المطالب الأميركية في شرم الشيخ


إعداد: محمد عبد العاطي

تتصدر مسألة حشد الدعم السياسي والأمني والاقتصادي لخارطة الطريق أبرز الأهداف الأميركية من قمة شرم الشيخ اليوم.

فمنذ أن نجحت الضغوط الأميركية في تنصيب محمود عباس (أبو مازن) رئيسا للوزراء في السلطة الفلسطينية وظهور خارطة الطريق إلى العلن، والحديث الأميركي يتزايد يوما بعد يوم عن ضرورة "إزالة العقبات" أمام تنفيذ ما جاء في هذه الخطة.

وتحتاج خارطة الطريق هذه لكي تكون مرجعية جديدة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين -بعد مرجعيات كثيرة أخرى سبقتها- إلى توحيد للرؤية لاسيما بين الأطراف الفاعلة. من هنا جاء قول الرئيس بوش الصريح قبيل القمة "إن مجيئه إلى شرم الشيخ فرصة للحديث عن القيم الأميركية، وبلورة رؤية مشتركة للعمل معا من أجل تحقيق الأهداف الكبرى في المنطقة".

التزامات على الطرف العربي
الحديث الأميركي عن توحيد الرؤية تنبع أهميته من أن ذلك يتبعه -إذا توافقت الرؤية العربية مع الرؤية الأميركية كما ستوضحها نتائج قمة شرم الشيخ- سلسلة من الالتزامات على الأطراف العربية.

هذه الالتزامات حددها بوش في تصريحات أدلى بها في بولندا قبيل مجيئه إلى شرم الشيخ في النقاط التالية:

  • محاربة "الإرهابيين القتلة" ويقصد بهم الفدائيون في حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى وغيرها من المنظمات، وعدم السماح لهم بتعطيل ما سماه المسيرة السلمية.
  • وقف تمويل هذه الجماعات "الإرهابية".
  • إعادة بناء المؤسسات الأمنية للسلطة الفلسطينية بمساعدات مصرية وأردنية وسعودية.

الدعم السياسي
المطالب الأميركية من الزعماء العرب في قمة شرم الشيخ لا تقتصر على تعزيز سبل مكافحة ما تصفه بالإرهاب وتقديم الخبرات الأمنية لإعادة بناء أجهزة الأمن الفلسطينية -كما قال بوش- وإنما ستتبعها أو توازيها مطالب أخرى سياسية واقتصادية.

فالقيادة الفلسطينية الجديدة التي تولت رئاسة الوزراء على أسنة الضغط الأميركي تحتاج إلى شرعية سياسية في محيطها الإقليمي، وهو ما يسعى بوش في قمة شرم الشيخ والعقبة إلى تحقيقه. ولهذا قال صراحة "إن ظهور قيادي فلسطيني جديد ملتزم علنا بمكافحة الإرهاب سينجح إذا لقي العون من العالم العربي".

ولعل تنحية الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عن اجتماع قمة على هذا المستوى يصب -كما يقول الكثير من المحللين- في خانة سياسة التهميش التي فرضتها إسرائيل والولايات المتحدة عليه من جهة، وسياسة تلميع الوجه الفلسطيني الجديد محمود عباس من جهة ثانية.

العون الاقتصادي
العون المالي والاقتصادي هو عصب السلطة الفلسطينية بقيادتها الجديدة، تماما كما أن بناء أجهزتها الأمنية هو عضلاتها، وإكسابها الشرعية السياسية إقليميا ودوليا هو جلدها وإهابها وجواز مرورها.

لذلك من المقرر أن يطلب بوش في قمة شرم الشيخ من القادة العرب منح الدعم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية "بقيادتها الجديدة"، وهو ما سبق وأعلنه حينما قال "إنني سأطلب من القادة العرب وبالأخص دولا مثل مصر والسعودية والأردن عدم الاكتفاء فقط بتقديم الاستشارات للسلطة الفلسطينية الجديدة، وإنما العمل الجدي معها عبر تقديم مساعدات تنموية". وكما قال أيضا في مناسبة أخرى "إنني معجب بشخصية وزير المالية الفلسطيني الجديد".

ومن المرجح أن تكون الدول العربية الخليجية الغنية هي المعنية بهذا الجانب من المطالب الأميركية. ولعل في حضور ولي العهد السعودي الأمير عبد الله إلى شرم الشيخ واختتام بوش زيارته للمنطقة بلقائه بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة في الدوحة ما يشير إلى ذلك.

فالدعم الأمني والسياسي والاقتصادي إذن لكل ما يمت بصلة إلى خارطة الطريق سيكون على رأس أولويات الأجندة العلنية للرئيس بوش في زيارته الحالية لشرم الشيخ.

أما الأجندة الخفية -وهو التعبير الذي استعمله وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في جلسة مجلس الأمن الشهيرة قبيل شن الحرب على العراق ولا يزال صداه يرن في الآذان حتى الآن- فلا يستطيع أحد معرفتها أو التكهن به بدقة.
_____________
الجزيرة نت.

المصدر : الجزيرة