ما دلالات الإفراج عن رموز النظام السابق بليبيا؟

Former Libyan foreign intelligence chief Bouzid Dorda (L, front row), Former Libyan Prime Minister Baghdadi al-Mahmoudi (R, front row) along with other unidentified former officials from the era of former Libyan leader Muammar Gaddafi during their trial, at a court in Tripoli, Libya, 25 May 2014
دوردة (يسار) خلال جلسة محاكمة بطرابلس في 25 مايو/أيار 2014 (الأوروبية)

أثار الإفراج عن عدد من رموز النظام السابق في ليبيا خلال الفترة الماضية تساؤلات بشأن دلالاتها، وما إذا كانت تأتي في سياق المصالحة أو الثورة المضادة.

وأظهرت قضية الإفراجات الصحية عن مسؤولين سابقين في ليبيا -بينهم مسؤول الأمن الخارجي أبو زيد دوردة وثلاثة آخرون وفق قرار صادر عن وزير العدل بحكومة الوفاق الوطني– ردودا متباينة.

يأتي ذلك بينما برزت نشاطات سياسية لأعضاء حركة اللجان الثورية -الحزب الحاكم سابقا في ليبيا- في الداخل والخارج وكان آخرها اجتماع أقاموه في بنغازي مهد الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي.

وكانت قوى الثورة في ليبيا قد نجحت في إقرار قانون العزل السياسي عام 2013 عن طريق المؤتمر الوطني العام قبل أن يلغيه مجلس النواب الليبي عام 2014 ويقر على أنقاضه قانونا للمصالحة الوطنية والعفو العام.

‪(الأوروبية-أرشيف)‬ مسؤول الأمن الخارجي في النظام الليبي السابق أبو زيد دوردة أفرج عنه بسبب وضعه الصحي 
‪(الأوروبية-أرشيف)‬ مسؤول الأمن الخارجي في النظام الليبي السابق أبو زيد دوردة أفرج عنه بسبب وضعه الصحي 

 قرار إنساني
ويؤكد رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام في طرابلس الصديق الصور للجزيرة نت أن قرار الإفراج مؤقت وليس دائما، وأن السجين سيتلقى العلاج خارج السجن وقد يعود إليه بمجرد تعافيه، مشددا على أن القرار صدر دون ضغوط، واستجابة لطلبات السجناء.

وبشأن إمكانية قيام الشخصيات المفرج عنها بنشاط سياسي يقول الصور إن القضية والحكم بالإعدام ما زالا قائمين، وذلك في إشارة ضمنية إلى عدم أهليتهم القانونية للقيام بهذا النوع من النشاطات.

من جهته، يشدد أستاذ القانون الجنائي في كلية القانون في جامعة طرابلس محمد بارة على قانونية عملية "الإفراج الصحي" المنصوص عليها في القانون رقم 5 لسنة 2005 ولائحته التنفيذية بشأن مؤسسات الإصلاح والتأهيل والذي يسمح لوزير العدل باتخاذ هذه القرارات بناء على رأي لجنة طبية مختصة.

ويتفق رأي بارة مع الصور في كون قرار الإفراج لا يعني براءة المفرج عنه أو سقوط التهم عنه، لأن ذلك يبقى اختصاصا أصيلا للقضاء، كما يقول.

ويرى بارة أن الإفراجات من هذا النوع ينبغي أن توضع في قالبها الإنساني بعيدا عن أي جدل سياسي حتى وإن كان في الواقع له أبعاد سياسية.

‪الصلابي تأسف للإفراج المتأخر عن دوردة‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪الصلابي تأسف للإفراج المتأخر عن دوردة‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

توطيد للمصالحة
ويؤيد عضو الأمانة العامة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي الصلابي قرار الإفراج عن أبو زيد دوردة ويأسف لأنه كان متأخرا.

وفي شهادة سابقة له أمام المحكمة قال الصلابي إن العدالة يجب أن تأخذ مجراها دون تأثر أو خضوع من أي نوع من أنواع الضغوط، والجلوس من أجل المصالحة الوطنية.

ويكشف الصلابي للجزيرة نت عن احتمال أن تكون هناك ضغوط إقليمية ودولية وراء صدور القرار في الوقت الحالي، ولا يرى أي ربط بين إطلاق سراح دوردة والانتخابات القادمة المزمع عقدها نهاية العام الجاري.

أما مدير مكتب المصالحة في وزارة الحكم المحلي بحكومة الوفاق والمقرر العام للمجلس الأعلى حسن الطيب فلا يرى مانعا من ترشح شخصية مثل دوردة للانتخابات القادمة إن كان يحكمها دستور يدعو إلى مدنية الدولة وضد الدكتاتورية.

ويؤكد أن الإفراج يصب في صلب المصالحة الوطنية والتوجه نحو العفو والمصالحة في ظل الاتفاق على خريطة عمل هي انتخابات عامة يسبقها الاستفتاء على الدستور.

‪سعد استبعد فرضية عودة النظام السابق للسيطرة على البلاد من جديد‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪سعد استبعد فرضية عودة النظام السابق للسيطرة على البلاد من جديد‬ (مواقع التواصل الاجتماعي)

عودة للوراء
في المقابل، يستبعد عضو لجنة المصالحة الوطنية في مجلس النواب الليبي بطبرق أبو بكر سعد فرضية عودة النظام السابق للسيطرة على البلاد من جديد، معتبرا أن نظرية المؤامرة التي يسوقها البعض مجرد سبب لبقائهم في السلطة.

ويضع سعد عمليات الإفراج الأخيرة وحتى قرار رفع الحراسة عن أموال بعض رموز النظام في إطار المصالحات الوطنية المرحب بها، كما أن القضاء الليبي هو الفيصل في كل القضايا بما فيها ترشح هؤلاء لمناصب سياسية.

من ناحية أخرى، يرى رئيس حزب الجبهة الوطنية عبد الله الرفادي أن القرار يعطي مؤشرا خطيرا على قيام المتنفذين في السلطة بإعادة تمكين النظام السابق من جديد إن كان القرار سياسيا وفي إطار الثورة المضادة.

وعلى الرغم من عدم ميل الرفادي إلى هذه الفرضية فإنه مطمئن من ناحية أن الانتخابات ستحكمها إجراءات قانونية لا يمكن أن تسمح لمتهم لم تثبت براءته بالترشح لأي مركز سياسي.

ويرحب المتحدث ذاته بغير المطلوبين جنائيا من رجال النظام السابق، ولا يرى مانعا من مشاركتهم السياسية وفق أهداف ثورة 17 فبراير.

وفي هذه الأثناء يعتقد الأكاديمي والسياسي الليبي المبروك درباش أنه لم يعد هناك سبتمبر أو فبراير، على حد قوله، واعتبر أنه ليس أمام الليبيين إلا التصالح، واستيعاب أن ليبيا تغيرت ولن تعود لسابق عهدها.

المصدر : الجزيرة