التضييق على المنظمات الدولية يفاقم أوضاع غزة

الجزيرة نت-/غزة /قطاع غزة/ فلسطين المحتلة/ 12-5-2017/ مواطنون يمرون على مقربة من لافتات مقار منظمات دولية تعمل في المجال الإنساني بغزة.
مقر لمؤسسات دولية تقدم المعونات الإنسانية لشريحة كبيرة في غزة (الجزيرة نت)

أحمد فياض-غزة

بدا مسؤول برنامج الإنتاج الحرفي في جمعية "أطفالنا" للصم هشام غزال قلقا وهو يتحدث بلغة الإشارة عن توقف مشاريع تأهيل ودمج المعوقين سمعيا، نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وتراجع دعم المؤسسات الإنسانية الدولية للجمعية.

وبحسب غزال، تعيش شريحة واسعة من الصم ظروفا معيشية وإنسانية قاسية جراء توقف مشاريعها الإنتاجية بسبب الحصار المفروض على غزة، وعجز المؤسسات الأهلية عن مساعدتهم بعد اضطرار مؤسسات إنسانية دولية إلى وقف خدماتها تجنبا للتضييق وملاحقات الاحتلال الإسرائيلي لها.

ولا يقتصر الضرر الناجم عن إحجام مؤسسات دولية عن مواصلة عملها الإغاثي والإنساني في غزة مؤخرا على شريحة الصم، بل طال مئات الآلاف من المعدومين والمعوزين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم ممن وقعوا ضحية تراجع التمويل والدعم.

وفي العامين الأخيرين بلغت حملات التضييق والتحريض الإسرائيلية على المؤسسات الدولية العاملة في غزة ذروتها، فارتفعت وتيرة اعتقال العاملين في هذه المؤسسات، بينما منع آخرون من السفر، وحيل دون وصول مندوبي تلك المنظمات لمتابعة نشاطاتها.

ويؤكد مدير جمعية "أطفالنا" للصم نعيم كباجة أن جوهر عملية تمويل الجمعيات الخيرية يقوم على التواصل مع المؤسسات الإنسانية الدولية، وهي حلقة تكاد تكون مفقودة في ظل التضييق الإسرائيلي على العاملين في تلك المؤسسات وإعاقة تنقل العاملين فيها.

‪غزال: شريحة واسعة من الصم تعيش ظروفا معيشية وإنسانية قاسية جراء توقف المشاريع الإنتاجية‬ (الجزيرة نت)
‪غزال: شريحة واسعة من الصم تعيش ظروفا معيشية وإنسانية قاسية جراء توقف المشاريع الإنتاجية‬ (الجزيرة نت)

التحريض الإسرائيلي
ويضيف كباجة في حديثه للجزيرة نت أن وصول التضييق الإسرائيلي إلى مستوى الضغط على صانعي القرارات في الدول الأوروبية والغربية، تسبب في إحجام المؤسسات الإنسانية الدولية عن تمويل المؤسسات والجمعيات الخيرية في غزة خشية اتهامها بدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

من جانبه اعتبر مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا أن التحريض الإسرائيلي على عمل المنظمات الدولية الإنسانية أحد الأسباب الرئيسية وراء تقويض دورها، وهو ما قاد إلى تعميق الأزمة الإنسانية في القطاع.

ويشير إلى أن المنظمات الأهلية الفلسطينية تعاني من عجز مالي بلغت نسبته 60%، نتيجة زيادة نسبة الاحتياجات الإنسانية للكثير من الفئات والشرائح المجتمعية المتضررة بفعل تدهور الأوضاع الإنسانية للسكان الذين يعتمد 80% منهم على المساعدات الإنسانية، ومعاناة 50% تقريبا من الانعدام الغذائي.

ويرى الشوا في حديثه للجزيرة نت أن الاحتلال يهدف من وراء التضييق على المنظمات الإنسانية إلى تقليص المساعدات الإنسانية إلى الحد الأدنى، لزيادة حلقات الحصار، وطمس صورة الأوضاع الإنسانية السيئة لسكان قطاع غزة عن المجتمع الدولي.

‪نعيم كباجة يقول إن إسرائيل تضيق على العاملين في المؤسسات الدولية‬ (الجزيرة نت)
‪نعيم كباجة يقول إن إسرائيل تضيق على العاملين في المؤسسات الدولية‬ (الجزيرة نت)

تشديد الحصار
ويتفق الحقوقي ومدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية صلاح عبد العاطي مع الشوا في أن حملة التضييق الإسرائيلية تأتي في إطار تشديد الحصار على قطاع غزة، وإجبار تلك المنظمات على العمل وفق الشروط والسياسات الإسرائيلية المتبعة تجاه القطاع.

ويذكر عبد العاطي أن إسرائيل منعت -في إطار محاربة عمل المؤسسات الدولية- وصول مسؤولين كبار ومقررين خاصين للأمم المتحدة وأعضاء برلمان إلى غزة، وذلك لإجبارها على إخضاع نشاطاتها للفحص الأمني، الأمر الذي لا ترضاه تلك المؤسسات لكونه يتعارض مع المعايير الإنسانية ويمس جوهر تقديم الخدمات للمحتاجين.

ويلفت الحقوقي الفلسطيني في حديثه للجزيرة نت إلى أن فشل السلطات الإسرائيلية في إدانة أي من العاملين مع المنظمات الدولية بإساءة التصرف في أموال المساعدات الإنسانية وصرفها لغير مستحقيها في قطاع غزة من الفئات المتضررة، يؤكد أن إسرائيل تريد تشويه هذه المنظمات بهدف وقف مساعداتها لسكان القطاع.

ويجزم عبد العاطي بأن استمرار تراجع تمويل المنظمات الدولية للمعدومين في قطاع غزة بالتزامن مع تراجع الخدمات المقدمة من السلطة الوطنية الفلسطينية وزيادة الضغط على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، سيقود إلى أوضاع كارثية بفعل ارتفاع مستوى الفاقة والفقر والبطالة وتهتك النسيج الاجتماعي.

المصدر : الجزيرة