الأداء العربي الرسمي والشعبي تجاه الانتفاضة

*بقلم/ أبو العلا ماضي

undefined

بحلول يوم 28 سبتمبر/أيلول 2002 سيكون قد مضى على بدء انتفاضة الأقصى عامين كاملين، وهذه الانتفاضة المباركة الثانية والتي مرت بها أحداث كثيرة وعميقة جعلت الكثير يشعر بطول زمن هذه الانتفاضة بالرغم من أن الانتفاضة الأولى استمرت حوالي سبع سنوات لكن هذه الانتفاضة واكبت الانتشار الكبير لوسائل الاتصال والمعرفة مثل القنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وأجهزة الهاتف المحمول.. إلخ، مما ساعد على سرعة نقل الأحداث والتفاعل معها وبالتالي برر الشعور بالوقت الطويل الذي ينقل إلى ملايين البشر في العالم العربي وفي جميع أنحاء العالم عدة أحداث وتطورات في اليوم الواحد، وفي هذا المقال سنقوم بإذن الله بالنظر في الأداء العربي على المستوى الرسمي والمستوى الشعبي وكذلك سننظر في مستقبل حضور الانتفاضة في العالم العربي.

– الأداء العربي الرسمي
– الأداء العربي الشعبي

– مستقبل حضور الانتفاضة في العالم العربي

الأداء العربي الرسمي

لا شك في أن الأداء العربي الرسمي تأثر بالأداء الشعبي خلال عامي الانتفاضة الماضيين، فلقد كان الأداء الرسمي العربي الجماعي ينحصر في آلية جامعة الدول العربية والإطار الذي يجمع الملوك والرؤساء والأمراء العرب هي القمة العربية، وهي آلية لم تعرف الانتظام منذ بداية الجامعة العربية في أول قمة عربية وكانت قمة طارئة عقدت في أنشاص بمصر في مايو/أيار 1946 وكانت أيضاً لمناصرة القضية الفلسطينية، وتلتها بعد عشر سنوات في نوفمبر/تشرين الثاني 1956 القمة الطارئة أيضاً في بيروت لدعم مصر ضد ما يعرف بالعدوان الثلاثي.

لكن تاريخ القمم العربية بوضعها مؤسسة سياسية بدأت فعلاً في عام 1964 مع التآم القمة العربية الأولى في القاهرة لتليها 12 قمة عادية وسبعة مؤتمرات قمة طارئة آخرها قمة أكتوبر/تشرين الأول 2000 بعد بدء الانتفاضة الثانية ونتيجة للضغط الشعبي العربي، فعقدت في يومي 21 و22 أكتوبر 2000 في القاهرة والتي أصدرت عدة قرارات كان من أهمها دورية عقد القمة العربية (لأول مرة كل عام شهر مارس/ آذار) وعلى أثرها عقدت قمتان الأولى في عمّان يومي 27 و28 مارس/آذار 2001 والثانية في بيروت يومي 27 و28 مارس/آذار 2002.

إذن ففي عامي الانتفاضة عقدت على مستوى القمة العربية ثلاثة اجتماعات، قمة طارئة وقمتان عاديتان، فلو نظرت في أهم القرارات التي اتخذت في هذه القمم سنلاحظ الآتي:

قمة القاهرة الطارئة (أكتوبر/تشرين الأول 2000)
undefinedكما سبق وأن ذكرت فإن القرار الإيجابي الأول هو دورية عقد الاجتماعات بعد أن كان يمر عدد من السنين ولا تنعقد أي قمة قد تصل إلى عشر سنوات أو ست سنوات وأقلها أربع سنوات. ولعلنا نذكر أن قمة القاهرة غير العادية كانت في أكتوبر/تشرين الأول 1990، والقمة التي تلتها أيضاً بالقاهرة وغير عادية في يونيو/حزيران 1996 ثم قمة الانتفاضة عام 2000.

كما أنشأت القمة صندوقين الأول باسم "انتفاضة القدس" بموارد تبلغ 200 مليون دولار أميركي يخصص للإنفاق على أسر شهداء الانتفاضة، والثاني باسم "صندوق الأقصى" بموارد تبلغ 800 مليون دولار أميركي تخصص لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية بالقدس. ووضعت آلية تقضي بانعقاد اجتماع لوزراء المالية العرب في فترة أقصاها شهر للاتفاق على المساهمات في الصندوقين وكيفية استخدام موارد الصندوقين. واشتكى الجانب الفلسطيني كثيراً من تأخير البت في استخدام الأموال وتأخر وصول الحصص المقررة من الدول العربية.

كما شددت القمة على دعم القضية الفلسطينية بإجراءات بعضها عملي وكثير منها لفظي وكلامي لا يترجم إلى أفعال، فالعملي منها هو إنشاء الصندوقين والسماح باستيراد السلع والمنتجات الفلسطينية دون قيود كمية أو نوعية وإعفاؤها من الرسوم والجمارك واعتماد شهادات المنشأ الفلسطينية، وإن لم يترجم هذا القرار بشكل عملي بسبب الحصار الإسرائيلي للشعب الفلسطيني وعجز النظام الرسمي العربي عن فك هذا الحصار. أما القرارات اللفظية فهي كثيرة وتتضمن التأييد والدعم والشجب والتنديد والمطالبة من الغير.. إلخ. ومن هذه المطالبات الدولية المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في إطار الأمم المتحدة وكذلك المطالبة بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، فلم يتبع هذه المطالبات أي جهد حقيقي من الاتصالات الثنائية والإقناع والضغط على الأطراف الدولية غير العربية وغير الإسلامية المتضامنة بالطبع مع هذا الطلب كمحاولة لتمرير مثل هذا القرار.

كما أوصت القمة بالتوقف عن أي علاقات مع إسرائيل ووقف كافة خطوات وأنشطة التعاون الاقتصادي مع إسرائيل وأصدرت بعدها بعض الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل قرارات شكلية ثم ما لبثت أن استأنفت علاقاتها التجارية مع إسرائيل وظلت الدول التي تربطها اتفاقات مع إسرائيل مثل مصر والأردن وكأن القرار لا يعنيها ولم تطبق منه شيئاً. كما استذكر القادة العرب في القمم الثلاث قرارات القمة العربية الحادية عشرة التي عقدت في عمّان عام 1980 والتي تؤكد على قطع جميع العلاقات مع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس أو تعترف بها عاصمة لإسرائيل، وإن كنت أشك في أن أغلب الدول العربية غير قادرة على تطبيق هذا القرار عملياً في حالة نقل الولايات المتحدة الأميركية سفارتها إلى القدس وهي تمهد له كل فترة بقرار من الكونغرس بالنقل.

القمة الدورية في الأردن (مارس/آذار 2001)


النظام الرسمي العربي عاجز عن الفعل المؤثر في الوقت الراهن خاصة على المستوى الإقليمي والدولي وقراراته يغلب عليه مهمة إبراء الذمة

كما أن القمة العربية الدورية الأولى التي عقدت في عمّان في مارس/آذار 2001 لم تضف جديداً على ما قامت به القمة الطارئة قبلها بأقل من ستة أشهر اللهم إلا تفاصيل في الاتجاه ذاته من قبل (مواصلة التحرك العربي في مجلس الأمن والجمعية العامة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني) والعمل على استصدار قرار من الجمعية العامة في دورة استثنائية طارئة لإرسال قوات حماية دولية إلى المناطق الفلسطينية.. إلخ. وبالطبع لم تقم الدول العربية بالجهد اللازم لتطبيق مثل هذا القرار وبالتالي لم يحدث شيء.

تم تعديل قرار إنشاء صندوقي الأقصى وانتفاضة القدس بدعم ميزانية السلطة الوطنية بـ60 مليون دولار تدفع على أربع شهور، كما أقرت تلك القمة صرف مبلغ إضافي قدره 180 مليون دولار لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية لستة أشهر تالية. ثم صارت القمة على منوال سابقتها بالحث والتأكيد والدعم والتنديد والشجب.. اللهم إلا إصدار قرار بالتفصيل في تفعيل المقاطعة العربية الإسرائيلية بإعادة تفعيل نشاط مكاتب الاتصال المختصة في الدول العربية لهذا الغرض وانتظام عقد مؤتمرات المقاطعة الدورية التي يدعو لها المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل والبدء بتفعيل دور اللجان الاقتصادية المشتركة الموجودة بالخارج وتكليف الأمين العام للجامعة والمكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل بالدعوة لاجتماع عاجل لضباط الاتصال لتفعيل المقاطعة، وهو الاجتماع الذي تم بالفعل ولكن غابت عنه الدول العربية التي ما زالت لها علاقة اقتصادية مع إسرائيل.

قمة بيروت العادية الثانية (مارس/آذار 2002)
كما عقدت في هذا العام القمة العربية العادية الثانية التي عقدت في بيروت في مارس/آذار 2002 والتي غاب عنها ما يقرب من نصف الملوك والرؤساء العرب. ولم تسفر عن نتيجة سوى تأييد مبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية والتي أطلق عليها "مبادرة السلام العربية" بعد هذه القمة والتي أعقبها الاحتلال الإسرائيلي باجتياح المناطق الفلسطينية خاصة الضفة ومحاصرة الرئيس عرفات في رام الله والتي استمرت حتى الآن وتخللها قصف بالطائرات (إف 16) والصواريخ ومجزرة جنين.. إلخ. كما أن القرارات الوحيدة القابلة للتطبيق هي قرارات الدعم المالي التي قررت القمة فيها دفع مبلغ 330 مليون دولار للسلطة الفلسطينية بواقع 55 مليون دولار شهرياً ويحدد المبلغ قبل ستة أشهر.

وكلفت القمة (أو القادة العرب بنص القرارات) الأمانة العامة لمواصلة التحرك لتنسيق جهود المؤسسات والمنظمات الأهلية العربية والدولية، وهذا أمر إيجابي لكن الأهم فيه تنسيق الجهود الرسمية والحكومية الدولية لأن الجهات الشعبية لها منظمات شعبية عربية تدير أمورها أما العلاقات بين الدول فهي المهمة الأولى للنظام الرسمي العربي ومؤسسته الوحيدة جامعة الدول العربية.

لعلنا نلاحظ عبر قرارات القمم العربية الثلاث التي عقدت إبان عامي الانتفاضة المنصرمين أن النظام الرسمي العربي عاجز عن الفعل المؤثر في الوقت الراهن خاصة على المستوى الإقليمي والدولي وأن قراراته يغلب عليها مهمة إبراء الذمة وليس الفعل الحقيقي لتغيير الأوضاع على الأرض، وليس أمام الأنظمة العربية في مجملها -وهي التي تقرر الموقف الموحد للجامعة العربية- إلا أن تغير من إستراتيجيتها بإشراك شعوبها في قراراتها سواء باختيارات حرة وحقيقية للنظام الحاكم وبالتالي مشاركته في كل القرارات وتحمل المسؤولية وتحول قوة الشعوب الغاضبة إلى قوة للأنظمة التي تعبر بصدق عن هذه الشعوب.

الأداء العربي الشعبي

undefined

أحدثت الانتفاضة الثانية رد فعل شعبياً أكبر من الرد الفعلي الأول للسبب السابق ذكره وهو التطور الهائل في العقد المنصرم في وسائل الاتصال والمعلومات، بل وأضافت وسائل الاتصال الحديثة شريحة جديدة للتفاعل مع القضية العربية والفلسطينية وقضايا الأمم وهي شريحة أبناء الأثرياء الذين يملكون القدرة على اقتناء الأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية وأجهزة الكمبيوتر اللازمة للتواصل مع شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، فرأينا شرائح منهم تتظاهر للتضامن مع القضية الفلسطينية مثل طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة الذين أحرقوا العلم الأميركي داخل الجامعة الأميركية احتجاجاً على التواطؤ الأميركي مع الكيان الصهيوني المعتدي في فلسطين.

وكان من الظواهر الملفتة في الحركة الشعبية منذ بدايتها ي التلقائية والعفوية في حركة الجماهير التي سبقت التنظيمات السياسية والتنظيمات الأهلية سواء في التظاهر والتجمع في الأماكن ذات التأثير مثل المساجد والجامعات.. إلخ، ثم ما لبثت الظاهرة الشعبية أن تطورت في آليات متعددة للتفاعل مع الانتفاضة على النحو التالي:

1- تشكيل لجان شعبية
تشكلت عدة لجان في كل قطر عربي عبر ثلاثة محاور:

– المحور الأول
لجان دعم الانتفاضة وهي لجان تعنى بجمع التبرعات النقدية والعينية وعمل احتفالات ومهرجانات في تجمعات ومظاهرات لدعم الانتفاضة على المستوى الشعبي، وشارك في هذه اللجان جمعيات خيرية وجمعيات نفع عام أسهمت بجهد أكبر تأثيراً وأكثر تنظيماً نظراً لما تتمتع به هذه الجمعيات من مؤسسات رسمية وقانونية وهياكل إدارية ومقار.. إلخ.

– المحور الثاني
لجان تعنى بمقاومة التطبيع ومناهضة الصهيونية، وهي لجان أغلبها أنشئ قبل الانتفاضة، ولكن الانتفاضة أمدتها بالوقود اللازم لدفع نشاطها وتفعيله، كما أن زخم الأحداث أضعف الطرف الآخر وهي الكيانات المطبعة والتي رفعت زوراً شعار جماعات وجمعيات السلام وكذلك الهيئات الحكومية المتعاونة في مجال التطبيع مثل وزارة الزراعة المصرية وكذلك الكتاب العرب الداعين للتطبيع، تراجع كل هؤلاء أمام غضب الجماهير العربية الغاضبة وظهرت قوائم الشركات المطبعة والأشخاص المطبعين لمقاطعتهم وفضحهم.

– المحور الثالث
لجان مقاطعة السلع والبضائع وبعضها كان موجوداً من قبل، وبعضها نشأ مع الانتفاضة. وكانت هذه اللجان في السابق تقاطع السلع والبضائع الإسرائيلية، ولكن في الانتفاضة الحالية أصبحت القوائم تضم السلع والبضائع الأميركية وبالفعل تأثرت هذه المنتجات كما ظهر في إحصائيات نشرت أخيراً، حيث انخفضت مبيعات هذه الشركات في المنطقة العربية إلى ما يقرب من النصف مما يعني نجاح حملات المقاطعة التي اتخذتها آليات كثيرة، أهمها الغضب الشعبي من سياسة الولايات المتحدة الأميركية ومن عجز النظام الرسمي العربي عن هذه المواجهة.

2- الحملات الفضائية العربية
وهي آلية جديدة وضعناها هنا ليس لأنها شعبية بمفهوم ملكية هذه المحطات ولكنها شعبية بفعل الأطقم الفنية والمراسلين ونقل نبض الشارع. وقد أسهمت هذه المحطات في نقل المشاعر العربية وتوحيدها وتغذيتها بالصورة والتعليق الداعي للغضب والتفاعل والعمل ونقل رد الفعل الشعبي وتشجيع أطراف أخرى شعبية للتقليد والمحاكاة.. إلخ. كما قامت هذه المحطات بعمل يوم كامل لجمع التبرعات وإذاعة الأغاني والمشاهد واللقاءات الداعمة لهذا الغرض.

3- تفعيل الآليات الشعبية العربية
جرت محاولات متعددة لتفعيل رد الفعل الشعبي على المستوى العربي عن طريق كيانات قائمة بالفعل مثل المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي عبر اجتماعاتهما الدورية أو الدعوة لانعقادات طارئة لدعم القضية الفلسطينية والقدس. كما أن هناك عدة اجتماعات ومؤتمرات عقدت للغرض نفسه منها المؤتمر الشعبي الخليجي لمقاومة التطبيع الذي عقد في الكويت في مايو/أيار 2001 وحضره وفود من عدة دول عربية، ثم المؤتمر الأول للجان الشعبية الذي عقد في سبتمبر/أيلول 2001 في مقر اتحاد المحامين العرب بالقاهرة وحضرته أيضاً وفود من عدة دول عربية من الخليج ومن لبنان وفلسطين، وكذلك مؤتمر اللجان الشعبية للمقاطعة الذي عقد في مدينة دبي بالإمارات العربية وحضرته تسع لجان عربية للمقاطعة في أوائل مايو/أيار 2002، وكذلك المؤتمر الشعبي الخليجي لمقاومة التطبيع الذي عقد في البحرين في أواخر مايو/أيار 2002 والذي دعا لتشكيل آلية عربية للتنسيق بين اللجان العربية العاملة في كل مجالات القضية الفلسطينية من دعم الانتفاضة ومقاومة التطبيع ومقاطعة السلع والبضائع الإسرائيلية والأميركية.

4- التنسيق بين اللجان الشعبية على مستوى كل قطر
كما سبق وأن ذكرت نشأت لجان عديدة بشكل عفوي في كل قطر وتحركت في المجال نفسه مما أدى إلى تكرار الجهود في الموضوع نفسه وأحياناً في التوقيت نفسه مما أوجب الحاجة في عدد من الأقطار لعمل آلية للتنسيق بين هذه اللجان (مثال لجان التنسيق بين اللجان الشعبية المصرية) والتي أقرت اجتماعاً دورياً لممثلي هذه اللجان لإعلام كل لجنة بنشاط اللجان الأخرى لتفادي تكرار الأنشطة وعدم تعارض المواعيد ولدعم لكل اللجان لهذه الأنشطة والمشاركة فيها، كما تم الاتفاق على عمل أنشطة مشتركة لكل اللجان في مناسبات كثيرة خلال العام مثل مظاهرات واحتفالات يوم الأرض أو ذكرى النكبة أو موعد انطلاق الانتفاضة.. إلخ، وحققت هذه الآلية نجاحاً ملحوظاً في هذا المجال.

5- المظاهرات والتجمعات الشعبية
ظهرت على السطح عن طريق هذه الانتفاضة مظاهرات كثيرة في الجامعات والميادين والمساجد وبأشكال مختلفة ومنها المسيرة المليونية التي تمت في المغرب وشارك فيها أكثر من مليوني شخص في مايو/أيار 2002، وكذلك المظاهرة الصاخبة أمام جامعة القاهرة والتي تعرضت للتصادم مع أجهزة الأمن المصرية، وكذلك جامعة الإسكندرية والتي توفي فيها طالب مصري وأصيب آخرون، وكذلك المظاهرة الشهيرة في البحرين والتي اقتحمت السفارة الأميركية والتي توفي فيها مواطن بحريني، وكذلك مظاهرات في الأردن واليمن والكويت وسوريا وعمان والإمارات وقطر ومعظم البلدان العربية بل والتجمعات العربية الإسلامية في المهجر في أوروبا وأميركا.

6- حملات المقاطعة العربية
نشطت هذه الآلية بشكل كبير لمقاطعة السلع والبضائع الإسرائيلية والأميركية. ونظراً لقلة البضائع الإسرائيلية في الأسواق العربية وتخفيها فقد كانت السلع الأميركية هي أكثر السلع استهدافاً للمقاطعة كتعبير عملي عن الغضب الشعبي، وأسهمت في ذلك أطراف عديدة وكيانات أساسية وعلماء دين وأئمة مساجد ووعاظ ومفكرون فنانون ورياضيون وإعلاميون وأساتذة جامعات وقادة الطلاب والنقابات المهنية والاتحادات العربية والجمعيات الأهلية.. بشكل لم يسبق له مثيل على المستوى الشعبي العربي. وأظن أنه من أنجح الوسائل الشعبية في توصيل رسالة الضغط العربي خاصة على الإدارة الأميركية.

7- الاحتفالات والمهرجانات والملصقات والوسائل الفنية
وهذه الآلية أسهم فيها الجميع أيضاً من كل التيارات السياسية والفكرية والدينية والمؤسسات الأهلية واللجان والأفراد والفنانين.. إلخ. في مهرجانات واحتفالات وإصدارات فنية (أفلام، مسلسلات، أغاني، أناشيد، أعلام، كوفيات، شارات، أفلام فيديو، كاسيتات، أقراص مدمجة "C D")، كذلك تمت محاكمة شعبية لشارون كمجرم حرب نظمته لجنة المحامين الإسلاميين بنقابة المحامين المصرية.

كل هذه الوسائل كانت وسائل تعبير وشحن للجماهير ووسائل ضغط أيضاً على النظام الرسمي العربي لاتخاذ مواقف فعالة وعلى المجتمع الدولي المتواطئ والمتخاذل في أخذ مواقف عملية لوقف العدوان على الشعب الفلسطيني.

الملاحظة الأخيرة على الأداء الشعبي أن معظم التيارات السياسية شاركت فيه من التيار القومي العربي إلى التيار الإسلامي وكذلك التيار اليساري والوطني والليبرالي وإن كان الأخير أقل إسهاما في بعض الأقطار.

مستقبل حضور الانتفاضة في العالم العربي


undefinedيتوقف مستقبل الانتفاضة في العالم العربي على عوامل عديدة أهمها:

  1. موقف الانتفاضة وتطورات الموقف على الساحة الفلسطينية، أي استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني بكل فئاته للاحتلال وعدم انكساره.
  2. مأسسة النشاط الشعبي وتأطيره واستقرار آلياته على المدى المتوسط والبعيد.
  3. تحديد رؤية إستراتيجية لكل مرحلة على المستوى الشعبي والاتفاق عليها في كل قطر على الأقل والعمل على وضع الآليات والتكتيكات المنفذة لها.
  4. استمرار تعاون كل التيارات السياسية والفكرية والدينية والثقافية في دعم القضية وعدم تغليب أي تيار على الآخر وتقديم الوطني والقومي العام على الحزبي الخاص.
  5. الموقف الرسمي العربي إذا استمر في تراجعه سيساعد في سخونة الشارع العربي وزيادة رد فعله وتجاوبه مع الانتفاضة بصورة أكبر.
  6. الموقف الدولي إذا استمر في تخاذله وتواطئه وعدم جديته واستسلامه للموقف الأميركي الداعم بلا عقل للعدوان الصهيوني أيضاً سيزيد من مناخ الغضب والكراهية والرفض وبالتالي التفاعل مع الانتفاضة بكل صورها.

فمستقبل حضور الانتفاضة سيتحدد وفق المعطيات السابقة التي أرى أن معظمها سيتوفر وبالتالي سيستمر حضور الانتفاضة في العالم العربي بإذن الله.
ـــــــــــــــ
* اللجنة الشعبية لمناصرة الشعب الفلسطيني

المصدر : غير معروف