لماذا لم تنتصر مصر لرهبانها أمام الاعتداءات الإسرائيلية؟
عبد الرحمن محمد-القاهرة
التطبيع هو السبب
المفكر القبطي جمال أسعد وصف الواقعة بـ"الحقيرة" التي تعكس "غوغائية دولة الاحتلال" وتكذب ادعاءاتها المتكررة بمراعاتها لحقوق الإنسان، وتأتي كاستمرار لنهجها المتبع في التعامل مع الفلسطينيين أصحاب الأرض والحق.
ويرى أسعد أن اجتراء الكيان الصهيوني على القيام بهذه الاعتداءات بحق الرهبان يأتي نتاجا طبيعيا للتسابق في ساحة التطبيع من قبل الدول العربية المختلفة مع إسرائيل الذي وصل مداه خلال هذه الأيام (حسب رأيه) بما قامت به دول خليجية في قطاعات مختلفة.
ويشدد المفكر القبطي على أن هذه الحادثة لا تستلزم موقفا مصريا منفردا، وإنما لا بد أن يكون الموقف جماعيا يشترك فيه كل العرب ومناصري الحقوق في العالم، لافتا إلى أن القصور في اتخاذ هذا الموقف لا يتوقف على السلطات المصرية فقط وإنما يتجاوزها لجميع الحكومات العربية.
وعلى خلفية الحادثة، أصدر الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بيانا أكد فيه أن الدير يتبع الكنيسة المصرية وأن الكنيسة حصلت على خمسة أحكام نهائية من القضاء الإسرائيلي بأحقيتها في ملكية الدير، كما استعرض المراحل المتعلقة بالنزاع حول الدير.
وكانت إسرائيل قد اتخذت قرارا بعد احتلال القدس الشريف عام 1967 بتسليم الدير وملحقاته الكنسية للرهبان الأحباش، وفي عام 1980 أصدر المجمع المقدس برئاسة البابا الراحل شنودة الثالث قرارا بعدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر للقدس طالما ظل الدير تحت الرعاية الإثيوبية.
أمر متوقع
ومع تقديره للموقف الرسمي للسلطات المصرية تجاه الحادث بأنه ضعف وتجاهل متعمد، يرى رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير هذا الموقف "متوقعا وغير مستغرب"، وأن خلاف ذلك هو المدعاة للتحليل والاستغراب، على حد وصفه.
وذكر في حديثه للجزيرة نت أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتعامل مع الأقباط باعتبارهم "مجموعة وظيفية" يقتصر دورها على دعمه خارجيا بالتظاهرات كما حدث في أميركا مؤخرا، أو دعمه داخليا من خلال تأييده في الانتخابات ودعم قراراته، ومن ثم لن ينتصر لهم على حساب مصالحه مع الكيان الصهيوني.
كما يجد المنير تعقيب الكنيسة المصرية "دون المستوى" ويعكس حرصها على عدم إحراج السيسي والتأثير على علاقاته مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا ذلك نتاج حرص كل طرف على تقدير احتياجات الآخر، ومراعاة للمصالح المتبادلة بينهما.
كما يرى رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي أن التغطية الإعلامية للحدث "خافتة وهزيلة" وأن ذلك ناتج عن رضوخ الإعلام المصري وخضوعه الكامل لأجهزة الدولة، مضيفا أنه لو كان هناك إعلام حر لشهد انتفاضة عارمة دفاعا عن هؤلاء الرهبان بدوافع وطنية.
في المقابل، يرى رئيس تحرير صحيفة المشهد مجدي شندي أن عدم الاهتمام الإعلامي لا يعني بالضرورة عدم الاهتمام الرسمي، حيث تلجأ السلطة -حسب رأيه- لحل القضايا الكبيرة عبر الاتصالات الرسمية في سرية، وليس عبر المنابر الإعلامية.
وفي حديثه للجزيرة نت اعتبر شندي أن بيان الخارجية المصرية كان "شديد اللهجة"، وأن تدخل البعثة الدبلوماسية لدى تل أبيب الذي أدى إلى الإفراج عن الراهب المحتجز كان على قدر الحدث، وأضاف أن العبرة بالنتائج وليس بالضجيج الإعلامي، على حد قوله.