الصعود الصوفي بمصر.. ظهير سياسي بلا أنياب

صورة مصدرها فيسبوك لعبد الهادي القصبي
عبد الهادي القصبي اختير رئيسا لائتلاف "دعم مصر" داخل مجلس النواب (مواقع التواصل)

أحمد حسن-القاهرة

في خطوة مفاجئة، فاز بالتزكية رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية عبد الهادي القصبي برئاسة ائتلاف "دعم مصر" داخل مجلس النواب، وهو ائتلاف الأغلبية المقرب من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

و"ائتلاف دعم مصر" شكّله برلمانيون من قوى سياسية مختلفة عام 2016، ويضم 317 نائبًا بنسبة تقترب من نسبة ثلثي أعضاء المجلس الـ596، التي تقتضي تمرير القوانين وفق الدستور.

مشايخ الطرق الصوفية اعتبروا هذا الفوز رد اعتبار للصوفية، وأنهم مؤهلون لتمثيل التيار الإسلامي داخل البرلمان والمشهد السياسي برمته. في المقابل، رأى مراقبون أن النظام المصري يُفسح المجال السياسي أمام التيار الصوفي ضمن جهود للبحث عن "ديكور إسلامي" بديلاً عن السلفيين.

ويتزامن الصعود الصوفي بالبرلمان مع تضييق أمني وقضائي وديني ضد القيادات والجماعات السلفية المؤيدة لنظام السيسي.

ومنذ الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين قبل نحو خمس سنوات، يقدم الصوفيون أنفسهم كقوى وسطية قادرة على حشد وتأييد المصريين لدعم السيسي.

وفي حديثين منفصلين للجزيرة نت اتفق باحثان في شؤون الجماعات الإسلامية والطرق الصوفية على أن تجربة التيار الصوفي بمصر أثبتت أنه بلا أنياب حقيقية، ولا يمتلك قدرات الجماعات الإسلامية الأخرى، رغم محاولات دؤوبة من قبل شيخ الأزهر أحمد الطيب ومفتي مصر السابق علي جمعة وعبد الهادي القصبي لإحياء دور التيار الصوفي.

‪زهران: هناك محاولات دؤوبة من جانب الصوفيين للتأثير السياسي‬ (مواقع التواصل)
‪زهران: هناك محاولات دؤوبة من جانب الصوفيين للتأثير السياسي‬ (مواقع التواصل)

دعم للنظام
وخلال مسيرته السياسية دخل القصبي متماهيا مع النظام؛ فخلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان القصبي عضوا في الحزب الوطني، كما انتخب نائبا بمجلس الشورى عن دائرة طنطا عام 2007.

وفي عهد السيسي، انتخب القصب نائبا في مجلس النواب، وعلى مدار الدورات البرلمانية الثلاث الماضية، تقدم بمشروعات قوانين أثارت جدلاً، كان أبرزها قانون "الجمعيات الأهلية" الذي وجد انتقادات محلية ودولية واسعة بسبب ما يفرضه من قيود على المنظمات غير الحكومية.

وتتماهي الطرق الصوفية في التأييد المطلق للأنظمة الحاكمة؛ إذ وقفت بجانب الرئيس المخلوع حسني مبارك إبان ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ثم دعمت أحمد شفيق -أحد رموز نظام حسني مبارك وآخر رئيس وزراء في عهده- في الانتخابات الرئاسية 2012 أمام الرئيس السابق محمد مرسي، وتعد من أبرز مؤيدي انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 على مرسي، كما تشارك النظام الحالي العداء الشديد للجماعات الإسلامية الأخرى.

وساند قادة الصوفية ومشايخها السيسي في انتخابات الرئاسة عامي 2014 و2018، وصرحوا مرارًا بأنهم داعمون للسيسي في كل قراراته، كما شارك شيخ الأزهر أحمد الطيب -وهو صوفي الأصل- في بيان انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، وأعلن دعمه لخارطة الطريق التي أعلنها السيسي آنذاك بعزل مرسي.

وعلى غرار الطيب، تبني مفتي مصر السابق علي جمعة موقفًا صريحًا ضد الثورة وتأييد الانقلاب، إذ سبق أن أفتى "بحرمانية الخروج على مبارك"، رغم إجازته عزل مرسي، قبل أن يحرض في اجتماع مع كبار قادة الجيش المصري على قتل أنصاره باعتبارهم "خوارج".

وفي أكثر من مناسبة، ظهر الحبيب علي الجفري -الصوفي اليمني- محاضرًا في ثكنات الجيش، داعمًا للسيسي ومشرعا لقرارات السلطة.

‪مولانا رفض اعتبار الصوفية ظهيرا إسلاميا سياسيا قويا للنظام الحالي‬ (مواقع التواصل)
‪مولانا رفض اعتبار الصوفية ظهيرا إسلاميا سياسيا قويا للنظام الحالي‬ (مواقع التواصل)

بلا أنياب
الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والطرق الصوفية مصطفى زهران رأى في حديث للجزيرة نت أن الطرق الصوفية لا تزال غير قادرة على تقديم بديل، في ظل تراجع قوى الإسلام السياسي ممثلة في الإخوان المسلمين والسلفيين.

وأرجع زهران ذلك إلى إبقاء الحالة الصوفية حتى اللحظة بشكل شعبوي غير منظم، فضلا عن عدم خوضها معترك الحياة السياسية بشكل قوي في تشكلات حزبية سياسية قوية.

غير أنَّ زهران استدرك قائلا "هذا لا ينفي أن هناك محاولات دؤوبة من جانب الصوفيين للتأثير السياسي والمجتمعي يمكن النظر إليها من خلال ثلاثة محاور؛
تتمثل في شيخ الأزهر بخلفيته الصوفية وتحركاته في إطار التصوف العام، إلى جانب صعود القصبي ومحاولاته دفع التصوف الطرقي إلى الواجهة والسلطة السياسية، وعلي جمعة الذي يسعى إلى وضع التصوف الطرقي في مشهد مغاير عبر أدلجته سياسيا وترقيته إلى مصاف مختلفة علميًا ومنهجيًا وسياسيا".

بدوره، استبعد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد مولانا اعتبار الصوفية ظهيرا إسلاميا سياسيا قويا للنظام الحالي.

واستشهد مولانا في حديث للجزيرة نت بأن نظام السيسي لم يستند إلى جماعات سياسية إسلامية كظهير سياسي له، منذ صعوده إلى السلطة، لافتا إلى أن السيسي لا يعتمد على الأحزاب السياسية لدعم نظامه، إنما يعتمد على المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية.

وأضاف أن التغييرات الحالية (بالنسبة للصعود الصوفي) غير جوهرية، ولن تترك أي تأثيرات مهمة على الحالة السياسية العامة التي تتسم بالانسداد.

ورأى مولانا أن القوى الصوفية، ليس لها حضور مؤثر كقوى سياسية، واعتماد السيسي على شخصيات صوفية بعينها أمر يعتمد على شهرتها ودعمها المطلق له.

المصدر : الجزيرة