اتجاهات الضربة الأميركية

REUTERS / Flight deck personnel prepare to load missiles on a fighter jet onboard the USS Theodore Roosevelt aircraft carrier in the the Arabian Sea December 3, 2008. Picture taken December

تذخير مقاتلة على حاملة الطائرات روزفلت أثناء وجودها في بحر العرب (رويترز-أرشيف)

يرى الباحث الأميركي من مركز ستراتفور للأبحاث الاستخبارية والأمن العالمي جورج فريدمان أن الخيار الأول للولايات المتحدة -إذا فكرت جديا في ضرب إيران- هو القيام بغارات جوية أو بحرية من متن حاملاتها في الخليج على مواقع البرنامج النووي الإيراني الأساسية مثل مفاعل بوشهر النووي بجنوب غرب إيران ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم بالقرب من أصفهان ومفاعل أراك لإنتاج المياه الثقيلة شمال طهران.

أما الخيار الثاني فيتصل بتوجيه حملة بحرية وجوية أوسع نطاقا تستهدف ليس المواقع النووية الإيرانية فقط بل البنى التحتية الاقتصادية وتحديدا النفطية، والمواقع العسكرية وبناها التحتية بما فيها الإستراتيجية الصاروخية بالدرجة الأولى، واستهداف البنية السياسية على مستوى القيادات، ثم فرض حصار كامل مع فرض عقوبات دولية في حال عدم انهيار النظام كليا لمنعه من استئناف برنامجه النووي.

وفي تقرير آخر نشرته منظمة الأمن العالمي بعنوان "استهداف إيران بضربات جوية"، أشار باحثون إلى أن اقتصار الضربة على المواقع النووية لن يكون مضمون النجاح وسيشجع طهران على الانسحاب من الملحق الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ودفع أنشطتها إلى الأنفاق بشكل سري تام مصحوب برد عسكري قوي على القوات الأميركية في العراق أو الخليج العربي، أو على إسرائيل.

وبالتالي يرجح التقرير أن تتعدى الضربات الجوية نطاق المواقع النووية لتشمل المفاصل العسكرية الحساسة للدولة الإيرانية إضافة إلى الموارد النفطية.

ويتحدث التقرير عن أن العدد الحالي الموجود من الطائرات الأميركية في الخليج العربي لا يكفي لهذه الضربة ويتطلب المزيد، على أساس أن المواقع النووية الإيرانية مبعثرة على مساحة جغرافية واسعة لا يمكن استهدافها جميعا بضربة واحدة تنفذها عشرات الطائرات.

واشنطن تحتاج إلى أكثر من حاملة طائرات في الخليج إذا فكرت في ضرب إيران
واشنطن تحتاج إلى أكثر من حاملة طائرات في الخليج إذا فكرت في ضرب إيران

يشار إلى أن بعض الخبراء العسكريين أشاروا عام 2008 في أكثر من مناسبة إلى أن الولايات المتحدة إذا أرادت القضاء على البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل دفعة واحدة، فإنها ستحتاج إلى ألف طائرة مقاتلة، أي بقوة نارية تتجاوز بكثير القوة النارية للطائرات الأميركية التي افتتحت الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وبالعودة إلى تقرير منظمة الأمن العالمي، فقد نبه الباحثون إلى أنه لا يمكن الارتكان إلى موافقة دول الخليج العربي بالسماح لانطلاق الطائرات الأميركية لضرب إيران حتى من قواعدها الموجودة في المنطقة.

وفيما يتصل بهذه النقطة، وفي خطاب ألقاه رئيس الموظفين بوزارة الدفاع الإسرائيلية اللواء مايكل هيرتزوغ في ندوة أقامها معهد واشنطن للشرق الأدنى في 7 مايو/أيار 2009، قال المسؤول الإسرائيلي إن دول الخليج العربي أبلغت الولايات المتحدة بأنها لا توافق على ضرب إيران (أي أنها لن تسمح بتوجيه الضربة انطلاقا من القواعد الأميركية على أراضيها) لعدة اعتبارات أولها خشية الرد الإيراني, على حد قوله.

وانطلاقا من هذه المعطيات يرى المحللون العسكريون الأميركيون بمن فيهم الذين شاركوا في إعداد تقرير منظمة الأمن العالمي، أنه لا يوجد أمام الولايات المتحدة لتسديد ضربة جوية لإيران سوى الدفع بمزيد من حاملات الطائرات إلى مياه الخليج، مع اللجوء إلى الصواريخ المتوسطة المدى التي تنطلق من سفنها المشاركة في الهجمات.

حاملات الطائرات
ليس سرا أن الولايات المتحدة تحتفظ بعدد محدود من المقاتلات في أماكن متعددة من الخليج وتحديدا في العراق والكويت وقطر وعمان والإمارات العربية المتحدة وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.

ويشير تقرير منظمة الأمن العالمي إلى أن العديد من حاملات الطائرات عادت بالفعل إلى الولايات المتحدة بعدما كانت في الخليج، فضلا عن أنه منذ منتصف عام 2003 لا يوجد لواشنطن في المنطقة أي من طائرات الإنذار المبكر العملاقة المعروفة باسم "أواكس"، كما أن قاذفاتها من طراز الشبح عادت جميعها إلى وطنها.

ومن هذا التوصيف، يرى التقرير أن إعادة نشر هذه القوات سيتطلب من الولايات المتحدة وقتا قصيرا، علما بأنه في الوقت الحاضر لا يوجد سوى حاملة طائرات واحدة ترافقها مدمرات مزودة بصواريخ توماهوك قادرة على إطلاق 250 صاروخا.

كما يتحدث التقرير عن أن القوة الجوية تبقى الأساس في أي عملية محتملة ضد إيران، مما يضع الشروط اللوجستية الخاصة على رأس الأولويات التي يتطلب تحقيقها إنجاح العملية.

ويقول إن بقاء الغطاء الجوي متواصلا أمر مهم، لكنه يتطلب جهودا كبيرة لتحقيق هذا الهدف، معتبرا أنه في الطلعات العادية يمضي الطيار وقتا لا بأس به محلقا خلال التوجه إلى المناطق المستهدفة والعودة منها.

بيد أن الأمر -مع بدء تنفيذ الضربة- سيتغير ليشمل أيضا تغيير مسارات التحليق، أي أن الطيارين سيبقون مدة أطول وربما متواصلة فوق المناطق المستهدفة، ويستحيل على حاملة طائرات واحدة أن تقوم بهذا العمل لأكثر من 12 ساعة.

ويلفت التقرير إلى أنه في الأيام الأولى لعملية "الحرية المستدامة" بأفغانستان عام 2001، كانت القوة الضاربة الجوية من حاملتي طائرات إنتربرايز (65 مقاتلة) وكارل فينسون (70 طائرة) تتناوبان على توفير الغطاء الجوي لمدة 24 ساعة في المحيط الهندي، وعندما وصلت الأوامر بشن الضربات الجوية قامت أسراب الطائرات على متن الحاملتين بالتحليق لمدة 24 ساعة يوميا.

المصدر : الجزيرة