هل تتضرر قناة السويس من تعليق ناقلات النفط السعودية؟

هل تتضرر قناة السويس من تعليق ناقلات النفط السعودية؟
تقدر صادرات النفط السعودية عبر مضيق باب المندب بنحو 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا (الجزيرة نت)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

جاء قرار السعودية الأربعاء الماضي بتعليق كل صادراتها النفطية عبر مضيق باب المندب ردا على استهداف الحوثيين ناقلتي نفط سعوديتين بصاروخ، ليثير تساؤلات حول انعكاسات ذلك على قناة السويس وحركة الملاحة بها.

ويعد مضيق باب المندب ممرا رئيسيا يؤدي إلى قناة السويس التي يمر منها 12% من حجم التجارة العالمية.

وتكمن أهمية باب المندب في أنه ممر لخمسة ملايين طن من النفط يوميا، ونحو 10% من تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، وتقدر صادرات النفط السعودية عبره بنحو 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا، وفق بيانات لمحللين ووكالة الأنباء رويترز.

وتزداد احتماليات تأثر قناة السويس سلبا مع تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز الذي تمر منه ناقلات النفط الخليجية، ومنع مرورها حال بدء تنفيذ العقوبات الأميركية بمنع شراء النفط الإيراني، ما يفاقم أزمة باب المندب ويمنع مرور ناقلات النفط الخليجية منه، وهو بدوره يزيد من تضرر قناة السويس.

وفي الوقت الذي رأى فيه مراقبون ومحللون أن هذه المعطيات ستترك أثرا سلبيا مباشرا على إيرادات قناة السويس خاصة وعلى موازنة مصر عموما، قلل آخرون من ذلك وعدوا أثره "ضئيلا" في ظل ما تشير إليه بيانات قناة السويس المتعلقة بحجم ونسبة ناقلات البترول السعودية المارة عبر القناة.

بينما قلل النظام المصري من تأثير القرار السعودي، حيث علق رئيس هيئة قناة السويس والهيئة العامة لتنمية المنطقة الاقتصادية بها مهاب مميش بأن السفن التى تعبر القناة تأتي من جميع أنحاء العالم وليس من مضيق باب المندب فقط، مشيرا إلى أن السعودية ستقوم بنقل بترولها من أماكن أخرى عبر القناة.

سفن شحن تمر بقناة السويس (رويترز-أرشيف)
سفن شحن تمر بقناة السويس (رويترز-أرشيف)

قيادة سياسية
لكنه أعلن في الوقت نفسه أن القيادة السياسية أوصت بدراسة أبعاد أستهداف الحوثيين لناقلتي النفط السعوديتين على القناة سياسيا وماليا وعسكريا، مشيرا إلى أن الهيئة تعكف على دراسة الحدث وتداعياته.

الخبير الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، يرى أن تعليق السعودية صادراتها البترولية عبر باب المندب ومن خلفه إعلان الكويت دراسة الأمر، يشكل تهديدا مباشرا لإيرادات قناة السويس وخطط الحكومة المصرية الرامية لزيادتها، في ظل ما هو معلوم من أن القناة يمر من خلالها النفط والسلع الخليجية المتجهة نحو أوروبا وأميركا.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن التأثير السلبي على مصر لن يتوقف عند حد تهديد وارادات القناة، حيث يرى المستجدات السياسية بالمنطقة المتعلقة بتهديدات الحوثيين أو الصراع الأميركي الإيراني بالمنطقة سترفع كلفة واردات مصر بالكامل وستؤثر على تجارة مصر الخارجية التي يمر جزء كبير منها عبر القناة.

ولفت إلى أنه إذا نفذت إيران تهديداتها المستمرة بإغلاق مضيق هرمز الذي يعبر من خلاله نحو 18.5 مليون برميل نفط، فإن ذلك سيفاقم من أزمة القناة ويزيد ضعف إيراداتها، ذاهبا إلى أنه ليس أمام مصر إلا المساهمة ضمن تحالف دولي في تأمين المرور عبر البحر الأحمر ومنع تهديدات الحوثيين.

ويتوقع عبد السلام أن تصل خسائر قناة السويس الشهرية في ظل تعليق السعودية صادراتها التي تمر من خلالها إلى نحو 500 مليون دولار، لكنه استبعد استمرار ذلك لفترة طويلة، لأن ذلك سيؤدي لحدوث قفزات في أسعار السلع والنفط، وهو ما لن تسمح به دول العالم وفِي مقدمتها أميركا.

ويتفق الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي مع عبد السلام في تقدير خطورة تأثير هذا التعليق على إيرادات القناة، مضيفا أنه في ظل استمرار هذا الأمر سترتفع تكلفة نقل النفط وتأمينه، وهو ما سيؤدي لارتفاع تكلفته، مما سيؤثر سلبا على ميزانية مصر باعتبارها إحدى الدول المستوردة للنفط.

تراجع إيرادات قناة السويس (الجزيرة-أرشيف)
تراجع إيرادات قناة السويس (الجزيرة-أرشيف)

تعويض الحكومة
لكنه يرى في حديثه للجزيرة نت أنه يمكن أن يغطي جزئيا على الانخفاض المتوقع في إيرادات قناة السويس ويعوض الحكومة المصرية في هذا الشأن، التحسن الحاصل في تحويلات المصريين بالخارج وارتفاع عوائد قطاع السياحة.

وربط الصاوي ازدياد حدة الأزمة وارتفاع كلفتها على ميزانية مصر بطول أمدها، كون ذلك (حسب رأيه) سيؤدي إلى اضطرابات في المركز المالي وهيئة قناة السويس، وهي بطبيعتها مرتبطة بالموازنة العامة للدولة حيث تقوم الهيئة بتحويل فوائضها إلى الموازنة وكذلك تقوم بدفع ضرائب بمعدلات كبيرة لصالحها.

بينما يختلف الخبير الاقتصادي ممدوح الولي في تقدير الأمر، حيث يرى تأثير التوقف السعودي لناقلاتها البترولية على قناة السويس "ضئيلا"، في ظل ما تشير إليه بيانات هيئة قناة السويس لعام 2016 من أن مجمل ناقلات البترول لم تتجاوز 26% من عدد السفن المارة بالقناة، والتي لا تنحصر في سفن السعودية.

كما أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن نسبة الحمولة الصافية لناقلات البترول في ذلك العام لم تتجاوز 18%، وأن إجمالي عدد السفن السعودية التى مرت بالقناة (ناقلات بترول وغيرها) بلغ عام 2016 نحو 115 سفينة فقط وتمثل نسبة سبعة بالألف من عدد السفن العابرة للقناة خلال ذلك العام.

لكنه رأى أن التأثير سيظهر في إيرادات خط سوميد الذي يتعامل مع السفن السعودية ضخمة الحمولة، والتي لا يمكنها عبور القناة بكامل حمولتها، لافتا إلى أن السعودية بإمكانها تلافي ذلك عبر نقل بترولها على سفن لا تحمل علمها.

كذلك لا يتوقع الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب في حديثه للجزيرة نت تأثيرا كبيرا لهذا التعليق على قناة السويس، ذاهبا إلى أنه لن يستمر كثيرا باعتباره قرارا سياسيا يهدف للتخويف من ارتفاع أسعار النفط، بغرض الضغط على الحلفاء الغربيين الذين يدعمون اتفاق النووي مع إيران بعد الانسحاب الأميركي منه.

المصدر : الجزيرة