نتائج انتخابات لبنان بين "التشبيح" والحسرة

#انتخابات_لبنان
أغلقت الانتخابات النيابية اللبنانية أبوابها على أرض الواقع وفتحتها على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن جاءت النتائج صادمة للبعض خصوصا أنها وسعت النفوذ السياسي لحزب الله على حساب النفوذ السني.
 
وأفرزت الانتخابات في نتائجها أمس تقدما لحزب القوات اللبنانية، مقابل احتفاظ حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وكتلة النائب وليد جنبلاط بأوزانها في البرلمان، تزامنا مع انحسار مقاعد تيار المستقبل الممثل السني في البلاد بقيادة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

وأعلن الحريري أمس فوز تيار المستقبل الذي يرأسه بـ21 مقعدا في البرلمان، في تراجع كبير مقارنة بحجمه في المجلس النيابي المنتهية ولايته حين كان ممثلا بـ33 نائبا، ورغم الخسائر ما زال الحريري السياسي السني الأقوى بحصوله على أكبر كتلة في البرلمان المؤلف من 128 مقعدا، مما يجعله المرشح الأوفر حظا لتشكيل الحكومة المقبلة.

أما التيار الوطني الحر الذي ينتمي له رئيس الجمهورية ميشال عون، فلم يحصل على "التفويض الكامل"، بينما أصبح حزب القوات اللبنانية شريكا واضحا له بعد تحقيق كتلة نيابية وازنة تضعه في مصاف الكبار، في حين حافظ الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على حصته.

وقال مراسل الجزيرة إن التحالف الشيعي (حزب الله وحركة أمل) حقق "علامة كاملة" في كثير من المناطق التي استنهض جمهوره فيها بحسب النتائج الأولية، حيث تنبأت وكالة رويترز قبل الانتخابات بأن يحقق التحالف على الأقل 67 مقعدا، مما يمنحه الأغلبية المطلقة (النصف زائد واحد). أما التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله فلم يحصل على "التفويض الكامل" الذي يسعى إليه.

قانون الانتخابات
ودخل اللبنانيون معترك الانتخابات النيابية الأحد الماضي بعد تعطلها لمدة عقد من الزمن تقريبا بهدف اختيار ممثليهم في البرلمان، في ظل انقسامات سياسية حادة سادت البلاد خلال الفترة المنصرمة وهو ما جعل التحالفات فيها هجينة.

وقسم قانون الانتخابات الجديد لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، يتراوح عدد المقاعد فيها بين 5 و13 مقعدا، يحدد عددها في كل دائرة بحسب التقسيم المذهبي. وفرض تشكيل لوائح مغلقة، مما أطاح بإمكانية الترشح الفردي وأجبر المستقلين والناشطين على الانضواء في لوائح. وبالتالي تشكلت لوائح لا يجمع بينها أي برنامج سياسي مشترك، وضمت أحيانا كثيرة أضدادا في السياسة. 

ولا يمكن للناخبين وفق القانون الجديد اختيار أسماء معينة من اللوائح أو شطب أخرى كما اقتضت العادة، بل على الناخب اختيار اللائحة كاملة، ويمكنه أن يحدد شخصا واحدا يمنحه "صوته التفضيلي". ويضمن المرشح الذي يحصل على أعلى نسبة من الأصوات التفضيلية أن تكون له أولوية الفوز بين أعضاء اللائحة.

وبموجب القانون الجديد، تشكلت للمرة الأولى هيئة إشراف على الانتخابات شبه مستقلة عن وزارة الداخلية، تضم ممثلة عن المجتمع المدني ما لبثت أن استقالت من منصبها يوم 20 أبريل/نيسان الماضي قبل أن تبدأ، وتتيح النسخة الجديدة للانتخابات إمكانية فرز الأصوات على مرحلتين: الأولى يدويا في أقلام الاقتراع، والثانية إلكترونيا لدى لجان القيد، في حين كان يعتمد القانون السابق الفرز اليدوي فقط.

آراء
وعلى الرغم من انتهاء الانتخابات وحصول كل طرف على نصيبه منها، فإن أصداءها ما زالت على منصات التواصل الاجتماعي عبر عدة وسوم كانت تستخدم قبلها وبعدها للتعليق على مجرياتها، ولكن الآن تنشغل بنتائجها سياسيا ومظاهر الانفلات و"التشبيح" ميدانيا على وسم #انتخابات_لبنان.

فما إن أغلقت مراكز الاقتراع حتى فتحت الشوارع أمام من يصفهم مغردون بـ"المنفلتين والشبيحة الطائفيين" التابعين لحزب الله وحركة أمل، وأخذوا يجوبون الشوارع بدراجاتهم النارية مع أغاني تحريضية واستفزازية استمرت حتى ما بعد منتصف الليل، وصلت في بعضها لاستعراض مسلح واعتداء على ممتلكات الخصوم في بيروت وعدة مناطق من البلاد، بحسب تسجيلات مصورة منشورة.

وعلى صعيد المفرزات السياسية للانتخابات، تساءل المغردون عن سبب تراجع حصص السنة وتوسع حزب الله وأنصاره في المجلس النيابي، فهناك من حمّل مسؤولية ما جرى للسعودية التي زعزعت -على حد قولهم- الثقة السنية بقيادتها، ووصفها جمال خاشقجي "بالنكسة السعودية في تحجيم إيران بالمنطقة".

وفي المقابل هناك من رآها ضربا من عدم النزاهة وشراء الذمم والأصوات حينا، واستخدام المنطلق الطائفي والترهيب من قبل الحزب في المناطق التي يسيطر عليها، ودفع الناس فيها للإدلاء بأصواتهم لصالحه، بحسب ناشطين.

ولام آخرون الذين لم يشاركوا من الأطراف غير الشيعية بالانتخابات، معتبرين ذلك تقصيرا بحق الوطن وفتح المجال أمام تغول الحزب وأنصاره -ومن خلفهم إيران- في السياسة، فضلا عن تفويتهم فرصة التغيير في البلاد، لأنه لن يحدث بمعجزة بل بالأصوات والمشاركة، بحسب مغردين.

أما المنشغلون بقوتهم اليومي، فاستبشروا باستمرار معاناتهم في معترك الحياة من أجل تحصيل لقمة عيشهم، "فاختلاف النسب البرلمانية وزيادة الكراسي لفريق وآخر لن يطعمهم الخبز".

وفي الخارج علت أصوات المطالبين بتحجيم أنصار حزب الله الذين ارتفعت راياتهم وأصواتهم بالاحتفال بعد صدور النتائج، ورفعوا أعلام الحزب بدلا من أعلام الدول التي يقيمون فيها، وخصوصا في السعودية.

وعلى الضفة الأخرى، يرى المنتصرون أن النتائج جاءت كما أريد لها أن تكون، وهذه ثمرة تصويت أنصار المقاومة في لبنان، وهو يؤشر على توسع رقعة أنصار حزب الله في البلاد، واعتبروه انتصارا تاريخيا على حد وصف مغردي الحزب.

المصدر : الجزيرة