحسب أمير فإن هذا الهدف يتحقق من خلال هدف عام يتمثل بإحداث نهضة إبداعية في تعليم العربية وحل مشكلاتها عند الأطفال وخلق جيل يتألق بلغته، وهذا ما يسعى إليه المركز من خلال خمسة برامج من ابتكار أمير كمؤسس للمركز.

وتركز البرامج التعليمية على حل مشاكل نطق حروف العربية عند الطفل وتحسين خطه وتنمية مهارات الإملاء لديه، وتعليم الخط العربي وحل المشاكل النفسية عند الطفل نحو التعلم والتعليم من خلال القصص التاريخية.

وفي أقل من عامين، برامج مركز "ض" الخمسة أصبحت تسعة، استفاد منها أكثر من 400 طفل فلسطيني من خلال 450 دورة تعليمية، وسيشهد عام 2019 نقلة نوعية مع إطلاق موقع إلكتروني وتطبيق للهاتف المحمول وافتتاح فرع في الأردن يضاف إلى مجموعة من الشراكات المحلية.

أمير واحد من بين أفضل 100 شخصية ساهمت بنشر العربية وفق مسابقة بالأردن هذا العام 
أمير واحد من بين أفضل 100 شخصية ساهمت بنشر العربية وفق مسابقة بالأردن هذا العام 

في مهب الريح
ولم تكن الإعاقة الحركية التي يعاني منها "أمير" عائقا أمام شغفه بالعربية وتعليمها وتحقيق أهدافه، خاصة عندما تكون الإنجازات ثمرة لجده واجتهاده، لكن إذا كانت هناك معيقات حقيقية فالاحتلال أحد أهم أسبابها خاصة بعد إقرار قانون يهودية الدولة.

ويخشى أمير أن تذهب كل جهوده بمهب الريح عندما يرى الطفل في مدينة القدس وبشكل يومي لافتات كتبت بالعبرية ويضطر للتعامل معها بشكل مستمر.

كذلك، يتمنى مؤسس مركز "ض" أن يفتتح مقرا دائما لمشروعه الناشئ لعله يقلل عن كاهل أهالي طلبته تكاليف الدورات التدريبية، ويستغني عن استئجار المواقع لعقد دوراته التي اتسعت دائرة المستفيدين منها لتشمل الأهالي والمعلمين.

يوميا، يخرج "أمير" من منزله في قرية جبل الزيتون شرق القدس المحتلة، متكئا على عصاه، صاعدا نحو ثمانين درجة تصل بين المنزل والشارع الرئيسي، محاولا تناسي تعبه ونصب عينيه أن يلحق شغفه ولسان حاله يقول "إذا العنوان ليس له خطة يبقى حلما".

المصدر : الجزيرة