اللاجئون الأفغان في إيران.. هل دقت ساعة الرحيل؟

epa05539317 An Afghan migrant, who lives in Iran, works in a brick Kiln at the Qasem abad village outside the city of Varamin, Iran, 14 September 2016. Laborers at the brick kiln work almost 14 hours for 10 dollars daily wage, as they are only able to do the job six month of year when the weather is hot. In the winter they go back to their home in the city of Khvaf, Khorasan province. EPA/ABEDIN TAHERKENAREH
لاجئ أفغاني يعمل في أعمال البناء بخراسان شمال غرب إيران (الأوروبية-أرشيف)

الجزيرة نت-طهران

تعد إيران رابع أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم، وطبقا لتقديرات فإن قرابة ثلاثة ملايين لاجئ يعيشون في البلاد، معظمهم من أفغانستان.

ويبلغ عدد اللاجئين الأفغان -حسب آخر إحصاء أجري قبل سنتين- مليونا و583 ألف و979 لاجئا، ينتشر معظمهم في مدن طهران، ومشهد، وقم، وكرمان، وسط توقعات بأن العدد أكبر من ذلك، بالنظر إلى أن نصف اللاجئين في إيران غير مسجلين.

ويليهم من حيث العدد اللاجئون العراقيون (34.5 ألف لاجئ)، ثم الباكستانيون (14.3 ألف لاجئ).

تدفق مستمر
ومع أن الأفغان هم أكثر الوافدين إلى الأراضي الإيرانية حاليا، فإن أعدادهم كانت في السابق أكثر مما هي عليه الآن، إذ بلغت ثلاثة ملايين لاجئ بين عامي 1979 و1989 أثناء الغزو السوفياتي لأفغانستان، إذ كانوا مرحبا بهم آنذاك باعتبارهم رمزا للجهاد ضد السوفيات، حسب تقرير لوكالة أنباء "مهر" الإيرانية.

أما التدفق الثاني للاجئين فكان بعد تسلم حركة طالبان مقاليد الحكم عام 1996 خوفا من الحرب الأهلية، ليتكرر الأمر ذاته بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001.

اللاجئون الأفغان في إيران وفّروا يدا عاملة ناشطة لتعويض النقص في العمالة الإيرانية خلال سنوات الحرب الإيرانية العراقية، إذ عملوا في مجالات البناء، والزراعة، والحراسة، وبعض الأعمال اليدوية الأخرى. وذهب بعض الخبراء إلى أن بناء الدولة الإيرانية الحديثة تم بأيدي العمال الأفغان.

وتقدم الحكومة الإيرانية خدمات للاجئين، منها توفير التأمين الصحي على غرار ما يتمتع به المواطنون الإيرانيون منذ عام 2015، فضلا عن التعليم والدراسة في المدارس والجامعات الإيرانية.

‪طالبات أفغانيات وإيرانيات في إحدى المدارس الحكومية بإيران‬  (رويترز)
‪طالبات أفغانيات وإيرانيات في إحدى المدارس الحكومية بإيران‬  (رويترز)

ضمان وتأهيل
كما يتمتع اللاجئون بمميزات الضمان الاجتماعي كالحصول على معاش تقاعدي، وضمان الشيخوخة، إلى جانب تغطية ظروف معينة، مثل المرض أو الحمل أو الإعاقة.

كما يستفيد اللاجئون من برامج تأهيلية لتعليمهم بعض المهارات والحرف عبر مؤسسات مختصة منتشرة في البلاد، وفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين في إيران.

ورغم المساعدات المقدمة للاجئين وإشادة الأمم المتحدة بجهود إيران في استقبالهم، فإن هناك العديد من المشكلات التي يعانون منها.

فمثلا، لا يسمح للاجئين هناك بتملك الأراضي أو السيارات ولا بطاقات الهاتف الجوال، كما لا يمكنهم الحصول على رخصة القيادة وفتح الحسابات في البنوك الإيرانية بأسمائهم الشخصية، إذ تعتبر الحكومة أن منح اللاجئين حق التملك يشجعهم على البقاء بصورة دائمة في البلاد.

كما لا يسمح للاجئ العيش أو الدراسة في بعض المحافظات الإيرانية لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي.

من جهتها أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أن إيران تستغل اللاجئين الأفغان وتجندهم للحرب في سوريا، وأن هناك قرابة عشرة آلاف جندي أفغاني على الأراضي السورية، مقابل حوافز مالية وفرص العمل والإقامة في إيران. غير أن الحكومة الإيرانية نفت هذه التقارير.

‪أطفال أفغان خارج مركز تأهيلي للأمم المتحدة في إيران (رويترز)‬  أطفال أفغان خارج مركز تأهيلي للأمم المتحدة في إيران (رويترز)
‪أطفال أفغان خارج مركز تأهيلي للأمم المتحدة في إيران (رويترز)‬  أطفال أفغان خارج مركز تأهيلي للأمم المتحدة في إيران (رويترز)

الظروف الاقتصادية
تراجع الأوضاع الاقتصادية وهبوط سعر الريال الإيراني مقابل العملات الأجنبية الأخرى، إلى جانب البطالة المنتشرة في إيران، أثرت بشكل مباشر على اللاجئين وحتى على الإيرانيين، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للعودة إلى بلدهم أو البحث عن وجهة أخرى.

واعتاد معظم اللاجئين الأفغان على تحويل مبالغ مالية شهريًا إلى أسرهم في أفغانستان، لكن زيادة تكاليف المعيشة في إيران قلّصت قدرتهم على توفير أدنى متطلباتهم المعيشية، ناهيك عن الادخار أو مساعدة أهاليهم، الأمر الذي حملهم على التفكير في الرجوع أو الهجرة إلى بلد آخر.

وهناك أسباب كثيرة وراء مخاوف السلطات الإيرانية من انتشار اللاجئين، في مقدمتها البطالة والخوف من انتشار بعض الأمراض مثل السل وحمى المستنقعات، فضلا عن هواجس أخرى كانتشار الجريمة والمخدرات، لا سيما أن أفغانستان صدارة الدول المصدرة للأفيون في العالم.

ويبقى أن اللاجئين في إيران يواجهون مستقبلا مبهما، خاصة بعد استئناف العقوبات الأميركية التي ستزيد الأوضاع الاقتصادية سوءا. فهل سيلجأ هؤلاء إلى العيش في بلد آخر أم يفضلون العودة إلى بلادهم، أم سيبقون في إيران ويتحملون الأعباء الاقتصادية أملا بتحسن الظروف مستقبلا؟

المصدر : الجزيرة