ندوة بباريس تتناول خلفيات وآفاق الأزمة الخليجية

صورة عامة لندوة في باريس تبحث آثار وتداعيات "أزمة الخليج وحصار قطر
الندوة حضرها عدد من الأكاديميين والمفكرين والحقوقيين الفرنسيين والعرب (الجزيرة نت)

هشام أبو مريم- باريس

نظم معهد الدراسات العربية والتنمية في باريس ندوة تحت عنوان "أزمة الخليج وحصار قطر" بحضور نخبة من الأكاديميين والمفكرين والحقوقيين الفرنسيين والعرب، إلى جانب العشرات من الإعلاميين والمثقفين.

وتناولت الندوة جذور الأزمة وخلفياتها والأسباب الحقيقية الكامنة وراء قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرض عقوبات على قطر وحصارها من البحر والجو والبر.

كما ناقش المشاركون تداعيات الأزمة على دول مجلس التعاون الخليجي، والمخاطر التي تهدد المنطقة بأكملها.

وفي مستهل مداخلته، أوضح الدبلوماسي الفرنسي السابق بيار لوفرانس أن جذور الأزمة بين قطر والسعودية قديمة جدا وتعود إلى القرن التاسع عشر، أي قبل تأسيس المملكة السعودية.

ويقول لوفرانس -وهو مختص بشؤون الشرق الأوسط- إن محاولات السعودية الهيمنة على قطر أو ضمها باءت كلها بالفشل، رغم تفوق الرياض "عسكريا واقتصاديا ودينيا".

وأشار إلى أن قطر واجهت أيضا أطماعا من البحرين والإمارات العربية المتحدة، وتمكنت من شق طريقها بنفسها بعدما أعلنت استقلالها عن بريطانيا عام 1971.

ويرى السفير الفرنسي السابق أن طبيعة الخلاف بين السعودية وقطر تبقى دينية بشكل أساسي، "لأن النظام السعودي يرغب بفرض الفكر الوهابي الذي يعتمد على الطاعة العمياء لولي الأمر وعلى التفسير الحرفي للنصوص الدينية، وهو ما ترفضه قطر التي ترغب بتبني إسلام وسطي منفتح".

واعتبر أن إطلاق قطر قناة الجزيرة ورفعها من سقف الحريات في المنطقة، أثار غضب الرياض التي اعتبرت ذلك تحديا وتهديدا مباشرا لنظام آل سعود.

‪أنييس لوفالو: الدوحة استثمرت منذ سنوات في بناء علاقات قوية مع حلفاء متنوعين‬ (الجزيرة)
‪أنييس لوفالو: الدوحة استثمرت منذ سنوات في بناء علاقات قوية مع حلفاء متنوعين‬ (الجزيرة)

صمود قطري
بدورها، أوضحت المديرة السابقة لقناة فرانس24 أنييس لوفالوا أن قطر فاجأت دول الحصار بحنكتها في إدارة الأزمة لصالحها وسرعة تحركها دبلوماسيا من أجل فك العزلة عنها، على الرغم من أن الهجوم كان عنيفا وغير مسبوق.

وشددت لوفالوا على أن هامش المناورة كان كبيرا بالنسبة للدوحة لأنها استثمرت منذ سنوات في بناء علاقات قوية مع حلفاء متنوعين سواء مع الغرب المتمثل أساسا في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية أو مع الدول الإقليمية النافذة مثل إيران وتركيا.

واعتبرت أن باريس تمسك العصا من الوسط، ولا تريد أن تخسر أي طرف من بين هذه الأطراف المتنازعة، وترغب في حل الأزمة في أسرع وقت ممكن ولا تريد أن تتأزم الأمور أكثر لأن هذا لن يخدم مصالحها في المنطقة.

ومن جانبه، قال رئيس اتحاد الديمقراطيين الأوروبيين الأتراك يلسين سيسمك إن أنقرة هبت للدفاع عن قطر لأنها تعتبرها حليفا مهما لها، ولأنها ترتبط معها بعلاقات اقتصادية قوية، كما أن البلدين يقفان في خندق واحد في مواجهة الإرهاب.

وأوضح يلسين سيسمك أن أنقرة مارست دورها كوسيط بين الأشقاء، وفي الوقت نفسه أرسلت رسالة واضحة لدول الحصار بعدما فعّلت بشكل عاجل الاتفاق العسكري مع الدوحة وبعثت لها قوات برية، لتحذير الخليجيين من مغبة التفكير في عمل عسكري غير محسوب العواقب.

‪يلسين سيسمك: تركيا بعثت قوات برية لتحذير جيران قطر من مغبة التفكير في عمل عسكري‬ (الجزيرة)
‪يلسين سيسمك: تركيا بعثت قوات برية لتحذير جيران قطر من مغبة التفكير في عمل عسكري‬ (الجزيرة)

الصدمة والترويع
ويضيف أن تركيا ألقت بكل ثقلها من أجل فك الحصار عن قطر، وأرسلت عشرات الطائرات المحملة بالمواد الغذائية منذ اليوم الأول من الحصار.

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر الدكتور محمد المسفر فقد شدد على أن دول الحصار استخدمت سياسة "الصدمة والترويع" عبر حصار خانق، إضافة إلى شن وسائل الإعلام التابعة لها حملة مسعورة ضد قطر.

لكنه يرى أن دول الحصار فشلت "بسبب نجاح الدوحة في تحصين جبهتها الداخلية والتفاف الشعب القطري حول قيادته".

ويشير إلى أن قطر نجحت في كسر الحصار عبر توفير كل ما يلزمها من حاجيات، كما نجحت في تحييد المجتمع الدولي في هذا الملف.

ويرى كل من المسفر وبيار لافرانس أنه لا ثقة في أن الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترمب ستقف ضد أي عمل عسكري محتمل لدول الحصار ضد قطر.

أما عن المخاطر في المستقبل، فرأى أغلب المحاضرين أن مجلس التعاون الخليجي مهدد بالتفكيك، كما أنه في حال نشوب أي نزاع مسلح فإن ذلك سيشعل المنطقة بأكملها.

المصدر : الجزيرة