القتلة والكلاب.. "ميلو" التركي على خطى "هوول" المصري

96th Anniversary of Turkey’s Victory Day- - ISTANBUL, TURKEY - AUGUST 30: Special Police forces parade with dogs during a ceremony organised by Istanbul Metropolitan Municipality to mark 96th Anniversary of Turkey’s Victory Day which commemorates decisive battle in country's 1919-1922 Independence War at Vatan Street in Istanbul, Turkey on August 30, 2018.
كثيرون يراهنون على حاسة الشم القوية لدى الكلاب البوليسية في الكسف عن جثة خاشقجي (الأناضول)

خافته دون الله أفئدة الجبابرة الطغاة..

عجبا يخاف الكلب قوم لا يخافون الإله..

شيخ الكلاب أخفت ذئب الإنس لا ذئب الفلاة..
قالوا: أتطري الكلب؟ قلت لهم ومن أطري سواه..
يرعى الوداد ما رأيت من الأنام فتى رعاه.

الأبيات السابقة من قصيدة للشاعر المصري محمود غنيم (1901-1972) كتبها يمدح فيها الكلاب التي تستعين بها الشرطة في كشف الجرائم الغامضة، والتي يطلق العامة في مصر على أحدها كلب "الهوول"، نسبة إلى تسمية أول كلب تولى هذه المهمة في تاريخ البوليس المصري في ثلاثينيات القرن الماضي.

ومن ثم، استهل الشاعر قصيدته بالقول: قد بات يرعى الأمن "هوول" وغيره يرعى الشياه.

ميلو التركي
هذا النوع من الكلاب يراهن عليه كثيرون هذه الأيام في الكشف عن مصير جثة الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول قبل شهر، وبالفعل استعانت الشرطة التركية بكلب شهير متخصص في العثور على الجثث، يُدعى "ميلو".    

وحسب المصادر الأمنية التركية، فإن الكلب"ميلو" سجل نجاحا ملحوظا في العثور على جثث ضحايا في العديد من الولايات التركية بشكل سريع ومنقطع النظير.

وفي ما يتعلق بفاجعة خاشقجي تقول تلك المصادر إن "ميلو" شارك في اليوم الأول من عملية البحث التي قامت بها قوات الأمن.

وأضافت أن "ميلو" أبدى ردة فعل قوية عند اقترابه من منزل القنصل السعودي في إسطنبول محمد العتيبي، المجاور لمقر القنصلية، إلا أن السلطات السعودية لم تسمح حتى الآن بتفتيش بئر عميقة داخل منزل القنصل، مما يدفع للاعتقاد بأن جثة خاشقجي لا تزال داخل منزل القنصل السعودي.

ويظل الرهان على "ميلو" في المساعدة في العثور على جثة خاشقجي المختفية، أو أن يدل على طرف خيط يقود إليها ليضيف إلى إنجازاته الشرطية إنجازا جديدا يعيد إلى الأذهان "مآثر" الكلب "هوول" المصري صاحب السجل الحافل والموثق في سجلات البوليس المصري منذ أكثر من ثمانين عاما. 

‪حتى ملاعب كرة القدم تؤمنها كلاب الشرطة‬ (غيتي )
‪حتى ملاعب كرة القدم تؤمنها كلاب الشرطة‬ (غيتي )

توصية ملكية
وحسب "أكاديمية الشرطة" المصرية، يعود تاريخ الاستعانة بالكلاب في الأمن المصري إلى العهد الملكي، حيث أشار الملك فؤاد (1868-1936) على مدير مدرسة البوليس عزيز المصري عام 1931 بأن يدخل نظام تدريب الكلاب البوليسية بالمدرسة، والذي عهد به إلى اليوزباشي السعيد عزيز الألفي لعمل التجارب لبدء هذا المشروع.
 
وكان الكلب "هوول" من أوائل الكلاب البوليسية التي استخدمت في الشرطة المصرية عام 1932، وعندما بلغ عامه الثالث التحق بالخدمة الشرطية، وظل يعمل بالشرطة عامين، كشف خلالهما غموض العديد من القضايا، وأسهم في القبض على كثير من الجناة، إذ نجح في ضبط ‏117‏ قضية بأنفه، من بين خمسمئة قضية تمت الاستعانة به فيها، إلى أن توفى إثر إصابته بالحمى الصفراء.  
  
وعن الكلب "هوول" قال المؤرخ المصري الراحل يونان لبيب رزق "إن شهرة هذا الكلب دفعت المسؤولين بوزارة الداخلية إلى وضع تقرير عن حياته قيل فيه إنه من أم وأب ألمانيين أهداهما الملك فؤاد إلى المدرسة‏،‏ وتم تدريبه على الأعمال البوليسية خلال عامين، وبدأ عمله في اقتفاء اللصوص وكانت حاسة الشم عنده قوية إلى حد لا يصدق".

ويوضح أن عدد القضايا التي استخدم فيها الكلب هوول بلغ نحو‏ 500‏ قضية من القضايا الجنائية‏،‏ منها ثلاث قضايا أُعدم فيها المتهمون‏، واعترف المتهم في القضية الأولى إثر تعرف هوول عليه‏، وفي القضيتين الأخريين أرشد الكلب عن المتهمين‏، فأنكرا التهمة ولكن البوليس تمكن من جمع أدلة الإثبات، فقدما إلى المحاكمة‏ وقضت بإدانتهما".

فصائل وفضائل
كان الكلب هوول من فصيلة كلاب "الراعي" الألماني، وهي من الكلاب البوليسية الأكثر شهرة، وذلك بسبب قدرتها الكبيرة على الهجوم، بالإضافة إلى غريزة البحث والإنقاذ، عدا عن حبها وولائها لصاحبها خلال تأدية الواجب.

وتستخدم قوات الشرطة الكلاب البوليسية في كافة أنحاء العالم، وتستفيد من مهاراتها وقدراتها الخاصة، وتم تقسيم هذه الكلاب لعدة أفرع، وهي:

كلاب التدخُل: ومهمتها البحث عن المجرمين والمطلوبين للعدالة، وإنقاذ الرهائن، بالإضافة إلى السيطرة على الفوضى والشغب.

كلاب الكشف عن المتفجرات: توضع هذه الكلاب عادة في الجمارك ونقاط التفتيش للبحث عن المهربين.

كلاب المباحث الجنائية: يتم استخدامها للبحث عن الجثث، والأدلة الجنائية، وتحديد هوية المجرمين.

كلاب البحث والإنقاذ: والتي تقوم بإنقاذ الأشخاص في الانهيارات الثلجية، أو المباني المنهارة، وغيرها من الكوارث.

ومن أشهر فصائل الكلاب إلى جانب الراعي الألماني، البلود هاوند، و الدوبرمان، واللابرادور، و روت وايلر، ولكل منها مزايا خاصة، وتتفاوت هذه الفصائل في أحجامها ومتوسطات أعمارها التي تتراوح بين ثمانية أعوام في حدها الأدنى إلى 14 عاما في حدها الأقصى.

المصدر : الجزيرة