الصندوق الأسود

اليمن.. الأموال المنهوبة

كيف نهبت أموال اليمن؟ وما مصيرها؟ أسئلة يجيب عنها فيلم “اليمن.. الأموال المنهوبة” ضمن برنامج “الصندوق الأسود”.. وثائق حصرية تكشف شبكة علي صالح ومصادر النهب وطرق التهريب، وفرص الاستعادة.

تظهر نظرة إلى ما حل بالاقتصاد اليمني بعد ثلاثة عقود من حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ثقبا أسود ابتلع الكثير من موارد الدولة رغم اكتشاف النفط والغاز وتدفق المساعدات الخارجية.

كيف نهبت أموال اليمن؟ وما مصيرها؟ وما فرص استعادتها؟ هذا ما سعى إلى كشفه الفيلم الوثائقي "اليمن.. الأموال المنهوبة" الذي بثته الجزيرة الأحد (2018/4/1) ضمن سلسلة "الصندوق الأسود" الاستقصائية.

عام 2015 قدر تقرير للأمم المتحدة حجم الأموال التي نهبها صالح ما بين 32 مليار دولار وستين مليارا.

عشر عائلات
لم تكن تقارير الأمم المتحدة فقط من تحدثت عن هذا النهب، بل هناك أيضا الهيئة البريطانية تشاتام هاوس التي تورد أن عشر عائلات تسيطر على أكثر من 80% من اقتصاد اليمن.

سلط الفيلم الضوء على شبكة صالح التي وظفها وتقاسمت معه المال، ومنها رجل الأعمال النافذ شاهر عبد الحق الذي حظي بامتيازات استثمارية خاصة.

الباحث والمحلل السياسي براء شيبان يقول إن صالح ربطته علاقة وطيدة بعبد الحق الذي تبين بعد صدور وثائق بنما أنه كان أودع أموالا طائلة في ملاذات ضريبية آمنة خارج اليمن.

شبكة صالح
ووفقا لتقرير فريق الخبراء الأممي، فإن إحدى شركات شاهر حولت مبالغ مالية إلى شركة رايدن في دولة الإمارات والتي يمتلك فيها خالد علي عبد الله صالح نسبة 49% حتى بعد إدراج صالح في قائمة الجزاءات.

يكشف الفيلم كيفية تدفق عشرات ملايين الدولارات إلى خالد، وكيف تحولت إليه ملكية شركات كانت باسم علي صالح، كما جالت الكاميرا في واشنطن وباريس لمعاينة عقارات أبناء صالح التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات.

ماذا عن ملف النفط بوصفه أحد أبرز مصادر النهب؟

اللعبة النفطية
يكشف الفيلم كيف تدفقت الأموال إلى جيب صالح عبر الحصول على المال مقابل منح الشركات الأجنبية حقوقا خاصة للتنقيب عن النفط والغاز.

علي عشال برلماني يمني حائز على الجائزة الدولية لبرلمانيين ضد الفساد سلط الضوء على عدة ملفات نفطية طالبت لجنة برلمانية بمساءلتها.

يؤكد عشال أن رئيس البرلمان الحالي عضو اللجنة وقتذاك لم يعتبرها قضية فساد بل أقفل الملف بالقول إن صالح هو رأس الدولة وهو من يأمر وهو المالك والمتصرف.

الاعتمادات الإضافية
أما الموازنة فيتحدث عن صوريتها، وعن نهب مليارات الدولارات عبر بند في الموازنة اسمه "الاعتمادات الإضافية" التي لا يطلع على تفاصيلها أحد سوى صالح وشبكته.

من النفط إلى التجارة المباشرة لشبكة صالح المالية، فريق الفيلم حصل حصريا على وثائق تخص أهم ملفات هذه التجارة وهي شركة فولكان التي كان يديرها شاب يدعى خالد الرضي ضمن شبكة صالح إلى أن قتل في مواجهات بين الحوثيين ورجال نجل صالح.

ويسلط الضوء على تدخل صالح شخصيا ودائما لإرساء المناقصات، ليس استنادا إلى أفضل العروض تقنيا بل تبعا لحصته الربحية.

بنية فاسدة
يوضح الكاتب والباحث السياسي عبد الناصر المودع أن صالح كان يقود نظاما، الفساد ليس انحرافا فيه وإنما جزء أساسي في بنيته.

يبرز الفيلم وثائق حول شركات تؤسس عبر وكلاء وهميين تظهر مدى العبث بثروات اليمن كشركة للغاز المسال في برمودا والتي أسسها ثلاثة محامين بريطانيين.

استرداد المال المنهوب
وبشأن سبل استرداد المال المنهوب يقول جان زغلر نائب رئيس اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان إن هناك تطورا كبيرا في القوانين الدولية في رصد الأموال المنهوبة، وثمة تعويل على الرأي العام للضغط على الحكومات الغربية بغية تفعيل هذه القوانين.

أما عضو لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الناشط الحقوقي عبد الوهاب الهاني فيقول إن هذه البنوك الغربية توفر ملاذات آمنة لأموال مصدرها العصابات والمخدرات والمستبدون الناهبون.

ولكن -يضيف الهاني- حين تطالب الشعوب بمالها يتمنع أصحاب البنوك بالقول إن عليهم اتباع القانون، وإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

ضغط حقوقي
الهاني يلفت إلى تطور نجم عن ضغط مجلس حقوق الإنسان والذي دفع سويسرا لتغيير قانونها فقلبت قرينة البراءة بحيث أصبح على المستبدين إثبات أنهم غير سرّاق.

ولكن مع كل هذا ورغم وضوح الناهبين لا يبدو استرجاع المال من البنوك العالمية أمرا يسيرا، مما يضع على عاتق جيل الثورة اليمنية خوض المعركة في المنابر الدولية لتعود حقوقه إليه.