"حزب" الأوراق الملغاة.. رسائل للسلطة والأحزاب بالجزائر

الانتخابات البرلمانية في الجزائر
إفراغ صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية الجزائرية (الجزيرة)
عبد الحميد بن محمد-الجزائر

خلّف قرار 17 مليون جزائري عدم التعبير عن آرائهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة تساؤلات عدة عن الرسائل التي يبعث بها هؤلاء -الذين يشكلون نحو 65% من الهيئة الناخبة المقدر عددها بأكثر من 23 مليون ناخب- للسلطة والأحزاب.

ولعل اللافت في النتائج التي أعلنها وزير الداخلية نورالدين بدوي قبل أن يعدل فيها قليلا المجلس الدستوري هو العدد المرتفع للأوراق الملغاة، حيث فاقت مليونا وسبعمئة ألف صوت، وهؤلاء لم يقاطعوا الاقتراع بل صوتوا بطريقة مختلفة.

فهناك من رأى في الأصوات الملغاة تيارا جديدا بدأ يتشكل في الجزائر اسمه "حزب الأوراق البيضاء"، فهو تفوق حتى على حزب جبهة التحرير الحاكم الذي حصل على مليون وستمئة ألف صوت (164مقعدا)، بينما هناك من رأى أن هذه الفئة من المجتمع الجزائري إنما تبعث برسائل احتجاجية إلى السلطة والأحزاب على حد سواء.

رسالة إلى الطرفين
ويقول الناشط والصحفي جعفر خلوفي إن نسبة الأوراق الملغاة بلغت رقما تاريخيا غير مسبوق، حيث تضاعف الرقم مقارنة بالانتخابات السابقة، مضيفا للجزيرة نت أن هؤلاء المصوتين بعثوا برسالة واضحة "لم نستقل من الفعل السياسي لكننا نرفض المضامين المقدمة".

‪جعفر خلوفي: رداءة الطرح السياسي رفع عدد الأوراق البيضاء في الانتخاب‬ (الجزيرة)
‪جعفر خلوفي: رداءة الطرح السياسي رفع عدد الأوراق البيضاء في الانتخاب‬ (الجزيرة)

ويُرجع خلوفي ارتفاع عدد الأوراق الملغاة التي شكلت ربع عدد المصوتين (8 ملايين مقترع) إلى عاملين، أولهما رداءة الطرح السياسي، وثانيهما استسلام بعض الناخبين، خاصة داخل المؤسسات الرسمية وفئة العمال البسطاء بالإضافة إلى المؤسسة العسكرية، إلى الخطاب الذي كان يدفع دفعا للمشاركة.

كما أشار إلى تصريحات سابقة لمحافظ العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ التي قال فيها "من لم ينتخب فلن يحصل على سكن".

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر توفيق بوقاعدة أن الأصوات الملغاة هي رسالة موجهة إلى السلطة والأحزاب على حد سواء، فهي تعبير عن عدم اقتناع أصحابها بما قدمته الأحزاب مثلما هي تعبير عن الامتعاض من المسارات التي أخذتها البلاد.

ودعا بوقاعدة في حديثه للجزيرة نت إلى قراءة صحيحة لكل المؤشرات التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومن ثم تصحيح كل الاختلالات من خلال الممارسة أو القوانين الضابطة.

‪الأخضر بن خلاف: تدني نسبة المشاركة يكشف الأزمة السياسية في الجزائر‬ (الجزيرة)
‪الأخضر بن خلاف: تدني نسبة المشاركة يكشف الأزمة السياسية في الجزائر‬ (الجزيرة)

أزمة سياسية
وفي هذا السياق، يعتقد الأخضر بن خلاف القيادي في الاتحاد من أجل النهضة والتنمية والبناء الذي فاز بـ15مقعدا، أن الانتخابات الأخيرة أثبتت أن هناك حزبا جديدا بدأ يتشكل هو حزب الأوراق الملغاة.

وقال بن خلاف للجزيرة نت إن تدني نسبة المشاركة وارتفاع عدد الأصوات الملغاة تأكيد على أن الجزائر في أزمة سياسية، مطالبا "أصحاب القرار بدراسة هذه النتائج دراسة موضوعية وليس الهروب إلى الأمام".

وحمّل بن خلاف السلطة المسؤولية عن هذا العدد الضخم من الأوراق الملغاة لأنها جاءت نتيجة تخويف المواطنين من مغبة عدم التصويت، والتصويت بالأبيض هو "دليل فقدان الثقة بين السلطات والناخبين وعقاب للسلطة وليس للأحزاب لأنها هي من تعودت على تزوير الانتخابات بهذا الشكل".

من جهته، يؤكد جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد الذي دعا إلى المقاطعة أن هذه الانتخابات "هي أكبر استفتاء ضد النظام منذ استقلال الجزائر".

ورجح في حديث للجزيرة نت أن العناصر الأمنية وعناصر الجيش هم من صوتوا بالورقة البيضاء "بسبب الضغط الذي مورس عليهم من مسؤوليهم" لأن المواطن العادي قاطع وهو ليس تحت ضغط كي يصوت خوفا من مسؤوليه.

المصدر : الجزيرة