هل فشل كوبلر في مهمته بليبيا؟

بعد جولات ماراثونية من المفاوضات واللقاءات رعاها المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر على مدار عشرين شهرا بين الأطراف الليبية المتنازعة، يستعد كوبلر راعي اتفاق الصخيرات السياسي لمغادرة منصبه دون تحقيق حل سياسي يضع حدا للأزمات الأمنية والسياسية التي تعصف بليبيا.

ويغادر كوبلر منصبه بعد اختيار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للبناني غسان سلامة خلفا له، وقد أخطر مجلس الأمن بذلك على أن يرد الأخير يوم الثلاثاء القادم بشأن تعيينه.

واتفقت آراء المراقبين والساسة على أن كوبلر لم يوفق في أداء مهمته في ليبيا، وبقي المشهد الليبي والعملية السياسية متأزمة ومتعثرة جراء تمسك الأطراف الليبية بمواقفها المتناقضة.

فشل كوبلر
وفي هذا السياق، يرى خليفة الدغاري رئيس كتلة السيادة الوطنية بمجلس النواب بطبرق أن كوبلر لم يحقق أي تقدم خلال فترته بل زاد العملية السياسية تعقيدا، مضيفا أنه لم يكن واضحا في تصريحاته ومواقفه تجاه جميع الأطراف، وساعد في القفز على بعض بنود استحقاقات الاتفاق السياسي.

أما أبو القاسم قزيط عضو لجنة الحوار السياسي وعضو المجلس الأعلى للدولة فقد ألقى اللوم بعدم تحقيق التوافق السياسي على الأطراف الليبية "المتعنتة" بنسبة 90%، موضحا أنه لا يجوز إلقاء الفشل على كوبلر وحده ووضع العيوب كلها عليه.

من جهته، يعتقد صلاح البكوش المحلل السياسي والمستشار الأسبق لفريق حوار المؤتمر الوطني العام أن كوبلر فشل في مهمته ولم يستطع استكمال استحقاقات اتفاق الصخيرات واعتماده من مجلس النواب بطبرق.

ويعد المجلس الرئاسي ثمرة اتفاق سياسي جرى توقيعه في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 في مدينة الصخيرات المغربية بين أطراف ليبية عدة، واستطاع كوبلر انتزاعه بعد سلسلة من المفاوضات والحوارات داخل ليبيا وخارجها، دون أن يحظى بتأييد من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المؤتمر الوطني في طرابلس نوري أبو سهمين في ذلك الوقت.

تفاؤل
وسعى كوبلر منذ توقيع الاتفاق السياسي للحصول على ثقة مجلس النواب بطبرق لحكومة الوفاق الوطني، إلا أنه واجه تعنتا ورفضا من رئيس المجلس عقيلة صالح وعدد من النواب الموالين لقائد عملية الكرامة خليفة حفتر ورافضين للاتفاق السياسي.

وعن مدى إمكانية تغير شيء على أرض الواقع من خلال المبعوث الجديد غسان سلامة، تفاءل الدغاري في حديثه للجزيرة نت بتعيين سلامة باعتباره شخصية عربية قريبة من الشعب الليبي، منوها أنه إذا استمر على نهج سابقيه في التعامل مع أطراف الأزمة فسيكتب له الفشل. 

ويبين قزيط في حديثه للجزيرة نت أن أي مبعوث دولي إلى ليبيا لن يستطيع أن يقدم شيئا طالما تشبثت الأطراف الليبية بمواقفها وواصلت تعنتها.  

ويتفق المحلل السياسي سامي الأطرش مع ما ذهب إليه قزيط، إذ قال إن العيب ليس في المبعوثين الدوليين وإنما في الساسة الليبيين غير القادرين على فهم الواقع السياسي الليبي والشعور بضرورة الانتقال من حالة الفوضى إلى مرحلة بناء الدولة.

وأجمع المتحدثون على أن اللبناني غسان سلامة شخصية سياسية مثقفة لها وزنها ومشهود لها بالكفاءة، ومن الممكن أن تقدم شيئا جديدا في حال حظي بدعم دولي وتخلت الأطراف الليبية عن تعنتها.