كيف ستجعلك تقنيات الذكاء الاصطناعي أذكى؟

artificial intelligence (pixabay)
التعلم العميق أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد على تحقيق تقدم مبهر في حل بعض المسائل المعقدة (بكساباي)

تيرنس سغنوفسكي

يبدو أن صناعة المستقبل لن تكون على يد البشر بمفردهم أو الآلات لوحدها، بل ستكون نتاج تعاون بين الاثنين. وتُعزز التقنيات التي تعمل بنظام شبيه بعمل الأدمغة البشرية، قدرات البشر. ومن المرجح أن تصبح هذه التقنيات ذات تأثير أكبر عندما يعتاد المجتمع على وجودها في مجالات عديدة.

يتوقع المتفائلون في مجال التكنولوجيا أن يشهد العالم ارتفاعا في الإنتاجية البشرية وجودة الحياة، في الوقت الذي تصبح فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي جزءا من الحياة اليومية. من جهتهم، حذر المتشائمون إزاء التكنولوجيات الحديثة؛ من أن هذه التطورات يمكن أن تخلّف مشاكل عديدة، على غرار تقلص عدد الوظائف المتاحة للبشر. كما تخشى هذه الفئة أن يجعل الذكاء الاصطناعي بعض البشر دون فائدة.

مع ذلك، لا يُحسن عامة الناس تخيل ما سيكون عليه المستقبل، وبالنسبة لي، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيجعلك أكثر ذكاء، ولكن بطرق قد لا تخطر على بالك.

التعرف على الأنماط
يمثل "التعلم العميق" النظام الأهم الذي ساعد الذكاء الاصطناعي على تحقيق تقدم مبهر في حل بعض المسائل المعقدة، على غرار تحديد الأجسام والأشخاص في الصور، والتعرف على الكلام من مكبرات صوت متعددة، ومعالجة النصوص بالطريقة التي يتحدث بها البشر أو يكتبونها. علاوة على ذلك، أثبت التعلم العميق أنه مفيد جدا عندما ساهم في التعرف على الأنماط في البيانات الضخمة على أجهزة الاستشعار والأجهزة الطبية والأدوات العلمية.

إن أساليب التعلم العميق تستند إلى النظام ذاته الذي يعمل به الدماغ البشري. فمثلا، يعالج الدماغ في الوقت ذاته أنواعا مختلفة من البيانات في العديد من وحدات المعالجة. كما ترتبط الخلايا العصبية ارتباطا عميقا بعضها ببعض، وتزداد قوة هذه الروابط أو تضعف وفقا لمقدار استخدامها. ويساهم ذلك في إقامة روابط بين المدخلات الحسية والمفاهيم الخارجية.

أساليب التعلم العميق تستند إلى النظام ذاته الذي يعمل به الدماغ البشري (بكساباي)
أساليب التعلم العميق تستند إلى النظام ذاته الذي يعمل به الدماغ البشري (بكساباي)

التعلم العميق في الحياة اليومية
يعتبر التعلم العميق ذا فائدة كبيرة للقدرات العقلية للبشر. فمثلا، عندما تستخدم موقع غوغل للبحث عن معلومة معينة على الإنترنت، أو تعتمد على أحد تطبيقاته للترجمة من لغة إلى أخرى، أو تحويل الكلام المنطوق إلى نص مكتوب، تساهم التقنية في جعلك أكثر ذكاء وتنمي قدراتك العقلية.

في الآونة الأخيرة، وخلال رحلتي إلى الصين، تحدث صديقي بالإنجليزية إلى هاتفه الذي يعمل بنظام أندرويد، وترجم هذا الأخير كلامه إلى الصينية ليوصل حديثه إلى سائق سيارة الأجرة، تماماً كالجهاز الذي يستعمله أبطال مسلسل "ستار تريك".

وحتى مع إدراكك أنك تتلقى بعض الخدمات من آلة، فعلى الأرجح أنك لست واعيا بمدى التعقيد الذي تمر به هذه الآلات للقيام بعملها. فمثلا، يعتمد مساعد أمازون الذكي "أليكسا" على مجموعة من شبكات التعلم العميق من أجل التعرف على طلبك، إذ يفحص البيانات للإجابة على أسئلتك ويتخذ القرارات المناسبة بشأنها.

المساعد الصوتي
المساعد الصوتي "أليكسا" في مكبرات الصوت الذكية يعتمد على مجموعة من شبكات التعلم العميق من أجل التعرف على طلب المستخدم (رويترز)

التعلم المتقدم
أصبح التعلم العميق فعالا جدا فيما يتعلق بحل المسائل والتعرف على الأنماط ، لكن تجاوز هذا المستوى يتطلب العمل على أنظمة دماغية أخرى. وفي هذا الصدد، سيمدّ اقتران التعلم المتقدم بالتعلم العميق الحواسيب بالقدرة على توقع احتمالات غير متوقعة، وهو ما ينبئ بأن الآلات قد تصبح قادرة على القيام ببعض السلوكيات التي تميز البشر، على غرار الإبداع البشري.

وما يؤكد ذلك هو انتصار برنامج "ألفا غو" الذي طورته شركة "ديب مايند" التابعة لغوغل؛ على الأستاذ "لي سيدول" في لعبة "غو" عام 2016. كما تغلب البرنامج على البطل العالمي "كي جي" في العام التالي.

‪برنامج
‪برنامج "ألفا غو" لشركة "ديب مايند" التابعة لغوغل هزم أبطال العالم في لعبة "غو" المعقدة‬ (رويترز)

ورغم هذه النجاحات، لم يفهم الباحثون حتى الآن كيفية عمل التعلم العميق على حل هذه المسائل. وقد يعود ذلك إلى أنهم لم يتوصلوا بعد إلى الطريقة التي يعمل بها الدماغ البشري في نفس الإطار.

ولا يزال أمام العلماء طريق طويل للتوصل إلى نظام جديد يساعد الحواسيب على محاكاة الذكاء البشري. فأكبر شبكة للتعلم العميق اليوم لا تتمتع إلا بقدرة جزء من القشرة المخية البشرية التي لا يتجاوز حجمها حجم حبة أرز، كما أننا لم ندرك إلى اليوم كيف ينظم الدماغ التفاعلات بين أقسامه الكبرى.

المصدر : مواقع إلكترونية