خارج النص

"الحقيقة الغائبة".. الكتاب الذي قَتل فرج فودة

تناول برنامج “خارج النص” كتاب “الحقيقة الغائبة” للكاتب فرج فودة وفيه الكثير من الوقائع والأفكار الصادمة التي أثارت ضجة كبيرة خاصة في أوساط الإسلاميين وتسبب باغتياله عام 1992.

ما بين أقلام تدوّن أفكارا وسطورٍ تحمل رؤى وكتابات مغايرة تنشب معارك حامية الوطيس. ودوما ما كان الكاتب المصري فرج فودة (1945-1992) خائضا بكتاباته المثيرة للجدل لتلك المعارك.

برنامج "خارج النص" حلقة (2017/9/17) سلط الضوء على كتاب "الحقيقة الغائبة" الذي أشعل لدى صدوره إحدى هذه المعارك حين أطلق فودة سهامه على من بدأ يصطلح على تسميتهم في السبعينيات من القرن المنصرم اسم "الإسلاميون".

تصدى فوده في كتابه لكتاب "الفريضة الغائبة" لمحمد عبد السلام فرج الذي كتبه عام 1980 ويحمل تأصيلا فكريا ومنهاجا للحركات الجهادية حينئذ.

حمل كتاب "الحقيقة الغائبة" (152 صفحة من القطع الصغير) الكثير من الوقائع والأفكار الصادمة التي أثارت ضجة كبيرة خاصة في أوساط الإسلاميين.

قامت فكرة الكتاب على ما اعتبره فودة خطايا للحكم شهدتها فترات الخلافة الراشدة والأموية والعباسية، وتقديمها حقيقة غائبة سعى الإسلاميون إلى إخفائها عن الناس والاكتفاء بتقديم الوجه المشرق لتلك الفترات، كما خلص إلى أن الإسلام دين لا دولة، والشريعة وسيلة لا غاية.

يتساءل أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة علي مبروك عن معنى "الحقيقة الغائبة"، ويفضل القول "الحقيقة المغيبة" لأن ثمة من له مصلحة في تغييبها واستثمار ذلك في الحصول على مكاسب.

ويمضي قائلا إن فودة ذهب إلى قراءة التاريخ ليكتشف أن من كان يعيش في ذلك الماضي لم يكونوا ملائكة ولا أنصاف آلهة، وقدم وجها آخر يراد له أن يبقى نموذجيا، لكنه قرر عرض بشر لهم انحيازاتهم وصراعاتهم.

أما الباحث الإسلامي وصفي أبو زيد فيرى أن الكتاب ينبغي استبدال عنوانه ليصبح "الأوهام الحاضرة" لأن أغلب ما فيه لا علاقة له بالتاريخ ولا الواقع.

ويضيف أن كتاب "الحقيقة الغائبة" تضمن سخرية لاذعة تطاول من خلالها على قامات تاريخية وصحابة وعلى سنن ثابتة للرسول.

أستاذ التاريخ الإسلامي عبد الرحمن سالم يرى أن المصادر التي اعتمد عليها فودة هي الطبري والمسعودي وابن الأثير وبعض المراجع الحديثة، غير أن المشكلة ليست في المراجع بل في القراءة المجتزأة التي تخرج النص عن سياقه أو تفسره تفسيرا خاصا بعيدا عن روحه.

ندوات كثيرة احتدم فيها النقاش بين تيارين، أحدهما يمثله فرج فودة والثاني الإسلاميون. أصدرت جبهة علماء الأزهر بيانا حادا تتهم فيه فودة بالردة، فبدا أن القادم أسوأ.

أفكرا فودة كتبت نهايته إذ تلوّن صباح الثامن من يونيو/حزيران 1992 بالدم، إذ قتل كاتب "الحقيقة الغائبة" أمام مكتبه على يد مسلحيْن ينتميان للجماعة الإسلامية.