في العمق

العالم العربي بين الاستبداد والأمن

ناقشت الحلقة الأسباب التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب في المنطقة العربية، وتساءلت حول العلاقة بين قمع الحركات الإسلامية المعتدلة وتعزير جماعات العنف.

بحثت حلقة الاثنين 2/3/2015 من برنامج "في العمق" في أسباب تنامي ظاهرة "الإرهاب" بالمنطقة العربية، وتساءلت هل أدى قمع الحركات الإسلامية المعتدلة إلى تعزير جماعات العنف؟ وأين ذهبت وعود الرخاء الاقتصادي والأمن بعد القضاء على الإسلام السياسي؟ وهل يشكل الاستبداد والقمع طريقا للاستقرار؟

واستضافت الحلقة أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الكويت محمد الرميحي، والباحث في الفلسفة والعلوم الإنسانية حسن بن حسن.

العنف والإرهاب
وقال الرميحي في مستهل حديثه إن هناك فرقا بين العنف والإرهاب، موضحا أن الدولة تحتكر العنف وتقوم بتنظيمه عبر القوانين، بينما الإرهاب هو عنف غير منظم.

ولفت إلى ثلاث كلمات مفتاحية تلخص عوامل تنامي منسوب العنف في العالم العربي، وهي "من أنتم؟" للراحل معمر القذافي، و"فهمتكم" للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، و"خليهم يتسلو" للرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.

وبيّن أن الشعوب العربية عانت على امتداد عقود من احتقار الأنظمة التي تحكمها.

وأشار أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى عوامل أخرى ساهمت في تكريس العنف والإرهاب في المنطقة، وهي النزاع المذهبي والتعليم الديني الذي يؤسس لمجموعة من الكراهيات حسب تعبيره، بالإضافة إلى غياب الدولة في بعض المناطق مثل سوريا والعراق وليبيا.

واعتبر الرميحي أن فرصة معقولة أتيحت لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، لكنهم لم يكونوا يملكون منهجا حديثا لقيادة الدولة، واصفا إياهم بقصيري النظر إلى حد بعيد.

وذكر أن الديمقراطية ليست من أولويات الإسلام الحركي، وأضاف أن الدليل الأبرز على ذلك كتابات مؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا.

ورأى الرميحي أن العنف المتفشي في العالم العربي يواجه برفع سقف الحريات وبتخفيض حجم الفساد وبإدارة حديثة للدولة وبسيادة القانون وبعدم استثمار الخطاب الديني.

بيئة الظلم والفقر
وقال الباحث في الفلسفة والعلوم الإنسانية حسن بن حسن إن الإرهاب تبلور كخيار في التغيير، وأضاف أن هذه الظاهرة لا تنمو إلا في بيئة الظلم والفقر الفكري والرمزي.

وبين أن ما سماه الإرهاب هو خميرة اجتماعية ونفسية تبحث عن مسوغات تحتمي وراءها، لافتا إلى أن الارهاب يمثل اليوم ورقة إستراتيجية ورابحة لأعداء العرب والمسلمين.

وأوضح بن حسن أن الظاهرة تمكن الأنظمة الفاشلة من تغطية فشلها، وتبدد الطاقة الهائلة في الأمة والتي كان بالإمكان استثمارها في البناء.

وذكر أن الإخوان المسلمين لم يكونوا مؤهلين لقيادة المرحلة التي أعقبت الثورة المصرية في 2011، مشيرا إلى أن الإخوان أخطؤوا عندما ظنوا أن الثورة تفتح الباب على مصراعيه لديمقراطية الأغلبية في وقت تقتضي فيه المرحلة الديمقراطية التوافقية.

ورأى الباحث أن الإسلاميين اليوم هم العمود الفقري للمشهد السياسي العربي حتى لو كانوا مقموعين، متابعا القول إن الديمقراطية هي مسار تعلم كبير.

واعتبر بن حسن أن المنطقة تشهد إعادة ترتيب الأوراق لصالح القوى الديمقراطية، مشددا على ضرورة اصطفاف قوى الحرية في خندق واحد.