جنوب دمشق.. معركة مرتقبة ومصير مجهول للآلاف

التعزيزات العسكرية التي يستقدمها النظام لجنوب دمشق
استقدم النظام المزيد من القوات لمعركة جنوب دمشق (الجزيرة)

                                                                                                     سلافة جبور-دمشق

مع انتهاء العمليات العسكرية في غوطة دمشق الشرقية وخروج كافة مسلحي المعارضة منها، بدأ النظام السوري باستقدام تعزيزات عسكرية ضخمة نحو بلدات وأحياء جنوبي دمشق استعدادا لاستعادة السيطرة عليها وإكمال الطوق المحكم حول العاصمة.

وعلى مدار الأيام الفائتة، روجت وسائل إعلام رسمية وصفحات تابعة لها على مواقع التواصل للحشود والأسلحة التابعة للجيش السوري وتشكيلات أخرى مقاتلة إلى جانبه، بعد "النجاح الكبير الذي حققته في الغوطة الشرقية" حيث تسعى لحسم عسكري بمناطق مخيم اليرموك والتضامن والحجر الأسود والقدم الواقعة تحت سيطرة تنظيميْ الدولة وجبهة النصرة منذ عام 2015، إضافة لحل يعتمد على التسويات والمصالحات في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم التي تسيطر عليها فصائل معارضة مختلفة.

وترافق ذلك مع تصريحات رسمية أبرزها ما جاء على لسان مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بسوريا أنور عبد الهادي حيث أفاد لصحيفة الوطن السورية الاثنين الفائت بأن "الأيام القليلة القادمة ستحمل حسما نهائيا لملف مخيم اليرموك حيث يتوجب على مسلحيه الاختيار بين تسوية أوضاعهم أو الخروج لمناطق أخرى".

تصريحات وتحركات تدعو للتخوف على مصير الآلاف من سكان المنطقة، خاصة ممن لا يزالون في مناطق سيطرة التنظيمين المذكورين مما قد تشهد تصعيدا عسكريا كبيرا، وهو الأمر الذي دفع بوكالة أونروا لإصدار بيان الثلاثاء أدبت فيه "قلقها على الأوضاع بمحيط وداخل مخيم اليرموك خاصة من الجانب الإنساني، مع قرب نفاد المؤونة الغذائية والدوائية وانعدام المياه الجارية والكهرباء ومحدودية الخيارات الصحية".

وسائل إعلام رسمية وصفحات تابعة بمواقع التواصل روجت للحشود والأسلحة التابعة للجيش السوري
وسائل إعلام رسمية وصفحات تابعة بمواقع التواصل روجت للحشود والأسلحة التابعة للجيش السوري

 بداية الحملة
بالفعل بدأت قوات النظام قصف مخيم اليرموك والحجر الأسود بشكل متقطع خلال الأيام الفائتة بعد استقدام تعزيزات تضمنت آليات ثقيلة من دبابات وعربات وراجمات صواريخ إضافة لمئات من عناصر الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ومليشيات لواء القدس والدفاع الوطني وغيرها، وذلك وفق حديث الصحفي مطر اسماعيل للجزيرة نت.

ويضيف الصحفي المقيم في جنوب دمشق بأن تنظيم الدولة الإسلامية استعرض في المقابل قوته العسكرية منذ أيام، حيث جال مقاتلوه شوارع مخيم اليرموك والحجر الأسود بدبابة اغتنموها من معركة القدم قبل أسابيع وبعض السيارات المحملة برشاشات ثقيلة، في إعلان لجاهزيته لخوض المعركة عسكريا.

نتيجة لذلك، يعيش سكان المنطقة جوا من الترقب والانتظار المحفوف بالقلق والتخوف من المستقبل، يزيده الغموض الذي يكتنف المفاوضات التي تجري في بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم بين الجانب الروسي وفصائل المعارضة (جيش الإسلام وجيش الأبابيل ولواء شام الرسول وحركة أحرار الشام الإسلامية وفرقة دمشق) التي لم تحسم نتيجتها بعد لكنها ستتجه على الأغلب لمصير مشابه لما شهدته كل مناطق التسويات المحلية مع النظام.

إلى جانب ذلك، تجري مفاوضات لإخراج تنظيم الدولة من المنطقة دون قتال، إلا أن الصعوبة تكتنفها بسبب عدم إمكانية تقديم ضمانات كي لا يستهدف التنظيم في حال خروجه من قبل التحالف الدولي، بحسب ذلك الصحفي.

أما فيما يخص هيئة تحرير الشام الموجودة في بقعة صغيرة شمال غرب مخيم اليرموك بمحيط ساحة الريجة وجادة عين غزال، فيتحدث الصحفي عن "اتفاق غير معلن مع الجانب الروسي لإخراج مقاتلي الهيئة للشمال السوري، بعد زيارة جنرالات روس للمنطقة منذ أيام، لكن تفاصيل الاتفاق لم تعلن بعد" منوها أيضا إلى حرص الجانب الروسي على تحييد إيران بشكل كامل خلال المعركة والمفاوضات المرافقة لها.

ماذا عن المدنيين؟
يعيش في جنوب دمشق حوالي مئة ألف شخص -بحسب تقديرات محلية- منهم حوالي 1500 عائلة داخل مخيم اليرموك الذي يعاني وضعا كارثيا من الناحية الإنسانية نتيجة الحصار المستمر منذ أعوام من قبل قوات النظام والفصائل الفلسطينية الموالية لها، كما يفيد الناشط الإعلامي عمار القدسي من المنطقة للجزيرة نت.

وزاد من وطأة الحصار فرض قوانين تنظيم الدولة على المخيم، ومنع مزاولة أي نشاط إغاثي أو إعلامي أو طبي مما فاقم معاناة الأهالي الذين يعتمدون على المساعدات المالية المقدمة من وكالة أونروا والحوالات المالية من الخارج لتدبر أمور معيشتهم، حيث يتنقلون عبر حاجز العروبة لبلدات الجنوب الدمشقي الأخرى بهدف العلاج أو الحصول على حاجياتهم اليومية في ظل غياب عمل أي مؤسسات داخل المخيم بشكل نهائي.

غير أن التصعيد الأخير -وفق حديث القدسي- دفع بعض العائلات للنزوح من المخيم إلى بلدات الجوار تخوفا من خطورة الموقف، بينما فضل البعض البقاء والتمسك بمنازلهم، مما يطرح تساؤلات حول مصيرهم، حيث تغيب مقومات الصمود من ملاجئ ونقاط طبية، وتنذر سياسة الأرض المحروقة التي اعتاد النظام والروس اتباعها بأن الأيام القادمة ستكون بالغة الصعوبة والتعقيد.

المصدر : الجزيرة