لماذا يطارد السيسي نشطاء القوى الليبرالية والعلمانية؟
عبد الرحمن محمد-القاهرة
وسبقه إلى الاعتقال رموز آخرون من القوى الليبرالية والديمقراطية منهم القيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين هيثم محمدين، والقيادي السابق بائتلاف شباب الثورة شادي الغزالي حرب، والناشط والمدون وائل عباس.
وأحدثت حملة الاعتقال هذه صدى دوليا ومحليا، حيث أعرب مايك بنس نائب الرئيس الأميركي عن قلق بلاده من توقيف "النشطاء السلميين، كما اعتبرت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي الاعتقالات "تطورا مثيرا للقلق".
وأدانت أربعون شخصية مصرية معارضة بالخارج هذه الحملة، التي أدانتها أيضا جماعة الإخوان المسلمين التي دعت المصريين إلى الاتحاد أمام هذه الحملات، مشددة على أن النظام لن يترك فصيلا أو تيارا أو فردا ناشطا حتى يقمعه لإسكاته بكل وسيلة.
توجه جديد
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة حملة الاعتقالات تلك "مؤشرا على توجه جديد للنظام باستهداف القوى الليبرالية والعلمانية الديمقراطية، بعد أن قطع شوطا واسعا في استهداف التيار الإسلامي، واستخدامه فزاعة لتبرير استبداده وتجاوزاته".
ويرى نافعة أن الحملة "تعكس ضعف النظام، وخشيته من حدوث أي هبة شعبية بسبب الاحتقان السياسي والضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة"، لافتا إلى أنه "لو كانت لدى النظام قناعة بقواعده الشعبية لم يكن يخشى بعض النشطاء السياسيين الذين لا يتعدى نشاط بعضهم تغريدات بمواقع التواصل الاجتماعي".
ويخلص نافعة إلى القول إن ما يقوم به النظام "سرقة لثورة يناير/كانون الثاني 2011، بدأت منذ قرارات الثالث من يوليو/تموز 2013، وتزداد وضوحا خلال المرحلة الأخيرة، مما يعد دليلا واضحا على الغياب الكامل للرؤية السياسية، وإدارة الأجهزة الأمنية للمشهد السياسي، حيث تعتمد سياسة الاعتقال والإهانة والتعذيب باعتبارها الطريق الأيسر".
من جهته، يقول رئيس "الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية" ممدوح المنير إن هذه الاعتقالات "تأتي في إطار إستراتيجية جديدة للنظام لإخلاء الساحة لمعارضة تديرها الأجهزة الأمنية، تكون تحت السيطرة ومحكومة بخطوط حمراء، وتساعد في تنفيس غضب الشارع دون لسع أقدام النظام".
مقدمات
وأشار المنير إلى "سعي النظام لحصر المجال السياسي في حزبين: أحدهما يكون ظهيرا سياسيا للسيسي، وآخر يلعب دور المعارضة المهجنة من داخل النظام، ومن ثم فإن هذه المرحلة تقتضي إخلاء الساحة من أي معارضة غير خاضعة للنظام وأجهزته الأمنية".
وذهب المنير إلى أن مسارعة النظام في هذه العملية وتكثيفه عمليات الاعتقال مؤخرا "يأتيان استباقا للقرارات الاقتصادية القاسية والمتوقع اتخاذها خلال الأيام المقبلة، تخوفا من حدوث أي اضطرابات في الشارع المصري يمكن استغلالها ضده، حيث يسعى لأن يكون غضب الجماهير المتوقع تحت سيطرته يوجهه حيث شاء".
وفي محاولته لتفسير تلك الحملة، يقول مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية إن السلطات "تسعى لإيقاف أي إزعاج" يعوق سياستها، وتعتبر أن من جرى اعتقالهم شخصيات وصلت إلى مرحلة إزعاج فاق قدرة الدولة على التحمل، وتمثل في مطالبها الإصلاحية الأخيرة".
واستبعد غباشي أن تدفع هذه الاعتقالات أي تداعيات مؤثرة في المشهد السياسي، الذي يراه "مستقرا ومستسلما للسلطات، فلا وجود لأي شكل من أشكال الاعتراض المقلق للنظام، في ظل عدم وجود أحزاب سياسية تمارس دورا معارضا حقيقيا، وإغلاق أغلب المنظمات الحقوقية".
أما مدير "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" خلف بيومي، فيعتبر حملة الاعتقالات" تأكيدا على منهجية النظام في عدم ترك أي مساحة للتعبير عن الرأي من أي تيار، ورسالة واضحة للجميع بأن أي شكل من أشكال المعارضة لقرارات النظام لن يقابل إلا بالقوة الغاشمة، كما وصفها السيسي".
ورجح بيومي "سعي السيسي لاستغلال هذه الحملة بالتخلص من كل من شاركوه في الانقلاب العسكري، حتى يخلو المشهد ممن كان لهم سابق فضل عليه، لافتا إلى أن هذه الحملة ستسهم في ازدياد الصورة السلبية عن حقوق الإنسان بمصر".