العيد عيد العافية.. اليمنيون يواسون أنفسهم

يمنيون يؤدون صلاة العيد في صنعاء 15 يونيو حزيران 2018 (الأوروبية)
يمنيون في مصلى للعيد في صنعاء (الأوروبية)

"العيد عيد العافية".. ربما تكون هذه العبارة هي الأكثر تداولا بين اليمنيين في عيد الفطر، وهي تعبّر عما آل إليه حالهم، فبدلا من كون العيد مناسبة يتبادل فيها المسلمون التهاني، تحوّل إلى موسم للحزن.

وتعني تلك العبارة أن من يملك العافية سيكون له حظ من فرحة العيد، وليس بالضرورة أن يكون لدى الأسرة ملابس جديدة ولا لحوم ولا مكسرات ولا حلويات، وهي الأصناف المرتبطة بفرحة العيد لدى اليمنيين.

محمد مهدي أب لستة أطفال وموظف في وزارة المياه بالعاصمة صنعاء، قال إنه لم يتمكن من شراء ملابس لأطفاله هذا العيد، مضيفا أن موسم الفرحة تحول إلى حزن، "ليت العيد لم يأت".

وتابع مهدي "اليوم سيلبس الأطفال ملابسهم الجديدة، وسيكون لديهم الحلوى والألعاب، بينما أطفالي سيكتفون بالنظر إليهم.. لن أستطيع النظر في عيونهم".

غلاء فاحش
كثيرون مثل مهدي لم يتمكنوا من شراء ملابس جديدة ولا حلويات بسبب الغلاء الفاحش جراء انهيار قيمة الريال اليمني، وتوقف صرف الرواتب لنحو 1.2 مليون موظف في القطاع الحكومي منذ عشرين شهرا.

وقال إن أسعار الملابس مضاعفة، وأقل سعر لبدلة طفل يبلغ خمسة آلاف ريال يمني (10.5 دولارات حسب سعر السوق غير الرسمية)، كما تضاعفت أسعار المكسرات والحلويات مع انهيار العملة.

وصرفت جماعة الحوثي -التي تسيطر على صنعاء- للموظفين في العاصمة وبقية مناطق سيطرتها نصف راتب هو الأول منذ أكثر من عام، في محاولة منها لامتصاص حالة السخط في الشارع.

ويقول الموظف محمد مهدي مستنكرا "صرفوا (الحوثيون) لنا 25 ألف ريال، لكن ما الذي يمكن أن يفعله هذا المبلغ وسعر كيلو اللحم أربعة آلاف ريال؟ إضافة إلى أن كل الأسعار مضاعفة".

اليمنيون يواجهون غلاء فاحشا وأغلبهم يحتاج إلى مساعدات إنسانية (الأوروبية)
اليمنيون يواجهون غلاء فاحشا وأغلبهم يحتاج إلى مساعدات إنسانية (الأوروبية)

عقب أداء صلاة المغرب في ليلة العيد، وقف شاب بملامح منكسرة أمام المصلين، وطلب منهم التبرع له من أجل إطعام أطفاله.

وقال الشاب "أنا موظف في الحكومة، لكننا بلا رواتب، ولا أملك في منزلي طعاما أطعمه أطفالي".

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية دعوات لليمنيين بألا يبالغوا في إظهار الفرح أمام المحرومين، احتراما لمشاعرهم.

وقال عمار محمد (تاجر ملابس) إن الغلاء دمر اليمنيين أكثر مما دمرتهم الحرب وحطمت قلوبهم. وأضاف أن العشرات من المتسوقين يدخلون مع أطفالهم ويتجولون في معرضه، ثم يخرجون دون أن يشتروا شيئا بسبب صدمة الأسعار المرتفعة.

دموع الصغار
وتابع محمد قائلا "يصعب عليّ أن أشاهد أطفالهم يغادرون وهم يبكون"، مشيرا إلى أنه قبل نحو عامين كانت ملابس الأطفال المتوسطة الجودة لا يتعدى سعرها ألفي ريال، والآن ارتفع سعرها إلى سبعة آلاف ريال، والناس ليس لديها المال.

في يوم العيد، يتناول أغلب اليمنيين لحوم الدواجن بدلا من لحوم الماعز، بعدما ارتفع سعرها خلال شهر رمضان إلى 4500 ريال.

ويكتوي اليمنيون منذ أكثر من ثلاث سنوات بنيران الحرب الدائرة بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، المدعومة منذ عام 2015 من تحالف عسكري بقيادة السعودية.

وأعلنت منظمة أوكسفام الإغاثية أواخر الشهر الماضي أن أكثر من ستة ملايين شخص في اليمن على شفا المجاعة، وأن الحرب وحصار الموانئ يضيفان يوميا 25 ألف شخص إلى قائمة الجوعى.

وبدأت القوات اليمنية -بإسناد من التحالف- فجر الأربعاء الماضي عملية عسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الإستراتيجي (غربي اليمن).

وحذر برنامج الغذاء العالمي من أن القتال في الحديدة سيزيد من معاناة اليمنيين. ويعتمد حوالي 19 مليون يمني يشكلون 70% من مجموع السكان، على المواد الغذائية التجارية والإنسانية الواردة عبر ميناء الحديدة، وفقا لبيانات البرنامج.

المصدر : وكالة الأناضول