كثافة انتخابات الرئاسة بمصر.. حقيقية أم مصطنعة؟

عدد من لجان محافظة القاهرة شهد كثافة في مشاركة النساء الصور خاصة للجزيرة نت
لجان القاهرة شهدت كثافة في مشاركة النساء (الجزيرة نت)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها بمحافظات مصر عند التاسعة مساء (بتوقيت القاهرة) في اليوم الأول لانتخابات الرئاسة، بينما استمر السجال حول حجم المشاركة والخروقات التي رصدت في أنحاء مختلفة لدفع المواطنين للإدلاء بأصواتهم.

ورغم احتفاء وسائل الإعلام المحلية بما اعتبرته مشاركة مكثفة للناخبين، رأى مراقبون ونشطاء أن حجم المشاركة كان ضعيفا بصورة ملحوظة، وهو ما جاء متوافقا مع مشاهدات الجزيرة نت في مراكز الاقتراع بالقاهرة.

وغلب على المشاركين في يوم الانتخاب الأول كبار السن والنساء، بينما غابت بشكل ملحوظ شريحة الشباب ممن هم دون الأربعين، الأمر الذي برره مؤيدو النظام بانشغال تلك الشريحة بأعمالهم ووظائفهم، رغم استمرار العزوف بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية.

وشهدت مقرات لجان التصويت حالة تأمين عالية شارك فيها عناصر من الشرطة والجيش، ووضعت حواجز ونقاط تفتيش على مسافات بعيدة لإظهار حالة استعداد أمني مرتفعة، بينما مُنع مواطنون من تصوير مقرات خاوية وتم التحفظ على هواتفهم المحمولة لساعات.

ولم يترك المشهد الانتخابي أثره على الشارع المصري بخلاف ما كان عليه الحال في المشاهد الانتخابية التي تلت ثورة يناير 2011، حتى التي جاءت بعد الانقلاب العسكري، فبمجرد الابتعاد عن أي مقر انتخابي لا يكاد يُسمع أي حديث يدل على وجود انتخابات.

‪عدد من المشاركات في التصويت خارج أحد المقار بالقاهرة‬ (الجزيرة نت)
‪عدد من المشاركات في التصويت خارج أحد المقار بالقاهرة‬ (الجزيرة نت)

الرقص مستمر
وكان أحد أبرز المشاهد التي رصدتها الجزيرة نت، وتداول نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لها، مشهد رقص النساء بشكل خاص وعدد من الرجال أمام مقار اللجان الانتخابية على أنغام أغان وطنية وأخرى كتبت للدعاية للمشاركة في التصويت، وهو الأمر الذي اعتبرته الإعلامية لميس الحديدي "طقسا مصريا خاصا".

وكان لافتا خلال اليوم الأول حرص سياسيين وفنانين وإعلاميين على أن تلتقط لهم الصور خلال إدلائهم بأصواتهم، وفي مقدمتهم أغلب الوزراء والمحافظين والبرلمانيين، كما شاركهم هذا الحرص رموز وكوادر حزب النور السلفي.

وتم استغلال أطفال الشوارع بمناطق في محافظتي القاهرة والجيزة، عبر وضعهم على سيارات مكشوفة أثناء تجولها في الشوارع للدعوة إلى المشاركة في الانتخابات وهم يتراقصون على أنغام الأغاني.

وبطبيعة الحال، لم يظهر أي شكل من أشكال المعارضة للمشهد الانتخابي في الشارع المصري، بينما تكثفت دعوات المقاطعة في الفضاء الإلكتروني عبر نشر دعوات قيادات المعارضة لها. كما انتشرت صور لمظاهر غياب المشاركة استطاع نشطاء التقاطها رغم المنع.

وأفادت مصادر خاصة للجزيرة نت في مناطق ريفية بأن محاولات حشد الناخبين تمت عبر وعود بمبالغ مادية للمشاركين وهدايا عينية وإعانات غذائية، ووصل الأمر إلى حد إعلان ذلك بمكبرات الصوت في شوارع القرى.

وفي المناطق الصناعية الكبرى حشد بعض أصحاب المصانع العاملين لديهم ونقلوهم بالحافلات إلى لجان الاقتراع للمشاركة في التصويت.

‪السلطات كثفت إجراءاتها الأمنية‬ (الجزيرة نت)
‪السلطات كثفت إجراءاتها الأمنية‬ (الجزيرة نت)

رأي آخر
في المقابل، قال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات بمصر محمود حلمي في مؤتمر صحفي إن خمس محافظات شهدت إقبالا كثيفا خلال النصف الأول من اليوم، متوقعا زيادة الكثافة في النصف الثاني، ومحذرا من الاستماع لدعوات المقاطعة.

وبدوره، رصد المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام بلوغ أعلى متوسط لكثافة التصويت 15 صوتا في الساعة في لجان شرق القاهرة، بينما بلغ حده الأدنى صوتين في الساعة بلجان محافظة مطروح، وتراوح المتوسط في أغلب المحافظات بين 3 إلى 7 أصوات في الساعة.

وبلغت تقديرات المركز لعدد الناخبين في اليوم الأول نحو 1.05 مليون ناخب.

واعتبر رئيس المركز مصطفى خضري أن النظام حاول صناعة دعاية لبعض اللجان وترويج ذلك عبر مواقع التواصل، معتمدا إستراتيجية صناعة المشهد من خلال استخدام كثيف لنحو 120 ألفا من موظفي اللجان، إضافة إلى ضعفي هذا العدد من قوات الداخلية والجيش.

وأضاف للجزيرة نت أن باحثي المركز بمحافظات مصر رصدوا تصويتا قسريا، لكنه لم يترك أثرا كبيرا على المشاركة التي جاءت ضعيفة، معتبرا أن ظاهرة الرقص والغناء كانت "لإثارة الضجة ولفت الانتباه".

المصدر : الجزيرة