خارج النص

مزج فيها قصة الحب بالصراع مع السلطة.. رواية يوسف إدريس التي أثارت الجدل

رواية مزج فيها كاتبها المصري قصة الحب بالصراع مع السلطة، وتضمنت نقدا للتجربة اليسارية المصرية في الخمسينيات. ورغم أنها تصدرت العمل الروائي العربي بعد صدورها عام 1960، فإنها أثارت الجدل.

وقد صدرت رواية "البيضاء" للقاص والروائي المصري يوسف إدريس أول مرة بشكل متسلسل عام 1960 في صحيفة الجمهورية، واعتبرت لاحقا من أهم إنجازاته وأكثرها إثارة للجدل. وتتناول الرواية قصة حب بين الطبيب يحيى والفتاة اليونانية البيضاء ساندي، وتضمنت أيضا نقدا للتجربة اليسارية المصرية في تلك الفترة.

وبالنسبة لأستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة القاهرة الدكتور خيري دومة، فإن "البيضاء" هي رواية حب أكثر منها رواية الثورة.

في حين يعتبر الأديب والقاص العماني سليمان المعمري أن الرواية قصة حب خلفيتها سياسية، حيث يسرد الكاتب وجهة نظره للحب والحياة، ولكن بخلفية بسيطة، وليس المقصود بها تصفية الحسابات مع اليسار كما اتُهم يوسف إدريس لاحقا.

أما القاص والناقد الأردني هشام غرايبة، فيقول إن الرواية ليست في مستوى كتابات يوسف إدريس المتوهجة.

واشتهر يوسف إدريس في الأوساط الثقافية العربية بوصفه أبرز كتاب القصص القصيرة، وبينما اعتبره كثيرون من مناصريه صاحب موهبة فذة، رأى منتقدوه أن هناك عاملا آخر دعم سطوع نجمه، وهو علاقته بسلطة يوليو/تموز 1952، وتحوّله من يساري مناهض للسلطة -وقد اعتقل في بداية الخمسينيات- إلى كاتب بنى مجده على أروقتها، خاصة بعد أن لوحظ قربه من الرئيس المصري الراحل أنور السادات. وقد تحدث الناقد المصري الراحل فاروق عبد القادر عن هذه العلاقة في دراسته النقدية حول رواية "البيضاء".

وفي قراءته لرواية يوسف إدريس، يقول الكاتب والناقد الأدبي الدكتور أحمد كريّم بلال إن الرواية  تسير في خطين متوازيين، الأول هو قصة الحب التي نشأت بين الطبيب الشيوعي يحيى والفتاة اليونانية الإغريقية، وهي القصة التي سببت له الكثير من الأوجاع النفسية والآلام. أما الخط الثاني في الرواية فيتعلق بعمله في خلية شيوعية تصدر مجلة أسبوعية.

حب من طرف واحد

ورغم أن الرواية تتناول قصة حب بين البطل يحيى والفتاة اليونانية، فإنها تضمنت نقدا لاذعا لليسار المصري في فترة الخمسينيات، ومثلت منذ صدورها نقطة صدام مع هذا اليسار، حيث هاجم نقاد ومثقفون الكاتب بسبب توقيت إصدار الرواية، خاصة أنها كانت تصدر عن صحيفة الجمهورية التي كانت تعتبر صحيفة السلطة في تلك الفترة.

وبحسب أستاذ الأدب العربي الحديث خيري دومة، فقد كان سياق الرواية مرتبكا جدا، وكان الكاتب يهاجم اليسار ويهادن النظام، وهو الرأي نفسه للقاص والناقد الأردني هشام غرايبة الذي يؤكد أن القاص المصري كان يحابي نظام الحكم القائم في تلك الفترة.

ولم تسلم الرواية أيضا من النقد على مستوى الخط الرومانسي الذي حملته، حيث كانت رمزية علاقة البطل بالفتاة الأجنبية محط قرارءات عديدة، فقد رأى البعض أنها تمثل علاقة الشرق بالغرب، وهي علاقة قائمة على حب من طرف واحد، واعتبروا أن الصورة التي قدمها الكاتب تعكس إعجابه الكبير بالغرب ومحاولته إعادة إنتاجه في المشرق العربي.