انحياز تشيكي مستمر لصالح إسرائيل

تظاهرة في براغ رفضا لمواقف التشيك ضد فلسطين ومنها تايد نقل السفارة الأمريكية
تظاهرة في براغ رفضا لمواقف التشيك ضد فلسطين ومنها تأييد نقل السفارة الأميركية(الجزيرة)

أسامة عباس- براغ

لم يكن مستغربا مشاركة السفارة التشيكية ضمن احتفالية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في حين كان الرئيس التشيكي ميلوش زيمان أعلن أنه سيزور إسرائيل الخريف القادم.

كما لم يخف زيمان سعادته الشديدة بمباشرة وزارة الخارجية في بلاده خطوات نقل السفارة التشيكية إلى القدس تدريجيا، حيث ستكون البداية مع افتتاح قنصلية فخرية هناك، ثم نقل بعض المراكز، ثم نقل كامل للسفارة.

وفي تعليقه على ذلك، قال القائم بأعمال سفارة دولة فلسطين في براغ تامر المصري للجزيرة نت إنه يوجد تناقض هائل بين ما نسمعه في القنوات الرسمية عن رفض تشيكي لمسألة نقل السفارة الأميركية، وعدم رغبة براغ في تقليد تلك الخطوة من جهة، وبين تأكيد تمترس براغ لتعطيل بيان أوروبي يدين عملية نقل السفارة الأميركية، وكذلك حضور السفير التشيكي تلك المناسبة في القدس عشية مراسم الاحتفال، من جهة أخرى.   

‪زيمان‬ لم يخف
‪زيمان‬ لم يخف

موقف واستغراب
وأضاف المصري أنه من غرائب الموقف التشيكي أيضا تصريحات بعض المسؤولين التشيكيين من تبرير نقل السفارة، وتفهم عمليات القتل الإسرائيلي للأبرياء على حدود قطاع غزة، الأمر الذي استدعى عودة السفير الفلسطيني المعتمد في براغ خالد الأطرش إلى الوطن للتشاور.  

من جهته، قال رئيس تنسيقية القدس ورئيس النادي الفلسطيني سابقا محمد الكايد للجزيرة نت إن الجالية اليهودية من زمن بعيد لها تأثير في العلاقات بين إسرائيل والتشيك، حتى أيام الدولة التشيكوسلوفاكية، قبل الحكم الشيوعي، وصولا إلى الحكومات المتتالية منذ التغير عام 1989.

وأضاف الكايد أن تشيكوسلوفاكيا اعترفت باليهودية كقومية عام 1918، وزار وقتها الرئيس توماش ماساريك إسرائيل، ودشن هناك أول مستوطنة على الأراضي الفلسطينية، في حين تشكر إسرائيل جهوده في هجرة اليهود التشيك والسلوفاك إلى فلسطين، ومشاركتهم في الحروب هناك.

‪السفير الفلسطيني المعتمد في براغ خالد الأطرش عاد للأراضي الفلسطينية للتشاور‬ السفير الفلسطيني المعتمد في براغ خالد الأطرش عاد للأراضي الفلسطينية للتشاور (الجزيرة)
‪السفير الفلسطيني المعتمد في براغ خالد الأطرش عاد للأراضي الفلسطينية للتشاور‬ السفير الفلسطيني المعتمد في براغ خالد الأطرش عاد للأراضي الفلسطينية للتشاور (الجزيرة)

نفوذ يهودي
وبالتالي، استطاع النفوذ اليهودي عبر التاريخ التغلغل داخل أروقة الحكم التشيكي، وفي مؤسساته، سواء المالية والاقتصادية والإعلامية، وصولا إلى القرار السياسي لصالح إسرائيل، بشكل منحاز تماما في أغلب القرارات.

ولفت الكايد إلى أنه حتى في عام 1949 خرقت الحكومة التشيكوسلوفاكية وقتها حظرا فرضته الأمم المتحدة، وأرسلت ثمانين طائرة حربية إلى إسرائيل، بالإضافة إلى مساعدتها في تدريب طيارين عسكريين، من بينهم عزرا وايتسمان الذي أصبح رئيس الكيان الصهيوني لاحقا.

أما رئيس منظمة واتش الاجتماعية -التي تناهض العنف وتدافع عن حقوق الإنسان في العاصمة براغ، ولها فروع عديدة في دول العالم- توماش توجيتشا، فقد قال للجزيرة نت إنه مع الأسف رغم علم الحكومات التشيكية المتعاقبة بخرق إسرائيل القانون الدولي وحقوق الإنسان وقتل الأبرياء، عبر استخدام العنف المفرط، لا يزال الدعم مستمرا على كافة الأصعدة، خاصة السياسي.

‪توجيتشا:‬ (الجزيرة)
‪توجيتشا:‬ (الجزيرة)

وبيّن أن آخر مظاهر هذا الدعم كان المشاورات السياسية بين وفد إسرائيلي برئاسة تسيبي هوتوفلي نائبة وزير الخارجية، ومارتين تلابا وإيفو شراميك نائبي وزير الخارجية التشيكية، هذا الأسبوع في مقر الوزارة في براغ، ونتج عنه التحضير للقاء رفيع المستوى بين حكومتي البلدين هذا العام.

وأضاف توجيتشكا أن المزاج السياسي التشيكي يتصف بالتناقض في مجال إمكانية نقل السفارة التشيكية إلى القدس، خاصة أن تيار الرئيس ميلوش زيمان، وتأثيره داخل المؤسسات، يضغط بقوة على أندريه باببيش، المكلف بتشكيل الحكومة، التي قد تكون مع الحزب الاجتماعي، بدعم صامت من الحزب الشيوعي، وهناك قد لا يتم التوافق في هذه الحكومة على مسألة نقل السفارة خاصة.

ولفت إلى أن أصواتا من هذا الائتلاف قد تكون أكثر من النصف بقليل ضد الخطوة، وعدم التغريد خارج السرب في الاتحاد الأوروبي، الرافض لعملية نقل أي سفارة في دول الاتحاد إلى القدس، وبالتالي ستكون خطوة إعادة افتتاح القنصلية الفخرية التشيكية في القدس عربون محبة وإرضاء لتيار زيمان الراغب في إسعاد إسرائيل بنقل السفارة التشيكية بالكامل إلى القدس.

المصدر : الجزيرة