فكّر بغيرك وسامح تؤجر.. غزة تتكافل لهزيمة الفقر

مطعم شعبي قدم ثمانية آلاف وجبة طعام خلال تنظيمه ليوم الطعام المجاني
أحد مطاعم خان يونس قدّم ثمانية آلاف وجبة مجانية للفقراء (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

بعد متابعته معاناة طفل رسمت الكآبة تقاسيم وجهه جراء سجن والده لتعثره في سداد ديونه، قرر تاجر الأحذية الفلسطيني أسامة أبو دلال إعفاء عشرات المدينين من مستحقاته عليهم.

في البداية تدخّل التاجر لدى الدائن ليعفو عن نصف الدين ويساهم هو بسداد النصف الآخر، ليخرج المدين من سجنه ويعود وهج الحياة إلى أبنائه وزوجته من جديد.

شعر تاجر الأحذية بقيمة المساهمة في إنقاذ عائلة بأكملها من "براثن الضياع إلى برّ الأمان"، وخصوصا عند مشاهدته الابتسامة تعود لمحيا الطفل الحزين وأشقائه خلال مرورهم قبالة معرضه بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

عندها فضّل توسيع تجربته، ليعلن عن مسامحته كافة المدنيين له وحذف أسمائهم من دفتر الدين نهائيا، رغم ما يتسببه ذلك من خسائر كبيرة له.

ويعزو تاجر الأحذية هذه الخطوة لإصراره على أن يكون من أوائل المبادرين بالعفو عن المدينين، كأحد أشكال التكافل المجتمعي في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة والفقر وزيادة معدلات الدين بين الغزيين بصورة غير مسبوقة.

وما إن انتشرت هذه الأخبار حتى تصاعد حراك شعبي واسع لمسامحة المدينين وتخفيض الأسعار ومساعدة المعوزين وتقديم الطعام والعلاج للمحتاجين، لمواجهة انهيار المنظومة الاقتصادية في غزة.

وبالتوازي مع إطلاق وسم "سامح تؤجر"، غصت مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات متاجر ومدن ملاه ومحامين وأطباء وحرفيين وغيرهم عن عفو كلي أو جزئي عن مستحقاهم المالية لدى الجمهور، وتقديم حسوم شبه كاملة على الخدمات المقدمة.

تخفيضات ومساعدات
وفي مقابل إعلان بعض المطاعم عن تخفيضات كبيرة في أسعارها، عمدت أخرى لتخصيص أوقات لتقديم وجبات مجانية للجميع، كما هو حال مطعم شعبي في خان يونس قدم ثمانية آلاف سندويشة مجانا في "يوم الطعام المجاني".

ويقول صاحب المطعم علاء أبو جودة إنه على يقين من حاجة الناس لمساعدات من هذا النوع، وإنه يريد إيصال رسالة مفادها أن غزة وأهلها يقدمون نموذجا حيا للتكافل والتعاون والاعتماد على أنفسهم لإغاثة المتعففين والمحرومين.

undefined

وفي الوقت الذي يبدي فيه صاحب المطعم استعداده للتوسع بتقديم الطعام المجاني لرياض الأطفال والمدارس وغيرها، يتساءل "إذا لم نساند بعضنا فهل نتوقع من أحد مساعدتنا؟ لن ننتظر كثيرا، وغزة ما زالت بخير هي وأهلها".

وفي هذا الصدد، وسعت فرق العمل التطوعي والإغاثي من عملها استجابة لنداءات عائلات كثيرة تحتاج للمساعدات، ولسد فراغ تراجع مساعدات المؤسسات الخيرية جراء ضعف تمويلها الداخلي والخارجي.

مليونية الفقراء
وهذا ما دفع القائمين على حملة "فكر بغيرك" لإطلاق مبادرة "مليونية الفقراء" الهادفة لتقديم مساعدات عاجلة لمليون شخص محتاج.

ووفق منسق المبادرة كامل الهيقي، فإنهم لا يعولون على أنشطتهم فقط بل يحثون الناس على مساعدة بعضهم بعضا، "ولو بتكفل كل جار بجاره المتعفف".

ويؤكد منسق المبادرة للجزيرة نت أن أهل غزة استطاعوا أن يتعاضدوا في ظروف عصيبة، مثل ما حصل في الانتفاضتين السابقتين والحروب الثلاثة الأخيرة "وسينجحون هذه المرة".

ويكشف عن الاستعداد لإطلاق نسخة جديدة من حملة "المليون شيكل"، بحيث يدفع الشخص شيكلا واحدا فقط على أن تخصص المبالغ  للعائلات المتعففة.

وبحسب منسق المبادرة، تتنوع المساعدات المقدمة حاليا ما بين الطعام والأغطية وملابس الشتاء وحليب الأطفال والحفاظات والأدوية وبعض احتياجات المسنين.

المصدر : الجزيرة