اتفاقيات إيفيان.. إنهاء 132 عاما من الاحتلال الفرنسي للجزائر

الموسوعة - مفاوضات إيفيان بين الجزائر وفرنسا (evian agreement) - المصدر:wikipedia
الوفد الجزائري الذي شارك في مفاوضات إيفيان وافق على استفتاء تقرير المصير الذي انتهى بإعلان استقلال الجزائر (ناشطون)

اتفاقيات إيفيان توجت مفاوضات بين الجزائر وفرنسا لإنهاء استعمار البلاد الذي امتد 132 عاما. وأفضت الاتفاقيات إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير صوت فيه الجزائريون لصالح الاستقلال عن فرنسا.

واضطرت فرنسا للرضوخ لمبدأ التفاوض مع الجزائريين بعد الخسائر التي تكبدتها عقب اندلاع ثورة التحرير أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954، ونتيجة لضغط الرأي العام الداخلي والأزمات الاقتصادية والمالية لفرنسا، والاقتناع التدريجي بعدم جدوى الخيار العسكري لمواجهة الثورة الجزائرية.

اتصالات أولية
عقب عدد من الاتصالات السرية بداية من العام 1955، اعترف الرئيس الفرنسي شارل ديغول يوم 16 سبتمبر/أيلول 1959 بحق الجزائريين في تقرير المصير، وعرض يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه على قادة الثورة الدخول في مفاوضات لبحث شروط إيقاف القتال وإنهاء المعارك، ثم أعلن يوم 14 يونيو/حزيران 1960 استعداده لاستقبال وفد من قادة الثورة في باريس.

بدأت المفاوضات يوم 25 يونيو/حزيران 1960 في مدينة مولان الفرنسية وباءت بالفشل بعد أربعة أيام من اللقاءات تبين فيها للطرف الجزائري سعي فرنسا لفرض رؤيتها.

وجرت مفاوضات إيفيان الأولى بداية من 20 مايو/أيار 1961 في مدينة إيفيان على الحدود الفرنسية السويسرية، وضم الوفد الجزائري الذي ترأسه كريم بلقاسم، كلا من أحمد بومنجل وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحيى والطيب بولحروف ورضا مالك وعلي منجلي وقايد أحمد، بينما ترأس الوفد الفرنسي لويس جوكس.

وتعثرت هذه الجولة يوم 13 يونيو/حزيران 1961 بسبب سعي الجانب الفرنسي لفرض شروط اتفاق غير مقبولة للجزائريين، مثل فصل الصحراء بعد اكتشاف البترول بها عام 1956، والحفاظ على امتيازات المستوطنين الأوروبيين وتجريد جيش التحرير الوطني من السلاح.

الجولة الحاسمة
وبعد عدد من اللقاءات غير الرسمية، التقى الوفدان الجزائري والفرنسي في جولة مفاوضات جديدة خلال الفترة بين 7 و18 مارس/آذار 1962، انتهت باتفاق الطرفين على وقف إطلاق النار بداية من 19 مارس/آذار من نفس العام.

وتضمنت اتفاقيات إيفيان ستة فصول، نصت على:

– إعلان وقف إطلاق النار والعفو العام.
– الاعتراف بوحدة الأراضي الجزائرية، وإجراء استفتاء يقرر فيه الشعب الجزائري مصيره في غضون مدة لا تزيد عن ستة أشهر.
– تسيير البلاد خلال الفترة الانتقالية بحكومة مؤقتة من ثلاثة فرنسيين وتسعة جزائرين تمهيدا لإجراء الاستفتاء.
– احتفاظ المستوطنين وعملائهم بالحقوق التي كانت لهم ثلاثَ سنوات قبل أن يختاروا جنسيتهم النهائية: إما الجزائرية فيصبحون مواطنين جزائريين أو الفرنسية فيعَاملون كأجانب.
– جلاء القوات الفرنسية عن الجزائر خلال ثلاثة أعوام مع احتفاظها بالقاعدة البحرية العسكرية في المرسى الكبير غربي البلاد لمدة 15 عاما ومطارات عسكرية في عنابة (شرق) وبوفاريك (وسط) وبشار (جنوب)، وقاعدة رقان جنوبي البلاد لمدة خمسة أعوام.
– تحتفظ فرنسا بمصالح اقتصادية وامتيازات ثقافية، وتعهد الطرفان بالتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية، مقابل حصول الجزائر على معونات مالية فرنسية.

تقييم الاتفاقيات
اختلفت وجهات النظر بين الجزائريين في تقييم الاتفاقيات، فمنهم من يرى أنها ربطت مصير الجزائر بفرنسا عبر السماح للفرنسيين بالاحتفاظ بالقواعد العسكرية في الجزائر، وتمكين المستوطنين من الاحتفاظ بامتيازاتهم، ومنح الشركات الفرنسية الحق في استغلال ثروات البلاد.

في المقابل، يرى آخرون أن الاتفاقيات تعتبر نصرا للجزائريين لأنها خلصتهم من استعمار دام 132 عاما. كما أن تحفظات الطرف الأول زالت بعد جلاء القوات الفرنسية بعد سنوات من الاستقلال واتخاذ قرار بتأميم البترول والأراضي التي كانت بحوزة المعمرين.

من جانب آخر، لقيت اتفاقيات إيفيان معارضة من المؤيدين لما عرف باسم "الجزائر فرنسية"، وحاول بعض المستوطنين من المستفيدين من التواجد في الجزائر عرقلة الاتفاقيات عبر إنشاء المنظمة السرية العسكرية التي نفذت تفجيرات واغتيالات وأعمال عنف.

تقرير المصير
جرى استفتاء تقرير المصير بالجزائر في أول يوليو/تموز 1962، وأعلن عن النتائج في اليوم التالي حيث صوّت 97.5% من المشاركين لتأييد الاستقلال، وفي 3 يوليو/تموز أعلن الرئيس الفرنسي شارل ديغول الاعتراف باستقلال الجزائر، واختار قادة الثورة يوم 5 يوليو/تموز 1962 تاريخا رسميا لإعلان الاستقلال لأنه يصادف ذكرى الاحتلال الفرنسي يوم 5 يوليو/تموز 1830.

المصدر : مواقع إلكترونية