مؤتمر للمعارضين السنة في بغداد بين السياسة والقضاء

المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري (1)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري كشف عن اتفاق توصلت إليه الأطراف السياسية العراقية لعقد مؤتمر تحالف القوى الوطنية العراقية (الجزيرة)

الجزيرة نت-بغداد

رغم نفي أطراف سياسية عراقية "شيعية" وجود موافقات مسبقة لمشاركة شخصيات سنية مطلوبة لدى القضاء؛ في "مؤتمر تحالف القوى الوطنية العراقية" الذي أعلن عنه رئيس البرلمان سليم الجبوري الثلاثاء الماضي، أكدت مصادر سنية أن اتفاقاً مبرماً مع رئيس الوزراء حيدر العبادي وسلك القضاء لحل الملفات التي أثيرت ضد بعض الشخصيات السنية المتهمة بدعم الإرهاب في البلاد.

وسبق للجبوري أن كشف عن اتفاق توصلت إليه الأطراف السياسية العراقية لعقد المؤتمر المذكور منتصف يوليو/تموز المقبل في العاصمة بغداد، لمناقشة أوضاع المكون السني لمرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية. وتحضر المؤتمر شخصيات أثيرت حولها قضايا عديدة، ومن أبرزهم وزير المالية السابق رافع العيساوي وخميس الخنجر وسعد البزاز.

وبهذا الصدد أكد مصدر سني مطلع أن قوى سياسية متنفذة في الحكومة أسهمت في حوارات مع القضاء الذي أكد أن لديه مخارج حقيقية للاتهامات الموجهة ضد بعض الشخصيات ومنهم العيساوي. وحول مدى إمكانية تحقيق ذلك، قال "متى ما يحصل التوافق السياسي فإن القضاء يخضع له، خاصة أن العبادي أعطى ضمانات من أجل عقد المؤتمر وعدم المساس بتلك الشخصيات".

وبرر المصدر السني ذلك بوجود تجارب سابقة للعديد من الشخصيات التي كانت متهمة بملفات تتعلق بالإرهاب، انتهت بتبرئتهم قضائياً كما حصل مع النائبين مشعان الجبوري ومحمد الدايني.

المساري: الأطراف الشيعية رحبت بالمشروع الذي سيضم كافة الكيانات السنية (الجزيرة)
المساري: الأطراف الشيعية رحبت بالمشروع الذي سيضم كافة الكيانات السنية (الجزيرة)

مخاوف وتعهدات
واعتبر المصدر أن فكرة تشكيل "تحالف القوى الوطنية العراقية" مشابهة للنموذج الشيعي "التحالف الوطني" الذي يضم أغلب الكتل السياسية الشيعية، واعترف بأن هناك خشية من عدم الإيفاء بالتعهدات التي أعطيت بضمانات دولية، لاسيما إذا تحركت أطراف مدعومة من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الرافض للفكرة.

من جانبه، أكد النائب عن تحالف القوى العراقية أحمد المساري أن الأطراف الشيعية رحبت بفكرة المشروع الذي سيضم كافة الكيانات السنية في الداخل والخارج، لكنه أشار إلى أن الإعلان عنه سيكون من بغداد وأربيل في نفس الوقت، وعلل ذلك بالقول إن "هناك شخصيات سنية لا تستطيع المشاركة في بغداد لأسباب معروفة".

من جانبه، نفى القيادي في ائتلاف دولة القانون عدنان السراج موافقة الحكومة على حضور شخصيات محكوم عليها في قضايا إرهاب وفساد، وأشار إلى أن رئيس البرلمان أخطأ في تفسير مشروع التسوية التاريخية والمصالحة المجتمعية عندما أعلن عن إمكانية استقبال شخصيات يعد حضورها مخالفة دستورية وقانونية.

وحول مطالبة العبادي بضرورة عقد المؤتمرات داخل البلاد، قال السراج "لا يمكن دمج مخالفات السياسيين -لاسيما الذين أثبت القضاء تقصيرهم وضلوعهم في ملفات إرهاب- من أجل إرضاء الكتل السنية، وتمريرها خلال مؤتمرات من هذا الشكل"، مؤكدا "لا مصالحة مع المتهمين بالإرهاب".

يذكر أن البرلمان العراقي صوت في أبريل/نيسان الماضي على قرار يمنع إقامة أو مشاركة المسؤولين العراقيين في مؤتمرات المعارضة خارج البلاد، بعد مشاركة شخصيات سياسية سنية بمؤتمرات عقدت في تركيا والأردن، ضمت معارضين لحكومة بغداد.

ويتفق النائب عن التحالف الوطني عباس البياتي مع السراج بشأن استبعاد الشخصيات المتهمة بالإرهاب من المشاركة في مؤتمر القوى السنية، مؤكداً انه رغم أن الخطوة جيدة تمهد لعقد مؤتمر وطني لأبناء المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة، "فإننا لن نقدم تنازلات لمن ثبت تورطه في الإرهاب".

وحول الضمانات المقدمة من العبادي، قال البياتي "إن الأمر ليس من اختصاص السلطة التنفيذية.. القضية تتعلق بأحكام قضائية صادرة عن القضاء".

حمزة مصطفى: الكرة بملعب التحالف الوطني صاحب مشروع التسوية التاريخية(الجزيرة)
حمزة مصطفى: الكرة بملعب التحالف الوطني صاحب مشروع التسوية التاريخية(الجزيرة)

صفقة سياسية
ويتطلب ملف ممثلي المكون السني تفكيك بعض المفاهيم المتعلقة بالاتهامات الموجهة لبعض شخصياته، بحسب الكاتب والمحلل السياسي حمزة مصطفى الذي أوضح أن "هناك بعض الشخصيات التي روج عنها إعلاميا بضلوعها في الإرهاب بدون صدور مذكرات قضائية بحقها، بينما البعض الآخر متهم صراحة كوزير المالية السابق ومحافظ نينوى أثيل النجيفي".

ويرى أن مشاركة شخصيات مثل العيساوي والخنجر والنجيفي في المؤتمر المزمع، تفسر على وجهين: الأول ثقتهم بأن الاتهامات الموجهة إليهم كيدية ويمكن حلها قضائياً، أو أن هناك صفقة سياسية ستؤجل تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم.

وعن إمكانية عقد المؤتمر ضمن هذه الأجواء، قال مصطفى إن "الكرة الآن في ملعب التحالف الوطني صاحب مشروع التسوية التاريخية"، مؤكداً "أن الأمر لا يخلو من المخاطرة التي تتطلب شجاعة وجرأة لتنفيذها على أرض الواقع".

وسبق للعبادي أن أكد أمس الخميس في مؤتمر صحفي أن "الحكومة لن تتدخل في عمل القضاء مهما حاول البعض سحبها إلى ذلك المسار، وهي لا تتبنى رعاية المعارضين المطلوبين لدى القضاء"، داعيا القضاء إلى الإسراع بحسم ملفات جميع المطلوبين.

المصدر : الجزيرة