شاهد على العصر

الترابي: تعاطفنا مع الإخوان تحديا لعبد الناصر ج1

شرع برنامج “شاهد على العصر” في بث سلسلة حلقات جديدة مسجلة مع المفكر والسياسي السوداني الراحل الدكتور حسن الترابي الذي تطرق في الجزء الأول منها لنشأته ودراسته.

لم تكن نشأة المفكر والسياسي السوداني الراحل الدكتور حسن الترابي عادية، فقد ترعرع في أحضان أسرة تعود أصولها إلى جد له ثورات للعدالة السياسية والعلم والقرآن الكريم، ووالد حافظ للقرآن الكريم ويمتهن القضاء الشرعي، وهو ما ساعده على التشبع بثقافة واسعة وبعلم غزير، حيث تعلم منذ صغره اللغة العربية بصرفها ونحوها وعروضها، وحفظ القرآن الكريم.

طفولة الترابي هذه تحدث هو نفسه عنها في الجزء الأول من شهادته لبرنامج "شاهد على العصر" ضمن سلسلة حلقات جديدة سجلت في أكتوبر/تشرين الأول 2010، ويدلي خلالها بشهادته على عصر السودان الحديث ودور الحركة الإسلامية في السودان.

ويؤكد زعيم ومؤسس الحركة الإسلامية في السودان أن والده -الذي كان أول خريجي المعهد العلمي العالي في السودان- أمده بكل الثقافة التي اكتسبها، وجعله ينتمي من خلال تنقلاته في ربوع البلاد إلى كل المد السوداني.

في عام 1951 التحق بجامعة الخرطوم، وأنهى دراسته فيها عام 1955، وفي تقييمه لهذه الفترة يقول الترابي إنه تعرض خلالها لتجربة جديدة بحكم وجود تيارات داخل الجامعة، ومنها تيار بريطاني يريد زرع اللغة الإنجليزية وسط الطلاب لعزل اللغة العربية، ومحاولة طمس الدين وصرفه لهامش الحياة الخاصة، ولكنه تمكن من التصدي لهذا الواقع عبر الموروثات والمحفوظات التي كسبها في طفولته.

ويؤكد أنه شهد في تلك الفترة إنشاء حركة التحرر الإسلامي وكانت سرية، كانت مدودها الفكرية والدينية من مشارب مختلفة، فقد كانت تردهم كتب مختلفة لعلماء مثل محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وأبو حامد الغزالي والمفكر الجزائري مالك بن نبي، وكتب من الهند أيضا.

سافر الترابي عام 1955 إلى بريطانيا والتحق بجامعة لندن، وفي عام 1957 حصل على درجة الماجستير في القانون، ويقول في شهادته إنه خلال هذه الفترة انجذب للتيار الإسلامي المتنوع المشارب الذي كان يدافع عن قضايا إسلامية مشتركة

ويكشف الترابي أن حركة التحرر الإسلامي ظهرت تعاطفا مع الإخوان المسلمين في مصر الذين تعرضوا لملاحقات من نظام الرئيس المصري وقتها جمال عبد الناصر "لتثبت أن الدين حيثما ضربته يمكن أن ينشأ في بلد آخر"، أي أن التيار العام للإخوان المسلمين في السودان الذي أعلن عنه عام 1955 جاء بسبب إعدام عبد الناصر عناصر من الإخوان.

وكان عبد الناصر قد أعدم عام 1954 ستة من الإخوان المسلمين في مصر، على رأسهم عبد القادر عودة.

ولاء صوفي
وعن خصوصية حركة الإخوان المسلمين في السودان يؤكد المفكر السوداني الراحل أنها عملت على أن يكون الإسلام خطابا لكل البشر، ولذلك امتدت منذ ظهورها نحو أبناء الجنوب، حيث الآباء وثنيون، ونحو غرب السودان، حيث قبائل لها امتداد أفريقي.

سافر الترابي عام 1955 إلى بريطانيا والتحق بجامعة لندن، وفي عام 1957 حصل على درجة الماجستير في القانون، ويقول في شهادته إنه خلال هذه الفترة انجذب للتيار الإسلامي المتنوع المشارب الذي كان يدافع عن قضايا إسلامية مشتركة، وهوما ساعد على اتساع الأفق لديه وانتشار عالميته.

وبعد عودته إلى السودان عام 1957 بدأ المفكر الراحل مرحلة جديدة، ويقول إنه دخل في صراع مع البريطانيين من أجل تعريب التعليم، وفي بناء علاقات مع الحركات الإسلامية بالعالم العربي والأفريقي والآسيوي.

وعن الحياة السياسية في السودان خلال تلك الفترة والمد الصوفي بالبلاد، يوضح ضيف "شاهد على العصر" أن الأحزاب السياسية في السودان قامت على أساس الولاء الصوفي، وأن الطرق الصوفية دخلت البلاد مع دخول الإسلام وجذبت إليها أهل البلد وطغت على ثقافتهم.

ويؤكد أن الطرق الصوفية كان فيها الكثير من الخرافات والروحيات والغيبيات، لكن حالها تحسن بعض الشيء لاحقا، كما يشير الترابي إلى أن الدولة كانت توظف الصوفية والعلماء سلاحا لما يصلح سلطانها ونفوذها.