البنيان المرصوص.. عملية لـ"دحر" تنظيم الدولة بليبيا

Fighters of Libyan forces allied with the U.N.-backed government fire a rocket at Islamic State fighters in Sirte, Libya, August 4, 2016. REUTERS/Goran Tomasevic
العملية أطلقت لـ"تحرير سرت" من قبضة تنظيم الدولة الذي سيطر عليها كليا في يناير/كانون الثاني 2015 (رويترز)

"البنيان المرصوص" عملية عسكرية ليبية؛ أطلقها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ضد تنظيم الدولة الإسلامية لطرده من منطقة سرت الساحلية بمشاركة فصائل الثوار، وبدعم دولي سياسي وعسكري تمثل في غطاء جوي أميركي.

التأسيس والمهمة
يعود تأسيس "عملية البنيان المرصوص" إلى دعوة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج -في أبريل/نيسان 2016- جميع القيادات العسكرية بالبلاد إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة، لمباشرة ما سمّاها "عملية تحرير سرت" من قبضة تنظيم الدولة الذي سيطر عليها كليا في يناير/كانون الثاني 2015.

وفي 5 مايو/أيار 2016 أعلن المجلس الرئاسي تشكيل غرفة عمليات لإطلاق وقيادة عملية "البنيان المرصوص" لطرد التنظيم من المنطقة الواقعة بين مدينتيْ مصراتة في غربي البلاد وسرت وسطها، عبر ثلاثة محاور هي: أجدابيا/سرت، والجفرة/سرت، ومصراتة/سرت. وجاء ذلك ردا على تقدم التنظيم باتجاه مصراتة في بداية مايو/أيار.

وقال المجلس في قرار أصدره إن هذه الغرفة تتبعه مباشرة باعتباره القيادة العليا للجيش الليبي، وسمى ستة ضباط من الجيش الليبي لقيادة هذه الغرفة. ونص القرار على منع أي قوة عسكرية أو شبه عسكرية من مباشرة أي قتال في هذه المنطقة باستثناء حالات الدفاع عن النفس. كما حُظر دخولها على المدنيين والصحفيين.

ورغم أن قرار المجلس نص فقط على استعادة السيطرة على مدينة سرت وكل ما يقع داخل حدودها الإدارية، فإن الناطق باسم عملية البنيان المرصوص العميد محمد الغصري يرى أن "قوات البنيان قد تواصل تقدمها شرقا أو جنوبا فقط في إطار مطاردة عناصر التنظيم الفارين من سرت".

التشكيلات المقاتلة
تتكون قوات عملية البنيان المرصوص من تشكيلات القوات التابعة لمجلس رئاسة الحكومة وكتائب الثوار الداعمة لها، وخاصة بعض الجماعات المسلحة المنتمية إلى مدن الغرب، وأبرزها مصراتة التي تضم الفصائل الأكثر تسليحا في البلاد، إذ تملك طائرات حربية ومروحيات قتالية.

ومن التشكيلات الرسمية التي أعلنت دعمها للعملية كل من قوة المهام الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب، وكتيبة الإسناد الأمني لجهاز المخابرات العسكرية، وقوات حرس المنشآت النفطية.

واستجابة لدعوة الحكومة الليبيين لدعم قواتها في معركتها ضد تنظيم الدولة، حرصت أغلبية المكونات الاجتماعية على اللحاق بركب الحرب على التنظيم في سرت بمن فيها الطوارق، بينما تخلفت عنها فئات قليلة مناوئة لحكومة الوفاق الوطني من ضمنها قوات السلطة الموازية في شرقي البلاد.

وعلى صعيد الدعم الدولي؛ دعا الموفد الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر جميع القوى المسلحة الليبية -سواء تلك التابعة للحكومة المعترف بها دوليا أو لحكومة الشرق- إلى "التوحد"، من أجل التغلب على مسلحي تنظيم الدولة.

التسليح والخسائر
تستخدم القوات الحكومية وحلفاؤها ما تيسر لها من أسلحة وذخائر أغلبها قديم ويحتاج للصيانة والتحديث، في ظل استمرار الحظر الدولي المفروض من مجلس الأمن على استيراد ليبيا الأسلحة بذريعة التصدي لعمليات تهريب الأسلحة إليها، وفقا للقرار الدولي رقم 2292. وبسبب ذلك اضطر مقاتلو الحكومة إلى تحديث أسلحتهم القتالية في ورش تصنيع محلية.

وتفضل قيادات البنيان استهداف مواقع التنظيم عن بعد بالمدفعية الثقيلة والقصف الجوي من الطيران الليبي كي تتمكن من إنهاكه قبل أن تصطدم به وجها لوجه، وهو ما تقول قيادة العملية إنه أجل حسم المعركة مع عناصر التنظيم الذين يقدرون بنحو ألف مقاتل.

 

وتشتكي القيادات العسكرية الليبية من أن المجتمع الدولي لم يف بوعوده بدعم حكومة الوفاق بالأسلحة في حربها على "الإرهاب"، رغم تعهد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدعم حكومة الوفاق الوطني في حربها على تنظيم الدولة.

وفي 30 يوليو 2016 طالبت القوات الحكومية رسميا بـ"تدخل جوي أميركي عبر القنابل الموجهة، لاستهداف مواقع خطيرة ومحصّنة (لم تعلن عن أماكنها) تابعة للتنظيم".

وفي 1 أغسطس/آب 2016 بدأت الغارات الأميركية على مواقع التنظيم، وفي 10 أغسطس/آب نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين وليبيين أن قوات خاصة أميركية قدمت دعما مباشرا على الأرض لقوات "البنيان المرصوص"، عبر تنسيق الضربات الجوية وتقديم المعلومات الاستخباراتية.

وقالت القيادة العسكرية الليبية إن الضربات الجوية الأميركية التي تتمتع بالدقة سهلت تقدم القوات الحكومية داخل مدينة سرت. لكن مجلس البحوث والدراسات الشرعية في دار الإفتاء الليبية أعلن رفضه الاستعانة بالولايات المتحدة في هذه العملية العسكرية.

وعلى مستوى العمليات الميدانية؛ خاضت القوات الحكومية وحلفاؤها معارك ضارية مع تنظيم الدولة منذ انطلاق عملية "البنيان المرصوص"، مكنتها نهاية الأسبوع الأول من أغسطس/آب من التوغل داخل سرت، والسيطرة على أكثر من 80% منها ومحاصرة التنظيم في مسافة خمسة كيلومترات مربعة، مع تكبيده خسائر فادحة في الآليات والأفراد، حسب تصريحات رسمية.

وفي6  أغسطس/آب أعلنت قيادة العملية "اقتراب ساعة الصفر لحسم المعركة" مع تنظيم الدولة، ودعت مقاتليها إلى الاستعداد لذلك بالتنسيق مع سلاح الجو الأميركي الذي سيوفر الغطاء الجوي، ويمهد الطريق للتقدم نحو تحصينات مواقع التنظيم داخل مركز المدينة.

وبعد ذلك بأربعة أيام وسعت القوات الحكومية هجومها على مواقع التنظيم حتى سيطرت على مقره الرئيسي في مجمع قاعات واغادوغو، وقالت إن "الحرب كانت في البداية بالطائرات والمدفعية والآن أصبحت حرب شوارع بالقتال بين المنازل" داخل المدينة، إثر السيطرة على غالبية المناطق في سرت ومحيطها وأكثر من 150 كيلومترا على الطريق الرابط بين مصراتة وسرت.

وقد قُتل في عملية "البنيان المرصوص" -منذ انطلاقها وحتى يوم 6 أغسطس/آب 2016- من القوات الحكومية وحلفائها؛ حوالي 354 قتيلا و2000 مصاب في مختلف مناطق ليبيا.

المصدر : الجزيرة