ضياء الدين داود

undefined
يمكن القول إن صحيفة "العربي" لسان الحزب العربي الديمقراطي الناصري لعبت دورا مهما في الحياة المصرية في الأشهر الماضية.
 

فقد بلغ تأثير الصحيفةة في مجال الإصلاحات والمطالبة بالتغيير أن كثيرا من المراقبين استشعروا وجود فوارق كبيرة بين الحزب الذي يرأسه ضياء الدين داود والصحيفة التي يرأس مجلس إدارتها داود أيضا.
 
فالحزب لم يقم بالدور اللامع في فضاء الإصلاح السياسي، واكتفى ورئيسه بإطلاق شعارات براقة وعبارات مطاطة يصب ظاهرها في التغيير، لكن جوهرها يفتقر إلى الوسائل التي تقود إليه عمليا،
 
ويتهم قطاع كبير من الناصريين داود بأن سياساته الجامدة أفضت إلى إهدار طاقاتهم وتشتتهم على قوى مختلفة، فالرجل لم يقدم على إصلاحات مهمة تعيد الاعتبار للتيار الناصري وتؤكد أنه يؤمن بالتغيير بصورة واقعية.
 
فمع أنه تجاوز الـ70 لا تزال صلاحياته الحزبية واسعة ما تسبب في انسداد داخل الحزب وهرب كثير من كوادره للانخراط في أحزاب أخرى لديها ميول ناصرية (الوفاق الوطني والكرامة).

 
وفي المقابل قادت صحيفة "العربي" الحملة للمطالبة بتعديل كثير من مواد الدستور المصري، وناشدت الرئيس مبارك ضرورة الإقدام على هذه الخطوة مبكرا.
 
وبلغت انتقادات الصحيفة لعدد من المسؤولين في الحكومة حدا قاسيا أفاد منه النظام في تأكيد هامش الديمقراطية في الشارع المصري، لكن ظلت الاعتراضات والانتقادات عديمة الجدوى في ظل رفض الانصياع لما تحمله من إصلاحات ومطالبات بالتغيير.
 
ونجحت العربي في المساهمة -ضمن عوامل أخرى- في إبعاد ما وصف بسيناريو التوريث عن التنفيذ الذي استمر يتردد فترة طويلة.
 
ووضعت الصحيفة مع صحف أخرى نواة مهمة لكسر حالة الركود التي خيمت على الحياة المصرية، وساعدت في أن يكون التغيير والإصلاح مترادفين عمليا. وتحفظت على جميع القوانين الاستثنائية (تقريبا) وحملتها مسؤولية الخمول السياسي الراهن.
 
وعندما وافق الرئيس حسني مبارك على تعديل المادة (76) توقعت الصحيفة إجهاض المبادرة بطرق التفافية، تؤدي في النهاية إلى تعديل يتناسب مع الرئيس مبارك، دون إتاحة الفرصة لمنافسة آخرين، وهو ما اعتبر بالفعل متضمنا في ما سمي "ضوابط الترشيح للرئاسة".
 
لذلك استمد ضياء داود جزءا كبيرا من عافيته السياسية من الصحيفة وليس الحزب وقياداته. ولا يمكن إنكار أنه قدم اجتهادات جديرة بالتوقف عندها في ملف الإصلاح.
 
فمنذ فترة طويلة وهو يشير إلى ضرورة إجراء تعديل شامل للدستور، وقال مرة "آن الآوان للانشغال بتعديلات جوهرية للحياة السياسية ولمواد الدستور المنظمة لها".
 
واعتبر داود طريقة اختيار الرئيس بعد تعديل المادة (76) دون تشاور "أربكت الجميع" حيث لم يمنحهم الوقت الكافي للاستعداد لخوض المنافسة.
 
ومع ذلك لم يحسم داود موقفه نهائيا من ترشيح الحزب لشخص ينافس على منصب رئيس الجمهورية، ورددت بورصة التكهنات أسماء متعددة من المحسوبين على التيار الناصري.
 
وفي اعتقاد ضياء داود أن القضية الأساسية للإصلاح تكمن في السلطات الرئيسية الواسعة التي قال إنها ينبغي أن تكون على غرار "النموذج الأميركي" حيث المحاسبة البرلمانية والمدة المحدودة بفترتين رئاسيتين.
 
وقال إن بقاء منصب الرئيس بالاختصاصات الكبيرة المخولة إليه، وفقا للدستور الحالي، "لن يصلح شيئا" طالما أن من يتقلد هذا المنصب يصبح صاحب السلطة الرئيسية القادر على "فعل كل شيء".
 

وطالب داود بضرورة إعادة توزيع السلطة والمسؤولية بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة ومجلس الوزراء. وأكد أن تقديره لدور الرئيس مبارك في خدمة مصر لا يعني غياب بدلاء، في إشارة إلى أن القادرين على القيام بخطوة إصلاح في مصر عديدون.
المصدر : الجزيرة