شاهد على العصر

الصادق المهدي: النميري استخدم الإسلام لتثبيت حكمه الديكتاتوري ج12

في الحلقة الثانية عشرة من شهادته على العصر، يواصل رئيس وزراء السودان الأسبق زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي تقييمه لفترة حكم الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري.

يقول رئيس وزراء السودان الأسبق زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي إن الرئيس السوداني الراحل جعفر النميري اتخذ الشعار الإسلامي لملء الفراغ الأيديولوجي الذي كان يعانيه، ويصف -في الحلقة الثانية عشرة من شهادته لبرنامج "شاهد على العصر"- القوانين التي أصدرها النميري في سبتمبر/أيلول 1983 وتستند إلى الشريعة الإسلامية بأنها كانت "تجربة فاشلة وباطلة وعبثا بالدين".

ويضيف أن النميري حوّل الإسلام إلى مؤسسة عقابية، واستخدمه لتثبيت الحكم الديكتاتوري في السودان، وقال إنه وجه انتقادات شديدة إلى قوانين النميري، ووصفها بالانتهازية ولا "تساوي الحبر الذي كتبت به"، مما تسبب في اعتقاله في سبتمبر/أيلول 1983.

وحسب المهدي، فقد أرسل النميري إليه وهو في السجن طالبا رأيه في تطبيق الشريعة الإسلامية، لكنه رد عليه بالقول "لا أستطيع التحدث في هذه الأمور وأنا سجين"، فاضطر النميري لإطلاقه من أجل التربص به، ويشير إلى أن النميري كان يهدد بأحكام الإعدام كل من يعارض قوانينه.

وحسب المهدي فإن النميري كان يقوم بتطبيق أحكام الشريعة بصورة صبيانية، حيث قطع 200 يد في سنة واحدة، في الوقت الذي كان فيه السودان يمر بفترة مجاعة بين العامين 1984 و1985.

المهدي يقول في شهادته إن المصالحة التي أبرموها مع النميري عام 1977 كانت تكتيكية ريثما يحدث الإصلاح الديمقراطي في السودان، وقال إنهم في الأنصار حولوا قواتهم الضاربة إلى قوات ناعمة وخلقوا قاعدة تنظيمية قوية لمواجهة نظام النميري.

وبينما تخندق الأنصار في صف المعارضة، اختارت جماعة الزعيم الإسلامي حسن الترابي، وكان يرأس وقتها الجبهة الإسلامية القومية في المقابل اختراق النظام من الداخل من خلال مشاركتهم في السلطة، لكن الطرفين- يضيف زعيم حزب الأمة- اتفقا عام 1982 على تكوين "جماعة الفكر والثقافة الإسلامية" التي عقدت أول مؤتمر لها في نفس العام لبلورة المستقبل الإسلامي للسودان، وكان ناجحا جدا.

ترحيل الفلاشا
وبينما كان النميري يطبق الشريعة الإسلامية في السودان ويعلن نفسه "أميرا للمؤمنين"، كان على علاقة بالأميركيين، ويكشف زعيم حزب الأمة السوداني في شهادته أنه قدم لهم تسهيلات عديدة، تمثلت في تسهيلات تنصت في البحر الأحمر ضد عدن وإثيوبيا، وتسهيلات لقوات دعم سريع، إضافة إلى أنه كان ضمن تحالف مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات في إطار التدريبات المشتركة مع الأميركيين.

وأخطر ما فعله النميري -حسبما جاء في شهادة المهدي- أنه ساهم في ترحيل يهود الفلاشا الإثيوبيين (10 آلاف) إلى إسرائيل عام 1984.  

وفي مقابل الخدمات والتسهيلات التي قدمها للأميركيين، حصل نظام النميري على قروض من البنك الدولي بقيمة ثمانية مليارات دولار، إضافة إلى دعم عسكري وتنموي كبير جدا حصل عليه من الأميركيين.

ويؤكد المهدي أن الأميركيين عاقبوا السودان لاحقا وغضبوا منه بعد سحب تلك التسهيلات بعد سقوط نظام النميري.