رصد لحصيلة الدعم الإيراني للأسد

الحرس الثوري بات يقاتل في سورية
إيران أرسلت عناصر من الحرس الثوري للقتال إلى جانب قوات النظام السوري (الجزيرة)

في وقت مبكر من الثورة السورية تدخلت إيران بشكل علني لدعم حليفها الرئيسي نظام بشار الأسد في مواجهته الدامية للثورة الشعبية التي اندلعت في مارس/آذار 2011، وتعددت أشكال الدعم تدريجيا، بين السياسي والدبلوماسي وصولا إلى العسكري والمالي.

هذا الدعم أشار إليه علي سعيدي، ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في الحرس الثوري، الذي قال في  نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أنه لولا تدخل بلاده لدعم نظام دمشق "لكانت ضاعت" إيران والعراق ولبنان وسوريا.
 
كما أكد ذلك علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، بقوله في 27 يناير/كانون الثاني 2018 بأنه لولا إيران لكانت الحكومة السورية سقطت خلال بضعة أسابيع. 

وفي بداية اندلاع الثورة السورية ظلت طهران تؤكد على لسان قادتها أنها تراقب الوضع عن كثب، وأن لها الثقة في قدرة الجيش النظامي السوري على حسم المعركة لصالحه، لكنها تدريجيا تدخلت بقوات من الحرس الثوري ومن فيلق القدس، بالإضافة إلى مقاتلين من العراق وأفغانستان وحزب الله اللبناني.

وبالإضافة إلى دعمه سياسيا ودبلوماسيا، تمثلت المساعدة الإيرانية لنظام الأسد في التالي:

القوات: تدخلت إيران في سوريا بقوات من الحرس الثوري، قاتلت في صفوف قوات النظام السوري في مختلف الجبهات في درعا وحمص وحلب، وغيرها من المحافظات السورية، كما شاركت في التأطير العسكري، وبعد طول نفي وإنكار اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في سبتمبر/أيلول 2012 بأن عناصر من فيلق القدس التابع لقواته موجودة في سوريا لمساعدة النظام، لكنه قال إن وجودها استشاري لا يحمل مهام عسكرية.

ومع تطور الأحداث، انخرطت طهران بشكل أكبر في الشأن السوري، وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015، أكد قائد الحرس الثوري علي جعفري أن طهران نظمت مئة ألف مقاتل في قوات وتشكيلات شعبية بسوريا بحجة الحفاظ على الأمن والاستقرار.

كما أرسلت طهران لدعم حليفها الأسد عناصر من قوات التعبئة الشعبية (الباسيج) وقوات خاصة، وهو ما أكده منسق القوات البرية في الجيش الإيراني علي أراسته الذي كشف في الرابع من أبريل/نيسان 2016 عن أن أفرادا من القوات الخاصة التابعة للواء 65 موجودون حاليا بسوريا، ويؤدون دورا استشاريا.

وبحسب مصادر إعلامية، فقد تراوح عدد عناصر الحرس الثوري (الباسدران) بين 6500 و9200 في أبريل/نيسان 2016.

ويظهر الدعم الإيراني لنظام الأسد من خلال الضباط الذين يقتلون في جبهات القتال في سوريا، وعلى سبيل المثال قُتل في الثامن من فبراير/شباط 2016 خمسة ضباط في الحرس الثوري وثلاثة من قوات (الباسيج)، بينهم العميد بالحرس الثوري حسين رضائي، الذي قتل خلال معارك شمالي سوريا.

التواجد الميداني الإيراني على الأراضي السورية كشفه أيضا المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2016، بقوله إن الحرس الثوري الإيراني أقام مقر قيادة رئيسيا له قرب مدينة حلب السورية لإدارة العمليات العسكرية التي ينفذها دعما لقوات النظام السوري في المدينة.

وأكد المجلس في بيان أن مقر القيادة يقع داخل معسكر البحوث في محيط مدينة السفيرة (ثلاثين كيلومترا جنوب شرق حلب)، ويطلق الإيرانيون عليه "معسكر السيدة رقية".

المستشارون العسكريون: تجلى الدعم الإيراني للنظام السوري في الإمداد بمستشارين عسكريين لهم مهمات محددة، وفي 19 سبتمبر/أيلول 2012 اعترف القائد العام لقوات الحرس الثوري علي جعفري بأن لبلاده مستشارين عسكريين رفيعي المستوى في سوريا لدعم نظام الأسد.

وتقول طهران إن مستشاريها العسكريين موجودون بسوريا لتقديم المساعدة للشعب السوري في مواجهة من وصفتهم بالإرهابيين والمتطرفين، وتؤكد أن أفراد الحرس الثوري الموجودين في سوريا يقتصر عملهم على تقديم استشارات.

يذكر أن طهران تنفي دوما وجود أي قوات مسلحة تقليدية في سوريا، وتقر في المقابل بأن لها مستشارين عسكريين ومتطوعين من الحرس الثوري، وعندما يقتل ضباطها وجنودها في معارك بسوريا تقول إنهم كانوا "يؤدون دورا استشاريا".   

المليشيات: بدأت طهران إرسال مليشيات إلى سوريا بداية 2014، فقد أرسل الجيش وجهاز الاستخبارات 18 ألف مقاتل من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان إلى سوريا لمنع سقوط الأسد.

وخلصت دراسة أصدرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان عام 2014 إلى أن أعداد المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا لا تقل عن 35 ألف مقاتل، وينتمي أغلب هؤلاء -بالترتيب- إلى العراق ولبنان وإيران وأفغانستان.

ومن المليشيات التي تدعمها إيران هناك  كتائب "عصائب أهل الحق" و"فيلق بدر" و"حزب الله"، التي قاتلت في العراق، ثم انتقل كثير من عناصرها بتوجيه إيراني إلى سوريا، وحزب الله اللبناني، وألوية أبو الفضل العباس، وكتائب سيد الشهداء، وذو الفقار، و فرقة "فاطميون"، وفرقة "زينبيون"، وفيلق "ولي الأمر". وتجاوز عدد الفرق والتشكيلات الإيرانية بسوريا 12 على الأقل تحت إشراف الحرس الثوري.

الأسلحة: منذ الأيام الأولى للثورة السورية، اتهم النظام الإيراني بتقديم أسلحة للرئيس السوري لمساعدته على سحق المعارضين لحكمه، وفي سبتمبر/أيلول 2012 انتقد الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن الدولي طهران على تقديمها كميات كبيرة من الأسلحة باستخدام الأجواء العراقية، لكن بغداد نفت حينها.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 أفادت قناة فوكس نيوز التلفزيونية الأميركية بأن طائرات روسية نقلت أسلحة إيرانية إلى سوريا لدعم النظام، ونقلت القناة عن مصادر استخباراتية غربية أن تنسيق عملية نقل الأسلحة يقوم بها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

كما اتهم خبير أميركي (إيمانويل أتوليناي)، وهو من عمالقة صناعة الطائرات العالمية في 28 أغسطس/آب 2016 إيران بنقل الأسلحة والعسكريين إلى سوريا، وذلك في مقال تحليلي نشره موقع مجلة فوربس.

وفي العاشر من فبراير/شباط 2018، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أسقط طائرة مسيرة إيرانية، انطلقت من سوريا، واخترقت الأجواء الإسرائيلية، وأعلن الجيش أنه قام ردا على ذلك بالإغارة على أهداف إيرانية في سوريا، كما قامت مقاتلات إسرائيلية بشن غارات واسعة ضد منظومة الدفاع الجوي السورية.

غير أن التلفزيون الإيراني الرسمي فند الرواية الإسرائيلية، وأورد أن طهران ترفض تقارير عن اعتراض إسرائيل طائرة إيرانية مسيرة انطلقت من سوريا، ووصفتها بأنها "سخيفة". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي "لا تقدم إيران إلا المشورة العسكرية لسوريا".

 undefined 

المصدر : الجزيرة