تعديل وزاري بتونس على وقع تفجير وتجاذبات.. ما مصيره؟

التوازنات الحالية داخل البرلمان تدعم استقرار حكومة الشاهد/البرلمان/العاصمة تونس/أكتوبر/تشرين الأول 2018
التوازنات الحالية داخل البرلمان تدعم استقرار حكومة الشاهد (الجزيرة-أرشيف)
خميس بن بريك-تونس
 
شرع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد منذ أيام في إجراء مشاورات مع بعض الأحزاب لإجراء تعديل وزاري، لكن يبدو أن هذا التحوير سيكون عنوانا جديدا للأزمة السياسية في البلاد التي تعيش على وقع تفجير "انتحاري" غذى حالة الاستقطاب والتجاذب.
 
وكانت حركة النهضة حليفة الشاهد حاليا وصمام أمن بقائه في السلطة أول الأحزاب التي تشاور معها بشأن التحوير إضافة إلى حركة مشروع تونس التي قال زعيمها محسن مرزوق الأمين العام السابق لحركة نداء تونس إن حزبه سيشارك بالحكومة القادمة.

وبالرغم من أن حركة النهضة دعت لإجراء تحوير وزاري لتعزيز العمل الحكومي والتفرغ للانتخابات القادمة من خلال تشكيل حكومة ائتلاف وطني مفتوحة على جميع الأحزاب، فإن شريكتها السابقة بالحكم حركة نداء تونس أعلنت عزمها تشكيل حكومة خالية من النهضة.

إقصاء النهضة
ويأتي موقف نداء تونس الداعي إلى إقصاء حركة النهضة من الحكم وتشكيل حكومة من أحزاب "تقدمية" عقب إعلان الرئيس الباجي قايد السبسي مؤسس نداء تونس القطيعة وإنهاء التوافق مع النهضة بسبب رفضها سحب الثقة من حكومة الشاهد بدافع الاستقرار.

‪الحرباوي: نسعى لتشكيل حكومة من دون مشاركة النهضة‬ الحرباوي: نسعى لتشكيل حكومة من دون مشاركة النهضة (الجزيرة نت)
‪الحرباوي: نسعى لتشكيل حكومة من دون مشاركة النهضة‬ الحرباوي: نسعى لتشكيل حكومة من دون مشاركة النهضة (الجزيرة نت)

وللتوضيح، يقول منجي الحرباوي النائب عن نداء تونس للجزيرة نت إن حزبه يسعى لتشكيل حكومة مع الأحزاب القريبة من دون مشاركة حركة النهضة التي قال إنها "توظف دعمها في مساندة الشاهد من أجل التغول والهيمنة على مؤسسات الدولة أكثر".

ويمضي "ظننا أن هذه الحركة شريك لنا في العمل السياسي لكن أظن أننا كنا مخطئين". وبعد فوز نداء تونس بانتخابات 2014 تشكل ائتلاف حاكم تقوده نداء تونس وحركة النهضة وأحزاب صغيرة، لكن هذا الائتلاف يعيش حاليا أزمة خانقة بين الحزبين أربكت مؤسسات الدولة.

وبسبب تمسكها بإجراء تحوير وزاري شامل يطيح بالشاهد، شهدت حركة نداء تونس منذ أيام استقالات متتالية انضمت إلى كتلة الائتلاف الوطني بالبرلمان، وأغلبها متكون من نواب مستقيلين من الحزب يساندون حاليا مع حركة النهضة بقاء الشاهد بالحكم.

وبعدما تقلص حجم كتلة نداء تونس -التي تدحرجت بعد انتخابات 2014 من المركز الأول إلى الثالث- عادت الحركة إلى الموقع الثاني بعد اندماج حزب الاتحاد الوطني الحر معها حديثا وانضمام كتلته إليها مما أعاد خلط الأوراق مجددا في المشهد السياسي المتقلب بشكل مستمر.

سيناريو محتمل
وحاليا تمتلك كتلة نداء تونس 51 نائبا، وحسابيا يصعب عليها توفير النصاب اللازم لسحب الثقة من حكومة الشاهد أو تزكية حكومة جديدة. في المقابل يمكن لحركة النهضة الكتلة الأولى (68 مقعدا) وكتلة الائتلاف الوطني (39) ومشروع تونس (12) تشكيل حكومة جديدة.

وحول هذا السيناريو، يقول رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني للجزيرة نت إن هناك مشاورات يجريها رئيس الحكومة مع حركتي النهضة ومشروع تونس وبعض الأحزاب "لإجراء تحوير وزاري على قاعدة الكفاءة والنزاهة وبعيدا عن المحاصصة".

‪الهاروني أكد حرص النهضة على توسيع قاعدة المشاركة بالحكومة‬  
‪الهاروني أكد حرص النهضة على توسيع قاعدة المشاركة بالحكومة‬  

وردا على اتهامات نداء تونس، نفى الهاروني أن يكون حزبه يسعى للهيمنة على مؤسسات الدولة مشددا على حرصه على الاستقرار الحكومي، ومواصلة العمل بمبدأ التوافق مع نداء تونس وتوسيع قاعدة المشاركة بالحكومة على بقية الأحزاب بهدف الاستقرار والأمن وتحسين الأوضاع.

وبينما تعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة بسبب تراجع أغلب المؤشرات، زاد التفجير "الانتحاري" الذي نفذته امرأة بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة حالة الانقسام والاستقطاب داخل المشهد السياسي مما سيلقى بظلاله على مشاورات التحوير الوزاري.

توتر سياسي
ويقول المحلل السياسي منذر بالضيافي للجزيرة نت إنه بالرغم من أن التوافق السياسي بين نداء تونس وحركة النهضة لم يكن له منجز اقتصادي واجتماعي فإنه حافظ على حد أدنى من الاستقرار السياسي والأمني في محيط إقليمي متوتر، لكن التفجير الأخير سيعيد إرباك الوضع.

ورجح بالضيافي أن تؤثر العملية الإرهابية على ترتيبات التحوير الوزاري مع تصاعد الاتهامات الموجهة لحركة النهضة من الجبهة الشعبية بامتلاكها جهازا سريا تورط بالاغتيالات عام 2013، واتهامها بمحاولة التغول على أجهزة الدولة رغم أن النهضة تنفي جميع الاتهامات.

من جانب آخر، يقول المحلل السياسي عبد الله العبيدي للجزيرة نت إنه يتوقع أن تتشكل الحكومة بعد التحوير من وزراء حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني وحركة مشروع تونس بالنظر إلى تقاطع مصالحها مع الشاهد، إضافة إلى امتلاكها مقاعد تفوق الأغلبية المطلقة (109).

وبما أن الأبحاث الأمنية لم تؤكد علاقة "الانتحارية" بأي طرف سياسي، استبعد أن يؤثر الهجوم الإرهابي على عملية التحوير الوزاري، لكنه رجح أن يزيد في حالة الانقسام السياسي وإرباك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مع اقتراب انتخابات 2019.

المصدر : الجزيرة