صورة عامة - الشريعة والحياة
الشريعة والحياة

الإخلاص في زمن الشهرة

يستضيف البرنامج أستاذ الشريعة في الكويت والأردن عمر سليمان الأشقر ليتحدث عن دعاء الباحثين عن النجومية فتحولوا من محراب العبادة إلى الأستديوهات وشاشات الكاميرا.


– ماهية الإخلاص ودور النية والوسيلة
– مقاييس الإخلاص والظواهر الاجتماعية
– أحكام الإظهار والإخفاء وحب الثناء
– الأمور المفسدة للإخلاص والعوامل المساعدة عليه

عثمان عثمان
عثمان عثمان
عمر سليمان الأشقر
عمر سليمان الأشقر

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبا بكم على الهواء مباشرة في حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {قل الله أعبد مخلصا له ديني} [الزمر:14]، الإخلاص قيمة إسلامية أصيلة موجهة لسلوك المؤمن فلا يتوجه وجهة إلا ونصب عينيه هدف وغاية تؤدي إلى الله سبحانه وتعالى، لكن جرت في أودية اليوم مياه كثيرة خلخلت بعض المفاهيم والتبست قيم السوق بقيم الدين حتى راح بعض الدعاة يبحثون عن النجومية على طريقة نجوم الفن، وانتقل التضرع بالدعاء، الذي هو من أخص الخصائص مع الله، انتقل من محراب العبادة إلى الأستديوهات وأمام شاشات الكاميرا وتحول مفهومه التقي النقي الخفي إلى تراث كان في زمن ما قبل الصورة والكاميرا. فكيف نستعيد قيمة الإخلاص؟ وهل يفسد العمل وجود حظ للنفس فيه؟ وأين أضحى الإخلاص في زمن السعي إلى النجومية واسترضاء المشاهير؟ الإخلاص في زمن الشهرة موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع الدكتور عمر سليمان الأشقر أستاذ الشريعة في الكويت والأردن سابقا. مرحبا بكم فضيلة الدكتور.

عمر سليمان الأشقر: حياكم الله يا مرحبا.

ماهية الإخلاص ودور النية والوسيلة

عثمان عثمان: بداية دعنا نتحدث عن الإخلاص، ما الإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، الإخلاص أن تبتغي بعملك وجه الله تبارك وتعالى، الإخلاص أن تبتغي بعملك صلاة، صياما، زكاة، حجا، أن تبتغي وجه الله تبارك وتعالى ولا تشرك بالله أحدا ولا ترائي بعملك ولا تتبع الهوى، مأخوذ من تخليص الشيء من الأوشاب والخليط الذي في اللغة العربية، مأخوذ من تخليص الشيء من الأوشاب والتي تخالط الشيء، كما قال ربنا تبارك وتعالى  {..نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا..}[النحل:66] خالص، صافي، ما فيه فرث ولا فيه دم، صافي. هذا هو الإخلاص، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري ومسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" من أخلص في هجرته فله ثواب الهجرة، ثواب الهجرة عظيم، "ومن هاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"، فالإخلاص أن تريد بعملك وجه الله تبارك وتعالى وأن تصفي هذه النية، أن تصفيها من الأوشاب، من الشرك، من الرياء، من الهوى بحيث تصبح كلها لله تبارك وتعالى.


عثمان عثمان: الإخلاص فضيلة، دكتور هل هو قيمة مطلقة أم هو مقصور على الله عز وجل؟ نسمع عن إخلاص للعمل إخلاص للزوجة إخلاص للعلم إخلاص في شتى ميادين الحياة، يعني ما هي مجالات الإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: الإخلاص في الشريعة الإسلامية لا يطلق إلا على التوجه إلى الله تبارك وتعالى، في دنيا البشر في مباحث، علماء بحثوا كثيرا، ما سموه إخلاص سموه غايات وبواعث، دوافع، يطلب الزواج يطلب الطعام يطلب الشراب لأن النفس البشرية تحتاج إلى الطعام والشراب والنكاح، هذا باعث، ثم يبحثون عن كونه غاية، فالناس توسعوا في إخلاص للزوجة إخلاص للحاكم الإخلاص للوالدين، هذا توسع ليس مكانه الشريعة الإسلامية. الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عنده 11 زوجة لكن لم يكن مخلصا لواحدة دون بقية النساء، قد يتزوج المرء زوجتين أو ثلاث أو أربع، الحاكم تطيعه في غير معصية له، الوالدين، طاعة الوالدين في غير المعصية، {.. إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم..}[التغابن:14]، أحيانا المرأة تدفع زوجها إلى المعصية، الولد يدفع أباه إلى المعصية، هنا يصبح خلل، الإخلاص لا يكون إلا لله تبارك وتعالى في المصطلح الشرعي، في المصطلح اللغوي أصل الشيء إخلاص.


عثمان عثمان: ولكن ألا يمكن أن يكون الإخلاص موجها لسلوك الإنسان في الحياة كلها؟

الدين حتى يقبل عند الله له أساسان، أن يكون خالصا تبتغي به وجه الله ولا تبتغي به صنما ولا ملكا ولا بشرا، وأن يكون صوابا شرعه الله وشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم

عمر سليمان الأشقر: طبعا، ربنا يقول {..فاعبد الله مخلصا له الدين}[الزمر:2] الإخلاص إذاً، الفئة المؤمنة الصالحة يجب أن تكون مخلصة ولذلك الدين إذا كان مخلصا لله عز وجل فهو دين صالح. الدين حتى يقبل عند الله له أساسان، أن يكون خالصا وأن يكون صوابا، خالصا أن تبتغي به وجه الله ولا تبتغي به صنما ولا ملكا ولا بشرا، هذا خالص، وأن يكون صوابا شرعه الله وشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا لم يشرعه الله ولم يشرعه الرسول الإخلاص لا يؤثر فيه لا يحوله إلى طاعة، فالإخلاص قيمة عليا إذا خلا منها المسلم أو تأثرت بالشرك تأثرت بالرياء انتقضت.


عثمان عثمان: ربما هذا يقودنا إلى السؤال فضيلة الدكتور حول المباح، يعني هل المباح إذا دخلت عليه النية تحوله إلى طاعة ينال صاحبه الأجر والثواب فضلا عن المكروه والحرام؟

عمر سليمان الأشقر: المباح له نظرتان، من الناحية الإسلامية، النظرة الأولى لا يمكن أن يصبح المباح عبادة، ذات المباح لا يمكن، أمامي طعام سمك وتفاح وبرتقال وكذا عندما تأكل الفاكهة أو اللحم أو الخبز هذا العمل ليس عبادة أن ترفع اللقمة إلى فمك وتأكلها، الرياضة ليست عبادة، لكن أن تستعمل هذه القضايا لطاعة الله، تقوي جسدك، تنام ليستريح الجسد حتى تستطيع أن تقوم لصلاة الفجر، حتى تستطيع أن تعمل العمل في النهار، تجعل المباح وسيلة هنا يصبح المباح عبادة، إذا لم تنو هذه النية الصالحة لا تؤجر ولكن إذا نويت هذه النية الصالحة، أنك تتقرب إلى الله تبارك وتعالى بالطعام والشراب والمبيت والرياضة وكذا، هذه تصبح عبادة لأنك تريد بها مقصدا طلبته الشريعة الإسلامية، المقاصد ينبغي أن تكون الشريعة حددتها فإذا طلبت هذا المقصد، صحيح، لكن إذا لم تطلب ليس لك أجر.


عثمان عثمان: في حال كان المقصد صحيحا ولكن الوسيلة إليه كانت مكروهة أو حراما، هل يمكن للنية أن تؤثر في المكروه والحرام فتحوله إلى طاعة؟

عمر سليمان الأشقر: بس أريد أن أضرب مثالا على السؤال الماضي، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب في صلاة الجمعة، رأى رجلا واقفا في الشمس، من هذا؟ قالوا هذا أبو إسرائيل، ليش واقف؟ قالوا نذر أن يقف ولا يجلس ولا يستظل ولا يتكلم ويصمت، هذه صورة، هل هي مباحة؟ الصوم مشروع، قال: يتم صومه، لماذا؟ لأن الصوم مشروع، نذر أن يصوم، قال: وليجلس ويتكلم إن الله غني أن يعذب هذا نفسه، ليس هناك منفعة تعود على الإسلام من وقوفه، ليس هناك منفعة تعود على الإسلام من عدم كلامه لكن صيامه عبادة، قال: وليتم صومه، فهذه صورة تبين لك، لكن هذه أعمال إذا فعلها لا يستطيع أن ينوي بها نية شرعية لكن إذا نوى بالطعام ونوى بالرياضة أن يقوى جسده وأن يستعين بذلك على طاعة الله، هذا جيد.


عثمان عثمان: يعني البعض يقول لك هناك فقر، هناك حالة اجتماعية متردية، هناك فقراء وهناك أغنياء هناك بون شاسع بينهما، ربما يريد أن يأخذ من الغني ليعطي الفقير، النية صادقة، النية حسنة، طبعا بطريقة السلب؟

عمر سليمان الأشقر: النية صادقة صحيح، لكن النية الصادقة لا تحول الحرام حلالا، النية الصادقة لا تحول مال غيرك حرام عليك، أن تسرق مال غيرك لتعطيه للفقراء لم يحل له ذلك، لكن ندعو الأغنياء ليتصدقوا لتقوم الجمعيات الخيرية بإنفاق أموالهم هذا صحيح، لكن نسرق! السرقة حرام، وإذا مسك وسارق تقطع يده ولو كان قصده أن يتقرب إلى الله عز وجل. هذا خطأ في الفهم والتصور.


عثمان عثمان: طبعا الإشراك في العبادة مفسد للإيمان ولكن ماذا عن التشريك في العبادة هل يجوز؟ بمعنى إنسان يريد أن يذهب إلى المسجد ليصلي بنية الصلاة ولكن لا مانع أن يكون في نيته أن يلتقي بصديق أو زميل أو أخ له في الله عز وجل؟

عمر سليمان الأشقر: هذه قضايا مشروعة لا تتعارض مع النية الخالصة، النية الصحيحة، هذه نية مشروعة، يعني أن أخرج إلى المسجد فأصلي ألتقي بأخواني هناك أحضر درسا، كل هذه الأمور قضايا مشروعة، فالعمل الواحد قد أقصد به عدة نيات فيكثر الأجر ويكثر الثواب فكل نية من هذه النيات إذا قصدتها تكثر أجر العمل الذي أنا أقصده، فهذا لا بأس به عمل صحيح، وأحيانا يكون العمل، يعني مثلا أضرب لك مثالا، الرسول صلى الله عليه وسلم سمع بكاء طفل وهو في صلاته فخفف الصلاة وقال لأصحابه من ورائه بعد فراغه من الصلاة خففت من صلاتي خشية أن تكون أمه معي فيتحرك قلبها عليه. فخفف الرسول عليه الصلاة والسلام، بعض العلماء اعتبر هذا شرك، تشريك، هذا ليس بشرك، هذا مقصد صحيح من التعاون على البر والتقوى. مثال آخر أنا في الصلاة كبرت أو أريد أن أكبر للركوع، كبرت وركعت، أسمع ورائي أناسا قادمين إلى المسجد إلى الصلاة فأطيل الركوع قليلا ليدركني الذين.. هذا ليس فيه بأس، ليس فيه بأس.


عثمان عثمان: الإخلاص فضيلة الدكتور محله النية والنية موضعها القلب، هل يمكن للإنسان أن يحكم على إنسان آخر بأنه مخلص أو لا، يعني هل يمكن أن يكون هناك مقاييس ومعايير للإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: لا هو لا يقال إن الإخلاص محله النية، الإخلاص هو النية والنية هي الإخلاص، كلاهما اسمان لشيء واحد وهو أن تريد بعملك وجه الله.


عثمان عثمان: ولكنه سلوك خفي؟

عمر سليمان الأشقر: كذلك الإخلاص سلوك خفي والنية سلوك خفي، فكلاهما أو هما اسمان لشيء واحد ألا وهو قصد الله تبارك وتعالى والعمل لمرضاة الله عز وجل، هذا يسمى نية وهذا يسمى إخلاص، السؤال ما هو؟

مقاييس الإخلاص والظواهر الاجتماعية

عثمان عثمان: هل يمكن لإنسان أن يحكم على إنسان آخر بأنه مخلص أو غير مخلص؟ يعني أتحدث عن المقاييس والمعايير للإخلاص.

عمر سليمان الأشقر: الإخلاص في القلب ولا يعلم ما في القلوب إلا الله، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم بنيات العباد وإخلاص العباد، عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سأل أمين سر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أطلعه على أسماء المنافقين، سأله بالله هل سماني رسول الله في المنافقين، قال لا ولن أقول لأحد بعدك لأن هذه أمانة من الرسول صلى الله عليه وسلم، فعمر خشي على نفسه، مش خشي على غيره، خشي على نفسه أن لا يكون مخلصا. فما بالك أنا أحكم على نيتك وقلبك، هذا لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.


عثمان عثمان: هل نحن مطالبون بالبحث عن هذا الموضوع؟

عمر سليمان الأشقر: كلا، كلا، لا نستطيع أن نطالب الناس أن يبحثوا عن نيات الآخرين، ولذلك الحديث الذي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله اقتل فلان، قال: ليس يصلي، قال: وكم من مصلي لا تقبل صلاته، أليس يفعل كذا، قال الرسول إني لم أؤمر أن أشق على قلوب الناس. أنا لم يأمرني الله تبارك وتعالى أن أشق على قلوب الناس، هذا أمر خاص بالله تبارك وتعالى.


عثمان عثمان: عندنا اليوم ما يسمى بالشهرة والنجومية وما إلى ذلك من مصطلحات، هل كل ذلك يتنافى مع الإخلاص أم لا؟

الداعية إذا كان مخلصا سواء كان في المسجد أو على شاشة التلفاز وانتفع به ملايين من البشر في مشارق الأرض ومغاربها له أجره وثوابه، وإذا كانت نيته أن ينال حظوة عند الناس فعمله باطل ويعذب به

عمر سليمان الأشقر: هذا يحتاج إلى تفصيل، قد تكون شهرة ونجومية في الدعوة إلى الله عز وجل، شهرة ونجومية في الدعوة إلى الله، هذه تحتاج إلى إخلاص في طلب العلم، في تعليم العلم، في نشر الإسلام، هذه سواء كانت في المسجد أو على شاشة التلفاز تحتاج إلى إخلاص، هذا الداعية إذا كان مخلصا وانتفع به ملايين من البشر في مشارق الأرض ومغاربها له أجره وثوابه، وإذا كانت نيته أن ينال حظوة عند الناس فهذا مش فقط عمله باطل هذا يعذب بعمله. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم " أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالم ومجاهد ومنفق"، مش تارك للصلاة مش تارك للزكاة، لكنهم لم يخلصوا في نياتهم، يأتي بالعالم يعرفه بنعمته عليه، يقول له ماذا عملت؟ يقول يا رب صليت وأقمت الصلاة وعلمت الناس، يقول له كذبت إنما علمت ليقال عالم، إذهبوا به إلى النار، وكذلك المجاهد وكذلك المنفق لم يخلصوا، هؤلاء يبطل عملهم ويعذبون في يوم القيامة، مش بس فقط يبطل العمل، يعذب في يوم القيامة. كن نجما، كن داعية، أحسن عملك لكن جاهد نفسك لتكون مخلصا، إذا كنت تريد ثناء الناس أن يثنوا عليك وأن يعرفوك، تصبح نجما مشهورا وإنسانا عالما كبيرا، حتى ولو، سواء كان شركا، رياء، شرك تريد ما عند الله وما عند الناس، أو كنت تريد ما عند الناس فقط، كلاهما باطل ومعذب.


عثمان عثمان: يعني هل ترى أن السعي إلى النجومية والشهرة فيه إثم شرعي؟

عمر سليمان الأشقر: لا، يعني بعض الناس يرائي في صلاته، كما يقال الرسول صلى الله عليه وسلم، يطيل الصلاة رياء، تبطل الصلاة، الصلاة تبطل، إذا أراد أن يكون داعيا إلى الله تبارك وتعالى ينشر الإسلام ويبين معاني كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ويدعو إلى الخير، إذا كان كذلك يجب عليه أن يجاهد نفسه أن يكون هذا العمل لله يريد به وجهه وهذا ممكن ومستطاع، هذا ممكن ومستطاع لكن إذا لم يجاهد نفسه وغاب عن ذهنه الإخلاص وأصبح يطلب الشهرة والمجد والرفعة والنجومية والشهرة يبطل عمله.


عثمان عثمان: يعني من النجومية والشهرة إلى حياتنا الاجتماعية اليومية، يعني هناك موضوع الأخوة في الله عز وجل، بعض الناس لا يصاحبون إنسانا إلا لمصلحة معينة، يعني هناك النفعي، هناك البراغماتي، هناك المصلحجي كما يقال، هل يفسد كل ذلك مفهوم الأخوة في الله عز وجل؟

عمر سليمان الأشقر: هذه القضية مختلفة، يعني الأصل أنك لا تنال أجرا وثوابا إلا إذا كانت أخوتك لله، تعلم الحديث الذي عندما أرسل الله ملكا على مدرجة رجل، في صورة رجل، رجل أراد أن يذهب لزيارة أخيه في الله في قرية من القرى فأرسل له ملك، إلى أين؟ قال: في القرية الفلانية، ماذا تريد؟ أزور أخي فلان، قال: له نعمة عليك؟ لك كذا؟ له كذا؟ قال: لا، والله ما أردت، قال: فإن الله أرسلني إليك ليبلغك أنه يحبك. لكن واحد راح زار علشان مصلحة دنيوية، ليس له أجر لكن ليس عليه إثم، إلا إذا قال له أنا جئتك لله وأنا أحبك في الله وأنا أخوك في الله وهو ليس كذلك، أما إذا ذهب إليه لمصلحة فكثير من الناس يتزاورون ويلتقون على أمور الدنيا، هذا ليس عليه إثم ولكن الإثم إذا قال له أنا جئتك أنت أخي في الله وأنت حبيبي في الله ونودك في الله ثم كان كاذبا في ذلك، هذا رياء، إذا زاره حبا في الله فله أجر وثواب كما أخبر الملك ذلك الرجل بأن الله يحبه.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور، طبعا من القيم المركزية في الإسلام الخفاء من قبيل من تصدق بيمينه فأخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، هل الإعلان عن فعل خير ما فيه إفساد للإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: شوف في بعض الأعمال، صلاة الفريضة، الزكاة صوم رمضان، يعني هذه قضايا أنت لا تستطيع أن تخفيها، الفريضة، أنت مأمور أن تصلي في المسجد، الصوم في شهر أنت يجب أن تصومه، الناس يعلمون أنك صائم، فالفرائض هذه يجب أن تكون خالصة لله تبارك وتعالى ولا ينفع فيها الخفاء، ما بيصح أنه واحد يصوم خفية في رمضان، كل الناس صايمين، واحد بيزكي، الزكاة فريضة إذا لم تؤدي الزكاة يظن الناس بك الظنون إذا أخفيتها، الصلاة فريضة، الحج فريضة، هذه لا تستطيع أن تخفيها، في أعمال قابلة لأن تكون خفية وأن تكون معلنة..


عثمان عثمان (مقاطعا): مثل؟

عمر سليمان الأشقر: النوافل، قيام الليل، مش ضروري أن تتحدث في هذا دائما، النوافل في الصدقة، نوافل الصدقة، الصوم، صوم النافلة، هذه قضايا يجوز أن تخفيها ويجوز أن تعلنها، إذا أعلنتها ونيتك خالصة صومك صحيح..


عثمان عثمان (مقاطعا): ربما البعض يعلنها بهدف تحفيز الناس على فعل الخير ليكون دالا عليه، قدوة فيه.

عمر سليمان الأشقر: هذا نمط آخر خاصة في الصدقة، في الصدقة بعض الأغنياء إذا تصدق علانية وأظهر أنه تصدق بمائة ألف أو مليون هؤلاء الناس يقتدون به ويتأثرون به، كما جاء وفد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقراء فالرسول تألم لفقرهم وحاجتهم وخطب في الناس فلم يأت أحد بشيء، بعد شوي وإذا رجل جاء بصرتين ثقيلتين يتلتلهما عجزت كفاه عن حملهما من فضة أو ذهب، فالصحابة رأوا هذا المنظر كل ذهب إلى بيته، هذا جاب تمر هذا جاب فلوس هذا جاب ثياب هذا، فسر الرسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح وجهه كأنه مذهبة كأنه ذهب لسروره وقال من عمل حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، هذا نال أجر كل أجر هؤلاء الناس لماذا؟ لأن فعله أثر فيهم فتصدقوا تأثرا بصدقته.


عثمان عثمان:  يعني هل يدخل تحت مسمى من سن في الإسلام سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؟

عمر سليمان الأشقر: نعم، هذا سياق الحديث لا يدل على البدعة التي يتحدث عنها بعض العلماء، يدل على فعل شيء مشروع تابعه غيره فيه. بدنا نبني مسجد، قال يا جماعة أنا عليّ عشرة آلاف دينار، استنهض همم الناس، عشرة آلاف طيب أنا علي ألف، أنا علي ألفين، أنا علي، جمعنا خمسين ألفا، هو له مثل أجرهم، ماذا فعل؟ عمل عملا مشروعا تابعه فيه غيره، هذه السنة الحسنة المذكورة في الحديث.


عثمان عثمان: من يترشح للانتخابات المحلية أو النيابية أو حتى الرئاسية، فضيلة الدكتور، يحاول أن يظهر أمام الناس أفضل ما لديه من مزايا وصفات طمعا في أصوات الناخبين وطبعا هو يريد من هذا الانتخاب أن يصل إلى مقعد معين ليخدم الإسلام والمسلمين، هل يناقض ذلك الإخلاص أم لا؟ أسمع منكم الإجابة إن شاء الله تعالى بعد فاصل قصير، فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم إلى متابعة هذه الحلقة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحكام الإظهار والإخفاء وحب الثناء

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان الإخلاص في زمن الشهرة مع فضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر. فضيلة الدكتور الانتخابات بأنواعها، البعض يظهر سيرته الذاتية وما فعله من خيرات كثيرة طمعا في أصوات الناخبين، هو يقول إنه يريد من هذه الانتخابات أن يصل إلى مقعد معين يخدم من خلاله الإسلام والمسلمين، هل إظهار تلك الحسنات والمزايا والصفات الحسنة يناقض الإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: أمر هذه المسألة شديد، ليس كل الناس يريدون مثل هذا العمل وينجحون في أن يقيموا وجوههم وقلوبهم لله، كثير من الناس يفشل، يتكلم عن الإخلاص وأنه يريد بعمله وجه الله وأنه يريد خدمة الإسلام والمسلمين وهو ليس كذلك فيكون هذا رياء، لكن إذا تكلم عن شيء طبيعي، أنا أريد المنصب وأنا فلان بن فلان وأنا طبيب وأنا أحسن هذا العمل ولم يتكلم أنه يريد الإسلام ومصلحة الإسلام والمسلمين هذا ليس عليه إثم وليس له أجر.


عثمان عثمان: لكن يوسف عليه السلام يعني عندما جاء إلى ملك مصر قال اجعلني على خزائن الأرض فإني حفيظ عليم؟

عمر سليمان الأشقر: كان صادقا لأنه نبي، يوسف نبي، رسول، وكان صادقا، الفئة الممتازة من البشرية التي لا شك في إخلاصها هم الأنبياء والرسل، غير الأنبياء والرسل طبعا يتفاوت الناس، بدون شك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، هؤلاء قمة الناس بعد الرسل، لكن غيرهم آحاد الناس اليوم، واحد من أمرين إما أن يكون صادقا في كلامه ومخلصا في كلامه وفعلا عندما نجح فعل ذلك، هذا مأجور مثاب، إذا كان كاذبا لا ينوي مصلحة الإسلام والمسلمين ولا ينوي ذلك هذا كاذب وبالتالي هو مرائي، إذا كان كلامه ليس فيه رياء، يقول يا جماعة أنا طبيب أنا عندي شهادات عليا في كذا وكذا أستطيع أن أخدم أهل بلدي، أهل حارتي، أفعل كذا كذا، هذا ليس فيه أجر وليس فيه ثواب، فبحسب النية التي في القلب يُحكم عليها بالعمل.


عثمان عثمان: اسمح لنا فضيلة الدكتور أن نأخذ مشاركة من الدكتور حسن الشافعي أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية دار العلوم في القاهرة. السلام عليكم دكتور؟

حسن الشافعي/ أستاذ العقيدة والفلسفة: وعليكم السلام ورحمة الله.


عثمان عثمان: مرحبا بكم دكتور.

حسن الشافعي: قولي في هذا، بسم الله الرحمن الرحيم، نعم في زمن الشهرة وصناعة النجوم بل وإسقاطها أيضا في الوقت نفسه أصبح من اللافت للنظر والاهتمام غزو هذه الروح النجومية أو الصناعة النجومية لميدان الوظائف الدينية، الدعوة والإفتاء بل والدعاء، وأود أيضا أن أقرر في البداية أن الإخلاص هو روح الدين كله، يقول تعالى في أوائل سورة الزمر {..فاعبد الله مخلصا له الدين}[الزمر:2] ولكن الإخلاص شأن قلبي وروحي فيما بين العبد وربه لا نملك القول فيه لا سلبا ولا إيجابا فيما يتعلق بشخص معين أو فئة أو مجال اجتماعي خاص، ولكن الذي نسمح لأنفسنا أن نتعرض له هو أن نبعد كما قلت الشهرة والنجومية عن مجال الوظائف الدينية قدر الإمكان، فالشهرة في ذاتها خطر عظيم، وقد روي كفى بالمرء سوءا أو إثما أن يشار إليه بالأصابع، ليس معنى هذا أن كل مشهور فهو فاسد النية فالشيخ الغزالي مثلا والشيخ الشعراوي كانا من أبرز النجوم إن جاز هذا التعبير على الصعيدين العربي والإسلامي ونحسبهما كانا على خير والله حاسبهما، ولكن الذي نقصد هنا إبعاد الوظائف الدينية كما قلت قدر الإمكان عن صناعة النجوم وأخطارها ومتطلباتها وبلواها التي عمت في هذا الزمان، والدعاء في الواقع مثال جيد وواضح على ما نريد أن نقول، فالبلاغة في الدعاء مطلوبة وأبلغه الدعاء النبوي وكذا تجويد ألفاظ الدعاء، يرى بعض العلماء أنه مسنون إذا كانت الألفاظ نبوية أما الكلام العادي فلا شأن فيه لآداب التجويد أو أحكام التجويد. ولكن الذي أود التنبيه إليه هما ظاهرتان، الأولى أن الدعاء وهو مقام التخشع والتذلل بين يدي علام الغيوب أصبح يوقع -وصدقني فلي بعض الخبرة- يوقع موسيقيا، فهل يتوافق ذلك مع الخشوع ظاهرا وباطنا؟! روى أهل بغداد سمعت بهلولا يدعو في أحد مساجد بغداد والناس ألوف من خلفه يؤمنون وهو لا يزيد على قوله اللهم اجعلنا جيدين، اللهم اجعلنا جيدين. الظاهرة الثانية، التباكي الزائد عن الحد والتواجد لا الوجد وهذا أمر قد بلغ الحد بل تجاوز كل حد، وينبغي التناصح بشأنه فما يغلب المرء من العاطفة لا كلام فيه ولا يملك المرء أمره فيه، لكن استدعاءها واستنزال قطرات من الدمع قد لا تكون صادقة أمر يحسن كما قلت أن نتناصح بشأنه. هذا ما عندي والله ولي التوفيق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.


عثمان عثمان: الدكتور حسن الشافعي أستاذ العقيدة والفلسفة في كلية دار العلوم في القاهرة أشكرك جزيل الشكر، التباكي في الدعاء، فضيلة الدكتور، ولكن ماذا أيضا عن التباكي أيضا في قراءة القرآن، إن لم تبكوا فتباكوا؟

عمر سليمان الأشقر: أنا قلت ولا أزال أقول، يعني قد يأتي، أنا إمام في المسجد في رمضان، فيأتي التلفاز يصور الإمام والمصلين طيلة قيام رمضان وطيلة الدعاء في رمضان، إذا كان الإمام أخلص نيته لله فيما يقرأ ولم يرد هذه الشهرة ولم يرد أن يعرفه الناس وأن يتحدث هذا له أجره وثوابه ويمكنه أن يفعل هذا، فإذا لم يكن كذلك وابتغى هذه الشهرة وأحب أن تقرب الكاميرا عليه بطرق بحيث أنه فعلا يريد أن يعرفه، هذا عمله باطل. فالقضية إخلاص، إخلاص في القلب، الإخلاص ممكن مع كل الجهود التي قد تصرف الإنسان، الشيطان يحاول أن يصرفنا عن الإخلاص، النفس الأمارة بالسوء تحاول أن تصرفنا عن الإخلاص، الهوى يحاول أن يصرفنا عن الإخلاص، شياطين الجن والإنس، لكن إذا ثبت الإنسان وأخلص دينه لله فصلاته صحيحة وعبادته صحيحة ودعاؤه صحيح وهو نشر الخير بين الناس، وإذا لم يكن كذلك فعمله باطل.


عثمان عثمان: طبعا ربما هذا السؤال الملح، هناك بعض الناس يحب أن يحمد بما لم يفعل وهناك من يحب أن يحمد بما لم يفعل، يعني حب المديح والثناء من الناس غير جائز، مفسد للإخلاص؟

عمر سليمان الأشقر: هذا أكثر سوءا من الإخلاص، هذا يريد أن يحمد بما لم يفعل، المصلي يريد أن يحمده الناس بطول صلاته، أن يحمده الناس بصيامه، أن يحمده الناس بأدائه لصدقته، لكن هذا يريد أن يتحدث عن أمور لم تحدث ولم تقع منه ويريد أن يحمده الناس عليها.

الأمور المفسدة للإخلاص والعوامل المساعدة عليه

عثمان عثمان: يعني ربما نسأل عن الأمور التي إذا دخلت على العمل أفسدت الإخلاص فيه.

عمر سليمان الأشقر: التي تدخل على العمل؟


عثمان عثمان: تفسد الإخلاص فيه.

عمر سليمان الأشقر:عدة أمور، الشرك هذا الماحقة أن الإنسان يشرك.. يذبح الذبيحة للصنم ولله، يذبح الذبيحة للقبر ويذبحها لله. الهوى،  اتباع الهوى {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه..}[الجاثية:23] الهوى قاتل، إذا كان لا يلتزم بأحكام الشريعة وإنما الذي يحركه هواه، الرياء، الرياء يفسد العمل وذكرت الحديث الذي فيه الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار في يوم القيامة، هؤلاء الثلاثة يدخلون النار بسبب ماذا؟ بسبب ريائهم، لأنهم أفسدوا الإخلاص، كل هذا مفسد لأيش؟ للإخلاص، الأعمال التي تحدثنا عنها فيما مضى، الأعمال المباحة، إذا لم ينو بها لا خير ولا شر ليس له أجر وليس عليه وزر، لكن إذا نوى به التقوي على طاعة الله تبارك وتعالى له أجر، إذا قال للناس إنه يريد أن يتقوى على طاعة الله وهو كاذب، هذا رياء يفسد نيته ويفسد إخلاصه، فهذه أشياء إذا خالطت الإخلاص، الشرك، الرياء، الهوى، النفس الأمارة بالسوء، إذا خالطت الإخلاص أفسدته، يبقى الذي يدخل في دائرة الإخلاص أن تعبد الله مخلصا له الدين بالواجبات وبالمستحبات، سواء كانت واجبات قلبية، التوكل على الله والاعتماد على الله تبارك وتعالى، أو عملية مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، أو مالية أو لسانية، الاستغاثة بالله، ينبغي أن يكون الداعي الذي يدعو، يدعو الله وحده تبارك وتعالى، {..ليعبدوا الله مخلصين له الدين..}[البينة:5]، {فادعوه مخلصين له الدين}[غافر:65]، الدعاء عبادة كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو داود في سننه "الدعاء هو العبادة" يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك رواية أخرى " الدعاء مخ العبادة" غير صحيح، الحديث الصحيح "الدعاء هو العبادة"، فإذا دعا الله تبارك وتعالى لا يجوز أن يدعو صنما لا يجوز أن يدعو وثنا لا يجوز أن يستغيث بغير الله، لا يستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، أما إذا طلبت من حي أن يأتي لك بطعام، يأتي لك بشراب هذا يقدر عليه، لكن أن تستغيث به في الشدائد والمصائب والبلايا التي لا يقدر على دفعها إلا الله تبارك وتعالى، هذا شرك، كذلك الاستعانة {إياك نعبد وإياك نستعين}[الفاتحة:5] الاستعانة ينبغي أن تكون بالله تبارك وتعالى، فهذه عبادات تدخل في الإخلاص.


عثمان عثمان: نعم فضيلة الدكتور تحدثنا ربما عن طلب النعيم الأخروي بأنه لا يفسد الإخلاص، ماذا عن طلب النفع الدنيوي، يعني بعض الناس يذهبون إلى الحج وبنفس الوقت يذهب بتجارة، هل يفسد ذلك الإخلاص أيضا؟

عمر سليمان الأشقر: هو بعض الناس المتعبدين، ليس العلماء، بعض المتعبدين والمتعبدات يرون أن طلب النعيم الأخروي والخلوص من الشقاء الأخروي في النار ينافي الإخلاص ويتناقلون قول رابعة العدوية، عبدتك لا خوفا من نارك ولا طلبا لجنتك وإنما شوقا إليك، أو كذا، سادات الرسل، إبراهيم عليه السلام، موسى عليه السلام، نوح، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كلهم يطلب الجنة ويسأل الله أن ينجيه من النار، فهذا اتهام للرسل واتهام للأنبياء واتهام للصالحين، طلب.. الجنة تحوي كل نعيم في الآخرة، كما يقول شيخ الإسلام بن تيمية، الجنة تحوي كل نعيم موجود في الآخرة، ومن ذلك رؤية الله، الذي لا يدخل الجنة لا يرى الله والذي يدخل الجنة يرى الله تبارك وتعالى، وكذلك النار هي موئل ومصير كل الشقاء الأخروي، الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل قال له يا رسول الله والله لا أحسن دندنتك ودندنة معاذ -أنتم بتدندنوا- ولكن أقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قال حولها ندندن. كل دعائنا وكلامنا حول هذه القضية. كلنا، إبراهيم عليه السلام كان يدعو، يطلب من الله تبارك وتعالى النعيم وينجيه من النار، موسى عليه السلام ونوح، كل المؤمنين والصالحين يدعون ربهم يطلبون منه أن يدخلهم الجنة وأن ينجيهم من النار، فنقول إن سادات المؤمنين هؤلاء الرسل والأنبياء والصالحين، هؤلاء الناس في خلل في عملهم ورابعة العدوية وفلان وفلان هم الأكمل والأصلح؟ لا.


عثمان عثمان: هذا في النفع الأخروي فضيلة الدكتور، في الدنيوي؟

عمر سليمان الأشقر: في الدنيوي الأصل أن الإنسان لا يطلب إلا وجه الله تبارك وتعالى، لا يطلب..


عثمان عثمان: حتى لو كان الحج خمسة نجوم ما فيش مشكلة؟

عمر سليمان الأشقر: الحج مختلف، الحج ليست نيتك أن تعبد الله بالتجارة، ليس كذلك، أذن الله لك أن تتاجر في موسم الحج، هذا شيء وهذا شيء، هذان أمران أن تتجر بمالك في موسم الحج، الحج والعمرة عبادة والإتجار بالمال أمر دنيوي مشروع، {ليس عليكم حناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة:198]قال ابن عباس أي بالتجارة في مواسم الحج، التجارة، هذا شيء وهذا شيء، هذا لا يؤثر في هذا ولكن النص أراحنا حتى لا يأتي عالم أو إنسان فاضل فيقول لي لا يجوز أن تتاجر، وحدثت هذه مع عبد الله بن عمر، قال له يا بن عمر أكري الجمال إلى الحج والناس يقولون لا يجوز لك ذلك، فقال له ربنا يقول كذا وكذا، والرسول صلى الله عليه وسلم أذن للذين يفعلون هذا الفعل، وتصور بالله عليك لو فيش تجارة وفيش عمل في موسم الحج من أين يأكل الناس؟ من الذي يحملهم؟ من الذي يسقيهم؟ من الذي يداويهم؟ الحج إذا منعت فيه العمل إما أن تحج وإما أن تتاجر وتعمل عمل الدنيا.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور دعنا نأخذ سؤالا من أحد السادة المشاهدين على الإنترنت يسأل كيف يحمل نفسه على الإخلاص، يعني هل هناك من عوامل مساعدة؟ هل هناك من طرق عملية ونظرية تساعد على الإخلاص؟

المسلم إذا نوى بعمله ما عند الله تبارك وتعالى نجا، فالله تبارك وتعالى كمال مطلق ليس فيه نقص، ليس فيه عيب، الذي يتوجه إليه يسعده يحرره من أن يعبد المخلوقات يجعله في صف الصالحين

عمر سليمان الأشقر: من دون شك، يعني ثمرة الإخلاص ما هي؟ أن يتقبل الله عملك فتفوز، هذا العمل يؤهلك لدخول الجنة والنجاة من النار فإذا لم تخلص في عملك راءيت بطل عملك، مش بطل عملك فقط وعذبت في النار، وعذبت في النار، فأول شيء أن المسلم إذا نوى بعمله ما عند الله تبارك وتعالى نجا، هذه قيمة كبيرة جدا للمسلم، مثلا يعلم أن الذي يستحق العبادة من هو؟ الله تبارك وتعالى، فهو الذي يستحق أن تتوجه إليه، لماذا؟ لأنه هو الذي يستطيع أن ينجيك من المصائب والبلايا. الإنسان دائما يحتاج إلى غيره ما في إنسان غني، الناس دائما يحتاجون إلى غيرهم دائما الإنسان يطلب ما عند الغير لكنه لا يشبعه شيء. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول " لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى ثالثا، ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب" لكن إيش اللي يملؤه؟ {..ألا بذكر الله تطمئن القلوب}[الرعد:28] الله تبارك وتعالى كمال مطلق ليس فيه نقص، ليس فيه عيب، الذي يتوجه إليه يسعده يحرره من أن يعبد المخلوقات يجعله في صف الصالحين، من دون شك هناك في علامات كثيرة.


عثمان عثمان: يعني أحد الأخوة المشاهدين أيضا يسأل ما هي علامات الإخلاص؟ هل للمخلص علامات يعرف بها؟

عمر سليمان الأشقر: الإخلاص أمر خفي، الإخلاص أمر خفي لا نستطيع كما ذكرت أن نتطلع عليه، مهما كان الإنسان يحسن الظن قد يكون الذي أمامك كاذب، وحدث في التاريخ كثير جدا ونحن رأينا كثيرا، تظن أنه مخلص وبعدين يتكشف لك أنه ليس بمخلص، وأنه..


عثمان عثمان (مقاطعا): ليس هناك علامات محددة إذا؟

عمر سليمان الأشقر: لا، يعني إذا كان الإنسان يحافظ على الصلوات، يحافظ على قراءة القرآن، نرجو أن يكون مخلصا، يعني إذا يشهد له الناس..


عثمان عثمان (مقاطعا): هذا يدله على الطاعة والهداية والإخلاص.

عمر سليمان الأشقر: دائما في الطاعة وفي كذا ليس فيه دلائل تدل على أنه يريد ما عند الناس..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور سؤال قد يكون الأخير في دقيقة واحدة، هناك البعض يترك عملا صالحا مخافة الرياء، هل هذا جائز أم أنه من تلبيس إبليس؟

عمر سليمان الأشقر: هذا رياء، هذا رياء، أن تترك العمل الصالح من أجل الرياء هذا رياء، كما قال أحد الصالحين، قال: إذا جاءك الشيطان يوسوس لك ويقول لك أنت قصر صلاتك حتى لا يكون رياء، قال: فزدها، الأصل أنك تطلب، أنك تجعل عملك لله وتجاهد في نفسك أن تكون مخلصا لكن لا تطع الشيطان في ترك العمل فأطعت الشيطان وعصيت الرحمن، هذا رياء.


عثمان عثمان: في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكركم فضيلة الشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر أستاذ الشريعة في الكويت والأردن سابقا على حضوركم معنا وعلى هذه الحلقة الثرية الغنية. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله، دمتم بأمان الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.