تحت المجهر

غزة إننا قادمون

تحدّوا إسرائيل وأبحروا تحت جناح السرية, كسروا حصارا على غزة ظل مستمرا منذ أربعين سنة. في الذكرى السنوية الأولى القصة كاملة يرويها أبطالها.

كلمة المخرج يورغوس أفجيربولوس (مخرج يوناني حائز على عشرات الجوائز العالمية) لحلقة "تحت المجهر" (غزة إننا قادمون):

حاول أن تغلق عينيك للحظة، وتخيل كيف يكبر أطفال في غزة، كمخرج أفلام وثائقية وصحفي ذهبت مرارا إلى غزة، وكنت شاهداً على الظلم ومعاناة الناس وكل أصناف الموت، غزة بالنسبة لي هي مرادف الوجع والألم، والإبادة في حق شعبٍ بأسره، إلا أن كل ذلك يقع تحت عين المجتمع الدولي والعالم، الذي لسنين طوال يتصنع أنه "لا يرى شيئا".

لذلك كنت سعيداً جداً عندما علمت بنجاح تلك المهمة الصعبة والخطيرة، والتي بدت مجنونة جداً في بادئ الأمر، سفينتا صيد يونانية على متنهما 44 ناشطاً من جميع أنحاء العالم، تنجح عام 2008 في كسر الحصار البحري المفروض على غزة للمرة الأولى بعد 41 عاماً.

قصة جديدة
كانت القصة جديدة ومختلفة خصوصاً في هذا الجزء من العالم، حيث إن الفكرة لم تكن سوداوية قاتمة، بل كانت تحمل معاني جديدة من الأمل والشجاعة والتفاؤل والتضامن. والأهم من ذلك كله هو الإنجاز الكبير الذي قامت به مجموعة من الأشخاص العاديين الذين أرادوا إيصال رسالة للعالم بأن كل شيء ممكن إذا آمنا به.

لسوء حظي لم أكن بين النشطاء المتواجدين على متن السفينة، لكن المخرج الثاني لهذا العمل يانس كاريبيدس كان هناك. قام يانس ومجموعة من النشطاء اليونانيين بتسجيل تفاصيل تلك الرحلة أثناء الإبحار، وحاولنا في الفيلم نقل تلك المشاعر: الخوف والألم وأخيرا الفرح بالنجاح.

كنت مأخوذا بذلك الشعور الذي انتابني وأنا أشاهد السعادة المتدفقة من وجوه الأطفال (يا للعجب!) الذين سبحوا من الشاطئ باتجاه القارب لاستقبال أول سفينة أجنبية ترسو على شاطئ غزة منذ أكثر من أربعة عقود. اقترب طفل صغير أثناء السباحة من محرك السفينة، فقام ركاب السفينة بتحذيره باللغة العربية من الاقتراب خشية أن يؤذى من المروحة. ضحك الطفل ورد عليهم بهدوء "ما في خطر في فلسطين".

صدقا، كنت حريصا جدا أثناء عملي على هذا الفيلم أن أنقل هذه المشاعر بدقة. ليس فقط الإنجاز، بل المشاعر، والجو المحيط. عندما أصبح الفيلم جاهزا، قمت بدعوة أعضاء من الرحلة لمشاهدته في عرض خاص. كنت أعتقد بأنه إذا استطعت أن أجعل هؤلاء الأشخاص الذين قاموا بالمغامرة يتأثرون بالفيلم، فالفيلم سيكون جيدا.

عندما انتهينا من العرض، نظرت في عيونهم، كانوا يبكون، هنأنا بعضنا، وأيقنا أنه كثيرا ما يصنع التاريخ من قبل أناس يصفهم العاقلون بأنهم "غير واقعيين".