مونديال روسيا في درعا.. مباريات باللون الأحمر

محمد النجار

بنوع من التهكم، تنقل صفحات مؤيدة للنظام السوري أخبار الموت القادم من درعا وتعتبرها موازية لمونديال كرة القدم المقام حاليا في روسيا، وتتداخل الأخبار والتعليقات المنشورة بين تشجيع روسيا ومنتخبها في كأس العالم وبين الإشادة بقصف طائراتها لدرعا.

على الصفحة الرسمية للقاعدة الجوية الروسية في حميميم على فيسبوك، نشر القائمون عليها رسالة حافلة بالأخطاء اللغوية وردتهم من مقاتلين في الجيش السوري في درعا جاء فيها "مرحبا صديقي، نحن رجال النمر (لقب يطلق على الضابط بالقوات الخاصة السورية سهيل الحسن) متواجدون في درعا حزينون على خسارة روسيا، وندعو لمنتخبها الشقيق أن يفوز بكأس العالم".

وعلق القائمون على الصفحة بشكر الجنود على تعاطفهم مع المنتخب الروسي، والتأكيد أنه ورغم خسارته أمام أورغواي الاثنين الماضي ما زال منافسا بالمونديال.

مونديال التهجير
والعلاقة بين مونديال روسيا، وما تشهده درعا من انهيار لاتفاق خفض التصعيد يبدو واضحا في التعليقات على الصفحة، إضافة للصفحات المؤيدة للنظام السوري التي تنشر أخبار القصف والتهجير في درعا، والإشادة بالطيران الروسي الذي يقصف "الإرهابيين".

الأسبوع الماضي، نشر موقع قناة العالم الإيرانية خبرا أعلن فيه بدء ما سماه "مونديال جنوب سوريا" وتوقع أن ينتهي بفوز الجيش والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد "قبل صافرة نهاية مونديال روسيا".

واللافت أن صفحات مؤيدي النظام السوري، وما نشره الموقع الإيراني، احتفت بالمونديال في جنوب سوريا بشكل لافت، وهو الأمر الذي بدا مبررا نظرا لحضور روسيا في الحالتين، لكنه حضور بدا مبهرا للعالم في تنظيمها المبهر لكأس العالم، وفعل طائراتها الذي عبر عنه مؤيدو النظام السوري بإعجاب واضح.

وبينما تحفل مواقع التواصل بصور الفرق المشاركة ولقطات أجمل الأهداف وفيديوهات، ينشر مؤيدو النظام صورا لراجمات الصواريخ وهي توجه قصفها لدرعا مع عبارات الإشادة والتأييد والتأكيد على تسمية ما يجري بـ "مونديال درعا".

"كابتن" مونديال درعا
صفحة "درعا الآن" المؤيدة لنظام الأسد نشرت صورة لسهيل الحسن ووصفته بـ "كابتن مونديال درعا" كما نشرت صفحة "قناة سوريا اليوم" إعلانا بأن "مونديال درعا برعاية الجيش العربي السوري".

أما صفحة "الجيش العربي السوري والقوات المسلحة" فنشرت صورا للتعزيزات العسكرية في الجنوب السوري وعلقت عليها "من تحضيرات مونديال درعا". كما نشرت صفحة "القنيطرة اليوم" تصميما وضع جنديا سوريا يركل كرة القدم بجانب شعار مونديال روسيا.

على الجهة المقابلة، نشر معارضون أخبارا للقصف الذي وصفه كثيرون منهم بـ "الجنوني" على قرى ومدن الجنوب السوري، متحدثين عن مشاركة فاعلة للطيران الروسي بالمعركة التي قالوا إنه يشارك فيها قوات إيرانية ومن حزب الله إضافة لميلشيات أفغانية وغيرها.

روسيا بين وجهين
ولم تبتعد المقارنات بين ما يجري في درعا والحدث العالمي في مونديال روسيا في تعليقات المعارضين، حيث قارن كثيرون منهم بين وجه روسيا المونديالي، ووجهها الذي اعتبروه "قاتلا" للشعب السوري في درعا وجنوب البلاد.

وقريبا من مونديال العمليات العسكرية، تبدو الأوضاع الإنسانية في درعا تتجه نحو الأسوأ، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 50 ألف سوري باتوا بلا مأوى بعد أن غادروا المناطق التي تشهد قتالا بين قوات النظام والمعارضة.

وبنوع من الكوميديا السوداء، اعتبر جودت حسون في مقال نشره موقع "زمان الوصل" أن المونديال بمثابة "فرصة ذهبية لروسيا وهي تمضي في غسل أهوال وأهداف اقتصادموية وسياسية تسجلها في مرمى الثورة السورية، وضمن خطط تكتيكية وإستراتيجية تنفذها بالتعاون مع كل المشاركين في مونديال خراب سوريا".

ثلاثي الأبعاد
وتابع حسون "المونديال السوري وصل مراحل متقدمة في ميدان درعا التي أعلنت صافرة بداية الثورة السورية، حيث تشارك منتخبات الولايات المتحدة والأردن و"إسرائيل" وفريق البلد المضيف ثلاثي الأبعاد (سوريا الأسد، روسيا بوتين، إيران خامنئي)".

الكاتب أعطى المتابعين دور الجماهير بالمدرجات أو "قابعين أمام وخلف الشاشات نراقب مبتهلين بالدعاء لدرعا التي تتلقى ضربات الجزاء لأنها نفخت في صافرة البداية أوكسجين الكبرياء ضد النظام الكيماوي وباقي أنظمة الرائحة الكريهة".

وبينما يخطف المونديال الأضواء من بقية الأحداث في عالم اليوم، يبدو أن السوريين عموما وأهالي درعا خصوصا سيؤرخون للحظة مأساتهم التي كان لروسيا الكلمة العليا فيها، بينما كانت تبهر العالم بأضواء ملاعبها ودقة تنظيمها الذي يرى قطاع من السوريين أنه لم ينعكس على دقة طائراتها التي يقولون إنها استهدفت مدنيين ومشافي وكل مظاهر الحياة.

المصدر : مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي