صورة عامة - أرشيفهم وتاريخنا (ملف متاهات التسوية) 18/6/2011
أرشيفهم وتاريخنا

ملف متاهات التسوية ج1

يفتح البرنامج ملف متاهات التسوية، فمتاهات خلف الجدران البيضاء دخلتها الأطراف كافة، البعض دخلها باختياره والبعض الآخر دُفع إليها، والباقون وضعوا قواعد اللعبة بأسرها.

– مخاوف ومطامع.. لكن لا حقوق
– لندن وإستراتيجية التنصل

– قيود الأيديولوجيا

– الأرشيف الأميركي

– الهموم الإسرائيلية

– الأردن حدود آمنة لإسرائيل

– الراديكاليون والفدائيون قرار بالإزالة

– مصر ومفتاح الحل

 

فواز جرجس
فواز جرجس
حسن عيسى
حسن عيسى
روز ماري
روز ماري
إدوارد بيك
إدوارد بيك
جمال سلامة
جمال سلامة

مخاوف ومطامع.. لكن لا حقوق

خلف هذه الجدران البيضاء وراء الستائر كان اللقاء بين الرئيس الأميركي نيكسون ومستشاره كيسنجر مع وزراء خارجية كل من السعودية والكويت والجزائر والمغرب. آن ذاك كانت رحى حرب أكتوبر من عام 1973 لا تزال دائرة، تحفظ وثائق الأرشيف الأميركي تفاصيل ما قيل.. يومها صرح عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية الجزائري أن العرب قبلوا كل خطط السلام منذ عام 1967 وسأل صراحة هل تعترف أميركا بحدود الرابع من يونيو عام 1967 كحدود نهائية لإسرائيل، فرد كيسنجر بأن أميركا تؤيد تنفيذ القرار 242 والتوصل إلى حل توافق عليه كل الأطراف لكنها لم تفرض هذا الحل وعلى العرب أن يقرروا إن كانت الحرب أم الجهود الدبلوماسية هي الوسيلة الأنسب لتحقيق أهدافهم. دخلت الأطراف كافة إلى تلك المتاهات. البعض ذهب بإختياره، البعض الآخر دفع دفعاً، كما كان هناك من وضع قواعد اللعبة بأسرها.تحكي الوثائق كيف دارت المتاهات كيف لعب كل طرف دوره، من هنا خرجت الإشارات الأولى التي تحدد مسارات التسوية. كان جورج بروان وزير الخارجية البريطاني داخل مكتبه يضع اللمسات الأخيرة على تقرير بعنوان المواقف العربية والمصالح البريطانية في الشرق الاوسط، قبل أن يرفعه إلى مجلس الوزراء في السابع من يوليو تموز عام 1967 أي بعد شهر واحد بعد الهزيمة المريرة في يونيو من العام نفسه.

لندن وإستراتيجية التنصل

يحفظ الأرشيف البريطاني وثيقة الوزير بروان حيث كتب قائلاً: لقد برهنت إسرائيل الآن على قدرتها بجهدها المنفرد على تأمين وجودها ليس بوسعنا القيام بشيء يحسن المركز الإسرائيلي أكثر من هذا، كما أن ما نفعله لن يؤثر جوهرياً في فرص التسوية السلمية، يعود بروان مجدداً للحديث عن الموقف حينها ليقول بالنظر إلى إظهار الإسرائيليين قدرة لافتة على الدفاع عن أنفسهم بدون دعم منا فإن أفضل سياسة لنا ستكون التنصل قدر الإمكان من هذا النزاع لن نستطيع التنصل التام وخاصة من النقاش تحت مظلة الأمم المتحدة.

فواز جرجس/ رئيس مؤسسة أندريفور لدراسات الشرق الأوسط:

أعتقد أن الفكرة كانت أن تبقى بريطانيا على أكبر مسافة يمكن الحفاظ عليها من إسرائيل بحيث لا تضر المصالح البريطانية في العالم العربي، إنه موقف بديهي إن إسرائيل قوية ويمكنها أن تدافع عن نفسها، فلماذا تربط بريطانيا نفسها بإسرائيل إذن.. كانت الفكرة هي الحفاظ على المسافة مسافة بعيدة نوعاً ما من إسرائيل حتى لا ينظر العالم العربي إلى بريطانيا كحليف إستراتيجي لإسرائيل إنه موقف بديهي جداً مبنيٌ على سياسة حقيقية وقائمة على المصالح البريطانية أولاً.

عماد همام:

في مقر الأمم المتحدة دارت نقاشات مطولة لحل الأزمة الدولية كان لبريطانيا الدور الأبرز.

حسن عيسى/ الرئيس السابق للمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط:

في شهر نوفمبر 1967 بدأت في الأمم المتحدة التحركات لإصدار قرار لإصلاح ما تم نتيجة العدوان الإسرائيلي سنة 1967، ولكن الذي حمل لواء إصدار القرار المتعلق بنتائج حرب 67 كانت بريطانيا وكان اللورد كارادون هو المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة واللورد كارادون أخذ على عاتقه صياغة هذا القرار.

عماد همام:

النبش في ذاكرة الأرشيف يوضح لعبة الأدوار بين الأطراف كافة تأتي الوثيقة الأميركية المرسلة من البعثة الأميركية في الأمم المتحدة إلى وزير الخارجية دين راسك والتي توضح أن البريطانيين شعروا خلال اليوم أو اليومين الماضيين بأنه لا مسودة للقرار الأميركي ولا الهندي تملك فرصة للنجاح في مجلس الأمن لا بسبب فحواها وإنما بسبب ظروف مجلس الأمن وولاءات الأطراف المعنية وعواطفها، وعلى هذا استحسن البريطانيون الإحتفاظ بموقف مستقل لا يلزم المملكة المتحدة بنص معين ويترك السبيل مفتوحاً للتقدم بخطوة أو حل وسط مفيد.

فواز جرجس:

أعتقد أنه إذا كان هناك صفة مميزة واحدة بعينها للقرار 242 فهي صفة الغموض وما حاول البريطانيون القيام به هو اللعب على هذا الغموض والحفاظ على القرار غامضاً إلى أبعد وقت ممكن حتى يتمكنوا من بيعها للطرفين على حد سواء، وبهذا تكون بريطانيا قد لعبت دوراً محوريا بأنها وضعت صياغة القرار 242 بأكبر حد ممكن من الغموض.

د.روز ماري هوليس/ أستاذ في السياسة الدولية – جامعة سيتي لندن:

صياغة القرار 242 كانت تتطلب بناء جسر بين الموقف السوفياتي والموقف الأميركي في مجلس الأمن الدولي وبين الموقف الإسرائيلي والموقف العربي. لقد جاء البريطانيون أخيراً بصيغ كانت بالنهاية مقبولة لجميع اللاعبين الرئيسيين.

عماد همام:

يوم الخميس الثالث والعشرون من نوفمبر تشرين الثاني عام 1967 وداخل هذا المبنى قرر جورج بروان وزير الخارجية البريطاني أن مناقشة الصراع العربي الإسرائيلي في مجلس الأمن أُختتمت بنجاح إذ تم بالإجماع في الثاني والعشرين من نوفمبر تبني قرار بريطاني ينص على إنسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة وإنهاء الأعمال الحربية وضمان حرية الملاحة في المياه الدولية وإرسال مبعوث خاص يمثل الأمين العام إلى الشرق الأوسط مكلفاً بالمساعدة في تحقيق تسوية سلمية.

د.هيليل كوهين/ باحث في العلاقات العربية الإسرائيلية:

فيما يتعلق في القرار 242 على وجه الخصوص فقد صيغ بطريقة معينة ليعطي إسرائيل مساحة كبيرة للمناورة أو مساحة للتفسير أو إساءة تفسير النية الواضحة التي قُدمت من الدول الأخرى.

إدوارد بيك/ مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية – إدارة نيكسون:

وهذا بالضبط ما كان مقصوداً أصرت إسرائيل على أنه ما دامت لم تذكر جميع الأراضي فليس من الضروري أن تنسحب من جميع المناطق، هناك من يقول نعم لكن القرار يقول إن أخذ الأراضي بالقوة غير مقبول، لذلك كما ترى فإنه ترك من المشكلات عدداً كبيرا يمثل عدد تلك التي حاول حلها.

حسن عيسى:

هذا القرار رغم بأه العيب اللي فيه إلا أنه أبرز قاعدة قانونية في القانون الدولي هامة للغاية وهي عدم جواز إحتلال أراضي الغير بالقوة، ودا اللي جعل بأه الولايات المتحدة يعني في قصر غولدبرغ إنه يتناول هذا الموضوع بالدعم عندما كان يتكلم عن ضرورة إنسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، هو كان يتكلم عن تنفيذ هذا القرار قرار242.

عماد همام: حصل القرار على تأييد الأعضاء الخمسة عشرة جميعا علاوة على موافقة الدول العربية وإسرائيل، الطريق الآن مفتوح أمام مبعوث الأمين العام الذي سيكون على الأرجح السيد جونار يارينج الدبلوماسي السويدي لذهابه إلى الشرق الأوسط.

د.روز ماري هوليس

: ومع مرور الوقت هم يحتاجون إلى إجتذاب المصريين والأردنيين على الأقل إلى صفهم وإن كان عليهم أن ينظروا من بعد إلى الموقف الإسرائيلي من أجل التأكد من أنها حصلت على ما تحتاج إليه من الأميركيين.

عماد همام:

دارت السنين في أعقاب حرب أكتوبر جاءت الخطوات الأولى لرحلة التسوية في إتفاقيات فض الإشتباك، تشرح الوثائق البريطانية كيف استمر تملصهم من المسؤوليات المباشرة مع الإحتفاظ بالدور المرسوم لهم، مرة أخرى وفي إجتماع مجلس الوزراء في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني عام 1974 قام وزير الخارجية ألن دوغلاس هيوم بإبلاغ الحاضرين أن مباحثات كيسنجر مع الرئيس السادات في القاهرة أشارت أيضاً إلى إتفاقهما على عقد مؤتمر للسلام خلال عشرة إلى خمسة عشر يوماً وقد علمنا من المصريين أنهم يحبذون مؤتمرا أوسع نطاقاً حيث أنهم لا يريدون أن يكون الإتحاد السوفيتي مستشارهم الوحيد ومع ذلك فنحن لا ننصح في الوقت الحاضر بإشتراكنا نحن والفرنسيين في المؤتمر رغم إمكانية التطرق إلى هذا الإحتمال في وقت لاحق.

فواز جرجس: لا تريد بريطانيا المشاركة لأنها أدركت أن الأميركيين يريدون إستبعاد الجميع، الأميركيون يمسكون بجميع الأوراق، وبريطانيا لا تريد حقاً مضايقة أميركا نظراً للعلاقة الخاصة بينهما، ما حدث هو أن بريطانيا قالت منذ البداية لا شكرا.. نحن لا نريد المشاركة في هذه العملية تحديداً.

قيود الأيديولوجيا

عماد همام :

تنتقل الكاميرا بين المحطات التي كتبت فيها فصول قصة التسوية وأوهامها، في القاهرة جلس مين جرادوف السفير السوفيتي ليكتب رسالته إلى وزير الخارجية أندرية جروميكو قائلاً: حاول الأميركيون وبجهد محموم خلق إنطباع بأن التسوية السياسية للشرق الأوسط لا تكون إلا عن طريق واشنطن وأن الحكومات العربية والأمم المتحدة لا تستطيع شيئاً إتجاه إسرائيل.

ماريانا بيلينكايا/ محللة سياسية لوكالة أنباء نوفوستي- موسكو:

لقد تم تسجيل نجاحات معينة في القرارين 242 و338 اللذين يعتبران من القرارات المهمة في الصراع العربي الإسرائيلي ذلك أنهما يعكسان الموقف الذي إتخذته موسكو على مدى سنوات طويلة، لا شك أن القرارات ليست مثالية لكن الوصول إلى درجة مثالية في تلك المرحلة كان صعب المنال.

عماد همام:

في موسكو جلس القادة لتسجيل ملاحظاتهم على اللقاءات المتتابعة مع الأميركيين، في التاسع عشر من ديسمبر كانون الأول عام 1968 أرسلت من هنا عبر السيد شيريل ياكوف القائم بالأعمال السوفيتي في واشنطن مذكرة تضمنت تلك الملاحظات حيث يذكر القادة كيف لاحظت الحكومة السوفيتية بإرتياح التصريحات الأميركية التي تفيد بأن إسرائيل تضع إتفاقات الهدنة الموقعة عام 1949 أساساً لمسألة الحدود الأمر الذي يعني عدم وجود أطماع لديها في أراضي الدول العربية ثم ينصحون بنقل هذا المبدأ إلى العرب لتسهيل التوافق على السلام.

ماريانا بيلينكايا

: إن هذا لا يعني بالطبع أن الإتحاد السوفيتي كان مقتنعاً بصدق تلك التصريحات ولم ينخدع بأن هناك المزيد من الحروب والإعتداءات في منطقة الشرق الأوسط فقط كان يراقب ما يجري وكان على علم تام بالإستعدادات التي تجري في إسرائيل وكميات ونوعيات السلاح الذي كانت تحصل عليه من الولايات المتحدة الأميركية، وفي هذا الإطار كان الإتحاد السوفيتي بصدق، ينظر بقلق بالغ إلى حمى التسلح التي تعتري المنطقة وكان يدعو لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح بالكامل.

إدوارد بيك

:هذه هي لعبة الحرب الباردة الشيء المثير للإهتمام هو أنه لم يكن أحد يفعل ما يفعله الأشخاص المعنيون ولم يكن هناك من لديه أية فكرة حقيقية عن الطريقة التي ستمضي بها الأمور بعد عشرة سنوات أو عشرين أو حتى بعد أسبوعين لذلك فأنت ترى أن ما تفعله هو الشيء الصحيح في الوقت الراهن وتتمنى أن يكون هو الشيء الصحيح ولكن بلا أي ضمان أنه كان حقاً الشيء الذي يجب أن تفعله.

الأرشيف الأميركي

عماد همام:

عام 1969 جاءت الإنتخابات الرئاسية بريتشارد ديكسون إلى البيت الأبيض. قام بتشكيل مجموعة وزارية مشتركة وطلب منها إعداد ملف شامل يتناول المصالح الأميركية الأساسية في الشرق الأوسط، وأكّدوا فيه وجود آراء تؤكد أن منطقة شرق العالم العربي وإسرائيل تتمتع بالأهمية بسبب بترولها وأهميته للغرب، وضرورة عدم خضوعه للنفوذ السوفيتي ووجود إلتزام أميركي تجاه إسرائيل. على كل حال، وهدف سياستنا هو خدمة الأمرين معاً. وصلت نسخة من التقرير إلى عدد من رجال الإدارة الأميركية، جوزيف سيسكو مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا كان من بينهم، إذ علق عليه قائلاً: ستمضي تحركات حافة الهاوية السوفيتية إلى أبعد مدىً يمكنها الوصول إليه بدون الوقوع في مواجهة مباشرة معنا، أظنهم يريدون تجنبها بقدر ما نريده، وأنا أُدرك أن الإستراتيجية التي يتبعها السوفييت سياسية في المقام الأول وليست عسكرية، لكنني مقتنع بأن إستراتجيتنا كي تكون لها فعالية سياسية ينبغي أن تمتلك أسناناً عسكرية كافية لإكسابها المصداقية.

ماريانا بيلينكايا:

لقد كان ما تحدث عنه سيسكو يدور حول ضرورة زيادة التعاون والتنسيق مع الإتحاد السوفيتي، ولكن دون التخلي عن دور الولايات المتحدة كطرف أسياسي ومحوري في الأحداث. وهذا راجع إلى أن حجم الثقة المتبادلة بين الجانبين لم يكن على المستوى المطلوب، أو بالدرجة الكافية التي تدعم التعاون، لذا كان ذلك التعاون ممزوجاً بقدر لا بأس به من الندية والتنافس على النفوذ.

ادوارد بيك:

لم تكن الحرب الباردة صراعاً عسكرياً بل صراعاً سياسياً بالتأكيد، وأنه كان على علم بأن الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة لا يرغبان في خوض حرب فيما بينهما، لكنهما يرغبان في الإنخراط في أي أنشطة سياسية يمكن أن تؤثر على مصالحهما المتقدمة.

عماد همام:

كانت أجواء الحرب الباردة تخلق عوامل أخرى تزيد من تعقيدات الموقف السوفيتي. في السابع عشر من ديسمبر كانون الأول عام 1969 تسلمت السفارة الأميركية هنا رسالة وزير الخارجية وليم روجرز التي تتضمن تقييماً للسياسة السوفيتية تجاه الشرق الأوسط، جاء فيها: لم يطرأ تحول جوهري على سياسة السوفييت في الشرق الأوسط، وما زال لها هدفان رئيسان هما: الحفاظ على صداقة الأنظمة الموالية وعلى رأسها نظام ناصر وتجنب المواجهة المباشرة مع أميركا في المنطقة.

دكتور جمال سلامة/ رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس

: من الظلم أن نقارن بين الموقف السوفيتي.. العلاقة السوفيتية العربية وبين العلاقة الأميركية الإسرائيلية. العلاقة السوفيتية العربية هي علاقة تكتيكية آنية قصيرة الأجل، السوفييت يريدون فقط مناطق نفوذ ليس لديهم هذه الرؤى. لكن العلاقة الأميركية الإسرائيلية تختلف تماماً، الولايات المتحدة دولة حاضنة للمشروع الصهيوني.

ماريانا بيلينكايا:

كنا دوماً على إستعداد للمساعدة بالمال والسلاح والخبرة، ولكن لم تكن الأمور لتخلو من صعوبات، منها أن الحكومات الصاعدة لم تكن في أحيان كثيرة مناصرة للفكر الشيوعي، وحتى في داخل تلك الدول كانت توجد علاقة حادة مع الأحزاب الشيوعية، وهو ما أوجد صعوبات وتباطؤاً في تطور علاقات موسكو بهذه الأنظمة فالإتحاد السوفيتي كانت تحركه الأيديولوجيات أكثر مما تحركه المصالح.

عماد همام:

آنذاك جاءت الوثائق لتوضح كيف كان روجرز يحلل بدقة السياسات السوفيتية حين يذكر فيما يتعلق بتوريد السلاح، ستحاول موسكو تعويض خسائر العرب في حرب عام 1967، لكنها لن تخاطر بإعطائهم أسلحة تخل جدياً بميزان القوة الحالي في المنطقة. أما بخصوص التسوية السلمية لم تبذل موسكو جهوداً كبيرة لإقناع أصدقائها العرب بها، مما قد يدل إما على عدم إقتناع موسكو بفائدة التسوية لمصالحها أو على إختلاف رؤيتها لما قد يقبله العرب والإسرائيليون عن رؤيتنا. هكذا كبّل السوفييت أنفسهم بقيود الأيديولوجيا، ولكن ماذا عن الرؤية الإسرائيلية للعملية السلمية.

الهموم الإسرائيلية

عماد همام:

يذكر التاريخ أنه في خلال الدورة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي إنعقدت في يوليو تموز عام 1967 كان آرثر بول بيرغ المندوب الأميركي في الأمم المتحدة قد توصل مع نظيره السوفيتي اناتولي دوبرنين إلى مشروع قرار يؤكد عدم جواز غزو الأراضي بواسطة الحرب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ويطلب من كل أطراف النزاع القيام بدون تأخير بسحب قواتها من الأراضي التي تم إحتلالها بعد الرابع من يوليو حزيران، لكن الولايات المتحدة سرعان ما سحبت موافقتها على هذا المشروع.

ماريانا بيلينكايا:

بعد الإتفاق الأولي وجدنا أن الولايات المتحدة قد إتخذت موقفاً مغايراً تماماً وهذا يرجع بالطبع كنتيجة للضغط الإسرائيلي، فقد كانت حملات الإنتخابات الرئاسية الأميركية على وشك الإنطلاق واللوبي الإسرائيلي له تأثير كبير على سيرها كما نعلم.

عماد همام:

من أجل تفسير سر ذلك التغير في الموقف الأميركي، كانت الزيارات تتوالى إلى أرشيفهم، إنها المذكرة التي رُفعت في الرابع من أكتوبر تشرين الأول عام 1967 إلى الرئيس جونسون من مستشاره لشؤون الأمن القومي والت روستو الذي ينقل عن الإسرائيليين أنهم يتعرضون بشدة على مسودة القرار الأميركي السوفيتي، لأنهم يعتقدون أن السوفييت والعرب سيقرأون فيها طلباً بالعودة إلى حدود الرابع من يونيو مما لا يمنحهم مجالاً للتفاوض على الحدود المعقولة الآمنة، نحن لا نريد الوقوع في مأزق إرغام إسرائيل على العودة إلى حدود الرابع من يونيو كمسألة مبدأ، بيد أننا سنضطر على الأرجح إلى العمل إنطلاقاً من مسودة يوليو. وهكذا إنتصرت الرؤيا الإسرائيلية.

[فاصل إعلاني]

عماد همام:

إنها الحدود الأطول بين أية دولة عربية وبين المساحة التي تحتلها إسرائيل حينها، لطالما كانت الأردن رقماً مغايراً في المعادلة السياسية للمنطقة بأسرها. يقدم الأرشيف الأميركي رؤيتهم للدور الأردني، وكيف تُمنح الحقوق لأصحابها .

الأردن حدود آمنة لإسرائيل

في الحادي عشر من يوليو تموز عام 1972 قام هارولد سوندرز مساعد كيسنجر في مجلس الأمن القومي بإعداد مذكرة جاء فيها: الملك حسين رجل عاقل ويستحق إستعادة معظم أراضيه، على إسرائيل أن تعيد معظم الأراضي التي إحتلتها لكنها تستحق طمأنةً أمنية والأرجح أن يشمل أي ترتيب مزمع منطقة منزوعة السلاح.

إدوارد بيك:

إنها بلد صغير وليست دولة قوية ولا تمثل تهديداً لأحد ولذلك كانت هناك وما زالت علاقة خاصة جداً مع تلك المجموعة اللطيفة من البدو كما يمكنك أن تقول.أي بلد مثل الأردن حيث تعداد السكان ليس بالكثير، وحيث يشيع عدم إتساع وعمق المعرفة والفهم لبقية العالم سيكون بلداً مفضلاً لمن يفهم هذا، لأن الملك مقدام قليلاً، إنه رجل لطيف يدير بلداً جميلاً ومسالماً وديمقراطياً نسبياً، إضافة إلى ذلك فهو ليس ديكتاتوراً، ويبدو كرجل لديه بلد يستطيع الجميع التعامل معه بطريقة معقولة ورشيدة على عكس بلدان أخرى. أعتقد أنه من الطبيعي القول أن الأميركيين يؤمنون بأن الأردنيين مثلهم بشكل أو بآخر.

عماد همام:

خلال وجوده في نيويورك لإلقاء خطاب العرب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الثامن من نوفمبر تشرين الثاني 1967 ألتقى الملك حسين الرئيس الرئيس ليندون جونسون في واشنطن. تركز النقاش على القرار الأميركي المعروض على مجلس الأمن، وإلحاح الرئيس على الملك حتى يؤيد القرار الأميركي، وأشار إلى أنه يمثل حلاً وسطاً، فحكومة إسرائيل غير راضية عن النص ولا العرب راضون عنه ، من الصعب صوغ قرار يُرضي الطرفين. لكن من الضروري أن يقبل الطرفان القرار إذا كان له أن يُنفذ. عبّر الرئيس عن أمله في أن يحاول الأردنيون إقناع الجمهورية العربية المتحدة بالموافقة أيضاً، ستستخدم الولايات المتحدة نفوذها لتحقيق تسوية غير أن علينا أن نتحرك خطوة بخطوة، وعلى الملك أن يفهم أن لنا مشاكلنا نحن أيضاً.

ادوارد بيك:

لم يكن الملك عميلاً لنا قط، لكنه كثيراً ما وقف معنا في القضايا التي نراها على قدر من الأهمية، وإبنه يسير إلى حد كبير على الوتيرة نفسها.

عماد همام:

يوم الثلاثين من ديسمبر كانون الأول عام 1968، تلقى وزير الخارجية الأميركي دين راسك رسالة من سيمز سفيره في عمّان الذي إلتقى الملك حسين وفتح معه موضوع العلاقات السرية الإسرائيلية الأردنية وكتب إلى راسك يقول: أعرب الملك حسين بصدق أن قنوات الإتصال مع إسرائيل لا تزال مفتوحة إذا ما أردات إسرائيل إستغلالها مؤكداً أن الأمر متروك لها وأنه لن يستطيع تقديم المزيد إلا عندما تكون إسرائيل أكثر صراحة.

هيليل كوهين:

الأردن تحت حكم الملك حسين قد أدى دوراً خاصاً جداً، لو أن السياسة الخارجية تعارضت مع أهداف إسرائيل في المنطقة في حالة حدوث أي تعارض في المصالح، الولايات المتحدة تستخدم إسرائيل لتحقيق الأهداف ذاتها، فإن الولايات المتحدة ستنحاز بالتأكيد إلى إسرائيل.

عماد همام:

على الجبهة الأردنية كانت هناك قوىً أخرى تعرقل الدخول إلى متاهات التسوية. في القاهرة وفي العاشر من نوفمبر تشرين الثاني 1969، دعى مجلس الدفاع العربي إلى عقد قمة عربية في الرباط. في قمة الرباط بدأ الملوك والرؤساء في بحث موضوع الدعم اللازم لدول المواجهة سواء بالمال أو السلاح، تقدمت وفود عدة بمقترحات مختلفة واستمرت المناقشات، وعندما طالت وقف عبد الناصر وغادر قاعة الإجتماع وبخروجه إنفض المؤتمر بدون أن تصدر عنه قرارات.

دكتور جمال سلامة:

بالنسبة لقمة الرباط عام 69 كان هناك على جدول الأعمال مطروح موضوعين: الموضوع الأساسي هو دعم الصمود العربي والخروج بمشروع داعم لكيفية إستعادة الأرض التي يعني تم احتلالها في عام 67 وكان الموضوع الآخر هو موضوع يعني ليس وليد أيضاً الساعة وهو موضوع تصاعد القتال على الجبهة الأردنية بين الفلسطينيين وبين القوات الأردنية نتيجة لإختلاف الرؤى كان هناك حديث في السابق عن مثلما نتحدث الآن عن نظم معتدلة ونظم ممانعة ..

عماد همام:

يوضح الأرشيف الأميركي كيف كانت عيونهم ترصد وتحلل، تكشف وثائقهم أين تكمن المخاوف، بعد انفضاض مؤتمر الرباط كتب جوزيف سيسكو مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى إلى الوزير وليام روجرز ملخصاً ردود الأفعال العربية في أنه فرح الأردنيون بتحييد الأصوات المنادية في الحرب بالقمة وأبدوا خيبة الأمل حيال انتهاء المؤتمر بدون تعهدات مالية لهم، لم يجد المتشددون سوريا والعراق واليمن الجنوبي آذناً صاغيةً لنبذ الحل السياسي واستئناف الصراع المسلح لتحرير فلسطين بالكامل، كانت منظمة التحرير فتح أكبر مستفيد من القمة وقد غادرها ياسر عرفات بوعود مالية قدرها ستة وثلاثون مليون دولار وتعهدات بالسلاح، رغم تشفي الصحافة الإسرائيلية في انقسام العرب وعجز ناصر عن توحيدهم، فإن المكاسب التي حققها الفدائيون لا تصب في صالح إسرائيل.

هيليل كوهين:

يقول محرر العبيد الشهير في الولايات المتحدة الأميركية فريدريك دوغلاس السلطة لا تتنازل عن شيءٍ دون مطالبة و المطالبة ستكون جوفاء من دون قوةٍ تقف وراءها، والقوة في هذه الحالة لا يمكن أن تكون إلا المقاومة الفلسطينية فقط إضافةً إلى تضامن الشعوب في جميع أنحاء العالم مع هذه المقاومة ولذلك فالعدو الحقيقي من وجهة نظر الولايات المتحدة وإسرائيل هو المقاومة.

عماد همام:

بعد انتهاء القمة بثلاثة أيام كتب هنري كيسنجر للرئيس نيكسون تحت عنوان لافت: تحركات لدعم العرب المعتدلين قبل القمة العربية، يقول كيسنجر: لقد تم اتخاذ خطواتٍ عدة بعضها مألوف لديكم أولى شحنات معدات الدفاع الداخلي وهي ثلاثة آلاف بندقية من طراز م 14 وغيرها كقيمة إجمالية تصل إلى 1.5 مليون دولار نقلت جواً إلى الأردن.

ادوارد بيك:

كان الأردن يواجه مشكلاتٍ من جراء العدد الكبير للسكان الفلسطينيين فيها والجهود التي كانت تبذلها منظمة التحرير الفلسطينية لزرع نفسها هناك، لذلك أرسلت الولايات المتحدة بعض الأسلحة إلى الأردن وبالطبع ليس لإستخدامها ضد إسرائيل لأنه من غير المتصور أن تقرر الحكومة الأردنية الذهاب إلى محاربة إسرائيل إن وضعت في الحسبان التفاوت بين القوتين لهذا فإن تلك الأسلحة كانت للإستخدام الداخلي أكثر من أي شيء آخر.

الراديكاليون والفدائيون قرار بالإزالة

عماد همام: هنا تم النقاش حول العائق الأكبر ضد الدخول إلى متاهات التسوية. في الحادي عشر من يوليو تموز عام 1972 قام هارولد سوندرز مساعد كيسنجير في مجلس الأمن القومي بإعداد ورقة تلخص جولةً كان وزير الخارجية وليام رودجرز قد زار خلالها الكويت، أهم ما جاء فيها أن الكويت لا يؤيد قرار مجلس الأمن رقم 242 لأنه ضد المصالح العربية وسوف يستمر في تأييد الفدائيين، على إسرائيل الإنسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة والكويت مستعد لقبول أي شيء يتفق عليه الفلسطينيون بما فيه استمرار المقاومة المسلحة، في ختام تقريره عن جولة الكويت كتب مساعد كيسنجر بما يثير علامات استفهام كثيرة، يقول إن وزير الخارجية الأميركية التزم في مباحثاته كافة بأن أميركا ستظل تعمل للوصول إلى تسوية على أساس القرار 242 ، المشكلة هي إختلاف تأويل الطرفين له، مصر تطالب بانسحاب تام وتصر إسرائيل على حدود آمنة وأميركا تتفهم الموقف العربي لكنها لا تستطيع إملاء تصرفٍ معين على إسرائيل. المباحثات هي الحل ولا يلزم أن تكون مباشرة.

إدوارد بيك:

تلك هي الديمقراطية والديمقراطية هي قدرة الشعب على التعبير عن رغباته و مصالحه لقادة البلاد مع توقع أن هؤلاء القادة سوف يعملون من أجل تحقيق هذه الرغبات والمصالح، هناك لوبي قوي جداً في هذا البلد لذا فالولايات المتحدة الأميركية غير قادرة كحكومة على فعل أي شيء للضغط على إسرائيل لأن الحزبين السياسيين وأعضائهما في الكونغرس لن يسمحوا بذلك.

هيليل كوهين:

إذا أرادت الولايات المتحدة أن تفرض السلام على أي دولةٍ فإنها تقطع عنها المساعدات أو تفرض عليها عقوبات لكن مع إسرائيل لم يحدث شيء من ذلك ولهذا يتساءل المرء هل تريد واشنطن السلام فعلاً، وإذا أرادته فأي نوع من السلام.

عماد همام:

وهنا كانت بعض السياسات ترسم، تكشف الأوراق عن أقصى ما كان يواجهه الأميركيون من أمور، في 23 من أبريل نيسان عام 1969 بعث وزير الخارجية الأميركي وليام رودجرز ببرقية تعليماتٍ إلى كل سفرائه لدى كلٍ من السعودية، الكويت وليبيا موضحاً أن وزارة الخارجية الأميركية لا تزال قلقة من إستمرار الدعم المالي العربي للمنظمات الفدائية وأبرزها فتح، أوضح روجرز أن الولايات المتحدة تعتبر الفدائيين عقبةً واضحة أمام السلام في المنطقة.

إدوارد بيك:

أعتقد أن أي من الأمريكيين الذين هم على دراية نسبية بالوضع في إٍسرائيل وفلسطين سيعترفون بأننا لسنا حياديين في تعاملنا مع الطرفين، نظرتنا إلى الأسرائيليين تختلف كثيراً عن نظرتنا إلى الفلسطينيين، إذا فعل الفلسطينييون شيئاً فظيعاً فسنراه فظيعاً بالفعل، أما إن فعل الإسرائيليون شيئاً مماثلاً فسنراه شيئاً سيئاً جداً ولكن ليس فظيعاً.

هيليل كوهين:

الفرق بالطبع مع المستوطنين المسلحيين هو الفرق بين الظالم والمظلوم، المستوطنون المسلحون هم حد السكين العالق في قلب الشعب الفلسطيني، هناك محاولات لتفريق أي مظهر لأي قدرة على الحصول على أرضٍ متجاورة وبسط السيادة على تلك الأراضي وزرع عناصر من الأعداء هذه المحاولات تأتي من أشخاصٍ يلتزمون حقاً بتدمير الشعب الفلسطيني ولديهم أيدولوجيات علنية عما يسمونه العبور وهو مصطلح يعني التطهير العرقي وطرد الشعب الفلسطيني من كل فلسطين تاريخياً..

مصر ومفتاح الحل

عماد همام:

ملفات المخابرات أكثر صراحة، تعرض وثائقهم ترتيبات فرض الواقع الجديد الذي سهل الدخول الى المتاهات. في الأول من يونيو حزيران عام 1967 وقبل الهزيمة الكارثية كان الجنرال مائير آميت مدير المخابرات الإسرائيلية في واشنطن حيث اجتمع مع نظيره الأميركي ريتشارد هولمز في مكتبه، في اليوم التالي تلقى الرئيس الأميركي لندن جونسون مذكرة من هولمز تلخض مداراً كان أبرز ما جاء فيها أن آميت كرر أن إسرائيل لا تريد شيئاً من أميركا عدا الإستمرار في توريد الأسلحة المتفق عليها وتوفير الدعم الدبلوماسي ومنع الإتحاد السوفيتي من دخول الحلبة وبيّن أنهم يمتلكون كل ما يحتاجون إليه.

إدوارد بيك:

في حرب عام 67 واصلت الولايات المتحدة توريد الأسلحة إلى إسرائيل، واصلت حماية إسرائيل من الناحية السياسية فعلت كل ما في وسعها لضمان عدم خسارة إسرائيل في الحرب وكما تذكر فإن إسرائيل لم تخسر الحرب، الآن هل هذه الأفعال تتساوى وتشكل أعمال حرب لا لأن هناك أناساً قاموا بمساعدة العرب على الجانب الآخر ولم يتهموا بارتكاب أعمال الحروب مثل إرسال أسلحة ومعدات من الإتحاد السوفيتي على سبيل المثال وكذلك من فرنسا والمملكة المتحدة وغيرها ..

حسن عيسى:

إذا ما قارنا ما بين الدعم الأميركي لإسرائيل والدعم السوفيتي للدول العربية ولمصر بالذات يعني كما هو معروف أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل دعماً مطلقاً كاملاً وبلا حدود وإلى الآن يعني هذا ليس بجديد.

عماد همام:

مع مذكرته حول تفاصيل ما دار في إجتماعه مع الجنرال آميت أرفق ريتشارد هولمز ورقة حول آراء رئيس الموساد في ما سماه بأزمة الشرق الأوسط حيث أوضح نواياه كافة حين ذكر أن نجاح ناصر في التلاعب بأزمة الشرق الأوسط الحالية سيؤدي إذا ترك دون مقاومة إلى ضياع المنطقة من الولايات المتحدة، سيكون خطأ من جانب أميركا وإسرائيل أن تعاملا المرور من مضيق إيران على أنه القضية الحقيقية فهو مجرد ذريعة لتحرك ناصر نحو الهيمنة على الشرق الأوسط ولدى الولايات المتحدة في إسرائيل أناس يمكنها الإعتماد عليهم.

هيليل كوهين:

الوثائق التي تسجل إجتماعات وكالة المخابرات تظهر أن إسرائيل طلبت الإذن من الولايات المتحدة لشن الهجوم وحصلت على ضمانات منها بأنها سوف تدعمها من وراء الكواليس عن طريق توفير الأسلحة العسكرية، سواء قبل الغزو أو خلال الهجمات ضد بلدان أخرى إضافةً إلى الدعم الدبلوماسي.

عماد همام:

بعد تلك المشاهد لسنوات ثلاث وفي الخامس من يونيو حزيران عام 1970 دعا الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون مجلسه الإستشاري للإستخبارات الخارجية إلى إجتماعٍ إلتأم في البيت الأبيض منتصف نهار ذلك اليوم، خلال الإجتماع لخص نيكسون الوضع في الشرق الأوسط مؤكداً أن وصول قواتٍ مقاتلة سوفيتية إلى مصر قد يغير موازين القوة في المنطقة إلا أن التسوية السلمية وحدها ستحل المشكلة في النهاية، يكاد يكون مستحيلاً أن توجد تسوية ترضي الإسرائيليين والعرب معاً ويتوقف نجاح أية تسوية على مدى إستعداد كل طرفٍ لتقديم تنازلات مع ضرورة تدخل أميركا والإتحاد السوفيتي للضغط عليهما للقبول، بعد ذلك وافقت مصر والأردن ثم إسرائيل على مبادرة روجرز الشهيرة لوقف إطلاق النار بينهم.

د.جمال سلامة:

حينما نتحدث عن مبادرة روجرز أنا أظن يعني إسرائيل في مجملها يعني كانت مثل هذه الإتفاقية تعتبر بالنسبة لها تحصيل حاصل يعني إسرائيل تعودنا على أن تطرح القرارت وأن تصدر القرارات فلا غير من أن تقبل أو أن تقبل، أما بالنسبة للأردن الأردن كانت ليست لديها خيار يعني الأردن كانت تتبنى سياسة ما هذه السياسة يعني في ذلك الوقت تحاول أن تستعيد أمنها أو تحقق أمنها أو أن تحافظ على نظام الحكم في حد ذاته فرأت أن مثل هذه المبادرة يعني قد لا ضير من قبولها وهي تستطيع وهي تريد أن تقبل أكثر من ذلك كان هناك إتصال بشكل غير مباشر مع إسرائيل أو عبر الحكومة الأميركية أو حتى إتصال غير مباشر وهو ما كشف عنه بعد ذلك الملك حسين.

عماد همام:

سنوات مرت ووجوه تغيرت، في مطلع يوليو زار الملك فيصل القاهرة وتباحث مع الرئيس السادات ثم كتب لك بعدها خطاباً عن انطباعاته.. هكذا بدأ هنري كيسنجر مذكرة رفعها يوم السابع عشر من أغسطص آب عام 1971 الى الرئيس نيكسون يلخص فيها ما سماه بانطباعات الملك فيصل عن جناحي الحكم في مصر بعد ناصر قائلاً إن المجوعتين تلومان أميركا على صمتها في وجه التعنت الإسرائيلي وكلتاهما مقتنعة بأن إسرائيل لا تريد السلام والإستقرار الذي يناوئ سياستها التوسعية كلتاهما أيضاً مؤمنة بأن الولايات المتحدة إذا أرادت السلام حقاً فسوف تتمكن من تحقيقه إذا رفضت إسرائيل النصيحة الأميركية فبوسع أميركا حجب المعونة، يلاحظ الملك أن الولايات المتحدة حددت بوضوح موقفها من التسوية السلمية لكن الملك يتسائل ماذا فعلت أميركا لتنفيذ هذا الحل، ماذا تنتظر؟

إدوارد بيك:

من خلال محدثات الملك فيصل مع الدكتور كيسنجر أو أياً كان الرئيس آنذاك كان دائم الحث والمناشدة، لم يكن يستطيع الإصرار أو الطلب بحزم والناس لا تفعل ذلك على أي حالٍ في الدوائر الدبلوماسية.

هيليل كوهين:

لن تقبل الولايات المتحدة السلام إلا إذا كانت المقاومة قوية، إذا كانت معارضة الوجود الأميركي قويةً، إذا تمردت شعوب المنطقة كلها ضد هذه الهيمنة الأميركية وهذا سيناريو كابوسي ستعمل الولايات المتحدة على تجنبه مهما كانت التكلفة عسكرياً أو دبلوماسياً.

عماد همام:

مثلما هي العادة تعود الحكاية إلى النقطة نفسها مجدداً.