حوار مفتوح ( غزة تحت الحصار ) - صورة عامة
حوار مفتوح

غزة تحت الحصار

نتناول استمرار حصار غزة في رمضان المبارك، وصورة لمرارة الحياة اليومية. ما الذي يمكن للإعلام أن يفعله من أجل المساهمة بشكل ما في كسر هذا الحصار لا سيما بعد نجاح تجربة السفينتين؟

– معاناة المواطنين وأهالي الأسرى
– العرب غير الفلسطينيين المحتجزون في غزة

– أهمية وتفاصيل رحلة قاربي تحدي الحصار

– معاناة الطلبة ودور الإعلام وأهميته

[شريط مسجل]

غسان بن جدو
غسان بن جدو
عياش دراجي
عياش دراجي

مشاركة1: في ناس بتتسحر على البصلة وعالمالحة.

مشارك1: وزي ما أنت شايف عايشين على الشحتة.

مشاركة2: والله مأساوي هالوضع، لا في شغل ولا في حاجة لهالناس وعايشين على إيش؟ على حبة الكوبونة والمؤن.

مشاركة1: بدل ما نحكي في سياستنا وفي حالنا بيحكوا صاروا عالغاز والكاز وعالحصار، محاصرين من شقة، وما فيش حالة مع الناس الحصار مصر من شقة والأردن من شقة وكل الدول العربية محاصرانا وبيتفرجوا علينا وإحنا قاعدين هان مسخمين، وقضيتنا هذه حالنا في الظروف الهم وفي الغم، لا في مصاري ولا في بيع ولا في مشترى ولا الناس معها مصاري تشتري. كل والله الناس يا بنيي حالتهم على الله.

مشارك1: عندي 13 نفر ولا واحد بيشتغل لا في السلطة القديمة ولا في السلطة الحديثة، كلنا نيام يعني في الدار وعندي ثلاث أولاد في الجامعة ولدين وبنت في الجامعة. وين في كوبون منجري صرنا زي اللي بيقولوا كلب الأطر بيشم شم ونجي نترجى فلان وفلان عالكوبونات، زي ما أنت شايف لا شغلة ولا عملة.

مشاركة2: إيش عايشين؟ لا في شغل ولا في حاجة ولا محتاجة، بيكفي الغاز اللي هذا هو كل كم شهر، عشرين يوم لما يصير النزلة ستة كيلو عبوا لنا الأنبوبة.

[نهاية الشريط المسجل]

معاناة المواطنين وأهالي الأسرى

غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. هو ذا ملخص أو مشهد بسيط من حال فلسطين وحال غزة في هذه اللحظة بالتحديد، حتى في شهر رمضان المبارك غزة هي لا تزال تحت الحصار نتحدث عن مرارة عن ألم عن معاناة عن قلة حيلة عرب محيرة، ولكن في الوقت نفسه ينبغي أن نشير إلى أن هناك قوة دفع وتضامن جزء منها عربي وجزء منها دولي على الأقل تجسد في خلال تجربة السفينتين خلال الأسابيع الأخيرة التي نجحت في كسر الحصار. سوف نسأل بشكل أساسي كيف يمكن أن يتحدث الأخوة الفلسطينيون وبالتحديد في غزة عن واقع الحصار الذي يعيشونه الآن؟ وخاصة أنه من بين ضيوفنا سيكون آباء شهداء وزوجات أسرى، نتحدث عن طلبة لا يزالون هم أنفسهم يعانون الحصار وممنوعون من مغادرة غزة وهم محاصرون وممنوعون من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم في أكثر من عاصمة دولية، وسوف نتحدث عن تجربة السفينتين ونسأل بشكل أساسي ما الذي يمكن أن يفعله الإعلام في هذه اللحظة بالتحديد من أجل المساهمة بشكل ما في كسر هذا الحصار؟ وعندما نتحدث عن تجربة السفينتين لا يمكن أبدا إلا أن نشير إلى الزميل عياش دراجي هو مراسل الجزيرة في باريس وكان موفد الجزيرة في تغطية السفينتين. عياش دراجي ضيفنا في بيروت، مرحبا بك عياش.

عياش دراجي: مرحبا بك.


غسان بن جدو: طبعا هناك في غزة هناك حضور كريم موجود في ميناء غزة بالتحديد هذا الميناء الذي استقبل السفينتين خلال الأسابيع الأخيرة وأود أن أشير بشكل أساسي إلى متضامنين بقيا في غزة الآن ويبدو أنهما هما أيضا عالقان ولا يستطيعان المغادرة، الناشط المتضامن في حقوق الإنسان الإيطالي فيتوريو أريغوني وزميله ورفيقه أيضا ناشط في حقوق الإنسان الإيرلندي أوكيفي كين، أود أن أشير أيضا أن من بين الذين سيشاركون الليلة السيد نضال السرافيتي أبو حسني هو والد أسير أمضى في السجن، علي السرافيتي، سبع سنوات من حكم 18 عاما وهو أيضا والد للشهيدين شهيدي الانتفاضة محمد وحسني، سوف نستضيف أيضا السيدة هناء حرز، السيدة أم أحمد زوجها أسير لمدة 23 عاما زوجها السيد نافذ حرز وهو محكوم عليه بثلاثة مؤبدات، نستضيف أيضا الزميل حسن جبر وهو زميل في جريدة الأيام الفلسطينية وكان من بين الذين غطوا كما فهمت عن قرب تجربة السفينتين، وهناك عدد من الطلبة سوف يتحدثون أيضا عن تجربتهم. بعد إذنك عياش أنا أود أن أبدأ من غزة بشكل أساسي وأود أن أتحدث إلى السيدة هناء حرز السيدة أم أحمد، سيدتي بعفويتك على طريقتك، كيف يمكن أن تصوري لنا غزة الآن وهي لا تزال محاصرة حتى في شهر رمضان المبارك؟ كيف يعني أنكم محاصرون في شهر رمضان المبارك؟

هناء حرز/ زوجة أحد الأسرى: بسم الله الرحمن الرحيم. بداية كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بخير. طبعا قطاع غزة يعيش دائما في حصار تام ووضع مأسوي جدا بالنسبة لكل الشعب الفلسطيني من عمال ومن طلبة ومن مرضى، الشعب كله محاصر بسبب إغلاق المعابر الفلسطينية. من مدة عام ونصف المعابر مغلقة لا مريض بيقدر يطلع يتعالج بره ولا أهل أسير بيقدروا يزوروا ابنهم داخل السجون، يعني نحن بنعاني من فترة سنة ونصف من عدم الزيارات لا قادرين نطمئن عليهم ولا هم قادرين يطمئنوا علينا، لا قادرين نبعث لهم أي حاجة حتى إن تصلهم لا فلوس لا.. مش قادرين نعرف حتى وصلتهم أو ما وصلتهمش، يعني إحنا في وضع مأسوي جدا للغاية ما حدش قادر يعني يحل هذه الأزمة الفلسطينية الموجودة لا بره ولا جوه ولا حدا مطلع على الشعب الفلسطيني كيف عايش، كيف عايش في شهر رمضان، في ناس والله أنا بعرف ناس ما هم قادرين حتى الفطور يحصلوا عليه ولا السحور، فمين هذه البيوت يعني مين دور عليها حتى يعنى، في ناس بتعرف الناس اللي إلها في ناس غلابة كثير في الشعب الفلسطيني ما حدش بيسأل عنها، العامل له أكثر من سنين ما بيخشش بيته ولا فلس أحمر فمين دور عليه؟ يعني لا عمل ولا شغل ولا علاج ولا أي حاجة يعني، ما فيش يعني الموظف اللي بيقبض يعني حاليا وبوضعه ممشي حاله بهذا الوضع وحتى ما بيكفيهوش أما العامل ما حدش بينظر له فيعني هذا وضع مأسوي جدا ما حدش راضي عنه يعني ونحن بنرحب بالسفينة اللي إجت في سبيل كسر الحصار ولكن هذا شيء بسيط يعني، يعني المعابر ما زالت مسكرة يعني الناس هالوقت بتدور حتى على جرة الغاز كيف تعبيها أو تحصل على كيس طحين، فإحنا بنضلنا ندور على كيس طحين وعلى جرة الغاز، إحنا كنا نتفاوض زمان على المعابر وعلى الميناء وعلى اللاجئين وحق العودة والأسرى فاليوم إحنا على إيش بندور؟ صرنا بطلنا نتفاوض على إيش نسينا القدس نسينا اللاجئين صرنا ندور على الكوبونة وجرة الغاز! فلإمتى الوضع هذا بده يستمر على الشعب الفلسطيني؟ فإحنا مين بده يتطلع؟ الشعوب العربية كلها صامتة، صامتة بتنظر للشعب الفلسطيني مجرد كلمة وبتمشي لكن ما فيش شعب إنه يفعل إشي حقيقي للشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني كل يوم بينزف كل يوم بينزف دم كل يوم بيبكي دموع لأنه مش قادرين يجيبوا قوت لأولادهم. فيا عالم انظروا لهذا الشعب الغلبان يعني اللي ناضل وكافح من أجل القضية واليوم الكل نسي القضية نسي القضية الفلسطينية الكل نسيها، فلإمتى الشعب الفلسطيني بده يضل بهذا الذل؟ لإمتى بيضل في هذا الحصار؟ نحن بأناشد العالم كله أن ينظر للشعب الفلسطيني اللي عانى من سنين، من سنين أكثر من أربعين عاما أكثر من سنين عشان يرفع القضية الفلسطينية، فاليوم القضية الفلسطينية رجعت لوراء أكثر من عشرين عام، بدل ما نتقدم إحنا لقدام فرجعنا، رجعنا بسبب الخلاف اللي بيننا. نوحد الصف الفلسطيني حتى نقدر إحنا نتعدى هذه الأزمة، من دون إحنا ما نتوحد ونكون يد واحدة والله عمرنا ما مننتصر ولا عمرنا منشوف النصر، قضيتنا كل يوم ترجع لوراء مليون سنة بسبب قوة.. إحنا ما عندناش صار بالمرة هذا يكره الأخ صار يكره أخوه، الابن صار يكره ابنه بسبب الخلافات اللي بيننا والأحزاب تعدد الأحزاب اللي صار بيننا هذا رجعنا لوراء سنين، فليش تعدد الأحزاب هذا؟ إحنا كلنا أولاد دين واحد مسلمين إحنا يا عالم كلنا مسلمين فليش ما نكون محافظين على حقنا على الحق الفلسطيني بيننا على الأخوة؟ ليش ما نحافظ على قضيتنا على القدس اللي كل يوم بتنهار، هذه مين بيقول القدس؟ كل يوم بتنهار، مين بيقول محاصرة؟ القدس في خطر، مين بيقول عليها؟ اليوم بس إحنا بنعبي جرة الغاز ونجيب كيس الطحين لأولادنا بس هذه مندور عليها ما فيش إشي ثاني يعني إحنا نقدر نقوله.


غسان بن جدو: أنا حابب أستفيد من مداخلة السيد نضال السرافيتي، الآن نحن فهمنا حتى السيدة أم أحمد الآن ذكرت مصطلح الكوبونات وفي الكليب الأول الذي لخص جزءا يسيرا من مشهد الحصار داخل فلسطين سمعنا أكثر من ضيف يتحدث عن الكوبونات، شو يعني الكوبونات؟ ماذا تعني الكوبونات داخل غزة بالتحديد؟ من أين تحصلون عليها؟ أي مواد ممكن تحصلوا عليها من خلال الكوبونات؟ يعني صوروا لنا من فضلك أو لخصوا لنا قضية الكوبونات وقضية الطوابير والقوت الأساسية التي تلهثون وراءها من أجل على الأقل سد الرمق أمام الحصار الموجود حتى في شهر رمضان المبارك. سيد نضال.

نضال السرافيتي/ والد أحد الأسرى: بداية السلام عليكم. كل عام وأنتم بخير وجميع الأمة العربية والإسلامية بخير بمناسبة شهر رمضان المبارك. يعني بداية أنا أعرف على نفسي، أنا أسير محرر سابق أنا والد لشهيدين ووالد لأسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية. إحنا معاناتنا في داخل غزة أو داخل القطاع بالذات يعني وضع مأسوي جدا يعني بالنسبة للحصار الجائر اللي حاصل من الاحتلال الإسرائيلي طبعا في البداية إحنا بنقول، لكن إحنا بنقول سبب الحصار هذا هو السبب الأساسي الخلاف الداخلي ما بين حماس وما بين فتح أو ما بين الحكومة الفلسطينية السابقة واليوم حماس..


غسان بن جدو (مقاطعا): سيد نضال، هل تسمعني، من فضلك سيد نضال، يعني حتى نستفيد..

نضال السرافيتي: أنت بدك تسأل بالنسبة لحكاية الكوبونات وما كوبونات والدعم هذا اللي بيجي من بعض دول طبعا عربية دول أوروبية بتبعثه لهالشي هذا، إحنا هذا الشيء يمكن ناس يعني منقدر نقول وحديين اللي مستفيدين من هذا مش مستفيد منه كل الشعب أو كل الفئة الشعب الفلسطيني سواء إحنا بنطالب يعني بتكون المساعدة لجميع الأخوة في البلد لكن هذا اليوم ما بيحصلش عنا وأنت بتسألني عن شيء يعني إحنا بنخجل منه، إحنا شعب راقي إحنا شعب متحضر إحنا شعب بنطالب بحقوقنا، الحقوق الفلسطينية بنطالب بحقوق أبنائنا اللي داخل سجون الاحتلال، ما بنطالب بكوبونة ولا بنطالب بمساعدة الناس أنها تطعمينا وتطعمي أولادنا، إحنا شعب يعني ناضلنا سنين عمرنا وحياتنا إحنا صار لنا فوق الستين سنة في النضال من أجل تحرير فلسطين وليس من أجل الخلاف أو من أجل أن أنا أدور على كوبونة وأي بلد اللي بدها تدعمني وأي بلد ما بدهاش تدعمني. الشيء الثاني اللي إحنا بنطالب فيه وبشدة بالنسبة لجميع أهلنا في قطاع غزة يعني الحصار الجائر هذا يعني لا مريض قادر يطلع لا أكل متوفر جيد في القطاع، الغاز مقطوع طبعا يمكن في بعض كثير من الناس اليوم كل استعمالها على الكهرباء أو على الحطب حتى الحطب صار مش موجود، يعني شيء يعني مأسوي وما بنقدرش إحنا نضلنا نحكي هذا للناس على والناس كلها عارفة الكلام إحنا ما بدناش نشكي للعالم إحنا شعب قادر، قادرين بكل قوة أنه إحنا يعني نتحمل هذه المأساة وهذا الحصار ولكن عايزين ناس تساعدنا في أبنائنا المصابين اللي في المستشفيات مرمية بعدم دخول علاج عدم دخول مواد تموينية عدم دخول يعني الأشياء الأساسية لأبنائنا في قطاع غزة، هذا شيء مأسوي كثيرا. فإحنا بدنا نقول كشريحة أسرى، أحكي بالبداية أنا يعني كمان عضو في جمعية الأسرى المحررين (حسام) طبعا وطبعا الجمعية هذه لا تعمل اليوم لأنه بعد الشيء اللي حصل في غزة أو التغيير اللي حصل في غزة إحنا جمعية واقفة وما نقدرش نساعد أي أحد من أسرانا اللي داخل إسرائيل، إحنا اليوم معدومين من زيارة أبنائنا من أكثر من فترة سنة ونصف من أجل الخلاف، فهذا إسرائيل يعني إحنا إيش ذنب أهالي الأسرى أنها تشوف أبناءها بالشيء هذا؟ يعني حصار محاصرة غزة لكن إيش علاقة الأسير وأهل الأسير بالحصار هذا أنه يزور ابنه اللي يعني في داخل السجون؟! إحنا اليوم لا قادرين لا بتواصل لا بزيارات لا بتليفونات، يعني أفيش شيء، شغلات كثيرة إحنا بنعاني منها وأبناؤنا بتعاني منها داخل السجون، يعني لحد امبارح طفل عمره 11 سنة دخل سجن عوفر، امبارح، إحنا متابعين كل الأخبار، يعني أصغر سجين حاليا موجود أخذوه امبارح من نعلين عمره 11 سنة، فهذه مأساة كبيرة إحنا منعاني منها كأهالي أسرى في قطاع غزة.


غسان بن جدو: شكرا سيد نضال. عياش، بطبيعة الحال يعني ربما الأخوان داخل غزة في بعض الأحيان قد يكونوا حتى ألفوا واقعهم ووضعهم وحتى إذا أردت أن تسألهم صف لي مشهدك، ربما حتى يكون عاجزا عن وصف مشهده لأنه أصبح يحتضن بالكامل يعني بشرايينه بدمه كل ما يحصل. أنت قدمت زائرا إلى غزة وبالتالي عينك لم تكن تألف ما حصل، إذا قلت لك ماذا يعني لك الحصار؟ ماذا تقول؟

عياش دراجي: الحصار غسان يعني سلب أو سلبا كاملا للحرية فبغض النظر عن هذه التفاصيل المعيشية التي حكاها الأخ والأخت قبل قليل فالشعور القاتل للكثيرين الذين يعربون عنه ويعبرون عنه هو إحساس بسجن كبير اسمه غزة وتحول هذا القطاع إلى سجن محاط بأسوار في الجنوب وفي الشمال وفي كل المناحي وحتى الواقع الفلسطيني هو غسان هو بلا حصار هو مثير للشفقة وللتعاطف الإنساني والدولي والمحلي فما بالك وناهيك بإضافة الحصار ومفاقمة هذا الوضع بإضافة حصار. فهناك صور لا تزال عالقة بذهني في الواقع عندما كنت هناك كانت كمية الصور كثيرة التي ألتقطها في خيالي وذهني بشكل يومي وربما بدأت في تحليلها والنظر إليها والإمعان فيها عندما غادرت غزة عبر قبرص وبعد ذلك إلى باريس، مشاهد الفقر المدقع والمعاناة كبيرة جدا وما أذهلني أيضا هو أن هذا الفقر بحجمه الكبير فهو مواز لصمود كبير، ومحاولة تأقلم وشدة الحرص على الصمود والتأقلم مع هذا الواقع رغم كل الظروف. من المشاهد التي شاهدتها هو أن هذا الفقر يعني تجد الناس كدح يومي من أجل لقمة العيش، الفقر يتحايلون عليه، صورة قاتلة جدا غسان أنه رأيت أطفالا يتربصون بحاوية القمامة في الصباح والمساء وهم يعني كل واحد يحاول أن يختلس النظر يمينا وشمالا ويمد يده إلى حاوية القمامة ويخرج الأكياس الموجودة في تلك الحاوية ثم يعني يفتحها كيسا وراء آخر، فهؤلاء أطفال فانظر كيف أن هذه الطفولة تفتح عينيها في كومة قمامة. مشاهد أخرى وأنا عندما نزلت عبر خط فيلادلفيا في جهة رفح الفلسطينية في جنوب رفح جنوب قطاع غزة شاهدت طفلا يلعب بأصداف البحر فأمعنت النظر في يديه فرأيتها أيد مشققة ولم أر فيها نعومة الطفولة ولا نعومة الأظافر، أحدنا عندما يريد أن يستذكر شيئا قديما يقول منذ نعومة أظافري، لكن هؤلاء الأطفال هم شبوا وطفولتهم منزوعة النعومة بسبب هذا الحصار.

العرب غير الفلسطينيين المحتجزون في غزة

غسان بن جدو: في قضية ربما كنت حدثتني عنها، إضافة إلى الأخوة الفلسطينيين في الداخل ولكن كأن هناك أيضا عربا هناك موجودون هناك الآن وكأنهم جزء من هذا الحصار.

عياش دراجي: فعلا غسان أن كثيرين هم من الخارج يعتقدون ويعتبرون أن هذا الحصار مفروض فقط على الفلسطينيين في قطاع غزة، نقول لا، نحن شهدنا عربا كثرا في قطاع غزة وخاصة نساء من كل وأغلب الدول العربية همهن أو ذنبهن الوحيد أنهن تزوجن بفلسطينيين، محاصرات، إذاً هذا الحصار، الحصار الكبير الذي حجمه بحجم قطاع غزة يحتوي على حصارات صغيرة وبؤر سجون صغيرة، نساء تونسيات نساء جزائريات يعانين الحصار ذنبهن الوحيد أنهم تزوجن من فلسطينيين..


غسان بن جدو (مقاطعا): يعني كيف مثلا؟ يعني ماذا؟

الحصار المفروض على غزة طال أيضا إلى جانب أهلها نساء أخريات من دول عربية متزوجات من فلسطينيين

عياش دراجي: يا أخي شاهدت أنا يعني كوني أنا جزائري بمجرد ما وصلت دعاني كثير من الأخوة الفلسطينيين المتزوجين بجزائريات وقالوا إذا ممكن ننظم لك لقاء لترى أهل بلدك، ونساء أخريات من دول أخرى وكيف حيل بينهم وبين الخروج وبين العودة إلى أهلهم في مصر أو في الجزائر أو في دول أخرى، فوجدت السيدة التونسية أو الجزائرية أو المغربية أو كذا محاصرة هي أيضا في قطاع غزة إذاً هذا الحصار لا يعني فقط سكان غزة الفلسطينيين بل يعني أيضا الجزائريات والتونسيات والمغربيات وحتى المصريات والجنسيات العربية الأخرى. عندما سألنا ما هو السبب؟ طبعا معبر رفح يفتح من حين لآخر والعبور عنه وعبره بالقطارة ويعني مفاوضات دبلوماسية على مستوى حتى تعود السيدة الفلانية إلى بيتها أو ترى أهلها، فكثيرات هن اللواتي أخبرنني أنهن فقدن أمهاتهن وآبائهن ولكن لا يستطعن الذهاب لحضور وفاة أو لعيد، أحد الفلسطينيين يعني حدثني وهو يبكي قال لي كان مهر زوجتي هو أن أسمح لها أن تزور أهلها مرة كل عام أو كل عامين لكن قال لي لقد خنت هذا العهد بسبب الحصار المفروض وتشدده فصار أكثر من عشر سنوات لم تزر زوجتي أهلها نهائيا في العربية، وجدت أيضا يعني أناسا يحملون جوازاتهم العربية القديمة وهم يتبركون بها بألوانها الخضراء ومحاصرون مع الفلسطينيين، فالرسالة التي فهمتها، طبعا هي ليس من رأى كمن سمع، يعني عندما نسمع جميعا بحصار غزة من الخارج ولكن ليس من رأى كمن سمع وليست الثكلى كالنائحة، عندما ترى هذه المشاهد حقيقة لا مجازا تقول فعلا إن المعاناة كبيرة ولا تعني فقط الفلسطينيين بأي حال يعني.


غسان بن جدو: أثرت يعني تحدثت عن بعض المشاهد، قضية القمامة وغير القمامة حتى ذكرت مصطلح الشفقة، ربما هي حتى بكل صراحة أنت تعلم جيدا أخ عياش حتى هذه المشاهد نشاهدها في كثير من البلدان العربية التي تعاني أيضا الفقر الآن، لو تبحث في أكثر من عاصمة عربية أكثر من مدينة عربية ستجدتقريبا المشهد ذاته وربما الأسير الآن المحرر سيد نضال كان يتحدث أنه نحن مش فقط نريد أن نعيش وإنما عندنا قضية وعندنا القضية مسألة أساسية ولكن مع ذلك سؤال أساسي لك، هذا الحصار هل استخلصت في مدة وجيزة بطبيعة الحال بأنه قهر الذات وقتل الحلم أم لا يزال هناك نبض حقيقي لأمل حتى كبير؟

عياش دراجي: والله في مفارقة عجيبة غسان أن الحصار لم يستطع أن يقتل من همة هذا الشعب، الشعب الفلسطيني بشكل عام..


غسان بن جدو (مقاطعا): طيب يعني كيف؟ أمثلة ملموسة.

عياش دراجي: أمثلة ملموسة أن الناس تكدح بشكل يومي وتحاول الحصول على لقمة العيش وحتى إن تسولوا فيتسولون بعفة وحفظ للكرامة وحفظ ماء الوجه ويناضلون، وحتى الترحاب الكبير الذي استقبلوا به سفينتي كسر الحصار فهو يعني توق كبير إلى الحرية وتصميم كبير على أنه لن نستسلم مهما كان والمطالبه بأنه لدينا الحق في الحرية لدينا الحق في كذا. هناك يعني الذين يريدون أن يخرجوا سواء الطلبة الذين يعني حرموا من مواصلة دراستهم في الخارج أو العربيات اللواتي يردن العودة إلى أهلهن، رأيت البعض حزمن وحزموا حقائبهم بشكل يومي ويتربصن بنافذة ذلك المعبر رفح لعل وعسى يفتح اليوم أو غدا أو كذا، فعطلوا حياتهم وحقائبهم بشكل يومي وكلهم همة للخروج والانعتاق من هذا الحصار. من سلبيات، أو من التبعات السلبية لهذا الحصار وكله تبعات سلبية بطبيعة الحال، أنه أربك الحياة حتى الأولاد يعني 40% من الأولاد يقاطعون المدارس بسبب النقل وأنت تدري أن الأمور متشابكة، عندما نقول إن المستشفى يحتاج إلى أدوية فالمستشفى أيضا يحتاج إلى غاز للطبخ.. إلخ، في الأمور متسلسلة جدا والمعاناة مست كل مناحي الحياة.


غسان بن جدو: ربما سادتي المشاهدين أنتم الآن تلاحظون نحن في مكان جميل بالفعل في إحدى النقاط ولكننا على تماس مباشر تماما مع مخيم برج البراجنة، هو ذاته هذه المخيمات التي تقريبا هي ذاتها تختصر واقع غزة ولكن في مشهد آخر، غزة في داخل الأراضي الفلسطينية وأكثر من غزة خارج الأراضي الفلسطينية. مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا، وقفة نعود بعدها لاستكمال حوار مفتوح وسوف نعود أيضا إلى غزة إذا تيسر الأمر بطبيعة الحال وسوف نتحدث عن دور الإعلام ودور الناشطين الحقوقيين الدوليين وتجربة السفينتين، كونوا معنا من فضلكم.

[فاصل إعلاني]

أهمية وتفاصيل رحلة قاربي تحدي الحصار

[شريط مسجل]

مشاركة: أتمنى أن أقول لابنتي عند العودة إنني كنت وصلت إلى إحدى المناطق التي لا تزال تعيش وضعا صعبا رغم أننا في القرن الواحد والعشرين.

مشارك: أعتقد أن قيمة هذه الرحلة تكمن في لفت مزيد من الانتباه إلى الوضع هناك، وإذا أوقفنا حرس الحدود في إسرائيل فإن ذلك لا يعني الفشل إذ أنه سيجلب أيضا مزيدا من الانتباه إلى الأوضاع في غزة.

مشارك2: لهالدرجة الحقد، مش عارفين، يعني السفينة اللي إجت هذه للأمانة لو أنني أنا صاحب مسؤولية لأعطيهم شهادة نوبل للضمير، شهادة نوبل للضمير لكل واحد إجا وقطع هذه المسافة وإجا علينا.

[نهاية الشريط المسجل]

غسان بن جدو: مشاهدي الكرام أهلا بكم من جديد، سوف الآن هذه المشاهد التي شاهدناها سوية الآن تلخص تقريبا بشكل أكثر اختزالا لرحلة السفينتين أو ربما حتى القاربين من قبرص إلى غزة فالعودة من غزة إلى قبرص، ذهابا وإيابا. إلى أن نستطيع أن نعالج الإشكال التقني ونعود للحديث إلى الأخوة في غزة نكمل ونستثمر هذه الفرصة مع عياش الذي أتانا أيضا من باريس. عياش، نحن الآن من فضلك إذا أردنا أن نتحدث عن تجربة السفينتين، يعني إذا أردنا أن تحدثنا عن تفاصيل تلك الرحلة يعني تفاصيل الحياة اليومية لأن أنتم يعني أربعين ساعة وكأنها أربعين أسبوعا أو أربعين شهرا، ليس بسيطا أن قاربين في عمق البحر، شو التفاصيل التي كانت ربما نتحدث عنها من قبرص إلى غزة، قبل العودة؟

عياش دراجي: طبعا غسان نبدأ بتصحيح السفينتين، نحن أشعنا والجميع تحدث عن سفينتين..


غسان بن جدو: قاربين.

عياش دراجي: عن سفينتين ويعني مجازا سفينتين، إلى آخره، في الواقع هما قاربان صغيران من 18 إلى 20 متر، قاربا صيد وبهما تشققات على جنباتهما معا..


غسان بن جدو: يعني مغامرة على مغامرة.

عياش دراجي: مغامرة على مغامرة والحديث عن المغامرة في الواقع إن نسبنا المغامرة فالأحق بأن يوصفوا بالمغامرين ليس أنا كصحفي رافقت السفينتين ولكن هؤلاء الناشطون الإنسانيون وعددهم 41 ناشطا والذين كانوا يعني على متن السفينتين فعلا كانت لديهم شحنة مغامرة عجيبة أنا ما شهدتها في تغطياتنا التي نغطيها كصحفيين في الشرق وفي الغرب في المناسبات الإنسانية عموما. التفاصيل أنه طبعا قبل الانطلاق عانت.. مدة الرحلة غسان يعني أربعين ساعة من قبرص إلى غزة أربعين ساعة والعودة ثلاثين ساعة سبقتها عامين من التحضير يعني..


غسان بن جدو (مقاطعا): فهمناها ولكن أنا أريد التفاصيل. يعني تفاصيل تلك الرحلة يعني مشاهد إنسانية، حدثنا عن المشاهد الإنسانية لتلك الرحلة، غير الجانب السياسي، الجانب السياسي لا أريد أن نتحدث عنه تحدثم عنه طويلا، الجانب الإنساني فقط.

عياش دراجي: نعم الجانب الإنساني هو التكاتف بين 41 شخصا لم ألمس بينهم أي اختلاف، كانوا كالجسد الواحد كنت أشعر بهم وكأنهم..


غسان بن جدو (مقاطعا): طيب كيف فسرت مثلا أن توجد عائلة واحدة، سيدة مع شقيقها مع ابنتها مع صهرها، أربعة في سفينة واحدة وهم يعني أجانب بالكامل، كيف كانت مثلا؟

عياش دراجي: يعني الرسالة التي يؤمنون بها قوية جدا لدرجة يعني فاقت حتى إيمان كثير من المناضلين العرب من أجل القضية الفلسطينية.


غسان بن جدو: كيف كنتم تنامون؟

عياش دراجي: كنا ننام على الخشب وأنا كنت أتوسد قارورة ماء وحتى كنت أشرب منها قليلا حتى تأخذ شكل رأسي وشكل صدغي..


غسان بن جدو: وسادة يعني.

عياش دراجي: وسادة يعني وسادة مائية ما دمت على الماء حتى وصلنا. كانت الرحلة طبعا متعبة جدا وأنا لا أريد حتى غسان لا أريد أن أتكلم عن التعب يعني لا نمن على غزة بهذا التعب لكن التعب كان يمس الجميع، الخوف من رحلة قبرص غزة كان الخوف من اعتراض هذه السفينة وعدم الوصول، لكن هناك استعدادات كاملة لدى ذلك الفريق الإنساني بأن يتحدى ويعيش الواقع والظرف كما هو.


غسان بن جدو: الحمد لله الآن نستطيع أن نعود إلى غزة، أود أن أتحدث إلى السيد فيتوريو أريغوني، هو ناشط متضامن وناشط حقوق الإنسان، إيطالي. سيد فيتوريو، أولا يعني هل كنت تتصور أن تقف بنفسك على واقع غزة كما هو يعني في مخيلتك وأنت كنت تذهب في ذلك القارب إلى غزة هل ذلك المشهد الذي لاحظته ولا تزال تلاحظه هو ذاته ما كان في خيالك؟ وكيف يمكن أن تلخص الآن وتحدثنا عن رحلتك وواقعك الآن في غزة المحاصرة؟

فيتوريو أريغوني/ ناشط في حقوق الإنسان: السلام عليكم.


غسان بن جدو: وعليكم السلام.

فيتوريو أريغوني: بالنسبة لي كان الأمر صعبا علي أن أرى جيراني يموتون بسبب الإبادة وفلسطين ليست بعيدة عني فهي على الجانب الآخر من المتوسط وكأي إيطالي فإنني أعرف تماما معنى محاولة المرء أن يعيش في ظل احتلال كالاحتلال الإسرائيلي، كان هناك مجاهدين من أقاربي جاهدوا ضد النازية إذاً فهذا أمر في دمي أن أقاتل وأكافح من أجل الحرية وهذا جعلني أؤيد الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما أراه غريبا جدا، قبل الأمس كان هناك الحادي عشر من سبتمبر وهذا تاريخ مأسوي للعالم بأسره ليس فقط لشعب نيويورك أو لشعب تشيلي بعد ما حدث مع بينوشيه، ولكن كم هناك من الحادي عشر من السبتمبرات في العالم وهنا في فلسطين كل يوم؟! إنني أرى كوارث هنا، الكوارث الطبيعية أيضا. أنا أصاب بالإحباط الشديد كالغربيين لرؤية ما يقوم به العالم لفلسطين، لا شيء، ولهذا أنا هنا في غزة وكالفلسطينيين أنا هنا في هذا السجن لا أستطيع الخروج ولكنني أفضل البقاء هنا في هذا السجن على أن أكون حرا في إيطاليا وأن لا أفعل شيئا تجاه هذه المأساة. إذاً ما أراه هو الكثير من العناء والألم للفلسطينيين، كل يوم أرى الفلسطينيين يعانون ولا يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات ولا يتركهم الإسرائيليون لفعل ذلك ومن بداية الحصار 250 شخصا مريضا ماتوا لأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى المستشفيات، طلاب عديدون لا يستطيعون الذهاب إلى جامعاتهم بسبب منع الإسرائيليين لهم من ذلك، والعائلات منفصلة عن بعضها البعض، إذاً فالأمر غريب للغاية ولكنني أكرر أنني أفضل أن أبقى في هذا السجن على أن أكون حرا في إيطاليا مكتوف اليدين لا أفعل شيئا.

معاناة الطلبة ودور الإعلام وأهميته

غسان بن جدو: بطبيعة الحال أنت وأمثالك أخ فيتوريو تستحقون بالفعل كل التحية وكل الشكر وكل التقدير وقد أشرت إلى وضع الحصار الذي يعانيه أيضا الطلبة، هناك عدد كبير حوالي أربعمائة طالب من غزة هم مسجلون أو حصلوا على منح في جامعات دولية ولكنهم لا يستطيعون حتى هذه اللحظة أن يغادروا للالتحاق بجامعاتهم. هل يمكن أن نستفيد بمداخلة لزميل أو زميلة تحدثنا عن واقع هؤلاء الطلبة الذين الآن هم يعانون الحصار ولا يستطيعون المغادرة من غزة العربية إلى مصر العربية للالتحاق بدولة غير عربية لمواصلة الدراسة.

نيفين أبو طعيمة/ طالبة:  السلام عليكم ويعطيك العافية. اسمي نيفين أبو طعيمة، عشرين سنة، من مدينة رفح في أقصى الجنوب من قطاع غزة، طالبة الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة سانت لورانس بولاية نيويورك بالولايات المتحدة، أنا سبت فلسطين وأنا في الثاني الثانوي وحصلت على منحة لدراسة البكالوريا الدولية في إيطاليا كليات العالم المتحد ومنذ ذلك الوقت لم أتمكن من العودة لغزة يعني تقريبا لي ثلاث سنوات أقضي صيفي ثلاث شهور من الصيف بالبداية على الجانب المصري من الحدود من معبر رفح، وأخيرا أو كل مرة بدي بستنى على المعبر وآخر الصيف برجع ثاني على الجامعة، كنت أنتظر على أمل أني أرجع أشوف أهلي أقضي إجازة مع أهلي أجي على غزة بس ما ظبطت معي بالمرة، وأخيرا بتموز تمكنت بعد رحلة فعلا شاقة من الوصول إلى غزة ثاني وبقدر أحكي بالفعل والله العظيم ما عرفت الطريق لبيتنا، غزة بعد ثلاث سنين مش غزة اللي سبتها، هي يعني كانت سيئة منذ بدء الانتفاضة بس بصراحة من أسوأ لأسوأ. وجامعتي بدأت بـ 28/8 كان المفروض أكون بأميركا من ثاني تأخرت أسبوع ونصف يعني إجاني الفصل قبل تقريبا نصف أسبوع شيء زي هيك إجاني فصل تام مع أني أنا عندي منحة كاملة خمسين ألف دولار بالسنة وأنا سهرت ليالي وليالي لحتى آخذ هالمنحة بأميركا لحتى أكون حدا لحتى أحكي للعالم اللي بره عن غزة عن اللي إحنا بنعيشه وهذه للأسف بغمضة عين بلحظة واحدة فقدت كل شيء فقدت المنحة فقدت مقعدي الدراسي، هلق لو بدي أرجع هذا لو فتح المعبر وسمحوا لنا أنه نرجع لازم أروح أعيد كل أوراقي من جديد أدفع مصريات من جديد أعاني المعاناة اللي أنا عشتها لأحصل على الفيزا الأميركية من جديد وهذا كله بترتب على نصف ساعة بتؤخذ من أخواننا سواء كان المصريين أو السلطة عنا أنهم يقعدوا مع بعض ويعملونا حل للمعبر يطالعونا إحنا كناس عالقين. يا جماعة اللي الناس لازم تفهمه أنه الناس اللي بدها تطلع من غزة مش طالعين يتفسحوا، إحنا كلنا طلبة، مرضى، أصحاب إقامات بالخارج هذه القضية ومستقبلنا بيتوقف على يومين يفتح فيهم المعبر. أنا خسرت مستقبلي باليوم اللي أنا كنت.. أنا نمت على المعبر يوم السبت والأحد اللي فتح فيهم قبل أسبوع أنا نمت على المعبر كنت من الساعة ثلاثة الفجر ليوم السبت لحد الواحدة بالليل يوم الأحد لما رجعت على البيت، أبي حارب لحتى بين آلاف من الناس أنه يدخلني ويسلم جوازي، استلمت جوازي انختم على الجانب الفلسطيني، وصلت لحد بوابة المصريين الساعة واحدة بالليل يوم الأحد حكوا لنا بكل بساطة، ارجعوا. ارجعوا هذه معناها ضياع مستقبلي وفعلا ضاع، هذه المشكلة اللي أنتم مش فاهمينها يا جماعة، أنه لإيمتى لإمتى عن جد؟ أنا بعد حياتي بنيويورك لمدة سنة وبإيطاليا لمدة سنتين ومقارنة الحياة هناك وترجع لغزة هون بالسجن الكبير جنون والله العظيم جنون. يعني أنتم يا عرب ما بتستحوا عن جد، أنا كلمتي هذه للناس العرب، ما بتستحوا على واحد إيطالي لا هو عربي ولا هو مسلم أنه خجلان يعيش ببلده حر وفي ناس بتموت بغزة! ليكوا مشان الله والله حرام عليكم، مستقبلي ضاع بس في ناس لسه قدامها يومين للمنح تبعتها مشان أنه يلحقوا جماعتهم فمشان الله اعملوا شيء مشاننا ومشان الناس اللي بتموت كلهم مرضى وطلبة فمن شان الله بنناشدكم بنناشد إذا باقي في أصحاب الضمائر الحية أي كان بالوطن العربي أو بالعالم الغربي مشان الله اعملوا شيء مشان أهل غزة إحنا بنموت كل يوم موت بطيء جدا وأنتم بتتفرجوا، ما تحكي لي ما حدا بيعرف، كل الناس بتعرف وكل الناس بتشهد، هذه الريبورتاجات مملية الدنيا عن حياتنا والعالم بيتفرج، يستنوا لحد ما يضيع مستقبل الأول والثاني والثالث وهذه هي. يا عالم إذا إحنا الناس الطبقة المتعلمة الناس اللي طالعة بره بتحكي عالقضية الفلسطينية ونتعلم لحتى نرجع نبني مكان زي غزة، إذا إحنا مش قادرين نطلع مين بده يبني غزة؟ مين؟ احك لي. لذلك إحنا بنتدمر يا جماعة الناس بتموت إحنا مستقبلنا بيضيع، أنا مش عارفة هم حينبسطوا كثير لما غزة كلها تتدمر القطاع بأكمله؟ فلذلك مشان الله، أنا أهلي ما فيش بإمكانيتهم أنه يدفعوا دولار واحد يدرسوني بالجامعات هنا في غزة، لذلك أنا بدي أرجع يعني بأقرب فرصة يفتح فيها المعبر بدي أرجع لحتى أعيد أوراقي وأحاول استرجاع المنحة وأكمل دراستي بأميركا لحتى أصير حنان عشراوي ثانية لفلسطين، لحتى أصير حدا أنه يعمل مشان فلسطين. فطالما أن المعبر مسكر وما حدا متطلع لنا وما حدا يعني مخسر حاله أنه يعني يدي ساعتين يناقش القضية ويناقش موضوع المعبر، ضعنا يا جماعة، فمشان الله رسالة من هون من الميناء من غزة من المخيمات من الناس البسطاء من إحنا، إحنا، ما فيش حدا كبير، مشان الله اعملوا شيئا.


غسان بن جدو: على كل حال يا أختي أنت تتحدثين الآن عن أنك ربما خسرت كما تقولين التأشيرة وحتى المنحة وربما حتى العودة إلى الولايات المتحدة الأميركية، بصرف النظر إذا كنت ستذهبين إلى أميركا أو أوروبا وإلى أي بلد آخر وربما هناك من يسمع الآن من بعض المسؤولين العرب كل ما نتمناه أنه إذا كان هناك من مسؤول عربي يستطيع أن يحتضن عددا من هؤلاء الطلبة على الأقل هناك أربعمائة طالب الآن هم محاصرون وممنوعون من الخروج والمغادرة والذهاب إلى دول أخرى على الأقل إذا كان هناك من المسؤولين العرب الذين يستطيعون أن يسمحوا لهؤلاء الطلبة أن يكملوا دراساتهم إن عجزوا عن إكمال دراساتهم في الدول الغربية فربما تحتضنهم عواصم عربية. الزميل حسن جبر من جريدة الأيام، طبعا أنت زميل الآن تمثل شريحة واسعة نجل ونحترم من الصحفيين والإعلاميين الذين يناضلون بشكل يومي ربما كل لحظة داخل غزة وداخل الأراضي الفلسطينية بشكل عام، سؤالي الأساسي أخي بعد كل خبرتك وتجربتك وأنت غطيت عن قرب كما عدد كبير من الزملاء طبعا قضية القاربين، كيف يمكن بحسب تجربتك للإعلام وللناشطين في الخارج أن يؤثروا بشكل ما في كسر هذا الحصار أو على الأقل يعني توضيح ما يحصل في الداخل؟ وأنت باعتبارك زميلا ومثقفا بطبيعة الحال ونحن نتحدث عن قلة الحيلة العربية المحيرة، ما الذي يمكن أن تقوله باسمك وباسم شريحة من زملائك؟

حسن جبر/ صحفي في جريدة الأيام الفلسطينية: في البداية يعني مساء الخير، أعتقد أن ما قام به الصحفيون الفلسطينيون والعرب من تغطية لما دار في غزة ومن دخول السفينتين وكسر الحصار كل هذا العمل هو عمل بسيط وجهد مشكور إلا أنه حتى الآن لم يصل إلى حد نقل الواقع السيء الذي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة. يعني تحدث أهالي الشهداء وأهالي الأسرى والطلبة تحدثوا عن معاناتهم وهناك معاناة في كل بيت فلسطيني هناك قصة لمعاناة لدى كل فرد فلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وحتى داخل الأراضي المحتلة عام 48، هناك دور ملقى على عاتق الإعلام الفلسطيني أكبر من أي إنسان آخر كونه هو يعني يعيش الحصار يعيش الإغلاق يعيش الموت اليومي وهو مطلوب منه أن ينقل هذا الموت ينقل هذا الجنون الذي يحدث ضد غزة وفي نفس الوقت مطلوب منه أن يتصرف كصحفي وينقل هذه الأحداث يعني يعيش كمواطن ويتصرف كصحفي، لا يمكن بأي حال من الأحوال لو عملنا سنوات طويلة لو عملنا ساعات طويلة ورغم الجهد الذي بذلته الجزيرة وزملائي في غزة من تغطية هذه الفعالية إلا أننا نشعر بالعجز الحقيقي عن نقل ما يدور في غزة، تحدثتم عن حاويات القمامة وتحدثتم عن العمال وتحدثتم، كل هذه قصص هناك آلاف القصص لا يمكن أن ننقلها، أنا يعني أخجل أحيانا أن أسمي نفسي عربيا في ظل هذا الصمت العربي المخزي، هذا الصمت العربي المخزي الذي لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، لا يمكن تبريره، العرب يجلسون ويتابعون على شاشات التلفاز مباريات في أوروبا ومباريات هنا ويتابعون في نفس الوقت المسلسل الذي يجري في غزة وكأنه مسلسل يعني ألا يخجلون من أنفسهم؟ أين العروبة أين الإسلام أين الشعارات التي سمعناها على مدار ستين عاما؟ أين هم؟ نحن نخجل، نحن نخجل أحيانا، لمن أوجه؟ لمن أوجه هذه الدعوة؟ لمن أوجه هذا النداء؟ هل نوجهه لأمة يعني تعيش على الماضي أم نوجهه لأناس ما زالوا يسمعون عن القضية الفلسطينية وكأنهم يعيشون في بلاد بعيدة عن هذه البلاد! العرب، الإعلام، كل هذه المصطلحات أصبحت جوفاء في ظل معاناة يومية ومستمرة على مدار اللحظة. نخجل أحيانا، مطلوب منا أن نقوم بدور كبير، مطلوب منا ليس كصحفيين فقط ولكن كإنسانيين. أنا أقدر هذا الجهد أقدر هؤلاء النشطاء الذين جاؤوا، كنا نتنازع أحيانا أن نتحدث عنهم أم  نتحدث عن أنفسنا، يتنازعنا شعوران أي هل نتحدث عنهم عن هؤلاء الأبطال الذين يستحقون منا كل تكريم من كل فلسطيني يستحقون التكريم، أم نتحدث عن المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني. أنا أعتقد وأنا أوجه..


غسان بن جدو (مقاطعا): اعذرني زميل حسن يعني الوقت فعلا يداهمنا، بقيت فقط دقيقة وأنا أريد أن أستفيد من فضلك مع ناشط حقوقي الذي كان جزءا من سفينة غزة الحرة، الناشط كين، الإيرلندي، سيدي سؤال بسيط يعني من أين أنت قدمت، من أوروبا من إيرلندا، أين الإعلام الغربي بشكل أساسي مما يحصل في غزة؟

إسرائيل هي الداعم الأكبر للإرهاب في المنطقة

كين أوكيفي/ ناشط في حقوق الإنسان: الحقيقة هي أن الإعلام الغربي ليس لديه شرف ولا حقيقة وإن أخبرت الحقيقة فإنها ستفهم في الغرب، إسرائيل هي الداعم، الدولة الداعمة للإرهاب الأكبر في المنطقة وإسرائيل يجب أن تحاسب على الجرائم بما في ذلك العقاب الجماعي والقتل الجماعي، وإن أخبر الغرب بذلك من قبل الإعلام فإنهم سوف يهبون لمساعدة الفلسطينيين ولكن الكثير لا يريد أن يفعل ذلك، وانا أود أن أؤكد هنا أن مهمة غزة الحرة هي مثال على ما نحن في الغرب يمكن أن نقوم به، 46 شخصا والسبب الوحيد الذي جعلنا نأتي لا علاقة له بإسرائيل أنها سمحت لنا فلم يكن لها خيار لأنه إن أوقفتنا فإنها سوف تفضح نفسها وحقيقتها وأنها دولة عدائية وتنتهك حقوق الإنسان وبشكل تام مستعدة لقتل الفلسطينيين ولكنها غير مستعدة لقتل الغربيين الذي يختارون أن يمارسوا الحقوق التي ينبغي للفلسطينيين أن يمارسوها ولكن عندما يأتي البيض الغربيون للصورة فإن موقف إسرائيل يتغير وهذا أثبت في قبل بضعة أيام عندما كانت هناك قوارب إسرائيلية صدمت وضربت القوارب الفلسطينية، فنحن يكون لدينا أحيانا فرصة أن نظهر الحقيقة وأن نساعد الفلسطينيين على ممارسة الحقوق التي نأخذها دائما بشكل مسلم به في الغرب، إذاً فنحن نود مساعدة الفلسطينيين ونأمل من الدول العربية أن تحذو حذونا.


غسان بن جدو: شكرا سيد كين، أشير فقط من جديد بأنكم لا تزالون محاصرين أنتم بأنفسكم وأنتم عالقون الآن لا تستطيعون مغادرة غزة رغم أنكم غربيون، أشير أيضا بأن قافلة مساعدات مصرية منعت من الذهاب إلى رفح. تقريبا الوقت انتهى ولكن في أقل من ثلاثين ثانية عياش من فضلك أين الصحفي وأين الإنساني في تلك الرحلة؟ وفي العمل الإنساني بشكل عام.

عياش دراجي: في العمل الإنساني كثيرا ما الصحفي يتخوف من أن يكون متعاطفا مع قضية إنسانية ما لكن المطلوب من أي صحفي أو أي إعلامي نبيل أن ينقل الواقع كما شهده وليس مطلوبا منه أن يتبجح بأي كلمة سواء حياد أو موضوعية أو كذا، انقل ما شهدته فأنت صحفي نبيل وترفع رأسك في الشرق أو في الغرب.


غسان بن جدو: والتفريق بالمناسبة بين الإنساني والمهني هو أحيانا هو خدمة للمحتل أكثر من شيء آخر وكأنه يراد منا أن نكون صحفيين آلات متحركة وليس صحفيين من دم ولحم. شكرا لك أخ عياش، شكرا للحضور الكريم والعزيز في غزة، شكرا لكل من ساهم في إنجاز هذه الحلقة، موسى أحمد، مصطفى عيتاني، حسن نور الدين، علي عباس، طوني عون، غازي ماضي، وسام موعد، وداد بكري، نعيم صابر، جوني نمر، شكرا للأخوان في مكتب فلسطين بشكل عام، وأخص بالذكر غزة، وائل الدحدوح، سامر أبو دقة، وسام حمادة، شكرا للأخوان في الدوحة منصور الطلافيح، محمود رحمة، عبير العنيزي والمترجم علي مطر، مع تقديري لكم، في أمان الله.