"روشتة" السيسي لتحقيق "العجب العجاب"

People walk through Eshash el-Sudan slum in the Dokki neighbourhood of Giza, south of Cairo, Egypt September 2, 2015. Residents of the slum clashed with police in late August, when about 50 ramshackle huts were destroyed and at least 20 people were injured by teargas, local media reported, as authorities attempt to clear the area and rehouse residents. The slum dwellers, some of whom have called Eshash el-Sudan home for 50 years, say there are not enough apartments buil
المحرومون مطالبون بالتقشف في زمن السيسي (رويترز)

الجزيرة نت-القاهرة

خلال افتتاحه مشروع محطات كهرباء مؤخرا، حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشعب على تناول وجبة واحدة يوميا، قائلا إن "قيادة دولة تضم مئة مليون مواطن أمر لا يحل بالأكل والشرب".

وكعادته، أضاف حالفا "قسما بالله لو كان الموضوع وجبة واحدة في اليوم لبناء أمة، لأقعد بقية عمري كله آكل وجبة واحدة"؛ كما طالب المصريين بالصبر قائلا "وسترون عجب العجاب".

وفسر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بسام راضي ما قاله السيسي بشأن الوجبة الواحدة، بأن ذلك يأتي "في إطار تصريحات الرئيس الدائمة عن أهمية التضحية من أجل الوطن.. ما فيش حاجة ببلاش".

‪السيسي ضاعف رواتب العسكريين والقضاة عدة مرات‬  (رويترز)
‪السيسي ضاعف رواتب العسكريين والقضاة عدة مرات‬ (رويترز)

تناقض
ودعوة السيسي إلى "توحيد" الوجبة ليست جديدة من نوعها، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2016 أقسم السيسي -على هامش المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ- بأنه قضى عشرة أعوام ليس في ثلاجته سوى الماء دون شكوى، فقال "والله العظيم قعدت عشر سنين ثلاجتي كان فيها ميه بس، ومحدش سمع صوتي".

ومقابل دعوات السيسي للتقشف، أظهرت نتائج المسح القومي للأمراض غير السارية، في يوليو/تموز الجاري، أن 90% من المصريين لا يحصلون على الوجبة الغذائية السليمة.

وبحسب ما أوضحت مؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في عام 2015، فإن نسبة الأسر التي تعيش تحت خط الفقر تبلغ 27.8% من إجمالي عدد سكان مصر، وينفق المصريون نحو 40% من دخولهم السنوية على الطعام والشراب.

ولكن هذه النسبة زادت في 2017، حيث صرّح وزير التنمية المحلية هشام الشرف أن عدد المصريين الذين هبطوا إلى ما تحت خط الفقر المدقع تخطوا حاجز 40%، نتيجة تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/تشرين أول 2016.

حتى مياه الشرب باتت مطلبا صعب المنال للفقراء (رويترز)
حتى مياه الشرب باتت مطلبا صعب المنال للفقراء (رويترز)

صبر الفقراء
ويحدد الجهاز خط الفقر عند دخل 5787.9 جنيها سنويا، أو نحو 482 جنيها شهريا. بينما يحدد البنك الدولي خط الفقر العالمي بـ1.9 دولار يوميا للفرد الواحد، وهو ما يعادل في مصر حوالي 34 جنيها، أي 1015 جنيها في الشهر.

أما المعنيون بخطاب الحث على الجوع والصبر فليسوا هم من رفع السيسي رواتبهم نحو عشرة مرات من ضباط جيش وشرطة وقضاة، بل هم البسطاء الذين يكدون لتوفير قوت يومهم، كحارس العقار ربيع.

يقول ربيع إنه صابر منذ خمس سنوات ويؤيد السلطة في كل قراراتها وينتظر نتائج الإصلاح، لكن كيلو اللحم أصبح بـ140 جنيها (نحو ثمانية دولارات)، وأن أجره الشهري ألف جنيه ولديه أربعة أطفال و"يمر علينا الشهران دون تناول اللحم. أسرتي لم تعد تأكل الوجبات الثلاث الأساسية بالفعل ".

وبحسبة بسيطة، يقول "لو تناولت أسرتي المكونة من ستة أفراد في وجبة الإفطار بجنيهين فولا وبجنيهين طعمية وبثلاثة جنيهات خبزا وبستة جنيهات بيضا وبجنيهين جبنا؛ فمعنى ذلك أن وجبة الإفطار فقط خلال الشهر ستكلفني 450 جنيها، أي نصف مرتبي تقريبا".

أما البرلماني السابق عز الدين الكومي فيتوقف عند حديث السيسي قائلا إن "خطاب التقشف والصبر على الغلاء بزعم بناء الوطن دون تنفيذ مشروعات جادة لإنقاذ البلاد، يمارسه العسكر منذ عام 1952".

ويضيف للجزيرة "غالبا ما تتذرع الحكومات الفاشلة بذرائع أوهى من خيوط العنكبوت، مثل الانفجار السكاني والتحديات الداخلية والخارجية ومواجهة المؤامرات الكونية والأشرار"، ويفسر التصريحات الأخيرة للسيسي بأنها تمهيد لمزيد مما سماه جرعات الغلاء المرتبطة بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي.

ويختتم حديثه قائلا إن منطق السيسي هو أنه "يجب على الشعب المطحون الصبر على الجوع والحرمان، أما جنرالات العسكر وأتباعهم من الشرطة والقضاة والأذرع الإعلامية ولصوص المال العام، فينعمون بثروات البلاد، لكن المصريين يدركون أن خطاب التقشف خديعة لتخديرهم".

المصدر : الجزيرة