طوارئ قطر تبتكر خدمة للتواصل مع الصم

رماح الدلقموني-الدوحة

عندما تواجه شخصا ما حالة طارئة فإنه سرعان ما يرفع هاتفه ليتصل بالطوارئ، لكن ماذا يفعل هذا الشخص إن كان من الصُم؟ كيف سيتصل بالطوارئ ليبلغهم عن الحالة المستعجلة التي يمر بها؟ هذه الإشكالية دفعت خدمات الطوارئ في وزارة الداخلية القطرية إلى ابتكار خدمة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط والتي تتيح للصم الاتصال بالطوارئ للإبلاغ عن الحالة.

وعن الدافع لتطوير هذه الخدمة يقول رئيس قسم خدمات الطوارئ المقدم خالد صالح الأنصاري في حديثه للجزيرة نت إن القسم تلقى عام 2011 اتصالا من فتاة، لكن كل ما تفوهت به هو الصراخ والكلام بأصوات غير مفهومة، ليتبين أنها بكماء، ورغم أنهم تمكنوا من استخراج بيانات صاحب الهاتف والحديث مع والدها، فإن هذه القصة دفعتهم للتفكير أكثر بهذه الفئة من الناس وبالتالي تطوير هذه الخدمة.

وأضاف أن خدمة طوارئ الصم تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وهي متقدمة مقارنة أيضا بالدول الغربية، فهي تتيح لهم الاتصال بالطوارئ بإحدى ثلاث طرق: إما عبر مكالمات الفيديو لكن بلغة الإشارة حيث يستجيب للمكالمة أشخاص مؤهلون ومدربون على هذه اللغة، أو عبر الرسائل النصية القصيرة، أو عبر البريد الإلكتروني.

‪اتصالات الطوارئ من الصم تتم بلغة الإشارة عبر مكالمات الفيديو‬ (الجزيرة نت)
‪اتصالات الطوارئ من الصم تتم بلغة الإشارة عبر مكالمات الفيديو‬ (الجزيرة نت)
جائزة التميز
وأوضح الأنصاري أنه تم تدشين هذه الخدمة في سبتمبر/أيلول 2012 بالتعاون مع شركة "أوريدو" للاتصالات، ورافق إطلاقها حملة إعلانية لمدة ثلاثة أشهر بمختلف وسائل الإعلام، موضحا أنها وجدت نجاحا لافتا حيث بدأت باستقبال ما بين 80 إلى 100 بلاغ شهريا، رغم أن أكثرها ليس طارئا بالضرورة.
 
وأشار إلى أن هذه الخدمة حصلت على جائزة التميز الذهبي في مجال المسؤولية الاجتماعية، وهي توفر مساعدة على مدار الساعة لنحو 400 إلى 600 شخص هم عدد الصم في دولة قطر.

وأوضح الأنصاري أن قسم الطوارئ يتعاون مع المركز الثقافي الاجتماعي القطري للصم من حيث إتاحة الوصول إلى قاعدة بيانات الصم التي يملكها المركز، وذلك للرجوع إليها مثلا في حالة انقطاع الاتصال مع الشخص الأصم لمعاودة الاتصال مع ولي أمره أو أحد أقربائه.

وعن العاملين في هذا القسم قال الأنصاري إنه تم توظيف أشخاص يعانون ذات الإعاقة لتقديم هذه الخدمة، وهم موظفون على قدر كبير من المسؤولية ومدربون جيدا على لغة الإشارة، ويؤدون مهامهم بشكل لا يقل عن الموظفين الآخرين في القسم.

ورغم أن عددهم لا يزيد عن خمسة أشخاص كما يقول الأنصاري، فإنهم لا يشعرون بأي عزلة أو معاملة خاصة، لأن معظم طاقم قسم الطوارئ بات يجيد التعامل بلغة الإشارة، ولذلك فهم يعيشون أجواء العمل الفعلي مثلهم مثل البقية.

‪صلاح يعمل في قسم طوارئ الصم‬ (الجزيرة نت)
‪صلاح يعمل في قسم طوارئ الصم‬ (الجزيرة نت)

غرفة العمليات
وعندما دلفت الجزيرة نت إلى غرفة عمليات الطوارئ حيث يعمل موظفون وموظفات على مدار الساعة للاستجابة للاتصالات الطارئة، تعرفنا على بعض العاملين في قسم طوارئ الصم. ولأنه لم تقع حالة طارئة أثناء وجودنا، أدى اثنان منهم سيناريو اتصال طارئ من شخص أصم لإظهار مدى فاعلية هذه الخدمة.

فعند ورود اتصال على الرقم الخاص بطوارئ الصم وهو 992، يومض كشاف ضوئي صغير بجوار شاشة الحاسوب للشخص الأصم المناوب الذي يجيب على الاتصال على شاشة الحاسوب فتفتح أمامه نافذة على غرار اتصالات الفيديو في برنامج "سكايب"، وعندها يبدأ التحاور بين الطرفين بلغة الإشارة والإبلاغ عن الحالة الطارئة.

يقول الموظف الأصم محمد صلاح الذي تحدثت إليه الجزيرة نت بالاستعانة بزميلة له في قسم الطوارئ تتقن لغة الإشارة، إنه يعمل في هذا القسم منذ نحو عامين، وهو يجيد ويحب عمله لمساعدة من هم في مثل وضعه مهما كان الحادث الذي تعرضوا له، وقال إن الضغط على قسم طوارئ الصم خفيف نسبيا، لكنه كبير على قسم الطوارئ العام عبر الرقم 999.

ولا يكتفي قسم خدمات الطوارئ بهذا الإنجاز الذي ربما تفتقر إلى مثله دول متقدمة بها الآلاف من الصم، وإنما يسعى للتقدم به خطوات عبر تطوير نظام جديد يتيح تحويل النص المكتوب إلى لغة الإشارة عبر شخصية افتراضية (أفتار)، وذلك حتى يتمكن من لا يجيد لغة الإشارة مثلا من الاستجابة للحالات الطارئة من الصم عبر الكتابة التي ستتحول إلى لغة إشارة لدى الطرف الآخر، أو العكس.

وبحسب الأنصاري فإنه يتوقع إطلاق هذه الخدمة الجديدة مع نهاية العام الجاري ضمن الخطط الإستراتيجية الأخرى للإدارة.

المصدر : الجزيرة