الشريعة والحياة

حلقة خاصة للرد على استفسارات المشاهدين

يستضيف البرنامج الداعية يوسف القرضاوي ليرد على تساؤلات الشريعة والاستفسارات حول مجريات الأحداث اليومية، ولقد كان لتطورات الوضع العسكري والأمني المتسارع في مالي نصيب وافر منها.

– تطورات الوضع الميداني في مالي
– خطف رهائن مدنيين من الناحية الشرعية
– محاربة الفساد في دول الربيع العربي
– الفائدة الربوية في الإسلام
– الاحتفال بذكرى المولد النبوي

 

‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وأهلاً ومرحباً بكم على الهواء مباشرةً من الدوحة في حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة حلقتنا لهذا اليوم نخصصها لتلقي تساؤلاتكم الشريعة واستفساراتكم حول مجريات الأحداث اليومية، ولقد كان لتطورات الوضع العسكري والأمني المتسارع في مالي نصيب وافر منها ولم تغب عند المشهد أيضاً أسئلة الثورات العربية إضافةً إلى أسئلة فقهية متعددة يجيب على هذه الأسئلة سماحة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي والذي نرحب به بعد طول غياب مرحباً بكم سيدي.

يوسف القرضاوي: مرحباً بكم أخ عثمان أهلاً وسهلاً.

تطورات الوضع الميداني في مالي

عثمان عثمان: تطورات الوضع الميداني العسكري والأمني في مالي استحوذ كما ذكرنا على أسئلة الكثير من المشاهدين الكرام بدايةً ما تعليقكم على ما يجري هناك؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه {رَبَّنَا ءاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] } رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] وبعد؛ فإن المسلمين في كل مكان يبحثون عن السلام سلام منطقتهم وسلام العالم من حولهم وليس هناك دين يبحث عن السلام كما يبحث دين الإسلام حتى إن الإسلام والسلام من مادة واحدة، سلم يسلم منها سلام ومنها إسلام فالإسلام والسلام شيء واحد والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة:208] فكل الناس مطلوبون أن يدخلوا في السلم أي في السلام، ولذلك يهتم المسلمون بأمر السلام وإذا هددوا بالحرب لا شك أن يقلق الناس في الداخل وفي الخارج من الحرب ومن وائدات الحرب ومن نتائج الحرب، ومن هنا اهتم المسلمون في أنحاء العالم بما يجري في مالي من أحداث ومن اقتتال بين الإخوة بعضهم وبعض وأصبحوا الآن البعض اعتزل القتال والبعض مستمر فيه والبعض يقاتل والبعض يعني ينتظر السلام ونحن علماء المسلمين الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين نهتم بهذه القضية وأصدرنا بياناً حول هذا ودعونا فيه إلى إلقاء السلام إلى المصالحة، أهم ما يهمنا في هذا هو إصلاح ذات البين، لا نريد للمسلمين أن يختصموا ويصبحوا يقتلوا بعضهم بعضا النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دعنا إلى أن نعتصم بحبل الله جميعاً ولا نتفرق ويصلح بعضنا بعضا والله تعالى يقول {فاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[الأنفال:1] {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:114] والله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[النساء:176] بين إخوتكم أو بين أخوتكم حسب القراءات أصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((ألا أدلكم على من أفضل الصلاة والصيام والصدقة إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)) فالعملية خطيرة على دين المسلم وعلى دنياه وعلى جماعته وعلى أمته ومن هنا نحن الذين يهمنا أن نصلح بين الفرق، هذه الفرق ليست فرق متعادية ده فرق من دين واحد ومن أمة واحدة ولكن جاءت أحداث فرقت بينهم وجعلت بعضهم يضرب بعضاً ويطعن في بعض، وهذا لا يجوز أن يستمر كل عاقل وكل ذي حكمة وكل ذي لب لا بد أن يبذل جهده ليعيد المياه إلى مجاريها وتعود الأمة أمة واحدة كما أمرنا الله تعالى ربنا قال {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:92] {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}[المؤمنون:52] فلا بد أن نعيد الأمة إلى وحدتها بحيث يصبح بعضها مؤيد لبعض لا نقتل لبعض، ولذلك هذا ما سعينا إليه في بياننا الذي أخذناه ونسعى إليه الآن بكل ما نستطيع، نحن في الاتحاد العالمي مستعد أن يبعث بطائفة من علمائه ومن الحكماء الذين هم حكماء الأمة وإن لم يكونوا من العلماء ولكن هم معنا في هذه الخطوات للسعي للإصلاح بين المتقاتلين والمتخاصمين، لا يجوز أن الأمة يظل يقتل بعضها بعض يعني لماذا النبي صلى الله عليه وسلم حريص على أن لا يقتل من الأمة فرد، ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) هكذا قال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، هذا ما يقوله عليه السلام السباب فسوق أما القتال كفر، يعني وبعدين إذا لا يجوز أن يقتل المسلم المسلم لأنه في الحالة ديت لا هذا أمر محرم يعني فالمفروض المسلم لا يقتل المسلم بل يحمي المسلم يدافع عن المسلم يتلقى الرصاص وضربات السهام وضربات الرماح في صدره هو ليحمي صدر أخيه المسلم، فهذا هو الذي جاء به الإسلام وجاء به القرآن وما جاءت به السنة وما قاله علماء المسلمين ولذلك علينا نحن أن نتحمل هذا ويكون كل همنا أننا نسعى للإصلاح بين المسلمين نحن نحاول أن نقرب لأن الشيطان هو الذي ينفخ في هذه الأمور ويجعل من القضية صعبة وعملية كبيرة جداً ولكن لا يجوز لنا أن نطيع الشيطان، الشيطان هو عدو مبين {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[ الأعراف:22] نجعل كل عداوتنا وكل كراهيتنا للشيطان، وأما نحن فيما بيننا نحاول أن نصلح يعني فيما بيننا فهذا ما أدعو إليه الإخوة وإخواننا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مالي واتحاد علماء إفريقيا أيدونا في دعوتنا وكل عاقل وكل حكيم وكل ذي رأي وكل من يحب المسلمين ويحب الخير لهم ويحب دفع الشر عنهم يؤيدونا في هذا من يكون ضد الإصلاح بين الناس نصلح فيما بيننا ونعمل جميعاً في بناء هذه البلاد وكل واحد يعمل بجهده بدلا ما نعمل في القتال والقتال ما أسرع أنه يعني نرى نتيجته دماء، هذه الدماء ما الذي يستفيد منها لا يمكن أن يستفيد منها المسلمون لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام الذين يفرحون يعني بهذا ويتمنون أن يستمر هذا الأمر وهم يتفرجون يعني يزيد النار وبأنها تشب باستمرار وتظل متقدة ونحن الذين ندفع الثمن.

عثمان عثمان: أنتم فضيلة الدكتور وجهتم من خلال بيان نداءً إلى منظمة التعاون الإسلامي إلى دول الاتحاد الإفريقي للتدخل الجاد لوقف الحرب وانتقدتم التدخل السريع من قبل فرنسا وشن الحرب في مالي، في وقت يتساءل المشاهد عبد المولى كيف أتخذ قرار الحرب في مالي بسرعة وهناك تلكؤ عن مساندة الشعب السوري الذي يتعرض للإبادة يعني يقارن بين الصورتين هنا.

يوسف القرضاوي: طبعاً نحن نطالب مجلس الأمن ونطالب الهيئات الدولية ونطالب البلاد الأوروبية والبلاد الأميركية والبلاد الكبرى نطالبهم بأن يتدخلوا لحماية الشعب السوري، الشعب السوري يقتل يعني النظام عنده طائرات، طائرات الميغ بتحارب في الميادين الكبرى يقاتل بها الشعب السوري ويقتل بالعشرات والمئات ولا يتدخل أحد ولكن في الأمور اللي مثل هذه بسرعة ما تحل ويجد لها مكانا، بقولك الحكومة المالية هي التي دعت الفرنسيين وما أسرع ما استجاب الفرنسيون في قضية هذا ما لا يرضاه نحن المسلمين لأنفسنا، يجب يكون عندنا عقل ونقول نحن مسلمون نحن كلنا مؤمنون بالله عز وجل مؤمنين بكتبه برسله باليوم الآخر بالقضاء خيره وشره وحلوه ومره، نحن مؤمنون لماذا نتقاتل؟ لماذا يقتل بعضنا بعضاً؟ فالأولى بنا أن يمد كلاً منا يده لأخيه يصافحه ونسمع بعضنا لبعض ماذا عندنا لنعرف حتى يعني يمكن أننا نتقارب البعض يتنازل عن شيء مما عنده وهذا يتنازل عن شيء وهذا يفهم شيء فهماً جديداً فيقترب الكل ويصبحون يداً واحدة وجبهة واحدة.

عثمان عثمان: إبراهيم سلامة يسأل عن واجب المسلمين الذين يعيشون في بلد غربي يشن حرباً على بلد مسلم فيغزو أرضه ويقتل ويشرد أبناءه؟

يوسف القرضاوي: هذا يعني لا نستغرب أنه بلد غير مسلم يشن حرب على بلد مسلم بأدنى وسيلة وبأقل شيء بسبب وبغير سبب وبما يفهم وما لا يفهم يتدخل هؤلاء في بلاد المسلمين هذا ما ننتظره من هؤلاء، يعني ولكن نحن يجب أن يكون عندنا عقل نفهم به ماذا ينفعنا وماذا يضرنا ماذا نقبله وماذا لا نقبله، لا ينبغي أن نقبل أبداً إننا نصبح نحن الكل يتلاعب بنا إحنا أمة يعني ربنا جعلها خير أمة أخرجت للناس وجعلها أمة وسط وجعل لها ميزة، أمة الإسلام وأمة القرآن وأمة محمد عليه الصلاة والسلام، لا ينبغي أن تكون مضغة في أفواه غيرها إنما يجب أن تكون لها شخصيتها التي تزن بها ماذا يضرها وماذا ينفعها ماذا يصلح لها وماذا يفسدها هذا المطلوب من الأمة.

خطف رهائن مدنيين من الناحية الشرعية

عثمان عثمان: رامز الحثيني يسأل عن حكم قتل الأسرى في الإسلام هل يجوز خطف رهائن أجانب مدنيين غير مسلمين وتعريض حياتهم للخطر في سبيل تحقيق مصالح سياسية كانت أو دينية؟

يوسف القرضاوي: لا يجوز أن يقتل إلا من يقاتل هذا هو الأصل في الإسلام الله تعالى يقول {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190] يقول {الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة:191] والفتنة أكبر من القتل، الفتنة أكبر من القتل من الناحية الكمية وأشد من القتل من ناحية الكيفية لأن الفتنة أنك تقتل عقل الإنسان وإرادته وفكره إنما القتل تقتل جسمه، وقتل العقل والفكر أهم من قتل الجسم ولذلك كانت أشد من القتل وأكبر من القتل لا يجوز لنا أننا نقتل الناس بغير موجب، من يقتلنا نقتله يعني دفاعاً عن النفس، إنما الأصل الإسلام يدعو إلى السلم الله سبحانه وتعالى يعني يقول {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب:25] في غزوة الخندق غزوة الأحزاب {ورَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}[الأحزاب:25] يعني أنظر إلى هذه العبارة كفى الله المؤمنين القتال لو كانوا المسلمين يحبوا القتل ويعتبرون القتل ده نعمة عظيمة ما كنش ربنا امتن على المسلمين بأنه كفاهم القتال، قتال الكفار، {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}[الأحزاب:25] فربنا والمسلمون اعتبروا صلح الحديبية فتحاً مبيناً ونزل فيه القرآن الكريم يقول {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [الفتح: 1] فتح وفتح مبين مش فتح عادي، وبعض الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم ((أفتح هو يا رسول الله قال: نعم هو فتح)) لأن لم يتصور هذا الصحابي أن يكون فتحا بدون حرب نحن متصالحين إزاي يبقى فتح، فليس يبقى الفتح دائماً بالحروب، في فتح بالسلم وبالفكر وأنا أعتقد أن الإسلام حين يفتح العالم في الفترة القادمة بإذن الله إن شاء الله وعندنا أحاديث يعني في هذا سيفتحون بالسلم مش بالحرب سيدخل الناس في هذا الدين حينما يعني لا يجدون مخرجاً لهم إلا هذا الدين يخرجهم مما هم فيه من مصائب مستمرة مصائب مادية ونفسية وعقلية لا يخرجهم من هذا إلا الإسلام يدخلون الإسلام.

عثمان عثمان: نعم، ماذا عن موضوع خطف رهائن مدنيين لتحقيق مصالح سياسية أو دينية؟

يوسف القرضاوي: الرهائن لا يجوز خطف الرهائن المدنيين لأن هؤلاء المدنيين لم يحاربوك لم يقاتلوك لماذا تأخذهم رهائن؟ الرهائن هؤلاء تأخذهم من جنود الحرب اللي يحاربوك إذا كان واحد ومعاه سلاح يحاربك أمسكه وأأسره وهذا حاربني وفي من حقي أن أجعله أسيراً والقرآن يقول: {إذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد:4] الأول نضرب ونقتل أما نثخنهم نضعفهم في الحالة دي خلاص بلاش قتل نوقف القتل، ونبدأ في الأسر هذا هو ما يأمر به الإسلام لا نأسر إلا من يقاتلنا أما الشخص المدني فلماذا تأسره! وهو بعيد عن القتال لعله مزارع يزرع في أرضه وواحد قاعد في بيته امرأة فتاة شيخ كبير لا علاقة له بالحرب.

محاربة الفساد في دول الربيع العربي

عثمان عثمان: بالانتقال في موضوع الثورات السيد مصطفى الصادق يقول هناك بعض الذين تقلدوا مناصب عامة في الدولة بفضل الثورات العربية كانوا قبلها مضطهدين أعطوا وعود كثيرة في محاربة الفساد في العدالة الاجتماعية في معالجة المشكلات الحياتية للناس تأخروا في انجاز هذه الوعود هل من كلمة لهم؟

يوسف القرضاوي: أحب أنا يعني أحب أن أقول لبعض الأخوة الذين يظنون أن الفساد بمجرد ما تملك يعني الدولة ثاني يوم تحارب الفساد وينتهي الفساد، لا الفساد ليس بهذه السهولة، الفساد يعني له يعني أسباب كثيرة وله رؤوس وله أذناب وله مقاعد في أماكن شتى ويعمل هنا ويعمل هناك يعمل بكل وسيلة فما تظن انك مجرد ما ينتهي رأس الحكم الفاسد وتمسك أنت الحكم أنك خلاص قضيت على الفساد لا أنت وعدت بمحاربة الفساد ولا بد أن تحارب الفساد وتنتظر لا بد للناس يكون عندها صبر، كثير من الناس لا يصبر الفساد يحتاج إلى مدة طويلة، الفساد زرع لنفسه بذور في الأرض وعمل ألغام في كل مكان وله في كل مكان يعني سند، الحياة مش زي الناس ما هم فاهمين أنه بمجرد قرار ينتهي الفساد، لا الفساد لازم تنتزعه من جذوره، وهذا يحتاج إلى وقت فلا بد للناس أن تصبر على أن يزول الفساد أنا أقول للناس في بلاد الثورات العربية كلها أقول لهم انتظروا الفساد لم يكن أمراً هيناً الفساد عاش يعني ثلاثين سنة وستين سنة وأكثر وهو يعني بيعمل ومتمكن في الأرض ويعمل بكل قوة وبكل جرأة فليس من السهل أنك تيجي دا وتشيله بقرار أو بقرارات أو بتعيين وزراء أو إصدار إدارات ليس بهذا الأمر.

عثمان عثمان: ما فيش عصا سحرية تزيل الفساد؟

يوسف القرضاوي: لا لا ولا عصا سحرية ولا بندقية ولا مدفع ليس بهذه السهولة، بالتعاون التعاون وتربية الناس وتعليم الناس من جديد لا بد تأخذ فترة إنما ليس معنى هذا يعني لما يصير الفساد لا بد أن نحاربه من أول يوم ونظل نحاربه بس نحاربه بتؤدة وبحكمة وبصبر {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 5-7] ربنا أمر بالصبر {وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}[يونس:109] ولربك فاصبر النبي عليه السلام أمر بالصبر بآيات كثيرة {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ}[آل عمران:200] يعني صابروا يعني إيه غالبوا غيرك يعني خصمك بيصبر الكافر المشرك بيصبر {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص:6] إن كاد يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن كادوا يضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها، لولا صبرنا عليها كان يضلنا عنها فهم يصبروا على الباطل، فلازم نصبر نحن على الحق نكون أقوى صبراً منهم وأطول صبراً لأن الذي يطول صبره ولا ييأس بسرعة ولا يلقي السلاح بسرعة هو الذي سينتصر في النهاية.

عثمان عثمان: مولانا نتابع إن شاء الله بعد الفاصل الإجابة على أسئلة السادة المشاهدين وندخل في أسئلة فقهية مالية فيما خص الربا والقروض وما يتعلق بذلك نذهب إلى فاصل قصير ثم نعود إليكم مشاهدينا الكرام بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

الفائدة الربوية في الإسلام

عثمان عثمان: أهلاً وسهلاً بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي نخصصها لتلقي أسئلتكم واستفساراتكم مع سماحة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مولانا وردت أسئلة كثيرة في قضايا مالية وفيما يتعلق ببعض الأمور الربوية الأخ جمال الطواب يقول ما رأي فضيلتكم فيما ذهب إليه البعض بتبرير الفوائد الربوية أن ثمة نقصاً في القوة الشرائية للنقود بمرور الزمن بمعنى التضخم وأن الفائدة هي بمثابة التعويض عن ذلك الانخفاض؟

يوسف القرضاوي: نحن نقر بأن هناك نقص فعلاً في النقود ولكن هذا لا يعني أنه نحن نبيح الفائدة لأنه إباحة الفائدة هذا أمر مبدأ هل هناك ربا محرم أم لا يوجد ربا محرم؟ هل هناك أناس تؤمن بأن الربا بأنه لا يجوز تحريمه وناس تؤمن بأنه الربا يجب تحريمه لا شك هذا أمر معروف هناك ناس تؤمن بأن الربا هذا ضرورة من الضرورات، ولازم يكون في الحياة وأناس آخرون يقولون بأن الربا ما دام الربا موجود لن يستقر الأمر وستكون المفاسد المالية وسيضطرب الأمر ويؤدي إلى فشل النظام في النهاية إلى آخره، فنحن لا نقول يجب معرفة هذه الأشياء إذا أمكن معرفتها بحيث أننا نعرف الفرق أد إيه ونحسبها يعني لا مانع من ذلك ، ولكن إذا كان الأمر سنوياً فهذا يترتب عليه الأمر البعيد بعد عدة سنوات يحصل تغيير، إنمّا في السنة الواحدة أو في عدة أشهر كما يحصل في الناس بالفوائد بالثلاث أشهر وبالستة أشهر وبالسنة وهذا أقصى شيء لا يمكن انك في سنة واحدة تستطيع انك تتغير الأشياء وبعض الأشياء بتزيد وبعض الأشياء تنقص بلاد تتغير وضعيتها فلا بد لنا أن نعمل على محاربة الربا فإن الله سبحانه وتعالى {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276] {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة:275] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران:130] {اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}[البقرة:278] لا بد أن ننتهي من الربا من الناحية المبدئية فلا يكون هذا سببا فإننا لعلنا نقبل الربا شيئا فشيئاً وبعدين يصبح هو الحاكم لحياتنا كلها هذا أمر لا يقبله مسلم.

عثمان عثمان: مولانا في سؤال يتكرر دائماً يعني كل فترة ربما نطرحه لكثرة ترداده على البرنامج موضوع شراء منزل للسكنة في بلاد الغرب.

يوسف القرضاوي: تكلمنا عنه كثيراً.

عثمان عثمان: تكلمنا عنه كثيرا لكن..

يوسف القرضاوي: بالنسبة للغربيين نحن في المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث الذي أتشرف برئاسته أصدرنا فتوى من سنين طويلة بأننا أجزنا في أوروبا لمن لا يملك بيتاً إنه يؤخذ بيتا بالفوائد الربوية في شروط معينة إذا كان عنده فلوس وربنا موسع عليه إذا لا داعٍ إنما واحد عايش هو وأولاده وبأجر بيت بمبلغ لو دفع هذا للإيجار دفعه لبيت يملكه بعد عشرين سنة أو على نحو ذلك يصبح هذا البيت ملكه بما كان يدفعه إيجارا يصبح إقساط.

عثمان عثمان: إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

يوسف القرضاوي: آه إذا دعت الحاجة ذلك.

عثمان عثمان: هذه الحاجة في بلاد الغرب.

يوسف القرضاوي: عملنا شروط لمن يجوز له أن يدخل في هذه الاتفاقيات مع البنوك وقلنا للأخوة حتى اللي يستطيع يتفق مع البنك إن البنك يعمله معاملته إسلامية يجعلها شراء يعني وبعض الأخوة في بعض البلاد الأوروبية وبعض البلاد الأميركية استطاع يتفقوا مع البنوك هذا جيد وإذا لم يستطيع يعمل معاهم هذا..

عثمان عثمان: يمكن يمتد هذا إلى البلاد الإسلامية التي لا توجد فيها بنوك إسلامية، ليست هناك حاجة.

يوسف القرضاوي: كل بلد لازم أن ينظر في أمرها، هل هناك إمكانية لإصلاح هذا الأمر قانونيا وبدون اللجوء إلى الربا يعني في أخ في الرسالة هنا من تونس طيب في تونس فيها نهضة الآن نهضة إسلامية وتتصل بالإسلام حزبي..

عثمان عثمان: حركة النهضة.

يوسف القرضاوي: حركة النهضة الإسلامية التجديدية لا بد يسأل الأخوة هناك ويسأل علماء النهضة ماذا أفعل لو أحببت يقولوا والله تعمل كذا أو تنتظر كذا أو لا بد لنا أن نقبل هذا، حالياً فما يحكم به هؤلاء هو الذي يعمله إنما نحن نعرف الأوضاع تماما كما يعرفها أهل البلد الذين يعيشون هذه الأشياء ويعرفون تفاصيلها.

عثمان عثمان: إذن فتاوى في مثل هذه المسائل تؤخذ من علماء البلد؟

يوسف القرضاوي: نعم.

عثمان عثمان: الأخ أحمد أسد الله من مكة المكرمة يقول ما حكم أخذ قرض ربوي من أحد البنوك الربوية في أوروبا لشراء كنيسة مجاورة لمسجد على أن يتم تسديد هذا القرض من أموال التبرعات؟

يوسف القرضاوي: هو حسب الحاجة، هل محتاج إلى هذه الكنيسة يعني هل هو المسجد في حاجة إلى الكنيسة هذه؟ فعلى حسب الضرورة هنا إذا كان في ضرورة للشراء ولا يجد أموالا في هذه الحالة ليشتري بها فيضطر أن يأخذ قرضا أو نحو ذلك، الضرورات تبيح المحظورات هذه قاعدة تكملها قاعدة أخرى أن ما أبيح لضرورة يقدّر بقدره، يعني إذا أبيح لك الضرورة أنك تأخذ عشرة آلاف ما تأخذ خمسة عشر ألفاً، أن تأخذ لمدة سنة لا تأخذ لمدة سنتين، يعني الأشياء هذه لها قواعدها ولها أحكامها.

عثمان عثمان: اللهم صلى وسلم على رسول الله، أخ أحمد سلام يسأل عن بيان الحكم الشرعي في مسألة العمل في المصارف التقليدية في ليبيا علما بأن البرلمان الليبي قد أصدر قانون يمنع التعامل بفوائد ربوية مع الأشخاص الطبيعيين فورا ويمنعه مع الشخصيات الاعتبارية بعد سنتين من تاريخه.

يوسف القرضاوي: خلاص يبقى انحلت المسألة، الدولة نفسها تحاول تخرج الناس من الربا رجس الربا ولعنة الربا، يريد أن يمنع الناس من هذا الرجس ومن هذه اللعنة وبعمله قال لك يعني في شيء تعمله الآن وفي شيء بعد سنتين فيتعامل معه تجاه الدولة الذي يريح الناس من المحرمات أو من كبائر المحرمات، الربا من أكبر الكبائر فيمنع الناس من حرب الله ورسوله {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 179].

عثمان عثمان: طارق عبد الله حسان يسأل هل يعتبر ضمان رأس المال لمن دفع مال لاستثماره ربا؟ يعني يدفع مبلغ من المال على أن يُستثمر هذا المال لكن من أخذ المال يضمن له أن يعطيه الأرباح إن كان هناك ربح وإن لم يكن هناك ربح يعطيه رأس المال إن كان هناك خسارة.

يوسف القرضاوي: الأمر حسب ما يكون فيما يأتي به رأس المال، رأس المال ربح يعطيه ربح قليلا أو كثيرا حسب الاتفاق إذا خسر يعني يخسر معه يعني ازاي أعطيه ربح إذا خسرت افرض أنه حصل خسارة.

عثمان عثمان: أنه يضمن له رأس المال يعني.

يوسف القرضاوي: لا يضمنه، ليه إذا خسرت؟ ما أضمنه أنا لا أضمن يعني شيء أخسره وأنا لم أقصّر إذا قصّر يتحمل إنما من غير تقصير لا يتحمل الخسارة.

عثمان عثمان: طيب ندخل إلى بعض الأسئلة التي جاءت في التفسير، عبد الوهاب شرف يقول ما تفسير قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} [الأحزاب: 60] هل هذه الأصناف موجودة الآن؟ وهل وكيف يتم تنزيل هذه الآية على الواقع؟

يوسف القرضاوي: هذه الأصناف موجودة في كل مكان إذا كان في مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا موجودين وهددهم الله في مثل هذه الآيات {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا }[الأحزاب: 60-61]  فهذه فئات موجودة في كل المجتمعات، إذا كان في المجتمع النبوي وجد هؤلاء رغم وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم عملهم مع الإفساد ومع النساء فهؤلاء موجودون ولا بد أن يكون الناس لهم بالمرصاد بحيث يوقفوهم عند حدهم لا يتعدون حدودهم. 

عثمان عثمان: ماجد الشيباني من اليمن يقول بأن الله تعالى ذكر عقوبة المرتدّين في الآخرة فما عقوبتهم في الدنيا؟  

يوسف القرضاوي: ربنا ذكر عقوبتهم في القرآن، أحيانا في الآخرة من يرتدع منكم عن دينه فيموت وهو كافر فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني ذكر عقوبة الآخرة في هذه الآية، ولكن في آيات أخرى وفي أحاديث أخرى ذكر عقوبة الدنيا ففي آيات أخرى يقول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة: 54] بعض المفسرين قالوا هذا يعني يذكر سيدنا أبو بكر وحربه للردة هؤلاء الأذلة على المؤمنين الأعزة على الكافرين المجاهدين الذين قاوموا الردة لم يتركوا الردة لو تركوا الردة ما كان هناك إسلام كان انتهى الإسلام منذ وفاة الرسول علية الصلاة والسلام، فالوقوف أمام الردة هو الذي أبقى الإسلام، و في آية المائدة{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ} [المائدة: 33] جاء عن أبي كلابه وغيره من التابعين أن هذه جاءت في المرتدين وجاءت أحاديث كثيرة مش حديث واحد ولا اثنين ولا ثلاثة أحاديث كثيرة عن عدد من الصحابة في أن يقتل المرتد حديث ابن عباس (من بدّل دينه فاقتلوه) حديث ابن مسعود (لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِيْ). 

عثمان عثمان: والنفس بالنفس. 

يوسف القرضاوي: وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ، وحديث أبي موسى الأشعري ومعاذ ابن جبل وأبي هريرة وعدد من الصحابة في مسألة القتل، ولكن هناك خلاف هل القتل لازم أم يمكن؟ لأن هناك بعض العلماء قالوا لا ليس من الضرورة الإمام النخعي والإمام الثوري وبعضهم قال أن ممكن وجاء عن سيدنا عمر انه ممكن ظانك تسجن المرتد ولا تقتله وتعرض عليه وبعضهم قال لك يُستتاب أبدا يعني أنك تعرض عليه التوبة وتقول له لماذا تعمل وبعضه يكون عنده شبهات فيحتاج إلى أن يحدثه العلماء في هذه الشبهات وإخراجها من نفسه، وهذا شاهدناه وعرفنا في ناس هناك ناس كثيرون تعترضهم مثل هذه الأفكار وتؤثر عليهم، فإذا وجد عالما يستطيع إقناعه بالدليل العقلي ويأخذه درجة فدرجة حتى ينتهي به إلى أن يقتنع تماما ويعود شخصا سليما هذا هو المطلوب من المسلمين. 

عثمان عثمان: هناك بعض الأحاديث التي جاءت تبشّر كما يسأل الأخ عبد الله بأن الخلافة ستكون على منهاج النبوة في وقت لاحق من الزمان، هل مثل هذه الأحاديث هي من باب الإخبار أم من باب الحث على العمل للتأثير في المستقبل؟ 

يوسف القرضاوي: هي فيها الأمران وجاء الحديث يبين هيكون بعد مدة يعني الخلافة تأتي على منهاج النبوة يعني مش حديث في البخاري ولا مسلم ولكن هناك من صحّحه من العلماء بعد أن تأتي الأحاديث التي يكون فيها حكم ظالم ويكون فيها حكم جبرية وتأتي بعد ذلك حكم على منهاج النبوة خلافة على منهاج النبوة، هذا من المبشرات عملت كتاب اسمه مبشّرات بانتصار الإسلام وذكرت فيه بعض هذه الأحاديث فيه مبشّرات من القرآن مبشّرات من السنة النبوية مبشّرات من التاريخ الإسلامي مبشّرات من واقع المسلمين ومبشّرات من سنن الله عز وجل، فمن هذه المبشّرات أنه ما جاء من الأحاديث أنه سيكون هناك خلافة على منهاج الرسول فهذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو هذا الخبر يحثّنا على أن مش نعتمد على الخبر نقول لا معني الخبر لابد أن يعطيك قوة بحيث تكون هذه القوة سبب في الإتيان بما بشّر به النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذا يحتاج إلى جهد من الجماعة وجهد من أفراد العلماء وجهد من الأمة في مختلف البلاد وجهد من كل القطاعات، لا بد من أن تجتهد حتى يحدث هذا فلابد من الأمرين معاً هو بشارة من ناحية وحثّ الأمة من ناحية أخرى. 

عثمان عثمان: الأخ محمد الشامي يريد أن يتزوج من امرأة مسلمة صاحبة دين وخلق إلا أن والده يعارض هذا الزواج لأنها من بلد أخر غير بلده، فهل له أن يتزوجها بغير رضا والده؟ 

يوسف القرضاوي: هو الأولى أنه يعني يكسب رضا الوالد ولا يغضب والده، ويحاول يرضّي والده ويقول له يعني لماذا اختار هذه الفتاة وأنه وجد فيها ما لم يجده في أبناء بلده أن الأصل أن الإنسان يتزوج من بلده ولا يتزوج من بلد آخر إلا عندما لا يجد في بلده من تناسبه وهذا يحدث أن الإنسان يتزوج من بلد أخر لأنه لم يجد ما يطلبه في بلده والمسلمون أمة واحده يعني فلا يجوز أنه يحرمه من هذا لمجرد أنها امرأة من بلد آخر، فعليه أن يقنع أباه بالسبب الذي جعله يختار هذه المرأة وماذا ورد فيها من خصال طيبة، ماذا ورد فيها من ثقافة حسنة، ماذا ورد في عقليتها في أخلاقها في سلوكها وبحيث يقنعه فرضاه طبعا مطلوب من غير كلام. 

الاحتفال بذكرى المولد النبوي

عثمان عثمان: أسئلة عدة جاءت مولانا عن موضوع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هل هو جائز غير جائز إن كان جائزاً كيف يكون؟

يوسف القرضاوي: المولد النبوي الشريف طبعاً لم يحتفل به الصحابة ولا التابعون لأنهم هم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا بحاجة إلى أن يحتفلوا بهذه الأشياء، إحنا بعد مدة غفلنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغفلنا عن سيرته وغفلنا عن شخصيته العظيمة وما له من امتيازات أخلاقية ودينية وعقلية ونفسية فاق بها البشر جميعاً، وأصبحنا في حاجة إلى أن نحدّث الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك إذا كان الاحتفال بذكرى المولد النبوي في الحديث عن رسول الله وعن الرسالة المحمدية التي آتاه الله إياها وهي رسالة امتدت طولاً حتى شملت آباد الزمن وامتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم وامتدت عمقاً حتى استوعبت شؤون الدنيا والآخرة، رسالة شاملة ومتوازنة ووسطية إذا علّمنا الناس هذه الرسالة وعلّمنا الناس شخصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي حاول أن يجمع الناس حوله وهم كلهم ضده جاء في عالم كله ضده، يعني لم يكن معه إلا عدة أشخاص وكل مكة ضد محمد عليه الصلاة والسلام ولكنه استعمل الحكمة واستعمل الرأفة واستعمل العقل واستعمل حسن الظروف فأصبح الناس كلهم فلا مانع من أن نستخدم مثل هذه الأشياء وهنا نقول أن الناس في مصر الآن يعني تأتي هذه المناسبة ومصر تحتفل بالثورة المصرية، الثورة المصرية بدأت في خمسة وعشرين يناير وإحنا في أربعة وعشرين يناير هيكون الميلاد النبوي الميلاد مش قطعي يوم 12 يناير قالوا في الشهر شهر الربيع فهو في شهر المولد فنحن نقول للمصرين بدل أن ينتظر بعضكم ضد بعض كونوا يداً واحدة وكونوا جبهة واحدة وكونوا قلباً واحداً كما كنتم في 25 يناير، كنتم أمة واحدة كل المصرين كانوا على قلب رجل واحد، المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا الرسول علية الصلاة والسلام قال لهم وصنع هكذا بيده شبك بين أصابعه يشد بعضه بعضا، فلماذا لا يشد بعضنا بعضا في هذه الذكرى الطيبة ذكرى محمد علية الصلاة والسلام؟ الذي كان يملأ الناس يملأ القلوب بالحب والسماحة والمودة فهذا ما ندعو إليه الجميع في مصر وفي كل البلاد العربية والإسلامية، ندعو إلى أن يحب الناس بعضهم ويود الناس بعضهم بعضا ويسلم الناس بعضهم على بعض ويحيي الجميع بعضهم على بعض هذا ما ينبغي أن نستفيده من هذه الذكرى الطيبة ذكرى محمد عليه الصلاة والسلام الذي قال (إنما أنا رحمة مهداة) عبّر عن قوله تعالى في الرسالة المحمدية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] ليس رحمة للمسلمين وحدهم ولا للعرب وحدهم إنما للعالمين الله أرسله ما هو جاء بهذه الصيغة ما أرسلناك إلا بهذه الصيغة الحاصرة ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين أن يرحم العالم محمد وبسيرة محمد وبأمة محمد صلى الله علية وسلم ويجمع كلمتهم على الهدى وقلوبهم على التقى ونفوسهم على المحبة وعزائمهم على عمل الخير وخير العمل ويوفّق إخواننا في سوريا يوفّقهم جميعا حتى يتصالحوا ويتحابوا وتصبح أمة سوريا بعد انتصارها على الطغيان الذي يقتلهم بالليل والنهار، تصبح أمة واحدة متحابة وتصبح البلاد العربية والبلاد الإسلامية كلها في ظل الحب والمودة والأخوّة اللهم آمين.

عثمان عثمان: ونحن بدورنا نشكركم سماحة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفادة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.