صورة عامة - الشريعة والحياة 4/12/2011
الشريعة والحياة

آفاق العمل السياسي الإسلامي بعد الثورات العربية

قال تعالى (عسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ). كيف سيعمل الإسلاميون في ظل الانتقال من حالة الاحتجاج إلى حالة الحكم؟

– مخاوف وفوبيا من صعود الإسلاميين إلى الحكم
– مستقبل التيار السلفي السياسي

– حقيقة الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين

– التيار الإسلامي والتيارات الأخرى في ميزان

– الإسلاميون وإدارة الملف الاقتصادي والاجتماعي

عثمان عثمان
عثمان عثمان
محمد حامد الأحمري
محمد حامد الأحمري


عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم على الهواء مباشرةً في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}[ الأعراف:129] ويقول عز من قائل {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14]، فرض الحراك الثوري العربي في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا الكثير من الجدل السياسي والفكري لأنه كشف عن أن الجسم الرئيس فيه والكبير هو من المتدينين المسلمين والإسلاميون الحركيون جزءٌ منه، سواءٌ كانوا حزبيين أم مستقلين وهم جميعاً يشكلون ما يسمى التيار الإسلامي، وهو ما يشكل شاغلٍ رئيسي الآن أكثر من أي وقتٍ مضى للسياسات الدولية وللأنظمة العربية أو ما تبقى منها وللتيارات الأخرى الفكرية والسياسية في منطقتنا العربية، فكيف سيعمل الإسلاميون في ظل الانتقال من حالة الاحتجاج إلى حالة الحكم، وكيف سيديرون التعددية الدينية والفكرية وهل ستساهم أجواء الحرية في تهميش التطرف الديني الذي انتعش في أجواء الاستبداد، آفاق العمل الإسلامي السياسي الإسلامي بعد الثورات العربية موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الدكتور محمد حامد الأحمري مدير منتدى العلاقات العربية والدولية في دولة قطر، مرحباً بكم فضيلة الدكتور.


محمد حامد الأحمري: أهلاً وسهلاً شكراً.


عثمان عثمان: من الواضح الآن أن هناك صعوداً واضحاً للإسلاميين لو تحدثنا عن تونس عن مصر الآن عن المغرب العربي، هناك صعود واضح لهؤلاء الإسلاميين في الانتخابات التي جرت كيف تفسرون هذا الصعود؟


محمد حامد الأحمري: تفسير هذا الصعود أولاً أن هناك مراحل وزمن طويل مورس ضد هذا الشعب وضد هذه الأمة في إبعادها عن هويتها وإبعادها عن ذاتها، وفسرت هذه الأمة أن مواقف الحكومات المستبدة كان موقفاً أيضاً ضد الإسلام، بحكم أنها ترى في الإسلام أنه مصدر حريتها مصدر عزتها لما وجدت هذا الانفراج رأت أن هذا الانفراج وهذا المستقبل لابد أن يكون إسلامياً ولابد أن الإسلام سيحررهم وبالتالي هم استخدموا الإسلام كوسيلة مقاومة وغير ذلك الإسلام راسخ في هذه الأمة في قناعاتها في خلفيتها أنه المنقذ لهم من الاستبداد منقذ لهم من الجور منقذ لهم من التمييز المالي، تميز الحكومات، تميز العصابات الحاكمة فرأوا في الإسلام حلاً هذه الشعوب المسلمة رأت في الإسلام حلاً أيضاً كان هناك نشاط حركي طويل على مدى سنوات طويلة جداً من أحزاب من جماعات من مشايخ من نشر إعلامي في الإعداد وإعادة الأمة إلى دينها، بعد هزيمة طويلة وبعض ضياع في أيديولوجيات مختلفة فهذا أيضاً من الأسباب أيضاً عامة الناس حقيقة يرون في الدين أنه هو المنقذ يرون في المتدين أنه صاحب أخلاق وأنه قد ينقذهم من هذا الأمر وليس بالضرورة هذا سيحدث ولكن هذه العقائد وهذه المواقف العامة من أجلها احتجت هذه الأمة وأيضاً هي تعود إلى ذاتها بعد هجرة طويلة وبعد طويل عن نفسها.


عثمان عثمان: هل تتوقعون استمرارا طويلاً للإسلاميين في الحكم بعد هذا الصعود؟


محمد حامد الأحمري: أولاً إذا جاءت الديمقراطية، فالديمقراطية بطبيعتها سريعة التحول، بمعنى أنه الناس يملون تحت النظام الديمقراطي من وجود أي حاكم مستمر أو أيديولوجية خانقة لهم لزمن طويل، فطبيعة الديمقراطية هي التغيير، هذا مبرر لأن يغير الناس بعد فترة، القضية الأخرى أن الناس ينظرون إلى المنجزات فإن أنجز الإسلاميون إلى الناس في المجتمع اقتصاديا سياسياً أمناً حريات فسيجددون لهم مستقبلهم، إن لم يلتزموا بالتجديد والإصلاح في هذا المجتمع فهم سيتركونهم أذكر قابلت مرة في تركيا كان السائق سائق التاكسي تركي علماني وكان ضد الحكومة التركية القائمة فكان يسبهم باستمرار أنهم متشددين ومتدينين الخ، فقلت له هل ستصوت لهم قال نعم سأصوت لهم لماذا قال الاقتصاد ثم هم وضعونا على خارطة العالم، هذه المجتمعات ستصوت لهم مرة أخرى وستختارهم مرة أخرى متى الشعوب ما أثبتوا للشعوب أنهم قادرون على الإصلاح قادرون على التحسن الاقتصادي على نهضة المجتمع وإنقاذه من المفاسد الموجودة، وإلا سيختارون غيرهم في جولةٍ أخرى.

مخاوف وفوبيا من صعود الإسلاميين إلى الحكم


عثمان عثمان: هل يملك الإسلاميون مشروعاً سياسياً اقتصاديا اجتماعيا للتغيير والإصلاح سنناقش هذه المسألة طبعاً في مرحلة لاحقة ولكن الآن نلاحظ حالة استهجان حالة خوف نسميها إسلام وفوبيا من البعض باتجاه هذا الفوز الإسلامي لماذا الأزمة السياسية مع الإسلاميين دون غيرهم؟


محمد حامد الأحمري: الأزمة الإسلامية مع الإسلاميين هناك مناطق وقوى غربية تحكمت في إعلام العالم وحذرت من الإسلاميين وبالتالي أعطت رصيد من الترويع مخيف جداً للمجتمعات، السبب الآخر أنهم لم يجربوا في الميدان عملياً أيضاً هناك مجموعات وأصوات متطرفة تروع الناس بأن إذا كان الإسلام سيأتي يقطع الأيدي وسيقيم الحدود وكأن الإسلام هذه القضية، مع أن الحدود في الإسلام حقيقةً غايتها هو الردع، الردع عن الجريمة وليس غايتها أن تثبت وأن تقيم الحد على الشخص ذاته.


عثمان عثمان: ولكن هناك من يتكلم بهذا المنطق الآن؟


محمد حامد الأحمري: صحيح ولكن أنظر مثلاً حتى الآية {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}[ النور:2] المقصود هو حذر الجماعة المسلمة حذر المجتمع من هذه المفاسد وليس المقصود إيقاع العقاب على الفرد حتى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يقيموا الحد على فرد ثم هرب تركوه، إذن فالمقصود هو إبعاد الناس عن الخطأ وليس المقصود إيقاع الحدود على الأفراد إنما وللأسف الإسلاميون في العصر الحديث تمسكوا بهذا الشعار وغالوا فيه وحذروا الناس وخوفوهم من الإسلام وقاموا بأعمال حقيقيةً مروعة هذه ليست صورة الإسلام الصحيحة ولذلك إذا تجد في تاريخ الإسلام تجد أنها أحداث قليلة جداً التي أقيمت فيها الحدود لما يردع عن الجريمة ويقيم السلم الاجتماعي، أما الذين يتاجرون بقضية الترويع والحدود فهم بعيدين ما زالوا بعيدين عن الإسلام يجدون أن هذا الترويع وهذا التخويف سيضر بصورة الإسلام وسيضر أيضاً بالمجتمعات.


عثمان عثمان: هناك من يضرب مثلاً الآن للتجربة الإسلامية سواء في أفغانستان أو في إيران ويقول بأن الإسلاميين ربما سيصلون إلى الحكم ليمارسوا مجدداً حالة من الاستبداد كما كانت سابقة في العهد السابق في السلطة التي كانت قائمة؟


محمد حامد الأحمري: الثورات التي حصلت الآن حقيقة هي أسست لموضوع ديمقراطية لمجتمع يغير حكامه من خلال الديمقراطية، في إيران نعم كان هناك نفس ديمقراطي لكن هناك في استبداد بوضع نائب الفقيه وبالتالي قطع الطريق على التنوع في المجتمع، في أفغانستان لم تكن طالبان حركة ديمقراطية ولم ترفع هذا الشعار ولم يأت رئيسها بأصوات لكن في الحالة التونسية وفي الحالة المصرية في الغالب أن الأساس لهذا المجتمع هو الأصوات وهو المرجع عن طريق صندوق الانتخابات وبالتالي الحكم من خلال نماذج سابقة حكم غير صحيح أنت أمام حالة جديدة.


عثمان عثمان: التجربة الأفغانية لا يمكن أن نقيس عليها التجارب الحالية؟


محمد حامد الأحمري: التجربة الأفغانية حقيقةً نفسهم طالبان أظنهم غيروها فضلاً عن التحدث عن غيرهم


عثمان عثمان: نلاحظ في الحالة، حالة صعود للتيار السلفي كانت هناك مفاجأة في مصر حزب النور يحصد حوالي 30% من الأصوات ربما أقل أو أكثر هذه الحالة شكلت تخوفاً لدى البعض بأن هؤلاء السلفيون ربما سيقتحمون على الناس حياتهم ويصادرون حرياتهم ويعملون بقضايا تفصيلية يومية ربما أن تشكل خوفاً لدى البعض؟


محمد حامد الأحمري: أولاً في قضية التيار السلفي في مصر الحقيقة المجموعات التي أسست للتيار السلفي في الجامعات في السبعينيات الغالب أنها كانت ذات توجه سلفي وهذه ذكرها أبو الفتوح في كتابه، أغلب الشباب في الجامعات في السبعينيات كانت عبارة عن تيار سلفي جارف في جميع الجامعات المصرية، وكان الإخوان في السجون، لما خرج الإخوان من السجون تفاوضوا مع هذه الجماعات ومع هذا التيار الجديد ثم دخل كمية كبيرة عدد كبير منهم إلى الإخوان، وبقيت مجموعات، خاصة في الإسكندرية هذه المجموعة لم تدخل في الجسم الإخواني وبقيت خارج تنظيم الإخوان وبقوا خرجت منهم المجموعات الجهادية والجماعة الإسلامية مثلاً في النهاية، فهناك تأسيس سلفي عام في مصر، قضية ثانية أن النشر الثقافي في السبعينيات كان يسيطر الإخوان ممنوعاً فكان التيار السلفي المنشورات الكتب المواعظ متوفرة من قبل الجماعات السلفية، فنجد تيار سلفي كبير في مصر الآن يأخذ الإخوان دور كبير ولكن في نفس الوقت لم تعد هناك قطيعة كبيرة ما بين السلفيين وما بين الإخوان، ربما خطاب السياسة الآن ومستقبلاً في الشارع المصري سنجد نوع من التمايز بناءً على هذا سلفي وهذا إخواني ولكن الحقيقة أن هناك مناطق مشتركة كبيرة بين التيارين.

مستقبل التيار السلفي السياسي


عثمان عثمان: كيف ترى مستقبل التيار السلفي الآن؟


محمد حامد الأحمري: التيار السلفي في مصر سيجد نفسه من خلال الديمقراطية أولاً يتساءل عن أفكاره وسيتراجع عن كثير من القطعيات التي يتحدث عنها سيتجه باتجاه الديمقراطية التي ما كان ضده ما كانوا يجربونها في السابق، سيعدل من تطرف بعض أشخاصه ولكنه في نفس الوقت سيحافظ على نوع من التشدد في مقابل الأحزاب الأخرى حتى يحصل على أعداد كبيرة، لكن كما يقولون إذا جئت بالمتطرف إلى السلطة فهو لا بد أن يتنازل، سيقدم عنده مساحة مختلفة قد تجد من يزايد في الخطاب ولكنهم يتجهون جميعاً إلى جو ديمقراطي وستخف حدة هذه التيارات ومناطق الصراع الحالي ومناطق الأركان الحادة هذه ستذوبها السياسة.


عثمان عثمان: لكننا لا نتحدث هنا عن لون سلفي واحد هناك ألوان متعددة للتيار السلفي؟


محمد حامد الأحمري: صحيح هناك مثلاً مجموعات أقرب للتوجهات الجهادية، هناك تيارات أقرب للتوجهات الجبرية لكن في النهاية التيار السلفي عنده نوع من السلوكيات التي يلتزم بها ويحرص عليها عنده عودة للكتاب والسنة، العودة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة هذه الشعارات ترفع إنما الديمقراطية ستجبره على المعاصرة في جميع أفكاره.


عثمان عثمان: هل يمكن الحديث عن التيار الإسلامي بمختلف تنوعاته بأنه كتلة واحدة؟


محمد حامد الأحمري: لا ليس بالإمكان حقيقةً التيارات الإسلامية واسعة المدى واسعة الأفكار متنوعة جداً ولكن من يرصدها من خارجها يتوقع أنها صوت وصدى واحد وأنها تقوم على منطق واحد في كل شيء الحقيقة مثلاً خلاف ذلك إذا ما قارنت بين تونس مثلاً الحركة الإسلامية في تونس، الحركة الإسلامية التي تنتصر في ليبيا وجدت الفروق كثيرة جداً بين الإخوان مثلا في تونس والإخوان في مصر يختلفون، أيضاً السلفية سلفية تونس تختلف عن سلفية مصر بحكم هذا التيار أصبح عريق وقوي بينما تونس جديدة ولم تصبح قادرة ولا فاعلة في الشارع، دخول السياسة سيجعل هؤلاء يجددون من أفكارهم وهذا ستكسبه الحركة السلفية في العالم كله حركة تجديد مؤثرة جداً في تغيير عقلية الحركة السلفية بمعنى أن الجو الديمقراطي المفاهيم الديمقراطية ستدخل على السلفية في كل بلاد العالم وليس فقط في مصر، إذن إذا نشطت وكسبت هذه الأصوات في مصر فسينتقل التجديد السلفي من مصر إلى غيرها في مناطق أخرى وتصبح الحركة السلفية حركة ديمقراطية.


عثمان عثمان: هل حسم السلفيون خيارهم بموضوع الديمقراطية؟


محمد حامد الأحمري: في مصر، نعم ولن يكون غير هذا ولا لما جاؤوا إلى صناديق الانتخاب.


عثمان عثمان: هل يمكن أن نقارن في موضوع التجربة السياسية بين حزب العدالة والتنمية في تركيا وبين الأحزاب الإسلامية في الوطن العربي هل هناك من مجال للمقارنة؟


محمد حامد الأحمري: نعم، هناك المقارنة حقيقة البيئة في تركيا كان فيها تطرف علماني شديد كما حاصل في تونس، وهذا التطرف العلماني أبعد الناس جميعاً وبالتالي كانت الغربة بعيدة وكانوا يأخذون مسافات وزمن كبير حتى يقتربوا من المفاهيم الإسلامية، هذه الغربة لم تحصل حقيقة في مصر، مصر رغم قسوة الحكم الخ لكن بقي جو المجتمع إسلامياً، الحكومة العنيفة العلمانية العنيفة علمنة الفرنسي كانت أقسى حتى من فرنسا في تونس وفي تركيا، وبالتالي احتاجوا زمن طويل واحتاجوا أن يتخطوا حتى يخفوا إسلامهم ويتقدموا للسلطة في مصر ما كانوا محتاجين لهذه الأشياء، فهناك مساحات بحكم بعدهم وإبعادهم بالمجتمع تشدد الحكومة فكان الطريق سهل في مصر ولكن في تركيا وتونس كان الطريق طويلاً عليهم.


عثمان عثمان: ما الذي ترونه مقبولاً أو مرفوضاً من ممارسة التيارات الإسلامية في الوطن العربي والإسلامي؟


محمد حامد الأحمري: حقيقة هي ستمتحن نفسها لأن الديمقراطية ستقلم الكثير من تطرفها، الانتخابات ستجعل كل هذه الأفكار التي يقولونها في الخارج ويتفاخرون بها سيجعل المجتمع يتساءل عنها وسيضطرون إلى مراجعات وإلى تنازلات في قضايا السياحة مثلاً في قضايا التعامل مع الأقليات، في القضايا التي كانوا يتكلمون عنها بشكل منفرد ستجعلهم الساحة يتنازلون عن هذه الأفكار.


عثمان عثمان: اسمح لنا أن نأخذ الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة في مصر الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين السلام عليكم فضيلة عفواً الدكتور راشد الغنوشي نأخذ الآن من تونس السلام عليكم فضيلة الشيخ..


راشد الغنوشي: مرحباَ حياكم الله..

حقيقة الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين


عثمان عثمان: فضيلة الشيخ يتحدثون الآن عن احتدام تنافس وصراع بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس ما حقيقة الوضع ولماذا هذا الاحتدام؟

راشد الغنوشي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم جميعاً ومستمعيكم، التدافع هذا أمر طبيعي يعني نحن جاء تنظيم جديد للحياة السياسية، الحياة السياسية كلها كانت تقوم على مسمار واحد البناء كله قائم على مسمار واحد هو الديكتاتور، رحل الدكتاتور وسقطت البناية وانطلقت الحريات ولم تعد هناك وصاية لحزبٍ واحد أو لزعيمٍ واحد ولا سلطة قمعية للشرطة لتصفف الناس طابوراً واحداً، الآن أطلقت حريات الناس وبالتالي ظهر المجتمع على حقيقته أنه مجتمع طبيعي أي متعدد فيه أفكار واتجاهات مختلفة، ونحن في تونس لنا تجربة عمل مشترك مع المعارضات العلمانية المعارضات الحداثية وأسسنا لوثائق منذ سنة 2005 صدرت وثائق عن حركة 18/أكتوبر وثائق حول علاقة الدين بالدولة، حول المساواة بين الجنسين، حول جملة من يعني باختصار حول نمط الدولة أننا نريد دولة ديمقراطية تعترف بهوية البلد العربية الإسلامية وهذا محل اتفاق نحن منذ بدأت الحملة الانتخابية ونحن دعونا في النهضة، دعونا إلى حكومة وفاق وطني حكومة ائتلاف وطني حتى ولو حصلنا على أغلبية تؤهلنا لحكومة حزبٍ واحد، ولكن نريد أن نقطع نريد أن ذاكرة التونسيين المشحونة بتجارب مريرة عن سياسة الحزب الواحد لا نريد أن نقول انتقلنا من الحزب الدستوري إلى حزب النهضة، نريد أن نقول انتقلنا إلى تعددية ولذلك ذكرنا أو عولنا على إقامة حكومة وفاق وطني، نحن الآن سرنا مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية برئاسة الدكتور المرزوقي وحزب التكتل برئاسة الدكتور بو جعفر، سرنا خطوات نحو تأليف هذه الحكومة، اتفقنا على وثائق تنظم العلاقة بين هذه الرئاسات الثلاث كرئاسة الحكومة للنهضة ورئاسة الجمهورية لحزب المؤتمر ورئاسة المجلس للتكتل، ونحن الآن في الأسبوع الأخير، في الأسبوع القادم ستناقش الوثائق المنظمة للسلطات، وفي نهاية الأسبوع سينتخب رئيس الجمهورية من طرف المجلس التأسيسي وفي الأسبوع الذي يليه مباشرة سيتقدم رئيس الحكومة المكلف سيكلف رئيس الحكومة الذي هو من النهضة سيكلف من طرف رئيس الجمهورية بتشكيل هذه الحكومة وتقديم خطابها إلى المجلس للتزكية لتزكى الحكومة وتزكى برامجها، خصومنا وخاصة الذي فشلوا في الانتخابات الآن يحاولون ما فشلوا فيه أمام صناديق الاقتراع يحاولون أن يحققوه في الشارع بمزيدٍ من الاضطرابات وإعطاء انطباع عام على أن هناك فوضى في البلاد من حق الناس أن يتظاهروا هذا مكسب من مكاسب الثورة، أن يتظاهروا سلمياً ولكن ليس من حقهم إعاقة المؤسسات عن العمل أو قطع الطرقات أو إعاقة المجلس عن العمل فالشارع ليس ملكاً لأحدٍ.


عثمان عثمان: إذن هنا فضيلة الشيخ نتحدث عن ائتلاف بين حزب النهضة الإسلامي وبين أحزاب أخرى أو تيارات أخرى علمانية؟

راشد الغنوشي: أي نعم هناك حزبان علمانيان أو حداثيان نحن نقول هناك تآلف بين علمانية معتدلة وبين إسلامٍ معتدل له حركة إسلامية معتدلة، وهذا هو الوضع الطبيعي، التطرف لا يمكن أن يجمع أمتنا لا يمكن أن يجمع شعوبنا، شعوبنا تجتمع حول الاعتدال، والاعتدال أطرافه قادرة على أن تتحاور وعلى أن تبحث عن ما هو مشترك والحمد لله هناك قدر مشترك كبير بيننا وبين حليفينا.


عثمان عثمان: ولكن هنا نتحدث عن رؤى لحركة وتيار إسلامي، رؤى ومنهجية في ممارسة العمل السياسي في التعاطي مع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتيارات علمانية أخرى لها رؤيتها أيضاً ألا تتناقض هذه الرؤى وتشكل عائقاً في مسيرة بناء الدولة؟

راشد الغنوشي: لا تتناقض نحن نعيش في وطنٍ واحد، وهذا الوطن له مشكلاتٌ واحدة وإذا نحن حكمنا عقولنا بعيداً عن الأهواء، فسنجد أن هنالك مشتركات سنجد أن البلد يعني أن المشكلات الواحدة لا يمكن أن تحل بألف طريقة، هناك حلول معقولة، هناك مشكلة البطالة وهو المشكل الأساسي في البلاد وهناك رؤى مشتركة بيننا وبين حليفينا في معالجة مشكل البطالة، هنالك مشكلة تتعلق بتصفية تراث مظالم الماضي أي العدالة الانتقالية لا يمكن أن يكون الجواب، كيف ندير العدالة الانتقالية لا يمكن أن يكون الجواب حزبياً ينبغي أن يكون ضمن وفاق وطني وهكذا المشكلات الكبرى في البلاد عندما يدار حولها حوارا وطنيا سنجد أنفسنا أمام أجوبة ليست متباعدة بل المشتركات فيها كثيرة ونحن لم نلتق مع حليفينا مجرد لقاءً عاطفياً هناك برنامج مشترك الآن يصاغ من طرف لجان متخصصة ما هو البرنامج الاقتصادي، ما هو البرنامج السياسي، ما هو البرنامج الثقافي الخ ذلك.


عثمان عثمان: حزب النهضة أو حركة النهضة التونسية الإسلامية ورثت من خلال عقود من الزمن كان هناك تغول للدولة العلمانية ورثت عادات وتقاليد وقوانين تخص الحياة اليومية للناس في موضوع الخمور في موضوع اللباس، في موضوع السياحة، كيف ستتعامل حركة النهضة وحكومة النهضة والائتلاف معها مع هذه التحديات؟

راشد الغنوشي: نحن أعلنا خلال حملتنا الانتخابية ومتمسكون بإعلاننا أن مهمة الدولة ليس أن تفرض بقوتها وأدواتها بالبوليس أن تفرض نمطاً معيناً من اللباس ومن الطعام والشراب والعقائد، مهمة الدولة أن تقدم للناس الخدمات أن توفر إطاراً من الأمن ومن الحقوق والحريات يضمن للجميع أن يبدعوا أن يبادروا بالاقتصاد والسياسة والاجتماع وتترك للمجتمع المدني أن يتدافع أن يتحاور أن يختار نمط حياته، نحن ورثنا نظاماً كان يفرض على المرأة مثلاً كان يمنعها من ارتداء الحجاب، نحن الآن لن نقول سنفرض الحجاب على التونسية، التونسية حرة، وبالتالي سنرفع هذا المنع عن التونسية ونوفر لها حقها في أن تختار نمط حياتها، ونحن متأكدون معتقدون أننا أمام شعب مسلم وأنه عندما تترك الحرية للناس سيختارون الأحسن، سيختارون الخير سيختارون ما يوافق ومعتقداتهم فلماذا نرهب الناس ونفرض عليهم نمطاً معيناً باسم الدولة ليست هذه مهمة الدولة.


عثمان عثمان: شكراً، شكراً فضيلة الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية كنت معنا من تونس فضيلة الدكتور ما الذي يختلف فيه الإسلاميون عن غيرهم من الليبراليين أو اليساريين أو العلمانيين أو السلطة التي كانت قائمة قبل فوز الإسلاميين أسمع الإجابة إن شاء الله بعد أن نذهب إلى فاصلٍ قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

التيار الإسلامي والتيارات الأخرى في ميزان


عثمان عثمان: أهلاً وسهلاً بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان آفاق العمل السياسي الإسلامي مع فضيلة الدكتور محمد الأحمري رئيس منتدى العلاقات العربية والدولية في دولة قطر، فضيلة الدكتور سؤال يطرح الآن بماذا يختلف التيار الإسلامي عن الأنظمة القائمة عن المنافسين الآخرين من ليبراليين وعلمانيين ويساريين؟


محمد حامد الأحمري: هم يختلفون في قضايا أولاً هي أفكار جديدة وثقافة جديدة في أكثر المناطق تختلف عن السابق لهم مفاهيم خاصة في علاقاتهم بالداخل في علاقاتهم فيما بينهم في علاقاتهم بالأقليات في علاقاتهم بالخارج، هي هذه مجموعات جديدة تختلف بأنها غالباً لم تكن متدربة ولم تكن موجودة في منظومة الحكم من قبل وبعض الناس يقولون هؤلاء ما دام لم يكونوا من قبل في الحكم فقد يختلفون وقد يسيرون إشكالات لهم في الداخل والخارج، الحقيقة أن مهارات الأنظمة والحكومات الموجودة في قضايا العلاقات في الداخل والخارج والأفكار هي علاقات في الغالب فاشلة فنتمنى أن يكونوا فوق هذا المستوى أغلب النظر إليهم والأمل منهم أنهم سيكونون منقذين وليسوا ولن يعيدوا ممارسة الفشل الذي مارسته الحكومات التي ثاروا عليها، هذا فيما يتعلق في قضية المهارات والتدريب، في قضية العلاقة بالعالم، العالم حقيقة يتوجس منهم ولكنهم في نفس الوقت يقول نعطيهم فرصة ونفهمهم أكثر بعد ما جربوا في تركيا فهم يطمئنون يعني يعرفون مثلا التونسيين هناك علاقات مسبقة على وصولهم للحكم وعلى مع بعض الحركات الإسلامية حتى في مصر وغيرها هناك علاقات شخصية ما بين هذه المجموعات فإلى حد ما العلاقة موجودة، الفهم هذا تصور موجود أنه ممكن يكونوا حلا وأن يشاركوا في حل كثير من الأزمات، لكن هناك قضايا من الصعوبة أن نقول أنهم سيكونون فيها مندمجين مثلاً في قضية العلاقات مع إسرائيل مثلاً إسرائيل تعودت أن تتعامل مع ديكتاتور يغتصب حقوق الناس وأموالهم وسياستهم ويسخر المجتمع لها، هذا الأمر البديل هذا الجديد على المجتمعات الجديدة هذا الجديد من الحكومات الجديدة بالتالي مثلاً أحد الكتاب يقول في الماضي كانت إسرائيل تتعامل مع حاكم واحد والغرب يتعامل مع حاكم واحد، وبالتالي يسيطر على البلد، الوضع الجديد تحتاج إلى أن تقنع المجتمع كله بأن هذه العلاقة جيدة أو ليست جيدة تحتاج أن تقنع المجتمع هل هو معك أم ضدك في الحالة الديمقراطية الجديدة لا تخص فقط الإسلاميين حتى لو جاءت مجموعات ليبرالية في مجتمعاتنا ستكون الصورة جديدة، التعامل مع هذا المجتمع كما هو فستكون صعوبات المستبدين أكثر سواء كانوا مستبدين من الخارج أو مستبدين يأملون أن يكون لهم دور في الداخل، سيأتي هناك تحدي جديد وهو قضية الاقتصاد الإسلاميون نجحوا في القضية الاقتصادية من قبل من خلال نظريات الاقتصاد الإسلامي أو من خلال هذا المجال الذي كان مسموح لهم بممارسته ، فنجحوا في كثير من التجارة، مثلاً في تركيا كان التجارة في أيديهم قبل وصولهم إلى الحكم من خلال المنظمات من خلال الاتفاقيات الخ، لما وصلوا إلى الحكم كان الجانب الاقتصادي ناجح، في مصر وفي غيرها الإمكانات الاقتصادية جيدة هم يمارسون التجارة في هذه المجتمعات لهم وجود لا أظن القضية الاقتصادية ستكون مشينة، قد يكون هناك نوع من التساؤل عن التسريب عن الفساد ما صار في مصر مثلاً قضية الغاز، قضية الزراعة، سيكون لهم رؤية مختلفة عن الرؤية السابقة وبالتالي نتمنى أن تكون أحسن من السابق.

الإسلاميون وإدارة الملف الاقتصادي والاجتماعي


عثمان عثمان: غياب التجربة لدى الإسلاميين خاصة في موضوع الاقتصاد وإدارة الملف الاجتماعي ألا يشكل عائقاً أمام إثبات وجودهم وتطبيق رؤيتهم في إقامة الدولة؟


محمد حامد الأحمري: قلنا لو كنا نترك نموذج وتجربة ناجحة ونبحث عن نموذج مجهول لقلنا هذه مشكلة، لكن بما أن النموذج الحكومي السائد في العالم العربي الذي ثاروا عليه هو نموذج فاشل فنأمل أن يكونوا أعلى من هذا المجتمع حتى وإن كانوا فاشلين فلن يكونوا بمستوى الفشل السابق.


عثمان عثمان: لديهم رؤيا اقتصادية كما ترى؟


محمد حامد الأحمري: نرجو ذلك لديهم تجاربهم لن يغيروا كل شيء في مجتمعاتهم سيحسنون هذا الوضع أو يبدأون مما هو موجود الآن ولكن لن يأتوا بثورة لماذا من أسباب نجاح الاقتصاد الإسلامي أنه كان مندمجاً مع الاقتصاد العالمي والاقتصاد الإسلامي ليس متصارعاً مع الرأسمالية صراعاً حاداً كصراعه مع الاشتراكية، فمن أسباب نجاح الاقتصاد الإسلامي أنه كان منسجماً مع البنية الاقتصاد الدولي، هم لم يأتوا بالمنظور الاقتصادي حاسم وجديد تماماً سيطورون في قضايا الخدمات الاجتماعية في حكم قضية الزكاة مثلاً قضية التعاون الاجتماعي التي لم يكن من سبقهم قادر على إحياء هذه الجوانب، فسيحيون في الجانب الاقتصادي وفي الوقت نفسه لن يكونوا بديلاً للنظام الاقتصادي القائم في أغلب الدول العربية، قضية الربا قد يجدوا معها صعوبة ولكن أنهم سيندمجون مع الاقتصاد العالمي القائم .


عثمان عثمان: اسمح لنا أن نأخذ الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة من مصر الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين فضيلة الدكتور السلام عليكم.

عصام العريان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


عثمان عثمان: لا نستطيع أن ننكر أن هناك حالة خوف وذعر لدى البعض من صعود الإسلاميين إلى الحكم خاصةً في مصر ذات 85 مليون أو أكثر هل لهذه الحالة أسباب موضوعية مبررة أم أنكم ترونها حالة عدائية يمارسها بعض الأنظمة والمنافسين لكم؟

عصام العريان: بسم الله الرحمن الرحيم تحياتي لك أخي عثمان ولضيفك العزيز الأستاذ الدكتور محمد حامد الأحمري وللسادة المشاهدين جميعاً، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الهجري الجديد وعاشوراء وأسأل الله أن يعيده علينا وعلى أمتنا وعلى العالم أجمع بالأمن والسلام والسعادة والرخاء إن شاء الله، حالة الخوف الحالية مصنوعة هي ما كانت حالة التخويف السابقة التي مارستها النظم الاستبدادية والديكتاتورية التي بدأت تتساقط في عالمنا العربي، هذه حالة تخويف مقصود بها تفزيع المجتمعات من التيارات والحركات والأحزاب الإسلامية وأعتقد أنها ارتدت على أصحابها وباءت هذه الحملات بالفشل فقد انتفضت وثارت الشعوب رغم كل التخويف وشارك الإسلاميون بقوة في الثورات العربية، وأصبحوا الآن في موقع المسؤولية، ومن العجيب أن هذه الحالة كانت موجودة أيضاً في منتديات غربية وفي حكومات غربية إلا أنها بدأت تخف وبدأنا نسمع لغة مختلفة في العواصم الغربية حول القبول بإرادة الشعوب الحرة مازال خصومنا السياسيون يمارسون نفس هذه الحالة عبر منابر إعلامية ومقالات صحفية ودراسات غير محايدة تثير الفزع وقد ارتدت أيضاً عليهم حيث أثبتت النتائج في البلاد التي جرت فيها انتخابات حتى الآن بأن النتائج تصب في صالح التيارات الإسلامية حتى الآن، وكما شهدنا في تونس والمغرب ونشاهد الآن في مصر رغم امتلاك هذه التيارات المنابر الإعلامية والصحافة وعدم وجود منابر للحركات والأحزاب الإسلامية.


عثمان عثمان: فعلاً هناك صعود للإسلاميين في تونس وفي المغرب والآن يبدو أن حزب الحرية والعدالة يتوجه لأن يكون حاصداً لأكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية من بين الأحزاب المتنافسة، كيف يمكن لكم أن تقدموا تطمينات للأقليات الدينية للتيارات السياسية الأخرى المخالفة لكم في الرأي ؟

عصام العريان: حقيقة الأمر لا أحد يحتاج إلى تطمين لأن التطمين يكون من طرف كأنه الراعي لا، نحن جميعاً شركاء ونحن جميعاً مواطنون ونحن علينا نفس الحقوق وعلينا نفس الالتزامات والواجبات وبالتالي علينا جميعاً أن نطمئن إلى بعضنا البعض وأن ندير التنوع في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وأن ندفع عجلة التنمية لتحقيق رخاء واقتصاد قوي لأن هذه مسؤوليتنا المشتركة، أعتقد أن كلمة تطمين أنا أعترض عليها ونحن نعترض عليها في حزب الحرية والعدالة لأنها تعني النظر من عجلٍ ونحن لسنا نستعلي على أحد أو نرى أننا أقوى من أحد، نحن نعتقد أن أي اختيار حر لشعوب العالم العربي هو مسؤولية وتكليف بأمانة وأننا نسأل هؤلاء الذين يكلفوننا أن يكونوا معنا على قدم المساواة في الإحساس بالمسؤولية وأن إدارة التنوع في المجال السياسي هو التحدي الكبير لكي يكون العالم العربي مثالاً للديمقراطية التي تعطي نكهة إسلامية ودينية للديمقراطيات في العالم وهذه ميزة فريدة لنا في عالمنا العربي والإسلامي.


عثمان عثمان: هنا يطرح البعض أن الإسلاميين دكتور عصام يتخذون من الديمقراطية الآن مطيةً للوصول إلى الحكم ليمارسوا بعده استبدادا كما مارسه من سبقهم؟

عصام العريان: كنا ولا نزال لسنا من طلاب السلطة ولسنا نسعى إليها ولكنها إذا أوفدت إلينا باختيار حر نتحمل المسؤولية مع الجميع وشركائنا في الوطن كثيرون والشعوب شريكة في المسؤولية أيضاً، هذه قصة كانت يستخدمها النظم الديكتاتورية لمنع الناس من الاختيار الحر ولمنع تطبيق الديمقراطية نحن الآن أمام حالة جاءت في وقتها باختيار الله سبحانه وتعالى بعد أن عانت الشعوب من الاستبداد الذي اقترن بالفساد والظلم فأصبحت تأن وترى أن هذه النظم التسلطية ليس لها مستقبلا ومن هنا نحن الآن شركاء مع إخواننا في التيارات الإسلامية الأخرى في أن نتحمل المسؤولية في إدارة التنوع بحيث يشترك الجميع في العمل السياسي ويدير الحوار والتنافس السياسي عبر صناديق الانتخاب والحوار والرأي والرأي الآخر لكي يطمئن كلنا بعضنا إلى بعض أن الاختيار في النهاية هو اختيار الشعب وأننا نقبل باختيار الشعب وتكليفه، وبالتالي إذا أنجزنا في إدارة التنوع الاجتماعي والثقافي وإدارة التنمية الحقيقية فسيكون الشعب له كلمة أخرى في انتخابات دورية، وهذا تحدي آخر مهم جداً أننا شعوب تعيش في بيئة في عالم متغير وأن هذه الشعوب متنوعة وأن هذه الشعوب فيها أفكار كثيرة حتى داخل التيار الإسلامي نفسه هناك تنوع وإدارة هذا التنوع بالحكمة والحوار والحوار الجاد والنزول على إرادة الناس ورضاهم والقبول بها هذا شيء بمنتهى الأهمية ثم إدارة التنوع الاقتصادي أيضاً مهم بين مسؤولية الدولة ومسؤولية الأفراد ماذا يجري من أمور إستراتيجية يجب أن تكون الدولة هي راعيتها، وماذا يجب أن يترك للأفراد بحرية وهي مساحة واسعة جداً وفي اقتصاد عالمي متشابك الآن، نحن الآن أمام تحديات كبيرة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا عليها لأننا لم نسع إليها باختيارنا ولكنها جاءت بثورات وبانتفاضات عربية .


عثمان عثمان: شكراً دكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين في مصر، دكتور الإسلاميون مطالبون دائماً بإثبات حسن النوايا بتقديم تطمينات بالحفاظ على الديمقراطية لماذا؟


محمد حامد الأحمري: هذه المجموعات حقيقةً كانت تعترض على النظم الحاكمة أيضاً أيضا هي تختلف عن العالم، الدولة الحديثة التي قامت في العالم العربي دولة لم تكن إسلامية وكانت مستوردة من الخارج في أغلب الأنظمة في أغلب الحكومات، فكانت غريبة عن الشعب وكان هذا الشعب بحكم ثقافته الإسلامية بعيداً عنها فهو أجنبي غريب، أيضاً هذه المصادمة بين المجتمع الإسلامي والمجتمعات الغربية جعلوا أن من يطالب بالحرية ويطالب بالكرامة ويطالب بعودة هذه الدولة إلى نفسه جعلوه منبوذاً وغريباً ومحارباً، المجموعات أيضاً التي واجهت الغرب سواء بحروب مباشرة أو مطالبات كانت غالباً مضادة، حذر منها الحكام السابقون والمستبدون وقالوا نحن نحمي الغرب من هذه الشعوب التي فيها دين وهذا الدين سيقتل الناس وسيستبد بهم ويحرم الغرب مصالح الخ، فهناك في المخيلة الغربية خوف شديد جداً قاده المستبدون، من كسر هذا الحاجز أول من كسره الإسلاميون بأنهم أثبتوا في أكثر من مكان من الدولة أنهم بشر من البشر لهم مصالحهم لن يسرقوا النفط لن يسرقوا الاقتصاد لم يستبدوا به كما يستبد المستبدون، أيضاً الوعي الغربي بمصالحه في هذه المنطقة جعلته يربط مستقبلة بهذه الشعوب ولا يربط مستقبله بأفراد ربط مصالح الغرب بفرد يجعل هذا الغرب يفقد مصلحته تماماً في مرحلة من المراحل أعطي مثال على ذلك مثلاً في إيران كان هناك في إيران صفقات بين الشاه وبين بريطانيا وكانت بريطانيا تحتاج إلى تمويل وكانوا يرون وقود الثورة يتحرك داخل إيران فكانت التقارير التي ترفع للخارجية البريطانية من السفارة صريحة في هذا الأمر لكن اضطرت الحكومة البريطانية أن تخفي حقيقة الوضع في إيران حتى تستمر صفقات السلاح، فخدعوا أنفسهم وبالتالي لما ذهب هذا الصنم لما ذهب هذا الفرد تبين أن الإيرانيين في عالم وأن الحاكم كان في عالمٍ آخر، تماماً كما ترى في مصر الحاكم في مكان والشعب في مكان آخر ولكنه يخوف الغرب ويخوف العالم من الناس لأنه يريد أن يستبد والاستبداد يجعل كل مجموعة تخاف من الأخرى هناك حكومات لا تقوم إلا على ترويع مجموعة، ترويع الغرب من القوميين ترويع الغرب من المجموعة بمعنى أنه يحافظ هو على مجتمعات متوترة باستمرار خايف بعضها من بعض بحيث يبقى هو الحل وهو الخصم والحكم في الجميع، هذا الترويع الذي ينتشر في العالم ترويع ليس صحيحا ثبت أنه غير صحيحاً وثبت أن الشعوب مستقرة مثلنا مثل العالم وأن واجهة العالم الإسلامي واجهته بأكثره واجهة إسلامية واجهة مثقفة واجهة قادرة واجهة عالمة وعارف شو هو العالم، وأكثر المجموعات المستبدة التي كانت تخنق الشعوب وأيضاً تسيء العلاقات للغرب وسيكتشف الغرب ويكتشف العالم في لحظة من اللحظات أنه كان مجرماً عندما قبل هذه التوصيات وعندما قبل هذا الترويع وأحرم نفسه وأحرم العالم تنويعاً وحضارة ومدنية قادمة في هذه المنطقة.


عثمان عثمان: مجدداً نأخذ السيد محمد نور متحدث إعلامي باسم حزب النور ذات التوجه السلفي في مصر السلام عليكم.

محمد نور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


عثمان عثمان: هل سيصطدم الإسلاميون بملفات شائكة أصبحت جزءاً من مقومات الدولة الحديثة كموضوع السياحة وما فيها من مسائل الترفيه والخمور والمرأة وغيرها؟

محمد نور: حياكم الله أولاً أخي عثمان وحيا الله الدكتور محمد الأحمدي أخونا الكبير، رقم واحد دعني بس أكمل ما دارت فيه الحلقة بدايةً نحن كنا نحكم بأنظمة ديكتاتورية توغل في تداعيه واستعمار أوطاننا لصالح جهات أخرى، النهاردة قضية أن يقول الشعب وأن يختار من يحكمه دي القضية الأساسية سواء الذين جاؤوا بالصندوق إسلاميين أو غيرهم ده رقم 1، رقم 2 ليس لدينا ليس لدينا ملفات شائكة وليس لنا توجها خاصا بعيدا عن التوجه الإسلامي العام الذي يضمن حقوق الناس وحرياتهم ويعمل على مصالح العباد وتقديمها دي الصورة الكلية التي يتبناها الحزب، وأظن أن الصورة الكلية التي يتبناها المنهج الإسلامي، بالنسبة لقضية السياحة الذي كان يمارس في بلادنا ليست لا سياحة ولا أي نوع من البناء الاقتصادي الحقيقي هناك كانت مسميات ولكن ليست كانت هناك حقائق على الإطلاق، على سبيل المثال نجد أن في مصر عدد زوار الأهرامات كانت 3 مليون فرد في السنة في حين زوار برج إيفل كانوا 12 مليون فرد في السنة، فلم تكن هناك صناعة سياحية حقيقية، فضلوا لنا بعض مفاهيم التسيب والانفلات الأخلاقي على أنها سياحة، السياحة هي مفهوم أكبر من ذلك هي جزء من الكيان الاقتصادي متكامل سنعمل بإذن الله تعالى على تقديمه للأمة المصرية والمجتمع المصري نحن حريصون على أن نبني هذا المجتمع وحريصون على أن نكون أعضاء صالحين في مجتمع ناهض وبناء حقيقي لدولة حديثة وعصرية.


عثمان عثمان: لكم مشروع في هذا الإطار؟

محمد نور: لنا مشروع يقوم عليه عدد من المتخصصين ونحن لا ندعي أننا اكتملنا كليةً في نظرة متكاملة نحن نتعلم ونمضي قدماً والحمد لله الشعب يضع ثقته فينا ونثمن غالياً هذه الثقة ونتقدم قدماً نحو ذلك بإذن الله تعالى.


عثمان عثمان: شكراً للسيد محمد نور المتحدث الإعلامي باسم حزب النور كنت معنا من القاهرة دكتور أول مرة نشهد حالة تعددية إسلامية سلفية إخوانية بشكل رئيسي في مصر ماذا تقرأ في ذلك؟


محمد حامد الأحمري: نقرأ أولاً أن هناك حقيقةً بعد جديد في هذه المنطقة في العالم العربي والعالم الإسلامي هناك حياة أيديولوجية جديدة ثقافة واثقة من النفس، هذه الثقافة الجيدة كلها مصنوعة كلها مستنبته كلها بنت هذه الأرض وبنت هذه الثقافة بمعنى لم توجد لم ترد من الخارج لم تكن مصوغة من الخارج على هذه المنطقة هذا دليل أن كما الذين صنعوا الثورة هم أهل البلد أيضا الأفكار موجودة من هذه البلاد النظرة أيضاً للمستقبل موجودة من هذه البلاد هذا التنوع الذي عندنا هذه هي ثقافتنا هذه هي مجتمعاتنا كما هي أيضاً يدل الأمر هذا أن الذين كانوا يصدرون أفكار في الماضي لم يعد عندهم ما يصدروه إلى هذه المنطقة وبالتالي أصبح التنويع من الداخل وليس تنويعاً كما يقال من الخارج والداخل.


عثمان عثمان: الآن الإسلاميون باتجاه الوصول إلى السلطة في أكثر من بلد إسلامي كيف سيتحركون في بنية مؤسسية لدولة مترهلة ورثت كثيراً من الفساد من الإخفاقات السياسية، الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية خاصةً نحن نعيش في عالم تحكمه المصالح وليس الأخلاق والمبادئ؟


محمد حامد الأحمري: هنا يجب أن لا نتفاءل كثيراً بأن هذه الأفكار وهذه الأشخاص في هؤلاء الأحزاب سيحسمون معارك في لحظة تاريخية سريعة جداً وينتقلون بالمجتمعات إلى تطور كبير لكن نقول هذا هو التأسيس هذه هي البداية أما الإخفاقات واردة جداً أما الصراعات فقد تحيرنا لفترة طويلة، الثورات لا يمكن أن تنتصر مباشرةً على النفس وعلى الناس في الحارات تحتاج إلى وقت طويل تحتاج إلى تدريب تحتاج إلى جيل ينشأ في أجواء الحرية، الذين نشئوا مهما يكن الأمر ما زالت مخيلاتهم ما زالت عقولهم متحيرة ما زالوا يبحثون عن حل لم تصفوا الأجواء ولا أتوقع أن تصفو سريعاً، حتى العلاقات فيما بينهم قد تكون حادة في البداية ولكنهم سيتعلمون في المستقبل كيف يعيش بعضهم مع بعض وكيف يتنازلون عن كثير من أفكارهم.


عثمان عثمان: من المخاوف التي يثيرها البعض أيضاً أن الإسلاميين الآن حققوا انتصارات كثيرة يخافون أن تأخذهم نشوة الانتصار بعد عقود من السجن والإقصاء والإبعاد والتهجير، كيف يمكن للإسلاميين الآن أن يحافظوا على العدالة في الحكم وعلى العدل مع الخصوم أيضاً؟


محمد حامد الأحمري: أهم ما يلزمهم في هذه المراحل القادمة أن يعلموا أن هذه الشعوب كانت مضطهدة بكل تياراتها بمعنى أن لا ينظر أن القومي مثلاً كان منتصراً ولا كان مستفيداً وأن العلماني أيضا كان مضطهداً الليبرالي كان مضطهداً الأقليات كانت مضطهدة لينظر إلى الشعب أنه واحد منهم وأنه واحد عانى ما عانوه وأنهم عانوا ما عاناه وبالتالي لا تنظر إلى الثورة أنها مكسب للأحزاب الفائزة، يجب أن ينظر المنتصر سواء أحزاب إسلامية أو غير إسلامية أن هذا الانتصار هو للجميع وأن الجميع حتى الذين لم يحصلوا على أصوات كثيرة يجب أن ينظر لهم كشركاء في الانتصار وأن يشاركوا في صياغة المرحلة القادمة بمعنى استبعاد الناس في هذه المرحلة ستوجد صراعات ربما تعوق مستقبل هذه الأمة ومستقبل انتصار الثورات يجب أن ينظروا إلى أن هذه الثورة ثورة للجميع، وهم بحاجة إلى جهد الجميع وقد يجدوا العبقرية والنفوذ والخبرة من صفوف أخرى لم تنتصر بالأصوات ولكنها موجودة وقادرة وموجودة في الميدان.


عثمان عثمان: في أقل من دقيقة وضع العلمانيين الإلحاديين ربما في الدولة التي يحكمها إسلاميون ما هو؟


محمد حامد الأحمري: الإسلام رعى الأقليات رعى الأديان رعى للأفراد حقوقهم ويجب أن نرعاها لهم وأن تبقى لهم حقوقهم الشخصية وحقوقهم في التعبير عن أفكارهم ما داموا لا يهددون كياننا بمعنى ما داموا لا يخرجون بالقوة على المجتمع، والكلام في قضية الردة ما دام لا يخرجون بقوة فإنا لا نطالبهم كفرد.


عثمان عثمان: الدكتور محمد حامد الأحمري رئيس منتدى العلاقات العربية والدولية في دولة قطر شكراً جزيلاً لكم على حضوركم معنا في هذه الحلقة وعلى هذه الإفاضة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل، هذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.