هكذا تصاعدت أزمة تسريب العقارات بين السلطة وإسرائيل

البؤرة الاستيطانية في البلدة القديمة التي يطلق عليها اسم بيت شارون في طريق الواد قرب المسجد الأقصى
اعتقال أحد مسربي العقارات من قبل السلطة الفلسطينية أثار أزمة بين السلطة وإسرائيل (الجزيرة)
الجزيرة نت-القدس

لم يكن تمديد اعتقال محافظ القدس عدنان غيث وعشرات آخرين من كوادر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والأجهزة الأمنية الفلسطينية، سوى أداة ضغط على السلطة الفلسطينية من أجل إطلاق سراح مواطن مقدسي متهم بتسريب عقار للجمعيات الستيطانية.

وبينما رفضت محكمة الاحتلال المركزية بالقدس أمس الاستئناف المقدم من أجل إطلاق سراح المحافظ وأبقت على قرار تمديد اعتقاله ليوم الخميس لعرضه على المحكمة للمرة الثالثة خلال الشهر الأخير، مددت محكمة  فلسطينية بمدينة رام الله اعتقال الفلسطيني عصام عقل المتهم بتسريب عقار للاحتلال لمدة 45 يوما على ذمة التحقيق.

واعتقل عقل حسب مصادر فلسطينية من مقر إقامته بمدينة رام الله، قبل حوالي شهر للاشتباه بتسريبه لعقار داخل البلدة القديمة بالقدس المحتلة.

وأفاد مصدر فلسطيني -فضل عدم ذكر اسمه- بأن عصام عقل (55 عاما) كان يشغل منصبا بالسلطة الفلسطينية وموظفا في مستشفى فلسطيني بالقدس.

تسريب وقبض
تتعلق قضية عقل -حسب المصدر نفسه- بعقار يحمل الرقم 4 ويقع في عقبة درويش في البلدة القديمة من القدس، وتتقاسم ملكيته كل من عائلتي الحلبي والعلمي، حيث تمتلك الأولى 40% من العقار، و60% للثانية التي اشترى منها "عقل" الحصص قبل أن يسربها لجمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية بمبلغ يقدر بنصف مليون دولار.

وأكد المصدر ذاته قيام السلطة الفلسطينية بالحجز على أملاك وحسابات بنكية في بنوك فلسطينية تعود لكل من عصام عقل وعائلة العلمي التي يشتبه بتورطها مع "عقل" بعملية البيع، إضافة إلى آخرين هما أديب جودة وخالد العطاري، إذ يتهم الأخير بتسريبه لعقار "آل جودة" الذي يقع على بعد 30 مترا فقط من عقار آل العلمي.

وإلى جانب حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذها الاحتلال في أنحاء متفرقة من المدينة، جرى تسليم عدد من المقدسيين استدعاءات للتحقيق لدى جهاز مخابرات الاحتلال، وسبقها قمع وقفة تضامنية مع محافظ القدس إثر تمديد اعتقاله.

ومن ضمن العقوبات المفروضة على المحافظ بعد قضائه أسبوعين في الحبس المنزلي، منعه من الدخول أو الوجود في مناطق الضفة الغربية، أو التعاطي مع أسماء محددة من القيادات الفلسطينية لمدة ستة أشهر، واقتحام مقر المحافظة في بلدة الرام شمالي القدس المحتلة.

بالإضافة للمحافظ، طالت إجراءات الاحتلال عدنان الحسيني محافظ القدس السابق وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير شؤون القدس، الذي صدر بحقه أمر قضائي يقضي بمنعه من السفر لمدة ثلاثة أشهر واحتجاز جواز سفره، وتوقيعه على كفالة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل (نحو2.7 ألف دولار).

ومن بين ردود الفعل الإسرائيلية على احتجاز السلطة لعقل، كان إعلان المنسق الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية الأسبوع الماضي سحب بطاقة الشخصيات الهامة "في آي بي" من النائب العام الفلسطيني أحمد البراك، لتوقيعه أمر اعتقال عصام عقل الذي يحمل الجنسية الأميركية وبطاقة الهوية الإسرائيلية.

عقار آل جودة المسرب للاحتلال في عقبة درويش بالقدس القديمة (الجزيرة)
عقار آل جودة المسرب للاحتلال في عقبة درويش بالقدس القديمة (الجزيرة)

ويمنح جيش الاحتلال بطاقة "في أي بي" التي تسهل عملية تنقل المسؤولين رفيعي المستوى في السلطة، بما في ذلك قادة الأجهزة الأمنية، في الأراضي المحتلة.

حرب السيادة
ولعل موضوع السيادة على القدس المحتلة أكثر ما يقلق الجانب الإسرائيلي، الذي يرى عمل ممثلين عن السلطة الفلسطينية داخل القدس المحتلة أمرا بالغ الخطورة ويهدد سيطرته على المدينة التي يعتبرها عاصمته الأبدية.

ويؤكد المحلل السياسي محمد جاد الله أن خطوات محافظ المدينة ضد مسربي العقارات رفعت من منسوب عدم ثقة حكومة الاحتلال بسيادتها على القدس المحتلة، رغم ما تمارسه ضد كل ما هو فلسطيني فيها.

وبرأي جاد الله فإن إسرائيل سترد على التعنت الفلسطيني بإطلاق سراح "عقل" إما بحملة اعتقالات أوسع أو اقتحام رام الله وإطلاق سراحه في سيناريو يعيد إلى الأذهان ما حصل عامي 1999 و 2003.

وكان الجيش الإسرائيلي قد اقتحم مدينة رام الله عام 1999 وأعلن منع التجول على أثر اعتقال الأجهزة الأمنية الفلسطينية لأحد مسربي العقارات، وأعاد الكرة عام 2003 عندما اقتحم المدينة للإفراج عن أحد المتورطين بعمليات تهريب سيارات بعشرات ملايين الدولارات.

المصدر : الجزيرة