بعد عام من الاحتلال.. إلى أين يسير العراق؟

مستقبل العراق

إلياس حنا

عندما تتحرك القوى العظمى يتحرك كل ما حولها. والمقصود هنا بما حولها، هو كل المسرح العالمي، خاصة أن القوة الحالية –الولايات المتحدة- هي قوة عظمى وليست كبرى. لكن الجديد في العلاقات الدولية حاليا وفي تركيبة النظام العالمي، هو تفرد هذه القوة بكل شيء. والمقصود بكل شيء هو تملكها للقوى الصلبة (Hard Power) والقوى الطرية (Soft Power) كما يحب أن يسميها المفكر الأميركي جوزيف ناي.

والمقصود بالقوى الصلبة هو تلك القوى التي تقوم على ما تملك أميركا من دبابات وطائرات وما شابه. أما القوى الطرية فهي التي تشمل القيم والتكنولوجيا والأفكار والديمقراطية وحقوق الإنسان ودور المرأة وغيرها.

لكن ناي يشدد أيضا على أن أميركا -مثل روما- يمكن قهرها، وهي تتمتع بدرجة عالية من المعطوبية، والدليل على ذلك هو ما حصل يوم 11 سبتمبر/ أيلول. ويقترح في هذا المجال أن تدمج أميركا القوة الصلبة مع القوة الطرية بطريقة عقلانية، كي تنتج قوة ذكية (Smart Power).

لماذا الحديث عن أميركا بهذه الطريقة؟ ولماذا الحديث عن المصالح القومية لها؟ الجواب باختصار أن أميركا حاليا هي القوة العظمى، وأن مصالحها القومية تشمل العالم كله، وهي حاليا مهتمة بمنطقتنا أو أن الشرق الأوسط كله يقع أو هو الآن يشكل مركز الثقل والمحور الأساسي للإستراتيجية الأميركية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول.

في هذا المقال المختصر جدا سنحاول الحديث عن أهمية العراق في الإستراتيجية الأميركية، سواء لجهة الموقع أو لجهة الثروات. وكيف أن شكل العراق المستقبلي -خاصة السياسي- ومصير وحدته الجغرافية أصبحا مرتبطين مباشرة بالتواجد الأميركي السياسي العسكري، وما قد ينتجه هذا التواجد من فشل أو نجاح.

بعدها سنعمد إلى وضع ثلاثة سيناريوهات محتملة عن الوضع العراقي هي: السيناريو الممتاز والسيناريو الساكن والسيناريو الأسوأ. ومن خلال كل سيناريو سوف نستعرض شكل وصورة العراق المستقبلية.

وبهدف رسم هذه السيناريوهات يبدو لزاما علينا أن ننطلق من ثوابت لا يمكن تجاهلها، والتي تلعب دورا أساسيا في المشروع السياسي العراقي. وخلال عرض وتحليل السيناريوهات سوف نأخذ بعين الاعتبار اللامتوقع الذي قد يضع كل المشاريع على مهب الريح، حتى لو خطط لها ورسمت بعناية فائقة. بعدها سننطلق لرسم ثلاثة سيناريوهات.

موقع العراق في الإستراتيجية الكبرى الأميركية
ثوابت ستؤثر على مستقبل العراق
سيناريوهات محتملة
ماذا عن اللامتوقع؟

موقع العراق في الإستراتيجية الكبرى الأميركية


لا يد للعرب بكل ما سيحصل في العراق، وخير دليل على ذلك ما آل إليه وضع الجامعة العربية في تونس، هذا بالإضافة إلى عجز القوى الكبرى الأخرى عن التأثير، وتهميش المؤسسات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن

1. في الموقع: يحتل العراق قلب العالم العربي، فمنه يمكن التأثير على كل المحيط، خاصة أن هذا المحيط كان قد حل مكان الاتحاد السوفياتي كعدو جديد، وأن الذين نفذوا عمليات 11 سبتمبر/ أيلول هم من هذا المحيط.

من العراق يمكن التأثير على الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة أن هناك أخبارا كانت قد تسربت عن مسؤولين في الإدارة الأميركية تقول إن احتلال العراق كان بهدف تأمين الأمن القومي الإسرائيلي.

2. في الثروات: كثر الحديث عن هذا الأمر وعلاقته بالحرب الأميركية على العراق، ففي مقال بجريدة لوس أنجلوس تايمز كتبه بول روبرتس المتخصص بشؤون الطاقة وخاصة النفط، يقول فيه الكاتب "إن العالم المتحضر وخاصة الغربي مهدد بنقص حاد بالنفط. حاليا إن استهلاك العالم للنفط يقدر سنويا بحوالي 29 مليار برميل، وفي العام 2020 ستصل الحاجة إلى 45 مليارا. لكن الخطير في هذا الأمر أنه ومقابل كل عشرة براميل من النفط المستهلك، لا تجد الشركات النفطية أكثر من أربعة. وفي ظل غياب مادة بديلة للطاقة فلنتأمل العالم القادم".

من هنا يمكن فهم ووعي أهمية أن تسيطر أميركا على نفط الخليج والنفط المحيط به، خاصة أنه في العام 2020 سيذهب أكثر من 90% من نفط الخليج إلى الشرق الأقصى، خاصة الصين التي احتلت المركز الثاني العالمي حاليا في استهلاك الطاقة بعد الولايات المتحدة.

ثوابت ستؤثر على مستقبل العراق

أصبح العراق مرتبطا مباشرة بالأمن القومي الأميركي، أو بالأحرى فإن الأمن القومي الأميركي أصبح متعلقا بما يجري في العراق. فالرئيس بوش يريد ضرب الإرهاب وهو بعيد عن الأرض الأميركية، والعكس قد يعني أنه على الأميركيين قتال هذا الإرهاب من على الشواطئ الأميركية مباشرة.

إذاً أصبح العراق المسرح الأساسي للأميركيين لضرب الإرهاب وبالتالي لا مجال للفشل الأميركي في العراق. هذا انطلاقا من القناعة الأميركية، أو انطلاقا من الوعي الأميركي الرسمي لنوعية المخاطر على الأمن القومي الأميركي، ومن كيفية وعي الدور الأميركي في عالم ما بعد الحرب الباردة وما بعد 11 سبتمبر/ أيلول. فالفشل في العراق قد يؤدي إلى سقوط أميركا عن عرش الأحادية في السيطرة على العالم، وهذا ما لا يريده الرئيس بوش. وقد ورد هذا الأمر جليا في إستراتيجية الأمن القومي الأميركي التي أصدرها الرئيس بوش.

إن سبب الدخول إلى العراق وكما أصبح واضحا من خلال جلسات الاجتماع في الكونغرس، صار واضحا جدا إن كان بسبب أسلحة الدمار الشامل أو غيرها. فالإدارة وحتى الآن كانت قد استعملت كل أسلحة الكذب الشامل كسبب للحرب على العراق. ويقول البعض إن مصدر المعلومات عن الأسلحة في العراق هو المعارض العراقي أحمد الجلبي الذي قال ردا على سؤال عن موضوع أسلحة الدمار الشامل وكيف أنه ومعاونيه كانوا قد زودوا الأميركيين بمعلومات خاطئة "المهم أن صدام أصبح خارج السلطة".

إن العراق هو حملة من ضمن حرب كبيرة وكبيرة جدا، وهو مركز ثقل أساسي للنظام الأمني للمنطقة والذي تحاول أميركا تركيبه. وإلا فما معنى هذه القواعد وهذه المشاريع التي تطلقها الولايات المتحدة؟

وفي هذا الإطار تستعد أميركا لإطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يقوم ويرتكز على القوة الطرية الأميركية التي ذكرناها آنفا. لكن هذا المشروع الكبير وحتى ينجح لابد له من أن يرتكز على القوة الصلبة التي تدخل جليا في النظام الأمني الأميركي المرتقب.

هنا يبدو العراق المحور الأساسي، فهو وإن كان حملة من حرب، لكنه -على الأقل- بسبب المقاومة والمشاكل التي يتعرض لها الأميركيون فيه، أدى إلى تأخير المشاريع الأخرى. وهذا بالفعل ما يقلق الأميركيين حاليا والذين لا يريدون الغرق في اعتبار العراق هو المشروع الأساسي. من هنا جاء الضغط الأميركي على دول المحيط.

إن عملية الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين هي حتما أعادت توزيع القوى السياسية على الساحة العراقية. والذي يبدو أكيدا حتى الآن أنه لا عودة للنظام البعثي، وأن الشيعة سيكونون اللاعب الأساسي في حال نجاح المشروع الديمقراطي.

لا يمكن لأميركا أن تستمر في إدارة البلاد على المستوى العامودي-الميكرو، فهي حتما ستنسحب إلى الكواليس، وهي حتما لن تنسحب من العراق بعد تسليم السلطة للعراقيين. ففي السياسة لا توجد خدمات مجانية، فهم أتوا ليبقوا. إذاً ستسعى أميركا إلى شرعنة وجودها في المستقبل.

إن شكل الصراع العنفي الذي يدور حاليا على الساحة العراقية هو حتما سيرسم شكل السلم الآتي، فالمعروف عادة هو أن شكل السلم يتعلق مباشرة بما كان عليه شكل الحرب، وهذا مأزق أميركي فعلي.

بالرغم من أن الاحتلال الأميركي ليس مرغوبا فيه أبدا لكنه ضرورة حاليا، وهذا يعتبر مفارقة فريدة من نوعها، إذ كيف يقبل بالاحتلال، أي احتلال؟ الجواب في أن العكس والخروج السريع قد يعني فوضى في العراق وفي المحيط بالتأكيد.

ويبدو من الأكيد أيضا أنه لا يدَ للعرب في كل ما سيحصل في العراق، وخير دليل على ذلك هو ما آل إليه وضع الجامعة العربية في تونس. هذا بالإضافة إلى عجز القوى الكبرى الأخرى عن التأثير، وتهميش المؤسسات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن.

هذا غيض من فيض سنكتفي به بسبب هذه العجالة وضيق المساحة المطلوبة، وسوف ننتقل إلى وضع السيناريوهات، فماذا عنها؟

سيناريوهات محتملة


الانسحاب الأميركي المبكر قد يؤدي إلى استحالة الحفاظ على وحدة العراق ليصبح مسرحا للصراعات الإثنية والمذهبية التي قد تؤدي إلى تدخل دول الجوار للحفاظ على أمنها القومي

• السيناريو الممتاز: ويتم فيه نقل السلطة إلى العراقيين بعد أن يتفقوا على نوع وشكل النظام المستقبلي، وعليه ينتخب مجلس الشعب ويعين الرئيس أو مجلس الرئاسة حسب مشروع الدستور الجديد.

وفي هذا السيناريو يقبل العراقيون بعضهم بعضا، خاصة السنة وهم الذي يعتبرون أنفسهم الخاسر الأكبر. وقد يكون مفهوم الديمقراطية التعددية نبراسا للسير عليه.

باختصار تبنى المؤسسات العراقية لتبني بدورها العراق المستقبلي. يترك الأميركيون العراق للعراقيين، ويهتمون بنشر القوى الطرية في المجتمع العراقي وفي محيطه بصدق وإخلاص.

يتفق الأميركيون مع العراقيين على كيفية جدولة الخروج العسكري الأميركي من العراق بشكل يرضي الفريقين، أو العمل على شرعنة هذا الوجود عبر المؤسسة الأهم في العالم ألا وهي مجلس الأمن أو عبر الناتو. وقد تكون هذه الشرعنة مدخلا لمشاركة القوى الكبرى خاصة أوروبا في المشروع العراقي، وحتى في التعاون لمحاربة الإرهاب.

ثم تبنى القوى الأمنية العراقية حسب ما يرغب به العراقيون، بشرط أن تكون هذه القوى تحت إمرة السلطة السياسية -كل السلطة السياسية التعددية- وليس كما كانت إبان حكم البعث.

يجب أن يبنى الجيش العراقي بحيث لا يرسل إشارات خاطئة للمحيط الجغرافي الذي كان عرضة لتهديدات هذا الجيش. وانطلاقا من العراق وبعد النجاح المفترض فيه حسب هذا السيناريو، يوجه الأميركيون اهتمامهم نحو القضية الأهم للعرب والمسلمين ألا وهي القضية الفلسطينية ليأتي الحل عادلا، وعلى الأقل مقبولا من الفلسطينيين أنفسهم، ليتحقق بذلك حلم المحافظين الجدد عندما قالوا "إن طريق فلسطين تمر ببغداد".

السيناريو الساكن: وفيه تبقى الحال العراقية على ما هي عليه، ويزداد مستوى العنف خاصة ضد المدنيين وكل من يتعاون مع الأميركيين، وتزداد الفوضى في العراق بحيث لا يمكن للأميركيين الحسم بهدف فرض الاستقرار، خاصة أن أميركا تمر حاليا بمرحلة عصيبة تتناول عدة أمور منها: الانتخابات الرئاسية، أزمة المصداقية لدى الإدارة الحالية، وأزمة الثقة للأميركيين بمؤسساتهم خاصة الأمنية.

وفي هذا السيناريو تنقل أميركا السلطة إلى العراقيين بشكل سريع، وتتراجع إلى خلف الكواليس لحماية جنودها. وتتسلم القوى الأمنية العراقية الأمن، وتستمر الاعتداءات عليها ليأخذ الصراع شكل الاقتتال الأخوي.

تتفرغ أميركا هنا للضغط على دول الجوار تحت شعار تدخل هذه الدول في الشؤون العراقية والسماح للجهاديين بالعبور إلى العراق. يرتفع مستوى العنف بين العراقيين ويخف الضغط على القوات الأميركية، الأمر الذي يؤدي إلى انسحاب الكثير منها.


ثمن خروج أميركا من العراق مرتفع جدا وهو أكبر بكثير من ثمن البقاء، ومن هنا يستبعد أي خروج أميركي قريب

وفي هذا السيناريو أيضا ينتقل الجدل السياسي على مستقبل العراق وعلى شكل النظام السياسي وإعادة توزيع المكاسب السياسية إلى العراقيين مباشرة، وقد يتأزم الوضع كثيرا، خاصة أن الثقة بين الفرقاء ليست في مستوى جيد، فلكل فريق منهم أجندته الخاصة.

فالسنة يريدون استعادة ما خسروه بعد سقوط البعث، والأكراد يريدون حكما ذاتيا إلى أقصى حد، خاصة أنهم كانوا قد عانوا الكثير من النظام السابق، وهم الحلفاء الأكثر ثقة لدى الأميركيين. أما الشيعة فهم يريدون حكم العراق كله، خاصة أن المناسبة تاريخية لهم بعد أن كانوا قد خسروها في ثورة العام 1920 ضد الإنجليز، مع العلم بأنهم كانوا حجر الثقل في تلك الثورة.

وكذلك في هذا السيناريو تبقى دول الجوار العراقي في وضع قلق جدا، وتبقى تحت السيف العسكري المسلط عليها سواء كان من الجهة الأميركية أو من الجهة الإسرائيلية. وتبقى كل المنطقة في حالة اضطراب بين اللاسلم واللاحرب.

السيناريو الأسوأ: قد يكون هذا السيناريو أسوأ ما قد يحدث للعراق، وفيه قد تسقط كل الحلول السياسية لرسم صورة العراق الجديدة.

إن أسوأ ما قد يحدث في هذا السيناريو هو الانسحاب المبكر للقوات الأميركية، وذلك بعد أن يصبح الثمن العسكري عليها كبيرا جدا إلى حد يجعل الثمن السياسي كبيرا جدا على أي إدارة تكون في البيت الأبيض.

إن الانسحاب الأميركي هذا قد يؤدي إلى استحالة الحفاظ على وحدة العراق، ليصبح مسرحا للصراعات الإثنية والمذهبية. وقد تؤدي هذه الصراعات إلى تدخل دول الجوار للحفاظ على أمنها القومي وعلى وحدة أراضيها، خاصة أن الأكراد مثلا يتوزعون على كل الدول المحيطة بالعراق تقريبا.

فقد تستغل إسرائيل هذا السيناريو لترحيل كل الفلسطينيين إلى العراق خاصة المثلث السني، وقد تعمد إلى الاعتداء على حزب الله في لبنان.

غير أنه من المؤكد -في حال الانسحاب الأميركي- أن التأثير السلبي سيكون حتما على كل الأنظمة الصديقة للولايات المتحدة، وسيتحسن وضع القاعدة والمنظمات الأصولية، فتظهر أميركا أنها فعلا ضعيفة ويمكن قهرها.

وقد يقول المحللون إنه بسبب أهمية العراق للولايات المتحدة -كما ذكرنا آنفا- وبسبب الانعكاسات السلبية الكبيرة عليها في حال الانسحاب، فهي قد تعمد مثلا إلى الانكفاء إلى الشمال الكردي وتترك الوسط والجنوب لمصيره. فهي تأمن حتما للأكراد وهم ليس لهم سواها، فهم الأصدقاء الأصدقاء والحلفاء الحلفاء. وإن التمركز في الشمال العراقي قد يؤمن لأميركا قاعدة انطلاق عسكرية بكل الاتجاهات، كما يؤمن لها السيطرة على أكبر قدر من النفط العراقي.

لكن الأكيد أن هذا السيناريو -حتى الآن- يبدو أن حظوظ حصوله مستبعدة جدا، وذلك لأن العراق هو غير الصومال ومقديشو، وهو حتما غير لبنان. وللخروج يجب أن يكون الثمن مرتفعا جدا جدا. وثمن الخروج هو أكبر بكثير من ثمن البقاء، ومن هنا استبعاد الخروج الأميركي القريب.

ماذا عن اللامتوقع؟


ماذا لو اغتيل بول بريمر مثلا؟ إنه حدث تكتيكي بامتياز وله انعكاسات إستراتيجية، لكنه حتما لن يؤدي إلى الانسحاب الأميركي

المقصود باللامتوقع هو ذلك الحدث التكتيكي أو الإستراتيجي الذي قد يقلب في حال حدوثه كل التوقعات، فيلغي المخططات القديمة ليفرض نفسه واقعا حتميا.

ماذا لو اغتيل بول بريمر مثلا؟ إنه حدث تكتيكي بامتياز وله انعكاسات إستراتيجية، لكنه حتما سوف لن يؤدي إلى الانسحاب الأميركي.. لا بل قد يؤدي إلى التشبث الأميركي بالعراق.

ماذا لو اغتيل المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني؟ إنه حدث تكتيكي إستراتيجي مهم جدا، وتأثيره سيكون على الساحة العراقية مهما جدا أيضا. فهو سلبي للشيعة ومهم للسنة المتشددين لأنه يفشل المشروع الأميركي، الأمر الذي قد يبعد كأس استلام الشيعة للحكم.

سيقرب هذا الاغتيال الشيعة من الأميركيين أكثر إذا ثبت أنهم أبرياء من العملية، وقد يعمد الشيعة إلى شن حربهم الانتقامية بأنفسهم، لكن هذا الوضع سيبعد الاستقرار عن العراق ويبقيه دون حل سياسي.

ماذا لو كان لدى المقاومة بعض من أسلحة الدمار الشامل وهذا أمر مستبعد؟ وماذا لو استعمل بعضها ضد الأميركيين؟ قد يقوي هذا الافتراض الأميركيين خاصة الرئيس جورج بوش. لكن الأهم هو في حال حصول حادثة مماثلة لأحداث 11 سبتمبر/ أيلول على الأرض الأميركية، ولكن هذه المرة مع أسلحة دمار شامل. فماذا سيكون الرد الأميركي؟ هل ستنكفئ أميركا إلى الداخل تاركة العالم والعراق لحالهما؟ هل ستتهم أحدهم لتضربه نوويا؟ ذلك أمر ممكن، لكن العالم بعد 11 سبتمبر/ أيلول الثانية سيكون حتما ليس مثل 11 سبتمبر/ أيلول الأولى، وهذا ما لا أريد الاستقراء فيه، لكن الأكيد أن شرعة الغاب سوف تحكم.
_______________
أستاذ محاضر بجامعة السيدة لويزة في لبنان وعميد ركن متقاعد

المصدر : الجزيرة